قاعدتان مُهمَّتان: تُعينان على حفظ القرآن \ الشيخ مصطفى مبرم حفظه الله
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
قال الشَّيخ مصطفى بن محمَّد مبرم حفظه الله تعالى:
كثيرٌ من طُلاَّب العلم يسألون عن القواعد التي تُعين على حفظ القرآن أو النَّصائح لمن أراد حِفظ القرآن، ونحن نقول بعد النَّظر والقراءة في كثيرٍ ممَّا طُرح ومما تُكلِّم فيه في هذا الباب: إنَّه بعد الأمر الوِجداني النَّفسي الَّذي نعني به: التَّعلُّق بالله -تبارك وتعالى-، تقوى الله، الإخلاص، المراقبة، العمل بالقرآن، التَّحاكم إلى القرآن، -يعني هذه أسبابٌ وجدانية في الإنسان لابدّ من تحقُّقها فيه-؛ لكن بالنِّسبة للحفظ يرجع إلى قاعدتين اثنتين لا ثالثَ لهما من ضبطهما ضبط الحفظ سواء كان في القرآن أو في الحديث أو في متون العلم.
هذان الأصلان -أو هاتان القاعدتان- هما الاستمرار والتَّكرار:
لأنَّ التَّكرار يُثبِّت الحفظ ويُقوِّيه ويُلزمه القلب حتى يكون مُلاصقًا له فيستطيع أن يستحضره متى أراد، كما قال -عزَّ وجل-: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[1] فإذا كرَّرتَ المحفوظ فإنَّه يثبت في ذهنك؛ وسمعتُ شيخنا العلامة ابن غديان -عليه رحمة الله- وكنَّا في مجلسٍ معه يقول: (إذا أردتم تثبيت حفظ شيءٍ فاقرءُوه خمسين مرَّة) هذا أقلّ شيء؛ وحدَّثنا بعض الشُّيوخ أنَّ الشَّيخ عبد الرَّحمن فريَّان رحمه الله -الَّذي أسَّس جمعيات التَّحفيظ في نجد ببلاد الحرمين- كان يقول بأنَّ الشَّيخ محمَّد بن إبراهيم كان يُلزم طُلَّابه بأن يقرءُوا الصَّفحة مائة وعشرين مرَّة؛ وهذا يختلف باختلاف النَّاس وباختلاف أحوالهم.
وإذا نظرتَ إلى طريقة الأئمَّة من المتقدِّمين من المحدِّثين كان الواحد منهم رُبَّما يرتقي السَّطح ويُكرِّر السَّند من اللَّيل حتَّى يُصبح: "حدَّثنا فُلان قال: حدَّثنا فلان، قال حدَّثنا فلان" إلى أن يُصبح، ليُثبِّته، وهذا أمرٌ معلوم؛ أمَّا أنَّك تقرأ الصَّفحة مثلًا مرَّتين، ثلاثًا، وتقول: "الحمد لله حفظتُ" فإذا طُولبت بها لم تأتِ بها هذا ليس حفظًا.
والأمر الثَّاني الاستمرار، لماذا الاستمرار؟ لأنَّ الاستمرار يزيدُ الحفظ، التَّكرار يُثبت الحفظ والاستمرار يَزيدُه، ولابدَّ مع الاستمرار أيضًا من التَّكرار، ولابدَّ مع التَّكرار أيضًا من الاستمرار.
هاتان القاعدان هما قاعدتَا الحفظ، ومن جرَّب الحفظ وكرَّر المحفوظ علِم حقيقة هاتين القاعدتين، طبعًا بعد الإخلاص -كما قلتُ لك آنفا- تقوى الله -عزَّ وجلّ-، الدُّعاء، وربَّما تكون هناك بعض الأسباب الغِذائية الَّتي يَذكرها بعض الباحثين وبعض المتقدِّمين وهذا مذكورٌ في كُتب أئمَّتنا من العلماء؛ وكان شيخنا مقبل -رحمة الله عليه- يُوصي طُلَّابه بشرب الزَّنجبيل وعدم الإكثار منه لأنَّه يُثبتُ الحفظ، سمعته غير مرَّة يُوصيهم بشرب الزَّنجبيل وعدم الإكثار منه لأنَّه يُسبِّب داءً يُسمَّى السَّوداء؛ ومِثل الزَّبيب كثيرٌ من أهل العلم يذكره؛ والأشياء الَّتي تُؤدِّي إلى حركة الدَّم في جسم الإنسان من المغذِّيات لا الأشياء الَّتي تُبرِّده وتُميته.
والكلام في هذا الموضوع يطول؛ وفيما سمعتم إن شاء الله تعالى خيرٌ وكِفاية.
تفريغ أم حور المغربية
من أجوبة الدَّرس 12 \ شرح العقيدة الواسطيَّة
____________
[1] [العنكبوت: 49]
المصدر