المحكمة الدستورية الكويتية تبطل الانتخابات الأخيرة للبرلمان وتعيد مجلس 2009
في حكم تاريخي للمحكمة الدستورية في الكويت، والاول من نوعه في الحياة البرلمانية الكويتية، اصدرت المحكمة الدستورية حكمها ببطلان انتخابات مجلس الأمة التي جرت في الثاني من فبراير الماضي، وبهذا الحكم فإن الأمر يتطلب انعقاد المجلس السابق بكامل أعضائه والذي كان يتميز بوجود اغلبية معتدلة التوجه السياسي والديني .
وجاء منطوق الحكم الصادر اليوم على النحو الآتي "حكمت المحكمة بإبطال عملية الانتخاب برمتها التي أجريت في 2/2/2012 في الدوائر الانتخابية الخمس وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الامة (2009) وبطلان دعوة الناخبين لانتخابات أعضاء مجلس الامة والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن يستعيد المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن وذلك على النحو الموضح بالأسباب".
وتباينت ردود الفعل النيابية حول حكم المحكمة حيث أعلن ما لايقل عن اثني عشر نائباً من المجلس العائد والمنتمين الى كتلة الاغلبية في المجلس المنحل عن استقالاتهم من البرلمان وهددوا باللجوء الى الشارع. وعلق النائب مسلم البراك على الحكم قائلاً أنه "قمة المهزلة عودة مجلس القبيضة لممارسة دوره وما حصل اليوم انقلاب على الدستور، ويجب أن يكون تحرك الأغلبية جماعيا".
من جانبه قال النائب محمد الدلال" حدس " والذي وصل للبرلمان في الانتخابات الاخيرة التي ابطلتها المحكمة، "اننا نحترم أحكام القضاء، وسنبحث في كيفية التعامل معه".
ونصح النائب عدنان المطوع من يهدد بالنزول إلى الشارع باحترام الدستور والقضاء ومن لا يرضى يبلط البحر أو يطق راسه بالطوفة".
إلى ذلك حذر النائب سيد حسين القلاف الشباب من عدم الانخداع بالشعارات الفارغه فهناك من يتعمد حرق البلد ولازال يعيش احلام الربيع العربي، ودعا هؤلاء إلى الكف عن التلاعب باستقرار البلد والنظر إلى ما حدث ويحدث في دول الربيع وقال " لا تدخلونا في نفس الدمار ويجب ان نحترم حكم الدستوريه والنتائج المترتبة عليه وحتى لو تغيرت الدوائر فهذا ما طالب به المعترضون بل قدم البعض اقتراح التعديل فهل هؤلاء شركاء فى التأمر ان وجد"!
من جهته قال النائب صالح عاشوران حكم المحكمة الدستورية كالصاعقة شل العقول وعلينا ان نحافظ على امن و استقرار البلد والوحدة الوطنية وفي حالة عودة المجلس السابق على اعضائه تقديم استقالاتهم تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة وبنظام انتخابي جديد لفشل النظام الانتخابي الحالي بالحفاظ على استقرار السياسي والتعاون الايجابي بين السلطتين. والمجلس السابق حل بمرسوم غير دستوري وجاءت الانتخابات بمجلس جديد، وعلينا احترام الأحكام القضائيه وفي حاله استمرار المجلس السابق تجري انتخابات في المقاعد الشاغرة بعد تقديم اي نائب استقالته وقبولها رسميا".
وقال النائب الاسلامي محمد هايف ان حل مجلس الأمة متوقع لعدم الأخذ بالرأي الدستوري السابق ليأخذ به عند الحاجة، وقد حصل، لكن أي قرارات غير حكيمة تتبع الحل ستتدخل البلاد في المجهول. من جانبه بارك النائب علي الراشد للشعب الكويتي انزياح الغمة وقال أنه "لا شك ان الحكم افرحنا جميعا، وجاء في الوقت المناسب، وان الله يمهل ولايهمل، وأقول لأهل الكويت ابشروا مادام لدينا قضاء عادل فان الكويت بخير بإذن الله"، وطالب الراشد الرئيس جاسم الخرافي بدعوة مجلس الامة للانعقاد في اسرع وقت ممكن".
أما النائب عبدالحميد دشتي فقال "إن صدور المراسيم المستعجلة أدى الى بطلانها، وحكم الدستورية يسطر بماء من ذهب".
من جانبه عقد وزير الاعلام الشيخ محمد العبدالله الصباح مؤتمراً صحفياً بعد اجتماع عاجل لمجلس الوزراء اكد فيه ان الية التعامل مع الاحكام ستسنتد الى اكثر من نص والحكم حتى الان لم يرد بصيغه تنفيذيه ولم يستكمل شكله الدستوري بعد، وبين ان النظر في هذا الطعن كان في الشكل وليس في المضمون ولكن المحكمه اعتمدت على دستوريته" وتابع "ان مرسوم الحل 433 تم ابطاله لاسباب اجرائية وليس لاسباب موضوعية والارادة السامية بحل المجلس لازالت قائمة".
وزاد ان ما تم بطلانه هو الاسلوب الذي تم به الحل والية تنفيذ ماورد في الحكم الصادر مع ايمان الحكومة قيام الاسباب بحل مجلس الامة وما تم ابطاله هو السلطة التشريعية ونحن كوزارة قسمنا قسمين قسم امام سمو الامير وقسم امام السلطة.
