معنى اسم الله تعالى الجميل - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله تعالى الجميل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-01-13, 18:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 معنى اسم الله تعالى الجميل

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



روى الإمامان البُخاريّ ومسلم من حديث أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْه -

أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -

قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلاَّ واحدًا، مَنْ أحصاها دخل الجنَّة))

ص 526 برقم 2736

وصحيح مسلم 1076 برقم 2677.


اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

معني اسم الله تعالى الكريم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير

معنى اسم الله عز وجل الخالق

معني اسم الله تعالي البارئ

معني اسم الله عز وجل المصور

معنى اسم الله عز وجل الغفار

معني اسم الله تعالى القهار

معني اسم الله عز وجل الوهاب

معنى اسم الله تعالى الرزاق

معنى اسم الله تعالى الفتاح

معني اسم الله عز وجل العليم

معنى اسم الله تعالى الخافض و الرافع

معني اسم الله تعالى القابض و الباسط

اسم الله تعالي المعز و المذل

معني اسم الله تعالى الرحمن و الرحيم

معني اسم الله عز وجل السميع

معني اسم الله عز وجل البصير

معني اسم الله تعالى الحكم و الحكيم

هل العدل من أسماء االله تعالى

معني اسم الله تعالى اللطيف

معنى اسم الله تعالى الخبير

معنى اسم الله عز وجل الحليم

معنى اسم الله تعالى العظيم

معنى اسم الله تعالى الشكور

معني اسم الله تعالى الْعَلِيُّ

معني اسم الله تعالى الكبير و المتكبر

معنى اسم الله تعالى الحفيظ

معني اسم الله تعالى الحسيب

معني اسم الله تعالى الرقيب

معنى اسم الله تعالى المجيب

معني اسم الله تعالى الودود

معني اسم الله تعالى المجيد

معني اسم الله تعالى الحق

معني اسم الله تعالى القوي المتين

معني اسم الله تعالى الولي و المولى

معني اسم الله تعالى الحميد

معني اسم الله تعالى السيد

معني اسم الله تعالى المحصي

معني اسم الله تعالى الباعث

معني اسم الله تعالى المبدئ والمعيد

معني اسم الله تعالى الحيّ

معني اسم الله تعالى القيوم

معني اسم الله تعالى الدَّيَّان

معني اسم الله تعالى سُبُّوح قدُّوس

معني اسم الله تعالى الرب

معني اسم الله تعالى البَرُّ





.








 


رد مع اقتباس
قديم 2020-01-13, 18:57   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


معني اسم الله تعالى الجميل

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الجَمِيلِ)

أسماء الله الحسنى للرضواني حفظه الله (2/ 41).

الجَمِيلُ فِي اللغَةِ مِنَ الجَمَالِ هُوَ الحُسنُ فِي الخِلقَةِ وَالخَلقِ

جَمُلَ يَجمُلُ فَهُوَ جَمِيلٌ كَكَرُمَ فَهُوَ كَرِيمٌ

وَتَجمَّلَ تَزيَّنَ

وَجَمَّلَهُ تَجمِيلًا زَيَّنَهُ

وَأَجَمَلَ الصَنِيعَةَ عِندَ فُلاَنٍ يَعِني: أَحسَنَ إِلَيهِ، وَالمُجَامَلَةُ هِيَ المُعَامَلةُ بِالجَمِيلِ

وَالتَّجَمُّلُ تَكَلُّفُ الجَمِيلِ

وَقَدْ جَمُلَ الرَّجُلُ جَمَالًا فَهُوَ جَمِيلُ وَالمرأَةُ جَمِيلَةٌ


لسان العرب (11/ 126).


وَقَالَ الأحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ:

وَإِذَا جَمِيلُ الْوَجْهِ لَمْ
يَأْتِ الْجَمِيلَ فَمَا جَمَالُهْ

مَا خَيْرُ أَخْلَاقِ الْفَتَى
إِلَّا تُقاهُ وَاحْتمَالُه


سنن البيهقي الكبرى (10/ 195).

وَالصبرُ الجَمِيلُ هُوَ الذِي لَا شَكوَى مَعَهُ

وَلَا جَزَعَ فِيهِ

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5]

وَقَولُهُ: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85]

أَيْ: أَعرِضْ عَنهُم إعرَاضًا لَا جَزَعَ فيهِ


تفسير الطبري (12/ 165)

وتفسير ابن كثير (2/ 472).


وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الجَمِيلُ

جَمَالُهُ سُبحَانَهُ عَلَى أَربَعِ مَرَاتِبَ:

جَمَالِ الذَّاتِ

وَجَمَالِ الصِّفَاتِ

وَجَمَالِ الأَفعَالِ

وَجَمَالِ الأَسمَاءِ.

فَأَسمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى

وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ

وَأَفعَالُهُ كُلُّهَا حِكمَةٌ وَمَصلَحَةٌ

وَعَدلٌ وَرَحْمَةٌ

وَأَمَّا جَمَالُ الذَّاتِ وَكَيفِيَّةُ مَا هُوَ عَلَيهِ فَأمرٌ لَا يُدرِكُهُ سِوَاهُ

وَلَا يَعلَمُهُ إِلَّا اللهُ

وَلَيسَ عِندَ المَخلُوقِينَ مِنهُ إِلَّا تَعرِيفَاتٌ تَعَرَّفَ بِهَا إِلَى مَنْ أَكرَمَهُ مِنْ عِبَادِهِ


الفوائد لابن القيم (ص: 182).

وَعِندَ البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَ سُبحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ"


مسلم (1/ 161).

قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَباسٍ رضي الله عنهما: "حُجِبَ الذَّاتُ بِالصِّفَاتِ وَحُجِبَ الصِّفَاتُ بِالأَفعَالِ

فَمَا ظَنُّكَ بِجَمالٍ حُجِبَ بَأَوصَافِ الكَمَالِ، وَسُتِرَ بِنُعُوتِ العَظَمَةِ وَالجَلَالِ"


مسلم (1/ 182).

وَمِنْ هَذَا المَعنَى يُفهَمُ بَعضُ مَعَانِي جَمَالِ ذَاتِهِ، فَإِنَّ العَبدَ يَتَرَقَّى مِنْ مَعرِفَةِ الأَفْعَالِ إِلَى مَعرِفَةِ الصِّفَاتِ

وَمِنْ مَعرِفَةِ الصِّفَاتِ إِلَى مَعرِفَةِ الذَّاتِ

فَإِذَا شَاهَدَ شَيئًا مِنْ جَمَالِ الأَفْعَالِ استَدَلَّ بِهِ عَلَى جَمَالِ الصِّفَاتِ

ثُمَّ استَدَلَّ بِجَمَالِ الصِّفَاتِ عَلَى جَمَالِ الذَّاتِ

وَمِنْ هَهُنَا يَتَبيَّنُ أَنهُ سُبحَانَهُ لَهُ الحَمدُ كُلُّهُ

وَأَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلقِهِ لَا يُحصِي ثَنَاءً عَلَيهِ

بَل هُوَ كَمَا أَثَنَى عَلَى نَفسِهِ.









