خصائص الوصف في الشعر الأندلسيّ اتّسم شعر الوصف في العصر الأندلسيّ بعدّة صفات ميّزته عن غيره من العصور ومنها: التشخيص، والذي يعني إضفاء الحياة على الجمادات، والأمور المعنويّة، وإعطائها صفة الإنسان الحيّ، ومخاطبتها كمخاطبة شخصٍ ما، ومن أشهر القصائد التي تمثّل هذه الصفة قصيدة ابن خفاجة الأندلسيّ في وصف الجبل حيثُ أضحى كائناً حيّاً يسمع ويشعر بما يشعر به الشاعر وفيها يقول: وقورٍ على ظهر الفلاة كأنه طوال الليالي مفكر بالعواقب أصخت إليه وهو أخرس صامتٌ فحدثني ليل السر بالعجائب نقل ووصف المشاعر والأحاسيس بأساليب تقنيّة جديدة يغلب عليها الجانب العاطفيّ، حيثُ تكثر في قصائد التجارب الشخصيّة للشاعر، ومنها قصيدة عبد الرحمن الداخل في وصف نخلة، حيثُ جعلها شخصاً بصفات وسمات عاطفية ونفسية، تُشارك الشاعر ألمه وحنينه إلى بلده: تبـدت لنا وسط الرصافة نــخلةٌ تناءت بأرض الغراب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطـول التنائى عن بنـي وعن أهلي جاء معظم شعر الوصف في العصر الأندلسيّ على شكل مقطوعات صغيرة وموجزة، يُعبر فيها الشاعر عمّا يجول في خاطره، ومنها وصف ابن اللبانة لجزيرة ميورقة: بلدٌ أعارته الحمامةُ طوقها وكساه حلةَ ريشهِ الطاووسُ فكأنما الأنـهارُ فيه مدامةٌ وكأن ساحات الديار كؤوسُ. كان معظم الشعر واضحاً وسهلاً لا غموض فيه ولا تعقيد. امتزج هذا الموضوع مع غيره من الموضوعات التقليدية الأخرى كالغزل، والمدح، والخمر، حيثُ كانت القصيدة تفتتح به عوضاً عن المقدة الطللية التي عرفها الشعراء على مدى العصور، حتى أن بعض الشعراء مزجوا بين شعر الوصف وشعر الرثاء. وخير مثال على ذلك مرثية ابن اللبانة: تبكي السماء بدمع رائح غاد على البهاليل من أبناء عباد .