" ... تعاني الأمة الجزائرية وجاراتها المتّحدة معها في الدين والجنس، المقاربة لها في العادات والمصطلحات، عدة مشاكل اجتماعية، لا يسع المصلحين إغفالها، ولا السكوت عليها بعد ظهور آثارها، وتحقّق أضرارها ... "
" أعضل هذه المشاكل، وأعمقها أثرًا في حياة الأمة، وأبعدها تأثيرًا في تكوينها مشكلة الزواج بالنسبة إلى الشبّان، فالواقع المشهود أنّ الكثير من شبابنا- وهم أملنا وورثة خصائصنا- يعرضون عن الزواج إلى أن يبلغ الواحد منهم سن الثلاثين فما فوق، ويترتب على ذلك أنّ الكثيرات من شوابنا يتعطلن عن الزواج إلى تلك السن، فيضيع على الجنسين ربيع الحياة ونسماته وأزهاره وبهجته وقوّته، ويضيع على الأمة نبات ذلك الربيع، وثمر الخصب والنماء والزكاء فيه، ثم تضيع بسبب ذلك أخلاق وأعراض وأموال، وإذا زادت هذه الفاشية فشوًّا، واستحكم هذا التقليد الفاسد، فإن الأمة تتلاشى في عشرات من السنين.
إن أمّتنا ليست منسجمة العوائد في أمورها الحيوية، وليست مطبوعة على قالب واحد في تكوينها الاجتماعي؛ ولذلك نجد البُداة المتّصلين بالفطرة لا يحسّون بهذه المشكلة بل تؤدّي بهم البساطة إلى الخروج عن حد الاعتدال تفريطًا، فيزوّجون أولادهم قبل سنّ البلوغ، وهو تفريط شائن مَعيب، وخيرُ الأمور الوسط .
إننا نتحدّث عن شبابنا الذين يُطاولون بالزواج وهم ينوونه، وأما أولئك الشبّان الذين أركسوا في الدرك الأسفل من الحيوانية، فانطلقوا مع الشهوات، واستمرأوا التحلّل من قيود الدين والعقل، ورأوا أن الزواج قيد لحريتهم البهيمية، فتحالفوا مع الشيطان على بتّ حباله، فأولئك قوم مجرمون."
آثار محمد البشير الإبراهيمي(3-293)