هل العادة تدل على التكيف والانسجامأم أنها تؤدي إلى انحراف في السلوك
المقدمة:
يتعامل ويتفاعل الإنسان مع العالم الخارجيبما فيه من أشياء مادية ترمز إلى الوسط الطبيعي وأفراد يشكلون المحيط الاجتماعي . يتجلى ذلك في سلوكات منها المكتسبة بالتكرار وهذا ما يعرف بالعادة ,فقد اختلفت الآراء بين مؤيد للعادة وبين الرافض لها . فإذا كنا أمامموقفين متعارضين أحدهما يربط العادة بالسلوك الإيجابي والأخر يصفها بالانحراففالمشكلة المطروحة :هل العادة تدل على التكيف والانسجام أم أنها تؤدي إلىانحراف في السلوك ؟
التحليل :
عرض الأطروحة الأولى:يرى أصحاب هذه الأطروحة أن تعريف العادةيدل على أنها ظاهرة إيجابية أنها توفر لصاحبها الجهد والوقت والمقارنة بين شخصينأحدهما مبتدئ والآخر متعود على عمل ما يثبت ذلك,( كالمتعود على استخدام جهازالإعلام الآلي ) تراه ينجز عمله في أسرع وقت مع إتقان عمله كما وكيفا .
وتظهرإيجابيات العادة على المستوى العضوي فالعادة الحركية تسهل حركة الجسم وهذا واضح فيقول آلان " العادة تمنح الجسم الرشاقة والمرونة " . ومن الأمثلة التي توضح إيجابياتالعادة أن مكارم الأخلاق وكظم الغيظ إنما تنتج عن التكرار .لذلك أطلق عليهاعلماء الاجتماع مصطلح العادات الأخلاقية . ليس هذا فقط بل هناك عادات فكرية مثلالتعود على منهجية معالجة مقالة فلسفية أو تمرين في الرياضيات, وملخص هذه الأطروحةأن التكيف مع العالم الخارجي يرتبط بالعادة ولولاها لكان الشيء الواحد يستغرق الوقتبأكمله لذلك قال مودسلي :" لولا العادة لكان في قيامنا بوضع ملابسناوخلعها ، يستغرقنهارا كاملا "
النقد:إن طبيعة الإنسان ميالة إلىالأفعال السهلة التي لا جهد فيها لذلك ترى كفة الأفعال السيئة أرجح من كفة الأفعالالإيجابية.
عرض الأطروحة الثانية :
ترى هذهالأطروحة أن العادة وظيفتها سلبية على جميع المستويات فهي تنزع من الإنسان إنسانيتهوتفرغه من المشاعر وكما قال برودوم " جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحونبوجوههم بشرا وبحركاتهم آلات"[/color] . ومن الأمثلة التوضيحية أن المجرم المتعودعلى الإجرام لا يشعر بالألم الذي يلحق ضحاياه . وعلى المستوى النفسي ,العادة تقيدحركة الإنسان وتقتل فيه روح المبادرة, وكلما تحكمت العادة في الإنسان نقصت وتقلصتحريته واستقلاله في القرار . وخلاصة هذه الأطروحة أن العادة تعيق التكيف حيث يخسرالإنسان الكثير من قواه الجسدية والعقلية وكما قال روسو " خير عادة للإنسان ألا يألفعادة"
النقد:إذا كان للعادة سلبيات فإن لها أيضاإيجابيات.
التركيب :
لا شك أن هناك فيالحياة عادات يجب أن نأخذها ونتمسك بها ، وأن هناك عادات يجب تركها . فالذي يحددإيجابية أو سلبية العادة هو الإنسان . وكما قال شوفاليي " العادة هي أداة الحياة أوالموت حسب استخدام الفكر لها " . ومن الحكمة التحلي بالعادات الفاضلة والتخلي عنالعادت الفاسدة وفق قانون التحلية والتخلية وهذا واضح في قول توين لا يمكن التخلصمن العادة برميها من النافذة وإنما يجعلها تنزل السلم درجة درجة". وصا حب الإرادة هومن يفعل ذلك .
الخاتمة :
ومجمل القولأن العادة أحد أنواع السلوك الناتجة عن تكرار الفعل،وقد تبين لنافي مقالنا أن هناكمن أرجع التكيف مع العالم الخارجي إلى العادات الفاضلة , وهناك من نظر إلى العادةنظرة سلبية باعتبار المساوئ التي جلبتها إلى الإنسان وكمخرج من المشكلة المطروحةنستنتج:
العادة قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية حسب توظيف الإنسانلها.