قصة قصيرة من التراث الشعبي المسعدي إعداد ع /ب
أصحاب الحرف والمهن مشتهرون بسرد القصص والروايات المتنوعة ، نظرا لاحتكاكهم بفئات المجتمع ، فهم أثناء تأدية أعمالهم الحرفية والمهنية لا يتوقفون عن الحديث وسرد القصص والروايات المختلفة والمتنوعة ، فهم يعتبرونها من جهة تسلية ، وملء الفراغ ، ومن جهة أخرى لجلب الزبون، وجعله يبتاع منهم بعض السلع والمواد ، ومن جهة ثالثة فهي للعبرة والموعظة ، ونحن إنما سردناها عليكم من هذه الجهة : للعبرة والموعظة.
في أحد المرات كنت عند أحد هؤلاء الحرفيين والمهنيين ، وأثناء عملية البيع والشراء إذ دخل علينا أحد الزبائن المعروفين عند صاحب المحل – لبيع الخضر والفواكه ، إذ بادره الزبون " بالتحية قائلا : السلام عليكم فرد عليه التحية بحرارة شديدة، ثم قال له: زن لي من هذا الفلفل لقد أعجبني بالرغم من أنه يوجد عندنا في البيت ، ثم زن لي من هذه البطاطا ،........ صم سكت وراح يردد : الأولاد ، الأولاد ... زن لي ،مترددا قليلا ، وهو يشير إلى البرتقال ، بكم هذا ، وهذا ، وهذا , ...آه ما أغلاه ...لكن صار الواحد منا لا يعرف ماذا يأخذ ؟ وماذا يترك ؟ لكن زن لي من هذا 2كغ .. فالإنسان لا يدري متى يرحل ...ونظر إلي ، ربما يريد مني أن أشاركه الحديث ، أو اؤكد كلامه .، لكنني فضلت الصمت ..وهنا قاطعه صاحب المحل قائلا: اللي يعطي مالو للأولاد .. يصحلو صندوق بالأوتاد
والتفت إلينا لهذا المثل قصة : " كان يا مكان في سالف العصر والأوان كان هناك رجل ذو مال وعنده اربعة من الاولاد عايش لا باس أعليه ، دبروا عليه الدبارة ، انت عندك مال اكثير ، وغدوة اتموت و تخلي اولادك يتعفروا عليه ، وأتعود انت محاسب اعليه قدام ربي ، من الأفضل توزعه بنفسك على أولادك الأربعة وأتعيش مبيناتهم متهني ،...الشيخ طاوعهم في رأيهم ، وعمل بمشورة أهل المشورة – حسب ظنه - جمع أولاده ووزع عليهم المال ، وطلب منهم رعايته وأمهم . .
في أول الأمر كانوا نعم الأولاد ، ومع مرور الأيام تركوه وابتعدوا عنه ، وصار حاله من يسر إلى عسر ، ومن سعة ورغد إلى ضيق ونكد ،.ومن ....الى ..... ومن ....الى .....ذات يوم مر به شيخ حكيم وسأله ، وقد ساءه حاله : ما لك ؟أليس لك أولاد ؟ أخبره بالقصة من أولها الى نهايتها ، التفت الحكيم إلى الشيخ وقال له عندي لك حل لمشكلتك ؟ ، ابتدره الشيخ متلهفا من شدة الفرح والسعادة وقال له : هاتها أسرع حفظك الله ورعاك . قال الحكيم : قلت لك أربعة أولاد سأصنع أربعة اوتاد ن ثم أضعها في صندوق محكم الإغلاق ، ثم آخذه واخبر الأولاد ... قاطعه الشيخ المتلهف : وبم تخبرهم إن هم سألوك عن الصندوق ، أجابه دون تردد : اقول لهم هذا مال أبيكم أريد أن أسلمه له في الحياة قبل الممات . وإني أصر على إعطائك إياه شخصيا يدا بيد . وأنت من جهتك عليك أن تأخذ الصندوق ولا تعطه لهم أبدا وأن تشترط مقابل إعطاءه لهم أن يتداولوا على رعايتك وتدبير معيشتك .وبالفعل أخذ الحكيم الصندوق مخبرا إياهم بأن هذا الصندوق هو أمانة لأبيهم ، ولا يريد ان يسلمها إلا له يدا بيد ، فسأله احدهم : وماذا يوجد في هذا الصندوق قال : هو مال لأبيكم ، كنت قد استقرضته منه منذ مدة ، وأنا الآن أرده إليه أمامكم ، فاشهدوا يرحمكم الله ، فقال أحدهم : هاته نحن نكفيك مشقة ذلك ، فحلف أن لا يسلمه إلا له . توجهوا جميعهم إلى الشيخ وأعطاه إياه . وشكره ثم تركه .
طالب الأولاد بالصندوق ، فقال الشيخ أنتم تريدون الصندوق هو لكم بشرط أن تضمنوا لي ولأمكم العيش الهني فقالوا جميعا بصوت واحد : نضمن ذلك .وهكذا بقي الأولاد يعتنون بأبيهم وأمهم إلى أن ماتا ، بعد ئذ اجتمع الإخوة و قرروا فتح الصندوق... ترى ماذا وجدوا فيه ؟؟؟؟؟ وجدوا فيه أربعة أوتاد ، وورقة قد كتب عليها بخط واضح وجميل ومشكول ومقروء :
اللي يعطي مالو للأولاد .. يصحلو صندوق بالأوتاد