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-13, 18:59   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


وُرُودُهُ فِي الحَدِيثِ الشَّريفِ

النهج الأسمى (3/ 35 - 45).

رَوَى عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "لا يَدْخلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مثْقَالُ ذرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ" قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَن يَكُونَ ثوبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا

قَالَ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، الكِبرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ"


أخرجه مسلم في الإيمان (1/ 93).

المَعْنَى ِفِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ النَّوَوِيُّ:

"وَقَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ" اختَلَفُوا فِي مَعنَاهُ

فَقِيلَ: إِنَّ مَعنَاهُ: أَنَّ كُلَّ أَمرِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حَسَنٌ جَمِيلٌ

وَلَهُ الأَسمَاءُ الحُسنَى، وَصِفَاتُ الجَمَالِ وَالكَمَالِ.

وَقِيلَ: جَمِيلٌ بِمَعنَى: مُجْمِلٌٍ كَكَرِيمٍ وَسَمِيعٍ بِمَعنَى: مُكْرِمٍ وَمُسْمِعٍ.

وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ القُشَيرِيُّ رحمه الله:

مَعنَاهُ: جَلِيلٌ

وَحَكَى الإِمَامُ أَبُو سُلَيمَانَ الخَطَّابِيُّ أَنَّهُ بِمَعنَى: ذِي النُّورِ والبَهجَةِ

أَيْ: مَالِكُهُمَا.

وَقِيلَ مَعنَاهُ: جَمِيلُ الأَفعَالِ بِكُم باللُّطفِ

والنَّظرِ إليكُم

يُكَلِّفُكُم اليَسِيرَ مِنَ العَمَلِ ويُعِينُ عَلَيهِ

وَيُثِيبُ عَلَيهِ الجَزِيلَ وَيشكُرُ عَلَيهِ"


شرح مسلم (2/ 90)

وقال: "واعلم أنَّ هذا الاسم وَرَدَ في هذا الحديث الصحيح

ولكنه من أخبار الآحاد

وورَد أيضًا في حديث الأسماء الحسنى

وفي إسناده مقال، والمختار جواز إطلاقه على الله تعالى، ومن العلماء مَن منَعَه" اه

وقد سبَق أن ذكرنا قوله في جواز إثبات الاسم لله تعالى مما ثبت بخبر الواحد، انظر اسمه "الرفيق"..


وَأولُ كَلَامِ الخَطَّابِيِّ:

"الجَمِيلُ: هُوَ المُجْمِلُ المُحْسِنُ

فَعِيلٌ بِمَعنَى مُفْعِلٍ"


شأن الدعاء (ص: 102)

وقد حكاه النوويُّ بقوله:

وقيل: جميل بمعنى مجمل...

واختاره البيهقي في الاعتقاد (ص: 68).


وَقَالَ الحليميُّ:

"وَمِنهَا: الجَمِيلُ: وَهَذَا الاسمُ فِي بَعضِ الأَخبَارِ عِنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعنَاهُ: ذُو الأَسمَاءِ الحُسنَى

لِأَنَّ القَبَائِحَ إِذَا لَم تَلِقْ بِهِ

لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشتَقَّ اسمُهُ مِنْ أَسمَائِهَا

وَإِنَّمَا تُشتَقُّ أَسمَاؤُهُ مِنْ صِفَاتِهِ التِي كُلُّهَا مَدَائِحُ

وَالأَفعَالِ التِي أَجمَعُهَا حِكْمَةُ"


المنهاج (1/ 198)

وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع نفيَ التشبيه عن الله تعالى جَدُّه

ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 41 - 42).


وَقَالَ ابنُ الأَثِيرِ:

"إِنَّ اللهَ تَعَالَى جَمِيلٌ":

أَيْ حَسَنُ الأَفعَالِ

كَامِلُ الأَوصَافِ"


النهاية (1/ 299).

وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ

وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيفَ لَا
وَجَمَالُ سَائرِ هَذِهِ الأكْوانِ

مِنْ بَعضِ آثَارِ الجَمِيلِ فربُّهَا
أولَى وأَجْدَرُ عِندَ ذِي العِرْفانِ

فَجَمَالُهُ بالذَّاتِ والأَوْصَافِ وال
أَفْعَالِ والأَسمَاءِ بالبُرهَانِ

لاَ شَيءَ يُشبِهُ ذَاتَهُ وَصِفَاتِهِ
سُبحَانَهُ عَنْ إفْكِ ذِي البُهْتَانِ


النونية (2/ 214).









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-13, 19:00   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَا الاسمِ:

1- أَنَّ اللهِ تَعَالَى هُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ بِلَا كَيفٍ نَعلَمُهُ

وَجَمَالُهُ بِالذَّاتِ وَالأوصَافِ والأَسمَاءِ والأَفعَالِ

لَا شَيءَ يُمَاثِلُهُ فِي ذَلِكَ

كَمَا قَالَ سُبحَانُهُ عَنْ نَفسِهِ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

وَقَالَ سُبحَانُهُ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65].

قَالَ القَاضِي أَبُو يَعلَى الفرَّاءُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -

بَعدَ أَن ذَكَرَ حَدِيثَ ابنِ مَسعُودٍ السَّابِقَ "إِنَّ اللهِ جَمِيلٌ": "اعلَمْ أَنَّهُ غَيرُ مُمتَنِعٍ وصْفهُ تَعَالَى بالجَمَالِ وأَنَّ ذَلِكَ صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الذاتِ؛ لأِنَّ الجَمَالَ فِي مَعنَى الحُسْنِ

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أولِ الكِتَابِ قَولُهُ: "رَأَيتُ رَبيِّ فِي أَحسَنِ صُورَةٍ" وبيَّنَّا أنَّ ذَلِكَ صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الذَّاتِ كَذَلِكَ هَاهُنَا

وَلِأَنَّهُ لَيسَ فِي حَملِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا يُحِيلُ صِفاتِهِ وَلَا يُخرِجهَا عَمَّا تَستَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ طَريقَهُ الكَمَالُ وَالمَدحُ، وَلأنَهُ لَو لَم يُوصَفْ بِالجَمَالِ جَازَ أَنْ يُوصَفَ بضِدِّهِ وَهُوَ القُبْحُ

وَلمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوصَفَ بِضدِّهِ جَازَ أَنْ يُوصَفَ بِهِ، أَلَا تَرَى أنَّا وَصَفْنَاهُ بالعِلمِ وَالقُدرَةِ والكَلَامِ؛ لِأَنَّ فِي نَفيهَا إِثبَاتَ أَضدَادِهَا وَذَلِكَ مُستَحِيلٌ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ هَاهُنَا.

فَإِن قِيلَ: قَولُهُ: "جَمِيلٌ" بِمَعنَى: مُجْمِلٌ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّ فَعِيل قَد يَجِيءُ عَلَى مَعنَى: مُفعِل، وَمِنهُ قَولُنَا: حَكِيمٌ والمُرَادُ مُحْكِمٌ لِمَا فَعَلَهُ.

قِيلَ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الخَبَرَ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ الحَثُّ لَهُم عَلَى التَّجمُّلِ فِي صِفَاتِهِم

لَا عَلَى مَعنَى التَّجْمِيلِ فِي غيرِهِم فَكَانَ مُقتَضَى الخَبَرِ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ فِي ذَاتِهِ يُحِبُّ أَنْ تَتَجَمَّلُوا فِي صِفَاتِكم، فَإِذَا حُمِلَ الخَبَرُ عَلَى فِعلِ التَّجمِيلِ فِي الغَيرِ، عُدِلَ بِالخَبَرِ عَمَّا قُصِدَ بِهِ.

فَإِن قِيلَ: مَعنَى الجَمَالِ هَاهُنَا الإِحسَانُ والإِفضَالُ، فَيكُونُ مَعنَاهُ: هُوَ المُظهِرُ النِّعمَةَ وَالفَضلَ عَلَى مِنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ بِرَحمَتِهِ.

قِيلِ: هَذَا غَلَطٌ؛ لأِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الجَمَالَ وَالإِحسَانَ وَالإِفضَالَ فَقَالَ: "جَميلٌ يُحبُّ الجَمَالَ، وَجَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، وَكَرِيمٌ يُحِبُّ الكُرَمَاءَ" فَإِذَا حَمَلنَا الجَمَالَ عَلَى ذَلِكَ حُمِلَ اللفظُ عَلَى التكرَارِ، وَعَلَى مَا لَا يُفيدُ.

وَجَوَابٌ آخَرَ: وَهُوَ أَنَّ نِعَمَ اللهِ ظَاهِرَةٌ، فَحَمْلُ الخَبَرِ عَلَى هَذَا يُسقِطُ فائِدَةَ التَّخصِيص بِالجَمَالِ


إبطال التأويلات لأخبار الصفات (2/ 465 - 466).

فَهُوَ سُبحَانَهُ الأجمَلُ وَالأَحسَنُ فِي سَائِرِ صِفَاتِ الكَمَالِ

وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ جَلَّ وَعَلَا.

قَالَ ابنُ جَرِيرٍ

فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60]:

"وَهُوَ الأَفضَلُ والأطيَبُ وَالأحسَنُ والأَجمَلُ، وذَلِكَ التَّوْحِيدُ وَالإِذعَانُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيرُه


التفسير (14/ 84 - 85).

2- اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ مُجْمِلُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ،

وَاهِبُ الجَمَالَ والحُسْنَ لِمَن شَاءَ

كَمَا مَرَّ مَعنَا قَولُ ابنِ القَيِّمِ رحمه الله إِذْ يقُولُ:

وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيفَ لَا
وَجَمَالُ سَائرِ هَذِهِ الأكْوانِ

مِنْ بَعضِ آثَارِ الجَمِيلِ فربُّهَا
أولَى وأَجْدَرُ عِندَ ذِي العِرْفانِ

وَقَدْ نَبّهَ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثيرَةٍ

فَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60]

وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7].

فاللهُ سُبحَانَهُ هُوَ الذِي زيَّنَ الأَرضَ

وَجَمَّلهَا بِأنوَاعِ الحَدَائِقِ وَالبَسَاتِينِ والأَشجَارِ والأَزهَارِ وَالخُضرَةِ ذَاتِ البَهجَةِ وَالحُسنِ وَالجَمَالِ

بحَيثُ أَنَّ النَّاظِرَ إِليهَا يَبْتَهِجُ وَتَفرَحُ نفْسُهُ بِهَا

وَينشَرِحُ صَدرُهُ بِسَبَبِهَا.

وَمِثلُهُ قَولُهُ سُبحَانَهُ عَن الأنعَامِ: ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ [النحل: 6]

أَيْ: فِي الأنعَامِ جَمَالٌ وَزِينَهٌ فِي أَعيُنِ النَّاسِ

لِحُسنِ صُورَتِهَا وَتَركِيبِهَا

وَتَنَاسُقِ أَعضَائِهَا وَتَنَاسُبِهَا


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مختصَر الفتاوى المصرية (ص 21): "

.. بل النظر إلى الأشجار والخيل والبهائم إذا كان على وجه استحسان الدنيا والرياسة والمال فهو مذموم

لقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].

وأما إذا كان على وجه لا ينقص الدِّين، وإنما فيه راحة النفس فقط، كالنظر إلى الأزهار، فهذا من الباطل الذي يُستعان به على الحق.

وقد ينظر إلى الإنسان لما فيه من الإيمان والتقوى، وهنا الاعتبار بقلبه وعمله لا بصورته.

وقد ينظر إليه لما فيه من الصورة الدالة على المصور، فهذا حسن.

وقد ينظر من جهة استحسان خَلْقه.

فكل قسْم مِن هذه الأقسام متى كان معه شهوةٌ كان حرامًا بلا ريب، سواء كانت شهوة يمتع نظره بها، أو كانت نظرة لشهوة الوطء.

وفرقٌ بين ما يجده الإنسان عند نظره إلى الأزهار، وبين ما يجده عند نظره إلى النسوان والمردان، فلهذا الفرقان فرِّق في الحكم الشرعي..."

إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.


وَهُوَ أَيضًا جَلَّ وَعَلَا يَمتَنُّ عَلَى بَنِى آدَمَ بِذَلِكَ

إِذْ يَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8].

وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].

فَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ صُورَةٍ وَأجمَلِ تَقوِيمٍ

وَهُم أَيضًا مُتَفَاوِتُونَ فِي هَذَا الحُسنِ وَالجَمَالِ

فَقَدْ أُعطِي يُوسُفُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَطرَ الحُسنِ

كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم


رواه مسلم في الإيمان (1/ 146)

من حديث ثابت البناني، عن أنس رضي الله عنه.

وَلَمَّا رَأَتهُ النِّسوَةُ ﴿ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾ [يوسف: 31].

3- وَقَدْ أُعطِيَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ حَظًّا وَافِرًا: تَنَاسُبَ الأَعْضَاءِ، وَتَنَاسُقَهَا

وَجَمَالَ الوَجْهِ وَاسْتِدَارَتَهُ وَاسْتِنَارَتَهُ

وَحُسْنَ القَوَامِ وَرَبْعَتَهُ

وَلِينَ الكَفِّ وَطِيبَ رَائِحَتِهِ

وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ فِي وَصْفِهِ.