وتابع ما تم ابطاله المرسوم الذي أدى الى حل مجلس الأمة انتفت صفتنا التشريعيه ولم تنتفي صفتنا التنفيذية ولكي لا ندخل انفسنا والوطن في دوامة خلافات دستورية
واكد ان العضو المحلل في هذه الحكومة هو عضو في مجلس 2009 ووجوده في الحكومة يعطي الحكومه الشرعية لحكومة ضمن الواقع الحالي .
وحول تهديد بعض النواب بالنزول الى الشارع قال العبدالله ان حق التجمعات مكفول دستوريا ً وحق التعبير عن الرأي كفله الدستور وكلنا ننتمني الى ذات الارض ونحمل فكر متقارب فيما يخص مصلحة الوطن وعلى الجميع الالتزام بالقانون.
وتمنى التعامل مع هذا النزول بطريقة حضارية وايجابية واي تجمع يأمل الاستقرار ومصاف الدول المتقدمة عليه القبول بالاحكام التي تصدر من المحاكم المعتمدة ومن له رأي اخر عليه اتباع القانون
وتابع ان القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس تظل سارية ونافذة ما لم تلغ او يصدر حكم محكمة ببطلانها وتشرف الحكومة على تطبيق كل ما يصدر من السلطة القضائية وان كان احكام قضائية بتعويضات كتبعات للحكم ". واكد ان لا علاقه بين مرسوم تعليق الجلسات شهر وبين حكم المحكمة الدستورية ولأن جلسة الحكم كانت محددة منذ شهر ابريل .
وبين ان لا تشبيه بين حكم المحكمة الدستورية في الكويت وحكم المحكمة الدستورية في مصر ولا قاعدة حكومية سوى حسن تطبيق الدستور واللائحة الداخليه لمجلس الأمة ونأمل من المجلس تطبيق اللائحة الداخليه وتحقيق الانجاز المطلوب.
وحول اجراءات وزارة الاعلام لمتابعة المنشورات من الصحف وتسريبات الحكم قال الوزير العبدالله ان وزارة الاعلام ستطبق كافة الاجراءات القانونية نحو كل من يشكك في القضاء ولن نغمض اعيننا عن احد.
وفي رده حول عودة الشيخ ناصر المحمد قال "هذه من صلاحيات صاحب السمو أمير البلاد ولا يستطيع احد التدخل في صلاحياته"
وعن رده على المطالبات بتعيين رئيس وزراء شعبي قال " المادة 56 يعين الامير رئيس الوزراء ولا سلطان عليه غير الله"
وعلق أستاذ القانون في جامعة الكويت الخبير الدستوري د. هشام الصالح على نفس الموضوع بالقول: وجب الآن عودة المجلس السابق، وتمتع نوابه بالحصانة بأثر رجعي باعتبار أن مرسوم الحل كأن لم يكن بما يقتضي كون إجراءات النيابة وجهات التحقيق باطلة بحق أي نائب عدا في حالة الجرم المشهود.
وأشار الصالح في إلى أن كافة القوانين التي أقرها المجلس الصادر بحقه الحكم وان كانت معدودة فهي سليمة ونافذة. وأوضح أن الحكم يتعلق بمجلس الأمة وحده وتبقى الحكومة الحالية مستمرة وشرعية بعد أن صححت أخطائها السابقة نحو وجود نائب محلل وتشكيل حكومي سليم. مبينا أن كافة أعمال المجلس قائمة من قوانين واستجوابات وكذلك قَسَم الحكومة أمامه.
ومن المرجح ان ترفع الحكومة الكويتية كتاباً إلى الأمير تطلب فيه حل المجلس وبعد أن يصدر الحل تتم الدعوة لانتخابات جديدة خلال شهرين على أن تبقى القوانين التي أقرها المجلس الحالي عالقة وسيبت فيها المجلس المقبل لمعرفة صلاحياتها كما هو الحال مع القوانين الحكومية التي صدرت اثناء المجلس في فترات سابقة.
يذكر ان الانتخابات التي عقدت في فبراير 2012 التي حكمت المحكمة ببطلانها نتج عنها فوز العديد من النواب الاسلاميين الذين شكلوا كتلة برلمانية بالاتحاد مع مجموعة من النواب المستقلين الذين يسيرون بذات التوجه سميت بكتلة " الاغلبية " وكانت كثيرة التصادم مع الحكومة وتسعى لفرض سيطرتها على المجلس والحكومة ومطالبتها برئيس وزراء شعبي و9 حقائب في الحكومة وتبنيها لقوانين كثيرة لم تقبل بها الحكومة وردتها كان من ابرزها قانون " الاعدام للمسيئ للذات الالهية والنبي وصحابته " بالاضافة الى قانون تعديل المادة 79 من الدستور والذي يسعون من خلاله لأسلمة القوانين الا إن سمو الامير الكويت رفض تعديل هذه المادة .
وتوقعت مصادر مطلعة ان التوجة القادم هو صدور مرسوم اميري بحل مجلس الامة " المجلس العائد بحكم المحكمة " والدعوة الى انتخابات برلمانية جديدة خلال 60 يوماً وهي المدة الدستورية".
20-06-2012