إليكم هذه القصيدة المؤثرة التي قالتها نازك الملائكة عام 1974 بعد حجها إلى بيت الله الحرام ، والتي كانت ردّا على قصيدة الدكتور أحمد الوائلي الشيخ والداعية العراقي ، وفي القصيدة دلالة بينة على توجّه نازك الديني وما تكنّه من إيمان عميق وكره بليغ للاستعمار والصهيونية .
قصيدة الوائلي
يا أُم برّاقٍ عليك السلامْ ** دام لكِ الايمان والالتزامْ
السعي مشكور لوادي منى ** والحج مبرور لبيتٍ حرام
نزلتِ بيتَ الله ضيفاً على ** أغنى خوانٍ حاشدٍ بالطعام
وذقتِ للنبع المُذال الذي ** من ذاقه يبرد منه الأوام
وجُلتِ في رحاب ربّ بها ** مغفرة لكلّ هذي الأنام
يا أُم برّاق وبالحج من ** أسراره مالا يحدُّ الكلام
فهل رأيتِ الله في بيته ** وهل لمحت الغيث خلف الغمام
وهل تسمَّمعتِ إِلى نغمة ** لم تسبِ إِلا أُذُنَ المستهام
هل ذقتِ صهباءً حسى صفوها ** الفارض والخيَّام وابن الهمام
غابوا بما ذاقوه من نشوةٍ ** فيها فهم لللآن صرعى نيام
ولامست أوتارهم فالتفت ** أرواحهم بألف عودٍ وجام
هذا هو الحج وما بعده ** أغمار ترتاد مِنى في زحام
تحسب أنَّ الحج طوفٌ على ** مربَّع أو جولة في مقام
وأنتِ قيثار سمعناه في ** ألحانه يسكر شدوَ الحمام
فترجمي ما سكب الحج في ** روحك من مَوسقةٍ أو مدام
ردّ نازك الملائكة
مولاي شكراً وعليك السلامْ ** شعرك ورد وسواقي غمامْ
ندّيت حقلي من شذًى ساقياً ** لي قلماً عطشان صلّى وصام
هنّأتني بالحج حجي رؤىً ** روحيّة ونجمة في ظلام
والله في قلبي تعريشة ** والله نبع مغدق وابتسام
لا أنا ممن قدّسوا صخرة ** ولا أنا ممّن جثوا للرُخام
إنّي لمست في منى دفقةً ** من مطِ الله ترشُّ الخيام
أحسست وجه الله إغماءةً ** أغيب فيها ويغيب الزحام
فلا أعي إلا ذرى قمة ** مذاقها سعي شذاها استلام
صلّيت ناجيتُ سرتْ رعشة ** في أدمعي في شفتي في العظام
ناديت ربّ الورد إنّ الشذى ** يرعاه فلاحون غرقى نيام
فالورد مجروح وألوانه ** دم يسيل والروابي حطام
والوحش حزّت قدماه الرُبى ** غمّس قيثارتنا في الرّغام
أبا سمير حقلنا غاضب ** شفاهه عصف وجوع أنتقام
ألوانه منفجرات لظى ** أشجاره زوبعة وأضطرام
والمسجد الاقصى صدى شاحب ** مخلخل المنبر خاوي المقام
نما على محرابه طحلب ** وأنغرست في جانحيه السهام
خاوٍ ويعوي في حماه الصدى ** لا راكع لا خطبة لا إمام
إن لم نقاتل حجّنا باهت ** وجمعنا في السعي محض أزدحام
وقوفنا في عرفات سدًى ** وشعرنا الحلو كلام كلام !!
منقول