إن الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدِ الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :إلى كل من تمر به المصائب والأزمات وغلبه الأعداء وشماتتهم وتكالب عليه الأعداء وتحزب عليه الخصوم وتجهم عليه القريب وإلى كل من ضاق بهم الأمر أو أزعجهم كلام الجهلة .
أذكرهم بقوله عز وجل في كتابه الكريم قال تعالى(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا))
وقوله تعالى(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)
وقوله تعالى(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)
وقوله تعالى (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)
وقوله(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)
والآيات في الحث على الصبر كثيرة لا يسعنا المقام لذكرها كلها
كما أذكر أخواني بشيء من حيات المصطفي(صلى الله عليه وسلم)وسيرة حياته مع الصبر
فعندما تتكالب عليه الأعداء والأقارب وآذوه في دينه وفي أزواجه ونعتوه بأبشع الأوصاف وزاد الهم هما بموت أقاربه ومن كان يحتمي به فمات عمه وماتت زوجته وقتل حمزة وأبعد من مكة وتوفي ابنه ورميت زوجته الطاهرة وكذب وشتم ونعت بأبشع الصفات
. ومع هذا كله ،،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيداً
متفائلاً لأنه وجد راحته في طاعة ربه
) أرحنا بها يا بلا)
. وهل يتعلم الصبر إلا منه (صلى الله عليه وسلم) وهل يقتدي بأحد في الصبر إلا به (صلى الله عليه وسلم)فهو مضرب للمثل في الصبر وسعت الصدر وثبات القلب فهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين(صلى الله عليه وسلم)فحين تشتد المحن فالرجاء في نصرة الله.
وإن كثرت عليكم البلايا فتوجهوا إلى الله ولا سبيل للفرج إلا بالاستعانة بالله
قد يبتلي الله الإنسان بالأذى ممن حوله حتى لا يتعلق قلبه بأي أحد
لا أم و لا أب لا أخ ولا صديق، ولا حبيب فيتعلّق قلبه بهِ وحده سبحانه وتعالى
أيها الأحبة في الله الفراق والمرض بل قولوا إن كل أمر يزعج فهو ابتلاء
وكل أمر ينزل الدمعة فَهو ابتلاء،
فلا تنسوا وعد الله ((وبشر الصابرين))
أيه الأحبة في الله كل من ضاقت به الدنيا وحاصرته الشدائد فل يعلم أنه عزيز عند الله
وأنك عنده بمكان ..
وأن الله أراد أن يسلك به طريق أوليائه وأصفيائه .. وأنه .. يراه ..
أما تسمعوا قوله تعالى .. (( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا )) ..
عندما يقول لك أحد : "أبشرك بشارة" .. سوف تفرح ،
فكيف إذا كان القائل هو اللّه سبحانهُ و تعالى ( وبشر الصابرين ) !؟
أيها الأحبة في الله أوصيكم ونفسي بتفويض الأمر إلى الله عز وجل
وتذكروا قول يعقوب عليه السلام :
(وأخاف أن يأكله الذئب)
فقد يوسف وفقد عيناه
ولكنه حين قال :
(وأفوض أمري إلى الله)
عاد له يوسف وأخاه وعيناه
اللهم إننا نفوض أمورنا كلها إليك
وقد قيل في الأثر
عجبتُ لأربع يغفلون عن أربع:
1 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بغم ) ، كيف يغفل عن قول :
( لا إلهَ إلاّ أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ من الظالمين )
والله يقول بعدها ؛
( فاستجبنا لهُ ونجيناهُ من الغم )
2 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بضرّ ) ، كيف يغفل عن قول :
( ربي إني مسّنيَ الضرُ وأنتَ أرحمُ الراحمين )
والله يقول بعدها ؛
( فا ستجبنا له وكشفنا ما به من ضر )
3 -عجبتُ لمن ابتُـلى ( بخوفٍ ) ، كيف يغفل عن قول :
( حسبي الله ونعم الوكيل )
والله يقول بعدها ؛
( فانقلبوا بنعمةٍ من اللهِ وفضلٍ لم يمسسهم سوء )
4 - عجبتُ لمن ابتُـلى ( بمكرِ الناس ) ، كيف يغفل عن قول :
("وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" )
والله يقول بعدها ؛
( فوقاهُ اللهُ سيئاتِ ما مكروا )
ولا تحزنوا بمصائب فأنتم لا تعلمون ماذا سيعطيكم الله عليها
"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"
وفي الأخير أوصيكم ونفسي بترك النتائج فليست في ملكنا وشفاء الصدور وتحقق وعيد الله ليس لنا أن نعلق به قلوبنا فنحن نعمل ونؤدي واجبنا والأمر كله لله. والله يفعل ما يري
فالفتنة والمصائب سنة جارية لامتحان القلوب وتمحيص الرجال والأمانة لا يحملها إلا من هم أهل لها.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله