ينبغي الاجتهاد بكثرة الصلوات، وأعظمها المحافظة على صلاة الفريضة في المسجد، ثم الإكثار من النوافل، ولا سيما صلاة التراويح والقيام مع المسلمين، فهذا من الخير الذي يسوقه الله لعباده ليرفع به درجاتهم، يقول النبي ﷺ: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" ~ (رواه البخاري ومسلم) ~ ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف؛ كتب له قيام ليلة" ~ (صحيح، رواه الترمذي) ~ ، فانظر إلى هذا الفضل العظيم.
ولا يكن حال المسلم كحال أصحاب الغفلة الذين لا يشهدون جماعة المسلمين، أو الذين يصلون العشاء ثم ينصرفون بعد التسليم، مسرعين، ولا يصلون التراويح، لاهثين وراء المجالس الفارغة، والأعمال الملهية، شاحين على أنفسهم باغتنام أجر صلاة القيام التي تكون سببا في غفران الذنوب، ورفع الدرجات، ونيل جنة الرضوان.
ومما ينبغي عمله في هذا الشهر المبارك: الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، وتلمس حاجاتهم، ولا سيما الأقارب والجيران، فإن هذا هو شهر الجود والإحسان، والبذل والعطاء، ومن الأعمال المستحبة: تفطير الصائمين وإن كانوا أغنياء؛ رغبة في نيل الأجر، لقول النبي ﷺ: "من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا" ~ (صحيح، رواه الترمذي).
ومن الأعمال المستحبة: العمرة في رمضان، لقول النبي ﷺ: "عمرة في رمضان تعدل حجة" ~ (صحيح، رواه ابن ماجه).
فاجتهدوا باغتنام الأجر في هذا الشهر، واعلموا أن رمضان غنيمة ساقها الله إليكم، فسارعوا باقتناصها، واعملوا أن السعيد من وفقه الله فيه لصالح القول والعمل.
أيها المسلمون: ومن أسرار الصيام وحكمه: أنه درس مفيد في سياسة المرء لنفسه، وتحكمه في أهوائه، وضبطه بالجد لنوازع الهزل واللغو والعبث.
والصوم ينمي في النفوس رعاية الأمانة، والإخلاص في العمل، وألا يراعى فيه غير وجه الله ﷻ، وهذه فضيلة عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق.
والصوم يربي في النفوس مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، فيبعثها إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأهل والجيران.
والصيام سبب للحصول على الصحة العامة بجميع معانيها، ففيه صحة بدنية حسية، وفيه صحة روحية معنوية، وفيه صحة فكرية ذهنية.
نسأل الله ﷻ أن يرحمنا جميعا، ويأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، إنه جواد كريم.