إن القائد في مجتمعاتنا يجب أن يتقبل النصيحة والإرشاد له وتصحيح المسار، والدليل على ذلك خطبة خليفة المسلمين “أبو بكر الصديق” والتي مما قاله فيها: “يا أيُّها الناس، قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حقٍّ فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسدِّدوني…”، ولا ينسى الاستدلال كذلك بما ذكرته كتب التاريخ المختلفة عما نُسب لفاروق الأمة “عمر بن الخطاب” حين قال: “إنه لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها”، ولهذه الكلمات قصة، فقد صعد عمر بن الخطاب “رضي الله عنه”، ذات المنبر الذي صعد عليه “الصديق” بعد توليه الخلافة، وخطب في الناس وقال: “أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقوّمني”، فرد عليه أحد المصلين: “والله يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناه بحد سيوفنا”، فقام أحد الصحابة يريد أن يؤدّب الرجل، فقال عمر مخاطباً الصحابي: “اجلس، الحمد لله الذي جعل في رعيّة عمر من يقوّم اعوجاجه بحد سيف”. والتفت إلى الرجل وقال عبارته الشهيرة. هكذا في دولنا العربية والإسلامية يقف المسئول مُخاطبا الناس، لكن وبعد فترة من الزمن عندما يحاول البعض نصيحته “وليس تقويمه بالسيف” في سبيل رفعة والنهوض بالأمة الإسلامية وواقع المواطن المطحون، سيتحول ذلك الشخص الناصح إلى شخص “ينظر للدنيا بنظارة سوداء” أو أنه “متشائم” وربما “وقت نقده غير مناسب”، أما في الخفاء فسيتحول ذلك الشخص “المنتقد لأجل تصحيح المسار” ويتم إدراج اسمه ضمن “القوائم السوداء من قبل البشر”. إن المسئول للأسف لو نظر إلى النقد البناء من زاوية أخرى لارتفعت أسهمه بين الحلفاء والأنصار، لكن الغالبية من المسئولين للأسف ينظر تحت أقدامه ولا يعنيه النتائج المستقبلية. والمسئول الحقيقي هو ذاك الشخص الذي يضع “النقد البناء” في قائمة تعود عليه بالنفع من قبيل “أنه يُفسح المجال في بلاده لحرية الرأي والتعبير والاهتمام بالآراء المعارضة لتوجهاته”. ثم إن الكثير من المسئولين مما عجل في دحرهم ورحيلهم أنهم يستمعون إلى التقارير المكذوبة التي تصلهم من بطانة السوء المحيطة بهم، بينما لا يسمحوا لأي مخالف لهم بالانتقاد لأفعالهم في سبيل تصحيح الأخطاء التي يقترفونها باستمرار. وهذا الأمر يجعل المسئول يعيش حالة خداع مع الجمهور، والتقارير المكذوبة لن تنفعه إذا ثار ذلك الجمهور في لحظة يراها مناسبة، وحينها لن يرحم ذلك المسئول. أخي المسئول: لو كنت صادقا في التغني بالأقوال المختلفة للخلفاء الراشدين فافعل مثلها، حينها ستجد النتائج الايجابية التي حققها أولئك الخلفاء على أرض الواقع الذي تتمناه أنت، ولن تبقى مجتمعاتنا تتغنى بأمجاد الخلفاء الراشدين دون معرفة السبيل لتحقيقها. واعلموا أن من يُسدي إليك بالنصيحة والنقد خير ألف مرة من الذي يغطي أخطائك ويُكيل المديح لك أملا بقائمة الشرف التي يسعى لأن تضعه بها.