أحوال غرب أفريقيا السياسية في القرن التاسع عشر
تعتبر فكرة الجهاد من أهم ما يميز القرن التاسع عشر وقد امتدت الفكرة في أماكن متعددة ومناطق مختلفة وكان هدف روادها هو انشاء حكومات اسلامية (1). ويمكن تلخيص أسباب ظهور وممو فكرة الجهاد الى العوامل التالية:
أولا: اختلاط العقيدة الاسلامية بطقوس الوثنية فانتشرت عبادة الموتى وتقديسهم حتى بين المسلمين في كثير من المناطق الأفريقية فصار الدين الاسلامي غريبا بين السكان.
ثانيا: تلقي بعض الزعماء الأفارقة لتعليمهم الديني في الأزهر الشريف مما كان له أثر كبير عليهم، فعادوا الى بلادهم وكلهم حماس لنشر الدين الاسلامي وتصحيح العقدية الاسلامية (2). فمنذ تأسيس الأزهر في العصر الفاطمي، وهو يقوم بدوره في خدمة الاسلام فقد أصبح الجامعة الاسلامية الأولى التي تطلعت اليها الأنظار في مختلف الاقطار ووفد عليه الوفود من كل صوب وخرجت أفواج العلماء والمدرسين في كل اتجاه، ومن الطبيعي أن يدلل السودان والبلاد المتاخمة لمصر بل خطاها الى مراكز مختلفة بأفريقية فقد انتشر عن طريق النوبة الى اقليم دارفور وكردفان، ودخل مملكة كانم المتصلة ببحيرة تشاد بل تخطى تشاد الى بلاد الهوسا. كما وفد العديد من علماء الأزهر الى تمبكتو للتدريس، وظل الأزهر مفتوحا لعدة قرون للمسلمين من غرب أفريقيا ومن كل مكان، فتدفق الأفارقة عليه للتعليم، وقد غرس الأزهر في نفوس الوافدين اليه ألوانا من المعارف والاتجاهات القومية وكان الأزهر يعد الاقدة ليتولوا مراكز القيادة ، وكانت مصر طريق للحجاج الوافدين من غرب أفريقيا، وطالما انتهز هؤلاء فرصة الحج ليحطوا رحالهم في مصر فترة طويلة يتعرفون فيها على الحضارة الاسلامية (3).