فَعَن رَبِيعَةَ بنِ أَبِي عَبدِ الرحمَنِ قَالَ: سَمِعتُ أَنسَ بنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَومِ، لَيْسَ بالطَّويلِ وَلَا بالقَصيرِ، أزهَرَ اللَّونِ، لَيسَ بأبيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعدٍ قَطِطَ، ولا سَبطٍ رَجِل..."


رواه البخاري في المناقب (6/ 564).

وَعَن البَرَاءِ بنِ عَازبَ رضي الله عنهما

قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحسَنَ النَّاسِ وَجهًا، وأَحسنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بالطَّويلِ البائِنِ وَلَا بِالقَصِيرِ"


رواه البخاري في المناقب (6/ 564).

ومسلم في الفضائل (4/ 1819).


وَعَنهُ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَربُوعًا بَعِيدَ مَا بَينَ المَنكِبَينِ، لَهُ شَعَرٌ يَبلُغُ شَحمَةَ أُذنَيهِ، رَأيتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحسَنَ مِنهُ"

رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819).

وَسُئِلَ رضي الله عنه: "أَكَانَ وَجهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَ السَّيفِ؟

قَالَ: "لَا، بَلْ مِثلَ القَمرِ"


رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819).

4- وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَحسَنِ النَّاسِ أَخَلَاقًا: سَمَاحَةً وَشَجَاعَةً

وَحِلمًا وَكَرمًا، وَرحمَةً وَشَفَقَةً، وَصِلَةً وَبِرًّا

كَمَا وَصَفَتْهُ خَدِيجَةُ رضي الله عنها بِقَولِهَا: "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ

وَتَحمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعدُومَ

وتَقْرِي الضَّيفَ، وتُعينُ عَلَى نَوائِبِ الحَقِّ"


رواه مسلم في الفضائل (4/ 1819).

في بدء الوحي (1/ 22)، وغيره.


وَعَن أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: "خَدَمتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنينَ واللهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيءٍ: لِمَ فَعَلتَ كَذَا؟

وَهَلَّا فَعلتَ كَذَا"


رواه البخاري في الأدب (10/ 456)

ومسلم في الفضائل (4/ 1804) واللفظ له.


وَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَسَنَ الناسِ خُلُقًا"

رواه بهذا اللفظ مسلم في الفضائل (4/ 1805).


وَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ الناسِ، وَكَانَ أَجْودَ الناسِ، وَكَانَ أَشجَعَ الناسِ..."

رواه البخاري في الجهاد (6/ 35، 95، 163)

ومسلم في الفضائل (4/ 1802).


وَعَنِ ابنِ عَمروٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَأَنهُ كَانَ يَقُولُ: "إِنَّ خِيَارَكُم أَحسَنُكم أَخلَاقاً"

رواه البخاري في الأدب (10/ 456)

ومسلم في الفضائل (4/ 1810).

والفاحش ذو الفحش، والمتفحش: الذي يتكلف الفحش ويتعمده لفساد حاله.


قَالَ الراغِبُ: "الجَمَالُ: الحُسْنُ الكَثِيرُ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: جَمَالٌ يَختَصُّ بِهِ الإنسَانُ فِي نفسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ فِعلهِ، وَالثانِي: مَا يُوصَلُ مِنهُ إِلَى غَيرِهِ".

وَعَلَى هَذَا الوَجهِ مَا ثَبَتَ عَنهُ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهُ قَالَ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ" تَنبِيهًا أَنهُ مِنهُ تَفِيضُ الخَيرَاتُ الكَثِيرَةُ فيُحِبُّ مَنْ يَختَصُّ بِذَلِكَ


المفردات (ص: 97).

فَسُبحَانَ مَنْ جَمَعَ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ كَمَالِ الخَلْقِ وَالخُلُقِ.

5- وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِمُلَازَمَةِ كُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، وَأَوصَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتَهُ بِذَلِكَ فِي آيَاتٍ عَدِيدَةٍ:

فَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5]

أَيْ: صَبرًا لَا شَكوَى فِيهِ لأَِحَدٍ غَيرِ اللهِ تَعَالَى


قال ابن القيم رحمه الله:

ولا تضاده "أي الصبر الجميل" الشكوى لله، فقد قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]

مع قوله: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

أما إخبار المخلوق بالحال، فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته أو التوصل إلى زوال ضَرره، لم يَقدَح ذلك في الصبر، كإخبار المريض للطبيب بشكايته

وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرَجه على يديه

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على المريض يسأله عن حاله ويقول: "كيف تَجِدُك" [رواه الترمذي بسَند حسَن]، وهذا استخبار منه واستعلام

عدة الصابرين (ص: 323)

وانظر: بُشرى المخْبِتين بفضل الصبر والصابرين، لمقيده (ص: 30).


وَذَلِكَ فِي مُقَابِلِ استِهزَاءِ الكُفَّارِ، وَعَدَمِ إِيمَانِهِم بِمَا يَدعُوهُم إِلَيْهِ مِنَ الإِيمَانِ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ.

وَقَالَ سُبحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10]

أَيِ: اصبِرْ عَلَى مَا يَقُولُ المُشرِكُونَ وَعَلَى أَذَاهُم

واهجُرهُم فِي اللهِ هَجْرًا جَمِيلًا

أَيْ: لَا عِتَابَ مَعَهُ، وَقِيلَ: لَا جَزَعَ فيهِ، وَقِيلَ: الهَجرُ فِي ذَاتِ اللهِ.

كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام: 68


انظر: تفسير الطبري من كتابه (7/ 395)

وتفسير ابن كثير (4/ 437).


وَمِثلُهَا قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85]

انظر: تفسير ابن كثير (2/ 558).

وَقَالَ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28].

وَقَالَ فِي السُّورَةِ نَفسِهَا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].

أَيْ: طَلِّقُهُوهُنَّ طَلَاقاً خَالِيًا مِنَ الأَذَى، وَعَارِيًا عَنْ مَنعِ الحُقوقِ الوَاجِبَةِ، وَهَذَا هُوَ السَّراحُ الجَمِيلُ الذِي يُحِبُّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، وَيَأمُرُ بِهِ اللهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم


انظر: في هذا ابن كثير (3/ 481)، وغيره.

6- اللهُ سُبحَانَهُ يُحِبُّ التَّجمُّلَ فِي غَيرِ إسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ

وَلَا بَطَرٍ وَلَا كِبْرٍ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ السَّابِقِ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ"

وَقَدْ قَالَهُ صلى الله عليه وسلم جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ: "إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنَ يَكُونَ ثَوبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنًا" وَبَيَّنَ أَنَّ مُجَرَّدَ فِعلِ ذَلِكَ وَمَحَبَّتِهُ لَا يَدخُلُ فِي الكِبْرِ المَذمُومِ.

وَ "... الجَنَّةُ دَارُ المُتَوَاضِعِينَ الخَاشِعِينَ، لَا دَارَ المُتَكَبرِينَ الجَبَّارِينَ، سَوَاءً كَانُوا أغَنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ "لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ مَنْ فِي قَلبهِ مِثقَالُ ذَرةٍ مِنْ كِبرٍ

وَلَا يَدخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلبهِ مِثقَالُ ذَرةٍ مِنْ إِيمَانٍ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوبُهُ حَسَنًا ونَعلُهُ حَسَنًا أَفَمِنَ الكِبرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ، وَلَكِنَّ الكِبرَ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ".

فَأَخبَرَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّجَمُّلَ فِي اللِّبَاسِ الذِي لَا يَحصُلُ إلَّا بِالغِنَى، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيسَ مِنَ الكِبرِ.

وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "ثَلَاثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِم، وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: فَقِيرٌ مُختَالٌ، وَشَيخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ".

وَكَذَلِكَ الحَدِيثُ المَروِيُّ: "لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، ثُمَّ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، ثُمَّ يَذهَبُ بِنَفسِهِ، حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ جَبَّارًا، وَمَا يَملِكُ إِلَّا أَهلَهُ"


رواه الترمذي (2000)

والطبراني في الكبير (6254)

والبغوي في شرح السُّنَّة (3589)

: من طريق عمر بن راشد، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه مرفوعًا به، لكن دون تكرير لجملة: "لا يزال الرجل يذهب..."

قال الترمذي: حسَن غريب. وفيه عمر بن راشد وهو ضعيف.


فَعُلِمَ بِهَذَينِ الحَدِيثَينِ: أَنَّ مِنَ الفُقَرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُختَالًا، لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ مِنَ الأَغنِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُتجَمِّلًا غَيرَ مُتَكَبرٍ، يُحِبُّ اللهُ جَمَالَهُ، مَعَ قَولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ:

"إِنَّ اللهَ لَا يَنظُرُ إِلَى صُورِكُم، وَلَا إِلَى أَموالِكُم، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُم وَأَعْمَالِكُم"


رواه مسلم في البِرِّ والصِّلة (4/ 1987)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


وَمِنْ هَذَا البَابِ قَولُ هِرقلَ لأَِبِي سُفيَانَ: أَفَضُعَفَاءُ النَّاسِ اتَّبعَهُ أَمْ أَشرَافُهُم؟ قَالَ: بَلْ ضُعَفَاؤهُم، قَالَ: وَهُم أَتبَاعُ الأَنبِيَاءِ.

وَقَدْ قَالُوا لِنُوحٍ: ﴿ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشعراء: 111]

فَهَذَا فِيهِ أَنَّ أَهلَ الرِئَاسَةِ والشَّرَفِ يَكُونُونَ أَبعَدَ عَنِ الانِقيَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعِتِهِ؛ لأَِنَّ حُبَهُم للرِّئَاسَةِ يَمنَعُهم ذَلِكَ بِخِلاَفِ المُستَضعَفِين

وَفِي هَذَا المَعنَى الحَدِيثُ المَأثُورُ - إِنْ كَانَ مَحفُوظاً - "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسكِينًا، وَاحْشُرنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ"


الراجح فيه: أنه حديثٌ صحيحٌ لِطُرُقِه، ولِبَسْطِ الكلام عليه موضعٌ آخر.

فَالمَسَاكِينُ ضِدُّ المُتَكَبِّرِينَ، وَهُم الخَاشِعُونَ للهِ، المُتَوَاضِعُونَ لِعَظَمَتِهِ، الذِينَ لَا يُريدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ، سَوَاءً كَانُوا أَغنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ"

من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى

مجموع الفتاوى (11/ 129 - 130).



اخوة الاسلام

و لنا عوده لمن اراد الاستزاده









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-14, 05:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ:

وَقَالَ سُبحَانَهُ الجَمِيلُ الذِي لَا أَجمَلَ مِنهُ

بَلْ لَو كَانَ جَمَالُ الخَلقِ كُلِّهُم عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنهُم

وَكَانُوا جَمِيعُهُم بِذَلِكَ الجَمَالِ لَمَا كَانَ لِجَمَالِهِم قَطُّ نِسبَةٌ إِلَى جَمَالِ اللهِ

بَل كَانَت النِّسبَةُ أَقَلَّ مِنْ نِسبَةِ سِراجٍ ضَعِيفٍ إِلَى حِذَاءِ جَرمِ الشَّمسِ: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60].

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً

قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ .


أخرجه مسلم في صحيحه رقم 131

وَمِنْ أَسمَائِهِ الحُسنَى: الجَمِيلُ

وَمَنْ أَحَقُّ بِالجَمَالِ مِمَّنْ كُلُّ جَمَالٍ فِي الوُجُودِ فَهُوَ مِنْ آثَارِ صُنعِهِ

فَلَهُ جَمَالُ الذَّاتِ، وَجَمَالُ الأَوصَافِ

وَجَمَالُ الأَفعَالِ

وَجَمَالُ الأَسمَاءِ

فَأَسمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسنَى

وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ

وَأَفعَالُهُ كُلُّهَا جَمِيلَةٌ.

فَلَا يَستَطِيعُ بَشَرٌ النَّظَرَ إِلَى جَلَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ

فَإِذَا رَأَوهُ سُبحَانَهُ فِي جَنَّاتِ عَدنٍ أَنَستُهم رُؤيَتُهُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ

فَلَا يَلتَفِتُونَ حِينَئِذٍ إِلَى شَيءٍ غَيرِهِ

وَلَوْلَا حِجَابُ النُّورِ عَلَى وَجهِهِ لأَحرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجهِهِ سبحانه وتعالى مَا انتَهَى إِليهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلقِهِ.

كَمَا هُوَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه،

قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَخَمسِ كَلِمَاتٍ قَالَ: "إِنَّ اللهِ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخفِضُ القِسطَ وَيَرفَعُهُ، وَيُرفَعُ إِلَيهِ عَمَلُ الَّليلِ قَبلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبلَ عَمَلِ الَّليلِ، حِجَابُهُ النُورُ

لَو كَشَفَهُ لأَحرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجهِهِ مَا انتَهَى إِلَيهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلقِهِ"


رواه مسلم (179).

