|
قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
2020-01-13, 18:57 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
2020-01-13, 18:59 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
|
|||
2020-01-13, 19:00 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَا الاسمِ: 1- أَنَّ اللهِ تَعَالَى هُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ بِلَا كَيفٍ نَعلَمُهُ وَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ وَالأوصَافِ والأَسمَاءِ والأَفعَالِ لَا شَيءَ يُمَاثِلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ سُبحَانُهُ عَنْ نَفسِهِ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]. وَقَالَ سُبحَانُهُ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]. قَالَ القَاضِي أَبُو يَعلَى الفرَّاءُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - بَعدَ أَن ذَكَرَ حَدِيثَ ابنِ مَسعُودٍ السَّابِقَ "إِنَّ اللهِ جَمِيلٌ": "اعلَمْ أَنَّهُ غَيرُ مُمتَنِعٍ وصْفهُ تَعَالَى بالجَمَالِ وأَنَّ ذَلِكَ صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الذاتِ؛ لأِنَّ الجَمَالَ فِي مَعنَى الحُسْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أولِ الكِتَابِ قَولُهُ: "رَأَيتُ رَبيِّ فِي أَحسَنِ صُورَةٍ" وبيَّنَّا أنَّ ذَلِكَ صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الذَّاتِ كَذَلِكَ هَاهُنَا وَلِأَنَّهُ لَيسَ فِي حَملِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا يُحِيلُ صِفاتِهِ وَلَا يُخرِجهَا عَمَّا تَستَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ طَريقَهُ الكَمَالُ وَالمَدحُ، وَلأنَهُ لَو لَم يُوصَفْ بِالجَمَالِ جَازَ أَنْ يُوصَفَ بضِدِّهِ وَهُوَ القُبْحُ وَلمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوصَفَ بِضدِّهِ جَازَ أَنْ يُوصَفَ بِهِ، أَلَا تَرَى أنَّا وَصَفْنَاهُ بالعِلمِ وَالقُدرَةِ والكَلَامِ؛ لِأَنَّ فِي نَفيهَا إِثبَاتَ أَضدَادِهَا وَذَلِكَ مُستَحِيلٌ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا. فَإِن قِيلَ: قَولُهُ: "جَمِيلٌ" بِمَعنَى: مُجْمِلٌ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّ فَعِيل قَد يَجِيءُ عَلَى مَعنَى: مُفعِل، وَمِنهُ قَولُنَا: حَكِيمٌ والمُرَادُ مُحْكِمٌ لِمَا فَعَلَهُ. قِيلَ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الخَبَرَ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ الحَثُّ لَهُم عَلَى التَّجمُّلِ فِي صِفَاتِهِم لَا عَلَى مَعنَى التَّجْمِيلِ فِي غيرِهِم فَكَانَ مُقتَضَى الخَبَرِ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ فِي ذَاتِهِ يُحِبُّ أَنْ تَتَجَمَّلُوا فِي صِفَاتِكم، فَإِذَا حُمِلَ الخَبَرُ عَلَى فِعلِ التَّجمِيلِ فِي الغَيرِ، عُدِلَ بِالخَبَرِ عَمَّا قُصِدَ بِهِ. فَإِن قِيلَ: مَعنَى الجَمَالِ هَاهُنَا الإِحسَانُ والإِفضَالُ، فَيكُونُ مَعنَاهُ: هُوَ المُظهِرُ النِّعمَةَ وَالفَضلَ عَلَى مِنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ بِرَحمَتِهِ. قِيلِ: هَذَا غَلَطٌ؛ لأِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الجَمَالَ وَالإِحسَانَ وَالإِفضَالَ فَقَالَ: "جَميلٌ يُحبُّ الجَمَالَ، وَجَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، وَكَرِيمٌ يُحِبُّ الكُرَمَاءَ" فَإِذَا حَمَلنَا الجَمَالَ عَلَى ذَلِكَ حُمِلَ اللفظُ عَلَى التكرَارِ، وَعَلَى مَا لَا يُفيدُ. وَجَوَابٌ آخَرَ: وَهُوَ أَنَّ نِعَمَ اللهِ ظَاهِرَةٌ، فَحَمْلُ الخَبَرِ عَلَى هَذَا يُسقِطُ فائِدَةَ التَّخصِيص بِالجَمَالِ إبطال التأويلات لأخبار الصفات (2/ 465 - 466). فَهُوَ سُبحَانَهُ الأجمَلُ وَالأَحسَنُ فِي سَائِرِ صِفَاتِ الكَمَالِ وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ جَلَّ وَعَلَا. قَالَ ابنُ جَرِيرٍ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60]: "وَهُوَ الأَفضَلُ والأطيَبُ وَالأحسَنُ والأَجمَلُ، وذَلِكَ التَّوْحِيدُ وَالإِذعَانُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيرُه التفسير (14/ 84 - 85). 2- اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ مُجْمِلُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَاهِبُ الجَمَالَ والحُسْنَ لِمَن شَاءَ كَمَا مَرَّ مَعنَا قَولُ ابنِ القَيِّمِ رحمه الله إِذْ يقُولُ: وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيفَ لَا وَجَمَالُ سَائرِ هَذِهِ الأكْوانِ مِنْ بَعضِ آثَارِ الجَمِيلِ فربُّهَا أولَى وأَجْدَرُ عِندَ ذِي العِرْفانِ وَقَدْ نَبّهَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثيرَةٍ فَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7]. فاللهُ سُبحَانَهُ هُوَ الذِي زيَّنَ الأَرضَ وَجَمَّلهَا بِأنوَاعِ الحَدَائِقِ وَالبَسَاتِينِ والأَشجَارِ والأَزهَارِ وَالخُضرَةِ ذَاتِ البَهجَةِ وَالحُسنِ وَالجَمَالِ بحَيثُ أَنَّ النَّاظِرَ إِليهَا يَبْتَهِجُ وَتَفرَحُ نفْسُهُ بِهَا وَينشَرِحُ صَدرُهُ بِسَبَبِهَا. وَمِثلُهُ قَولُهُ سُبحَانَهُ عَن الأنعَامِ: ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ [النحل: 6] أَيْ: فِي الأنعَامِ جَمَالٌ وَزِينَهٌ فِي أَعيُنِ النَّاسِ لِحُسنِ صُورَتِهَا وَتَركِيبِهَا وَتَنَاسُقِ أَعضَائِهَا وَتَنَاسُبِهَا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مختصَر الفتاوى المصرية (ص 21): " .. بل النظر إلى الأشجار والخيل والبهائم إذا كان على وجه استحسان الدنيا والرياسة والمال فهو مذموم لقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]. وأما إذا كان على وجه لا ينقص الدِّين، وإنما فيه راحة النفس فقط، كالنظر إلى الأزهار، فهذا من الباطل الذي يُستعان به على الحق. وقد ينظر إلى الإنسان لما فيه من الإيمان والتقوى، وهنا الاعتبار بقلبه وعمله لا بصورته. وقد ينظر إليه لما فيه من الصورة الدالة على المصور، فهذا حسن. وقد ينظر من جهة استحسان خَلْقه. فكل قسْم مِن هذه الأقسام متى كان معه شهوةٌ كان حرامًا بلا ريب، سواء كانت شهوة يمتع نظره بها، أو كانت نظرة لشهوة الوطء. وفرقٌ بين ما يجده الإنسان عند نظره إلى الأزهار، وبين ما يجده عند نظره إلى النسوان والمردان، فلهذا الفرقان فرِّق في الحكم الشرعي..." إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى. وَهُوَ أَيضًا جَلَّ وَعَلَا يَمتَنُّ عَلَى بَنِى آدَمَ بِذَلِكَ إِذْ يَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8]. وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]. فَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ صُورَةٍ وَأجمَلِ تَقوِيمٍ وَهُم أَيضًا مُتَفَاوِتُونَ فِي هَذَا الحُسنِ وَالجَمَالِ فَقَدْ أُعطِي يُوسُفُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَطرَ الحُسنِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في الإيمان (1/ 146) من حديث ثابت البناني، عن أنس رضي الله عنه. وَلَمَّا رَأَتهُ النِّسوَةُ ﴿ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ [يوسف: 31]. 3- وَقَدْ أُعطِيَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ حَظًّا وَافِرًا: تَنَاسُبَ الأَعْضَاءِ، وَتَنَاسُقَهَا وَجَمَالَ الوَجْهِ وَاسْتِدَارَتَهُ وَاسْتِنَارَتَهُ وَحُسْنَ القَوَامِ وَرَبْعَتَهُ وَلِينَ الكَفِّ وَطِيبَ رَائِحَتِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ فِي وَصْفِهِ. فَعَن رَبِيعَةَ بنِ أَبِي عَبدِ الرحمَنِ قَالَ: سَمِعتُ أَنسَ بنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَومِ، لَيْسَ بالطَّويلِ وَلَا بالقَصيرِ، أزهَرَ اللَّونِ، لَيسَ بأبيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعدٍ قَطِطَ، ولا سَبطٍ رَجِل..." رواه البخاري في المناقب (6/ 564). وَعَن البَرَاءِ بنِ عَازبَ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحسَنَ النَّاسِ وَجهًا، وأَحسنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بالطَّويلِ البائِنِ وَلَا بِالقَصِيرِ" رواه البخاري في المناقب (6/ 564). ومسلم في الفضائل (4/ 1819). وَعَنهُ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَربُوعًا بَعِيدَ مَا بَينَ المَنكِبَينِ، لَهُ شَعَرٌ يَبلُغُ شَحمَةَ أُذنَيهِ، رَأيتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحسَنَ مِنهُ" رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819). وَسُئِلَ رضي الله عنه: "أَكَانَ وَجهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَ السَّيفِ؟ قَالَ: "لَا، بَلْ مِثلَ القَمرِ" رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819). 4- وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَحسَنِ النَّاسِ أَخَلَاقًا: سَمَاحَةً وَشَجَاعَةً وَحِلمًا وَكَرمًا، وَرحمَةً وَشَفَقَةً، وَصِلَةً وَبِرًّا كَمَا وَصَفَتْهُ خَدِيجَةُ رضي الله عنها بِقَولِهَا: "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعدُومَ وتَقْرِي الضَّيفَ، وتُعينُ عَلَى نَوائِبِ الحَقِّ" رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819). في بدء الوحي (1/ 22)، وغيره. وَعَن أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: "خَدَمتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنينَ واللهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيءٍ: لِمَ فَعَلتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعلتَ كَذَا" رواه البخاري في الأدب (10/ 456) ومسلم في الفضائل (4/ 1804) واللفظ له. وَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَسَنَ الناسِ خُلُقًا" رواه بهذا اللفظ مسلم في الفضائل (4/ 1805). وَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ الناسِ، وَكَانَ أَجْودَ الناسِ، وَكَانَ أَشجَعَ الناسِ..." رواه البخاري في الجهاد (6/ 35، 95، 163) ومسلم في الفضائل (4/ 1802). وَعَنِ ابنِ عَمروٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَأَنهُ كَانَ يَقُولُ: "إِنَّ خِيَارَكُم أَحسَنُكم أَخلَاقاً" رواه البخاري في الأدب (10/ 456) ومسلم في الفضائل (4/ 1810). والفاحش ذو الفحش، والمتفحش: الذي يتكلف الفحش ويتعمده لفساد حاله. قَالَ الراغِبُ: "الجَمَالُ: الحُسْنُ الكَثِيرُ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: جَمَالٌ يَختَصُّ بِهِ الإنسَانُ فِي نفسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ فِعلهِ، وَالثانِي: مَا يُوصَلُ مِنهُ إِلَى غَيرِهِ". وَعَلَى هَذَا الوَجهِ مَا ثَبَتَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهُ قَالَ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ" تَنبِيهًا أَنهُ مِنهُ تَفِيضُ الخَيرَاتُ الكَثِيرَةُ فيُحِبُّ مَنْ يَختَصُّ بِذَلِكَ المفردات (ص: 97). فَسُبحَانَ مَنْ جَمَعَ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ كَمَالِ الخَلْقِ وَالخُلُقِ. 5- وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِمُلَازَمَةِ كُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، وَأَوصَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتَهُ بِذَلِكَ فِي آيَاتٍ عَدِيدَةٍ: فَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5] أَيْ: صَبرًا لَا شَكوَى فِيهِ لأَِحَدٍ غَيرِ اللهِ تَعَالَى قال ابن القيم رحمه الله: ولا تضاده "أي الصبر الجميل" الشكوى لله، فقد قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86] مع قوله: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]. أما إخبار المخلوق بالحال، فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته أو التوصل إلى زوال ضَرره، لم يَقدَح ذلك في الصبر، كإخبار المريض للطبيب بشكايته وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرَجه على يديه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على المريض يسأله عن حاله ويقول: "كيف تَجِدُك" [رواه الترمذي بسَند حسَن]، وهذا استخبار منه واستعلام عدة الصابرين (ص: 323) وانظر: بُشرى المخْبِتين بفضل الصبر والصابرين، لمقيده (ص: 30). وَذَلِكَ فِي مُقَابِلِ استِهزَاءِ الكُفَّارِ، وَعَدَمِ إِيمَانِهِم بِمَا يَدعُوهُم إِلَيْهِ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ. وَقَالَ سُبحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10] أَيِ: اصبِرْ عَلَى مَا يَقُولُ المُشرِكُونَ وَعَلَى أَذَاهُم واهجُرهُم فِي اللهِ هَجْرًا جَمِيلًا أَيْ: لَا عِتَابَ مَعَهُ، وَقِيلَ: لَا جَزَعَ فيهِ، وَقِيلَ: الهَجرُ فِي ذَاتِ اللهِ. كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام: 68 انظر: تفسير الطبري من كتابه (7/ 395) وتفسير ابن كثير (4/ 437). وَمِثلُهَا قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85] انظر: تفسير ابن كثير (2/ 558). وَقَالَ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28]. وَقَالَ فِي السُّورَةِ نَفسِهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49]. أَيْ: طَلِّقُهُوهُنَّ طَلَاقاً خَالِيًا مِنَ الأَذَى، وَعَارِيًا عَنْ مَنعِ الحُقوقِ الوَاجِبَةِ، وَهَذَا هُوَ السَّراحُ الجَمِيلُ الذِي يُحِبُّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، وَيَأمُرُ بِهِ اللهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم انظر: في هذا ابن كثير (3/ 481)، وغيره. 6- اللهُ سُبحَانَهُ يُحِبُّ التَّجمُّلَ فِي غَيرِ إسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ وَلَا بَطَرٍ وَلَا كِبْرٍ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ السَّابِقِ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ" وَقَدْ قَالَهُ صلى الله عليه وسلم جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ: "إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنَ يَكُونَ ثَوبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنًا" وَبَيَّنَ أَنَّ مُجَرَّدَ فِعلِ ذَلِكَ وَمَحَبَّتِهُ لَا يَدخُلُ فِي الكِبْرِ المَذمُومِ. وَ "... الجَنَّةُ دَارُ المُتَوَاضِعِينَ الخَاشِعِينَ، لَا دَارَ المُتَكَبرِينَ الجَبَّارِينَ، سَوَاءً كَانُوا أغَنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ "لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَنْ فِي قَلبهِ مِثقَالُ ذَرةٍ مِنْ كِبرٍ وَلَا يَدخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلبهِ مِثقَالُ ذَرةٍ مِنْ إِيمَانٍ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوبُهُ حَسَنًا ونَعلُهُ حَسَنًا أَفَمِنَ الكِبرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، وَلَكِنَّ الكِبرَ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ". فَأَخبَرَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّجَمُّلَ فِي اللِّبَاسِ الذِي لَا يَحصُلُ إلَّا بِالغِنَى، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيسَ مِنَ الكِبرِ. وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "ثَلَاثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِم، وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: فَقِيرٌ مُختَالٌ، وَشَيخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ". وَكَذَلِكَ الحَدِيثُ المَروِيُّ: "لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، ثُمَّ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، ثُمَّ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ جَبَّارًا، وَمَا يَملِكُ إِلَّا أَهلَهُ" رواه الترمذي (2000) والطبراني في الكبير (6254) والبغوي في شرح السُّنَّة (3589) : من طريق عمر بن راشد، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه مرفوعًا به، لكن دون تكرير لجملة: "لا يزال الرجل يذهب..." قال الترمذي: حسَن غريب. وفيه عمر بن راشد وهو ضعيف. فَعُلِمَ بِهَذَينِ الحَدِيثَينِ: أَنَّ مِنَ الفُقَرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُختَالًا، لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ مِنَ الأَغنِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُتجَمِّلًا غَيرَ مُتَكَبرٍ، يُحِبُّ اللهُ جَمَالَهُ، مَعَ قَولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّ اللهَ لَا يَنظُرُ إِلَى صُورِكُم، وَلَا إِلَى أَموالِكُم، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُم وَأَعْمَالِكُم" رواه مسلم في البِرِّ والصِّلة (4/ 1987) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وَمِنْ هَذَا البَابِ قَولُ هِرقلَ لأَِبِي سُفيَانَ: أَفَضُعَفَاءُ النَّاسِ اتَّبعَهُ أَمْ أَشرَافُهُم؟ قَالَ: بَلْ ضُعَفَاؤهُم، قَالَ: وَهُم أَتبَاعُ الأَنبِيَاءِ. وَقَدْ قَالُوا لِنُوحٍ: ﴿ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشعراء: 111] فَهَذَا فِيهِ أَنَّ أَهلَ الرِئَاسَةِ والشَّرَفِ يَكُونُونَ أَبعَدَ عَنِ الانِقيَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعِتِهِ؛ لأَِنَّ حُبَهُم للرِّئَاسَةِ يَمنَعُهم ذَلِكَ بِخِلاَفِ المُستَضعَفِين وَفِي هَذَا المَعنَى الحَدِيثُ المَأثُورُ - إِنْ كَانَ مَحفُوظاً - "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسكِينًا، وَاحْشُرنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ" الراجح فيه: أنه حديثٌ صحيحٌ لِطُرُقِه، ولِبَسْطِ الكلام عليه موضعٌ آخر. فَالمَسَاكِينُ ضِدُّ المُتَكَبِّرِينَ، وَهُم الخَاشِعُونَ للهِ، المُتَوَاضِعُونَ لِعَظَمَتِهِ، الذِينَ لَا يُريدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ، سَوَاءً كَانُوا أَغنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ" من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مجموع الفتاوى (11/ 129 - 130). اخوة الاسلام و لنا عوده لمن اراد الاستزاده |
|||
2020-01-14, 05:26 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
|
|||
2020-01-15, 10:27 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc