(مذكرات بعوضه)
بطلة قصتنا بعوضة ( ناموسة ) ترعرعت في كنف ذبابة عاقر ( ما تجيب أطفال ) وذلك بعد ان انتحر والد هذة البعوضة بقذف نفسه في فنجان من الشاي الساخن ليلقى حتفه على الفور ، بعد ان ضاقت بة سبل العيش الكريمة وبعد ان شن الناس حرباً عشواء على البعوض حينما أُ شيع عن تسببه في نقل مرض حمى الوادي المتصدع!!!! فلم يعد يطيق العيش بعد ان سُلبت كرامته 0 اما والدة البعوضة فقد أُصيبت بشلل نصفي أقعدها عن الأكل وذلك حينما تمكن رب المنزل الذين يعيشون فية من بخها بالفليت ( مبيد حشري ) مما أصابها بهذا الشلل وسرعان ما فارقت الحياة متأثرة بتلك البخة اللعينه الجائرة ((مسكيينة كسرت قلبي))
فعاشت هذة ( الناموسة ) في رعاية جناب الذبابة العاقر وقد رعتها احسن من والدتها وعلمتها فنون الطيران والمراوغة التي تشتهر بها الذباب وتفتقدها البعوض وبرعت صغيرتنا في تعلم هذة الفنون وعاشت حياة سعيدة في منزل ( معزبها ) وهو رجل من عامة الناس ويعمل بوظيفة متواضعة في احدى الوزارات الحكومية وكان هذا ( المعزب ) مثالاً للشرف والنقاهة والأمانة اما ربة المنزل ( زوجت المعزب ) إمرأة فاضلة تربت على التربية الإسلامية الصحيحة وكذلك أبنائها الثلاثة وكانت حالتهم المالية متواضعة جداً لقلة راتب هذا العائل وعدم وجود مصدر دخل أخر .((من هالحكي تقدرو تتخيلو شو كانت الناموسة عايشة بنعيم وشو طبيعة الاكل اللي كانت تحصل عليه!!))
وقد عاشت بعوضتنا في حب وسلام مع هذة العائلة ولكن كان دم هذة العائلة يفتقد للكثير من الفيتامينات والحديد ونقاء الدم فكانت البعوضة هزيلة حتى انها اذا حضرت عرس لإحدى صديقاتها من البعوض لا تسلم من بعض التعليقات الساخرة عليها مثل / ها شبيك شو صاحبك مسوي رجيم ((قصدهم الشخص اللي بتتغذى من اكل بيته!!))
ومن مثل هذة ( الكلمات ) وأزيد..((مسكينة هي الي فيها مكفيها))
ففكرت هذة البعوضة ذان مساء وبما انها في سن المراهقة قررت وبدون علم أمها بالتبني ان تغادر هذا المنزل والذهاب الى احد الأحياء الراقية لتستقر فيها وبالفعل نفذت فكرتة في اليوم الثاني فبعد ان حزمت حقائبها اتجهت عقب صلاة المغرب((متدينة المحروسة!!)) مباشرة الى ذاك الحي الذي يبعد 1 كيلو متر وقد استغرقت رحلتها ما يقارب ال7 ساعات متصلة وحينما وصلت الى المنزل الذي وقع الاختيار عليها كانت هناك مجموعة من السيارات الفارهة ( مرسيدس ، كاديلاك ، بي ام دبليو ، ) وكانت جميعا احدث موديل فقالت لنفسها لقد أحسنت الاختيار فالكتاب يُعرف من عنوانه((ومثقفة المقصوفة!!)) فدخلت للمنزل مسرعة بعد ان أعياها التعب والجوع فلم تستطيع الصبر حتى تتفحص الغرف بل ذهبت مسرعة الى غرفة الحارس وشاهدت سيقانه تلمع تحت إنارة الكشاف القوي فغرست أنيابها في الحارس وشربت ما يسند طولها ويقيها الجفاف التي أوشكت علية فبعد ان انتهت ذهبت الى ( الحمام ) اغتسلت وفرشت أسنانها ((شوفوا تربية الذبانة))واخذت قسطاً من الراحة ودخلت للفيلا لتستطلع الأمر، أدهشها ما رأت من فرش وثير وتحف نادرة وفخامة التصميم ودقته فرأت أفراد الأسرة الجديدة وهو مسؤول كبير في نفس الوزارة التي كان يعمل بها رب عائلتها القديمة ((يا محاسن الصدف))وزوجته التي تزن 100 كيلو ( من النعمة ) وبنت وولد وقد كانوا أسرة بالرغم من ثرائها الفاحش الا انهم متفككون اجتماعياً فكلاً لاهي بنفسه ولا يوجد مواعيد محددة للأكل او النوم فالزوجة تنام حتى الساعة الثانية ظهراً وكذلك يفعل الأبناء فأخذت بعوضتنا تقارن بين الأسرتين وكان الفرق واضح لصالح هذة الأسرة الجديدة والغنية جداً وحتى مذاق دم هذة الأسرة يختلف كلياً فطعمه طيب المذاق محملاً بجميع انواع الفيتامينات من الألف حتى الياء ونقي جداً وليس بة شوائب وحتى انها لم تمضي في ضيافتهم سوى 3 أيام ولكن قد تغير شكلها واحمرت خدودها وامتلاء جسمها ((اللهم لا حسد)) صلوا على النبي
وذات مساء دخلت البعوضة الى مكتب رب العائلة للتذوق من دمة اذ أنها قد لسعت الكل ما عدا هذا المسؤول الكبير وقد كان يتحدث بالهاتف مع شخص اخر وسمعت ما دار بينهما وعرفت من يكون هذا المسؤول انة ((حرامي)) مختلس ويتقبل الرشوة بصدر رحب حتى يسهل أمور من يرشية وكذلك السيارات الواقفة امام منزلة ما هي سوى هدايا والأرصدة في البنوك جميعها من باب الحرام فُدهشت وُصدمت هذة البعوضة وضربت بيدها على صدرها وقالت ((عزاااا معقووووووول)) حرامي يحرم علية نقطة دم وحدة من هذا الدم الحرام((يا سلام على الأخلاق ونعم التربية))فجمعت حوائجها على عجل ورجعت مسرعة لمنزل وهي تبكي طول الطريق على ما اقترفت يداها وما شربته من دم حرام بعد ان كانت تتمرغ في الحلال 0
وفي اثناء كتابتي للموضوع علمت من مصدر مسؤول ان البعوضة قد ماتت متأثرة بالدم الفاسد الذي تغذت علية من الدم الحرام
ولا حول ولا قوه الا بالله
ادعولها الله يغفرلها