مَعرِفَةُ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بِالجَمَالِ:

مِنْ أَعَزِّ أَنَواعِ المَعرِفَةِ مَعرِفَةُ الرَّبِّ سُبحَانَهُ بِالجَمَالِ

وَهِي مَعرِفَةُ خَوَاصِّ الخَلقِ

وَكُلُّهُم عَرِفَهُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَأَتَمُّهُم مَعرِفَةً مَنْ عَرِفَهُ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ سُبحَانَهُ

لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ فِي سَائِرِ صِفَاتِهِ

وَلَوْ فَرَضْتَ الخَلقَ كُلَّهُم عَلَى أَجمَلِهِم صُورَةً وَكُلُّهُم عَلَى تِلكَ الصُّورَةِ

وَنَسَبتَ جَمَالَهُم الظَّاهِرَ والبَاطِنَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ سُبحَانَهُ لَكَانَ أَقلَّ مِنْ نِسبَةِ سِرَاجٍ ضَعِيفٍ إِلَى قُرصِ الشَّمس.

وَيَكفِي فِي جَمَالِهِ أَنَّهُ لَو كَشَفَ الحِجَابَ عَنْ وَجْهِهِ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُهُ مَا انتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ

وَيَكْفِي فِي جَمَالِهِ أَنَّ كُلَّ جَمَالٍ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَمِنْ آثَارِ صَنْعَتِهِ فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ صَدَرَ عَنْهُ هَذَا الجَمَالُ.

وَيَكفِي فِي جَمَالِهِ أَنَّهُ لَهُ العِزَّةُ جَمِيعًا

وَالقُوَّةُ جَمِيعًا

والجُودُ كُلُّهُ

وَالإِحسَانُ كُلُّهُ

وَالعِلْمُ كُلُّهُ

وَالفَضْلُ كُلُّهُ

وَلِنُورِ وَجْهِهِ أَشْرَقَتِ الظُّلُمَاتُ

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي دُعَاءِ الطَّائَفِ: "أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الذِي أَشرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ وَصَلحَ عَلَيْهِ أَمرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ".

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَيسَ عِنْدَ رِبِّكُم لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ، نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ

فَهُوَ سُبحَانَهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا جَاءَ لِفَصلِ القَضَاءِ تُشْرِقُ الأَرْضُ بِنُورِهِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى (الجَمِيلُ) وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ"


روضة المحبين (1/ 349).

وَجَمَالُهُ سُبحَانَهُ مِنْ أَربَعِ مَرَاتِبَ: جَمَالُ الذَّاتِ

وجَمَالُ الصِّفَاتِ

وَجَمَالُ الأَفعَالِ

وَجَمَالُ الأَسْمَاءِ، فَأَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى

وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ

وَأفْعَالُهُ كُلُّهَا حِكْمَةٌ وَمَصلَحَةٌ وَعَدْلٌ وَرَحْمَةٌ

وَأَمَّا جَمَالُ الذَّاتِ وَمَا هُوَ عَلَيهِ فَالأَمْرُ لَا يُدْرِكُهُ سِوَاهُ

وَلَا يَعْلَمُهُ غَيرُهُ

وَلَيسَ عِنْدَ المَخْلُوقِينَ مِنْهُ إِلَّا تَعْرِيفَاتٌ تَعرَّفَ بِهَا إِلَى مَنْ أَكْرَمَهُ مِنْ عِبَادِهِ،

فَإِنَّ ذَلِكَ الجَمَالَ مَصُونٌ عَنِ الأَغْيَارِ مَحْجُوبٌ بَسَترِ الرِّدَاءِ وَالإِزَارِ

كَمَا قَالَ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم فَيمَا يُحْكَى عَنهُ: "الكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالعَظَمَةُ إِزَارِي"، وَلَمَّا كَاَنَتِ الكِبْرِيَاءُ أَعْظَمَ وَأَوْسَعَ كَانَتْ أَحَقَّ بِاسمِ الرِّداءِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ الكَبِيرُ المُتُعَالُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ العَلِيُّ العَظِيمُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

"حُجِبَ الذَّاتُ بِالصِّفَاتِ، وَحُجِبَ الصِّفَاتُ بِالأَفْعَالِ، فَمَا ظَنُّكَ بَجَمَالٍ حُجِبَ بِأَوْصَافِ الكَمَالِ، وَسُتِرَ بِنُعُوتِ العَظَمَةِ وَالجَلَالِ".

وَمِنْ هَذَا المَعْنَى يُفْهَمُ بَعْضُ مَعَانِي جَمَالِ ذَاتِهِ، فَإِنَّ العَبْدَ يَتَرَقَّىَ مِنْ مَعْرِفَةِ الأَفْعَالِ إِلَى مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ

وَمِنْ مَعْرِفَةِ الصِّفَاتِ إِلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ، فَإِذَا شَاهَدَ شَيْئًا مِنْ جَمَالِ الأَفْعَالِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَمَالِ الصِّفَاتِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِجَمَالِ الصِّفَاتِ عَلَى جَمَالِ الذَّاتِ.

وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ، وأَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ لَا يُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ

بَلْ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنَّ يُعْبَدَ لِذَاتِهِ، وَيُحَبَّ لِذَاتِهِ، وَيُشْكَرَ لِذَاتِهِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ، وَيُثْنِي عَلَى نَفْسِهِ، وَيحْمدُ نَفسَهُ

وَأَنَّ مَحَبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَحَمْدَهُ لِنَفْسِهِ، وَثَنَاءَهُ عَلَى نَفسِهِ، وَتَوحِيدَهُ لِنَفْسِهِ هُوَ فِي الحَقِيقَةِ الحَمدُ وَالثَّنَاءُ وَالحُبُّ وَالتَّوْحِيدُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَفَوْقَ مَا يُثْنِى بِهِ عَلَيْهِ خَلقُهُ

وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ ذَاتَهُ يُحِبُّ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ

فَكُلُّ أَفْعَالِهِ حَسَنٌ مَحْبُوبٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَفعُولَاتِهِ مَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ، فَلَيْسَ فِي أَفْعَالِهِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ مَسْخُوطٌ

وَلَيْسَ فِي الوُجُودِ مَا يُحَبُّ لِذَاتِهِ، وَيُحْمَدُ لِذَاتِهِ؛ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ، وَكُلُّ مَا يُحَبُّ سِوَاهُ فَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ تَابِعَةً لِمَحَبتِهِ سُبْحَانَهُ بِحَيثُ يُحِبُّ لأَِجْلِهِ فَمَحَبتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مَحَبَةٌ بَاطِلَةٌ.

وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الإِلَهِيَّةِ، فَإِنَّ الإِلَهَ الحَقَّ هُوَ الذِي يُحَبُّ لِذَاتِهِ، وَيُحَمَدُ لذاتِهِ، فَكَيفَ إِذَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ إِحسَانُهُ وَإِنعَامُهُ وَحِلْمُهُ وَتَجَاوُزُهُ وَعَفْوُهُ وَبِرُّهُ وَرَحْمَتُهُ، فَعَلَى العَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَيُحِبُّهُ وَيَحمَدُهُ لِذَاتِهِ وَكَمَالِهِ

وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ مُحْسِنَ عَلَى الحَقِيقَةِ بِأَصنَافِ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ إِلَّا هُوَ فَيُحِبُّهُ لإِحسَانِهِ وَإِنعَامِهِ، وَيحمَدُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَيُحِبُّهُ مِنَ الوَجهَينِ جَمِيعًا.

وَكَمَا أَنَّهُ لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ، فَلَيسَ كَمَحَبَّتِهِ مَحَبَّةٌ، وَالمَحَبةُ مَعَ الخُضُوعِ هِيَ العُبُودِيَّةُ التِي خُلِقَ الخَلْقُ لأَِجْلِهَا

فَإِنَّهَا غَايَةُ الحُبِّ بَغَايَةِ الذُّلِّ، وَلَا يَصلُحُ ذَلِكَ إِلَّا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَالإِشرَاكُ بِهِ فِي هَذَا هُوَ الشِّرْكُ الذِي لَا يَغفِرُهُ اللهُ، وَلَا يَقبَلُ لِصَاحِبِهِ عَمَلًا.

وَحَمْدُهُ يَتَضَمَّنُ أَصْلَينِ: الإِخبَارَ بِمَحَامِدِهِ وَصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَالمَحَبَّةَ لَهُ عَلَيهَا، فَمَنْ أَخْبَرَ بِمَحَاسِنِ غَيْرِهِ مِنْ غَيرِ مَحَبَّةٍ لَهُ لَمْ يَكُنْ حَامِدًا.

وَمَنْ أَحَبَّهُ مِنْ غَيرِ إِخْبَارٍ بِمَحَاسِنِهِ لَمْ يَكُنْ حَامِدًا حَتَّى يَجْمَعَ الأَمْرَينِ

وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحمَدُ نَفسَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَحمَدُ نَفسَهُ بِمَا يُجْرِيهِ عَلَى أَلسِنَةِ الحَامِدِينَ لَهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَعِبَادِهِ المُؤمِنِينَ، فَهُوَ الحَامِدُ لِنَفسِهِ بِهَذَا وَهَذَا، فَإِنَّ حَمْدَهُم لَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَإِذْنِهِ وَتَكْوينِهِ

فَإِنَّهُ هُوَ الذِي جَعَل الحَامِدَ حَامِدًا، وَالمُسْلِمَ مُسْلِمًا، وَالمُصَلِّي مُصَلِّيًا، وَالتَّائِبَ تَائِبًا، فَمِنْهُ ابتَدَأَتِ النِّعَمُ وَإِلَيهِ انتَهَتْ، فَابتَدَأَتْ بِحَمْدِهِ وَانْتَهَتْ إِلَى حَمْدِهِ

وَهُوَ الذِي أَلهَمَ عَبْدَهُ التَّوبَةَ وَفَرِحَ بِهَا أَعْظَمَ فَرَحٍ، وَهِيَ مِنْ فَضلِهِ وَجُودِهِ

وَأَلهَمَ عَبدَهُ الطَّاعَةَ وَأَعَانَهُ عَلَيهَا ثُمَّ أَثَابَهُ عَلَيهَا، وَهِيَ مِنْ فَضْلِهِ وَجُودِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ بِكُلِّ وَجْهٍ، وَمَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيهِ بَكُلِّ وَجْهٍ.

وَالعَبْدُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ فِي الأَسبَابِ وَالغَايَاتِ، فَإِنَّ مَا لَا يَكُونُ بِهِ لَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ لَهُ لَا يَنْفَعُ


الفوائد (1/ 199).

إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ وَيُحِبُّ الجَمَالَ:

وَقَولُهُ فِي الحَدِيثِ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ"

قد أخرجه مسلم في صحيحه رقم 131

يَتَنَاوَلُ جَمَالَ الثِّيَابِ المَسئُولِ عَنْهُ فِي نَفْسِ الحَدِيثِ.

وَيَدْخُلُ فِيهِ بِطَرِيقِ العُمُومِ الجَمَالُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ

وَفِي الصَّحِيحِ: "إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا"


صحيح: أخرجه مسلم (1015) في الزكاة

باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، من حديث أبي هريرة ت.


وَفِي السُّنَنِ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ"

حسَن صحيح: أخرجه الترمذي (2819) في الاستئذان والآداب

باب: ما جاء أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما

وقال الألباني في صحيح سُنَن الترمذي: حسَن صحيح.


وَفِيهَا عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ الجُشَمِيِّ قَالَ: رَآَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟"

قُلتُ: نَعَم. قَالَ: "مِنْ أَيِّ المَالِ؟

" قُلتُ: مِنْ كُلِّ مَا آتَى اللهُ مِنَ الإِبِلِ وَالشَّاءِ، قَالَ: "فَلْتُرَ نِعْمَتُهُ وَكَرَامَتُهُ عَلَيكَ"


صحيح: أخرجه أبو داود (4063) في اللباس

باب: في غسل الثوب وفي الخلقان

والنسائي (8/ 180) في الزينة، باب: الجلاجل، من حديث أبي الأحوص، عن أبيه

وقال الألباني: صحيح.


فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ ظُهُورَ أَثَرَ نِعمَتِهِ عَلَى عَبدِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ

وَذَلِكَ مِنْ شُكْرِهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَهُوَ جَمَالٌ بَاطِنٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَى عَلَى عَبْدِهِ الجَمَالُ الظَّاهِرُ بِالنَّعمَةِ، وَالجَمَالُ البَاطِنُ بِالشُّكْرِ عَلَيهَا.

وَلِمَحَبَّتِهِ سُبْحَانَهُ لِلْجَمَالِ أَنزَلَ عَلَى عِبَادِهِ لِبَاسًا وَزِينَةً تُجَمِّلُ ظَوَاهِرَهُمْ، وَتَقْوَى تُجَمِّلُ بَوَاطِنَهُمْ

فَقَالَ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26]

وَقَالَ فِي أَهْلِ الجَنَّةِ: ﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 11، 12]

فَجَمَّلَ وُجُوهَهُم بِالنَّضْرَةِ، وَبَوَاطِنَهُم بِالسُّرُورِ

وَأَبْدَانَهُم بِالحَرِيرِ

وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ الجَمَالَ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَاللِّبَاسِ وَالهَيئَةِ، يُبْغِضُ القَبِيحَ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالثِّيَابِ وَالهَيئَةِ، فَيُبْغِضُ القَبِيحَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ الجَمَالَ وَأَهْلَهُ.

وَلَكِنْ ضَلَّ فِي هَذَا المَوْضُوعِ فَرِيقَانِ: فَرِيقٌ قَالُوا كُلُّ مَا خَلَقَهُ جَمِيلٌ. فَهُوَ يُحِبُّ كُلَّ مَا خَلَقَهُ، وَنَحْنُ نُحِبُّ جَمِيعَ مَا خَلَقَهُ فَلاَ نُبْغِضُ مِنْهُ شَيئًا، قَالُوا وَمَنْ رَأَى الكَائِنَاتِ مِنْهُ رَآهَا كُلَّهَا جَمِيلَةً، وَأَنْشَدَ مُنْشِدُهُم:

وَإِذَا رَأَيْتَ الكَائِنَاتِ بِعَينِهِم ♦♦♦ فَجَمِيعُ مَا يَحْوَي الوجُودُ مَلِيحُ

وَاحْتَجُّوُا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]

وَقَوْلِهِ: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88]

وَقَوْلِهِ: ﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾ [الملك: 3]

وَالعَارِفُ عِندَهُم هُوَ الذِي يُصَرِّحُ بِإِطْلاَقِ الجَمَالِ، وَلَا يَرَى فِي الوُجُودِ قَبِيحًا.

وَهَؤُلَاءِ قَدْ عُدِمَتِ الغَيْرَةُ للهِ مِنْ قُلُوبِهِم

وَالبُغْضُ فِي اللهِ، والمُعَادَاةُ فِيهِ

وَإِنْكَارُ المُنْكَرِ، وَالجَهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَإِقَامَةُ حُدُودِهِ

وَيَرَى جَمَالَ الصُّوَرِ مِنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ مِنَ الجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ اللهُ فَيَتَعَبَّدُونَ بِفِسْقِهِم، وَرُبَّمَا غَلَا بَعْضُهُم حَتَّى يَزْعُمَ أَنَّ مَعْبُودَهُ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ

وَيَحِلُّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ اتّحَادِيًّا قَالَ: هِيَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الحَقِّ، وَيُسَمِّيهَا: المَظَاهِرَ الجَمَالِيَّةَ.

وَقَابَلَهُم الفَرِيقُ الثَّانِي فَقَالُوا: قَدْ ذَمَّ اللهُ سُبْحَانَهُ جَمَالَ الصُّوَرِ، وَتَمَامَ القَامَةِ وَالخِلقَةِ؛

فَقَالَ عَنِ المُنَافِقِينَ: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ﴾ [المنافقون: 4]

وَقَالَ: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا ﴾ [مريم: 74]:

أَيْ أَمْوَالًا وَمَنَاظِرَ.

قَالَ الحَسَنُ: "هُوَ الصُّوَرُ".

وَفِي صِحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُم


صحيح: أخرجه مسلم (2064) في البِرِّ والصِّلة

باب: تحريم ظُلم المسلم وخذْله واحتقاره، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


قَالُوا: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَنْفِ نَظَرَ الإِدْراكِ، وَإِنَّمَا نَفَى نَظَرَ المَحَبَّةِ.

قَالُوا: وَقَدْ حَرَّمَ عَلَينَا لِبَاسَ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ، وَآنِيَةَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ جَمَالِ الدُّنْيَا

وَقَالَ: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ [طه: 131]

وَفِي الحَدِيثِ: "البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ"


صحيح: أخرجه أبو داود (4161) في الترجُّل

وابن ماجه (4118) في الزهد، باب: مَن لا يؤبه له، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه

وقال الألباني في صحيح الجامع (2879): صحيح.


وَقَدْ ذَمَّ اللهُ المُسْرِفِينَ، وَالسَّرَفُ كَمَا يَكُونُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَكُونُ فِي اللِّبَاسِ.

وَفَصْلُ النِّزَاعِ أَنْ يُقَالَ: الجَمَالُ فِي الصُّورَةِ واللِّبَاسِ وَالهَيئَةِ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ: مِنْهُ مَا يُحْمَدُ، وَمِنْهُ مَا يُذَمُّ، وَمِنْهُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَدْحٌ وَلاَ ذَمٌ.

فَالمَحْمُودُ مِنْهُ: مَا كَانَ للهِ، وَأَعَانَ عَلَى طَاعِةِ اللهِ، وَتَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ، وَالاسْتِجَابَةِ لَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَجَمَّلُ لِلْوُفُودِ، وَهُوَ نَظِيرُ لِبَاسِ آلَةِ الحَرْبِ لِلْقتَالِ

وَلِبَاسِ الحِرِيرِ فِي الحَرْبِ وَالخُيَلاَءِ فِيهِ؛ فإنَّ ذلكَ محمودٌ إذَا تضمنَ إعلاءَ كلمةِ الله، ونصرَ دينهِ، وغيظَ عدوِّهم.

والمذمومُ منه: مَا كَانَ لِلدُّنْيَا وَالرِّيَاسَةِ وَالفَخْرِ وَالخُيَلَاءِ، وَالتَّوَسُّلِ إِلَى الشَّهَوَاتِ، وَأَنْ يَكُونَ هُوَ غَايَةُ العَبْدِ، وَأَقْصَى مَطْلَبِهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النُّفُوسِ لَيْسَ لَهَا هِمَّةٌ فِي سِوَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَا لَا يُحْمَدُ، وَلَا يُذَمُّ: هُوَ مَا خَلَا عَنِ هَذَيْنِ القَصْدَيْنِ، وَتَجَرَّدَ عَنِ الوَصْفَيْنِ.

وَالمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ الشَّرِيفَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَصْلَيْنِ عَظِيْمَيْنِ: فَأَوَّلُهُ مَعْرِفَةٌ، وَآخِرُهُ سُلُوكٌ، فَيُعْرَفُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالجَمَالِ الذِي لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ شَيءٌ. وَيُعْبَدُ بِالجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ مِنَ الأَقْوَال

وَالأَعْمَالِ وَالأَخْلاَقِ، فَيُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُجَمِّلَ لِسَانَهُ بِالصِّدْقِ، وَقَلْبَهُ بِالإِخْلاَصِ وَالمَحَبَّةِ وَالإِنَابَةِ وَالتَّوَكُلِ

وَجَوَارِحَهُ بِالطَّاعَةِ، وَبَدَنَهُ بِإِظْهَارِ نِعَمِهِ عَلَيْهِ فِي لِبَاسِهِ، وَتَطْهِيرِهِ لَهُ مِنَ الأَنْجَاسِ وَالأَحْدَاثِ وَالأَوْسَاخِ وَالشُّعُورِ المَكْرُوهَةِ، وَالخِتَانِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ

فَيَعْرِفُهُ بَصِفَاتِ الجَمَالِ، وَيَتَعَرَّفُ إِلَيْهِ بِالأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ وَالأَخْلاَقِ الجَمِيلَةِ، فَيَعْرِفُهُ بِالجَمَالِ الذِي هُوَ وَصْفُهُ، وَيَعبُدُهُ بِالجَمَالِ الذِي هُوَ شَرْعُهُ وَدِينُهُ، فَجَمَعَ الحَدِيثُ قَاعِدَتِيْنِ: المَعْرِفَةَ، وَالسُّلُوكَ


الفوائد (ص: 201)









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-15, 10:27   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
aza5978
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc