معاني المفردات
الْغَاشِيَةِ: من أسماء يوم القيامة
خَاشِعَةٌ: ذليلة
عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ: تعمل أعمالا شاقة متعبة يوم القيامة
آَنِيَةٍ: بالغة الحرارة
ضَرِيعٍ: شجر شوكي ينبت في جهنم
لَا يُسْمِنُ: لا يدفع الجوع
نَاعِمَةٌ: متنعمة في الجنة
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ: لعملها في الدنيا من الطاعات راضية مطمئنة
لَاغِيَةً: كلاما لغوا لا فائدة منه
وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ: أقداح موضوعة على حافة العيون مُعدة لشرابها
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ: وسائد صُفت بعضها إلى بعض
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ: بسط متفرقة في المجالس
سُطِحَتْ: بسطت ومُهدت حتى صارت شاسعة واسعة يعيشون عليها
بِمُسَيْطِرٍ: بمسلط عليهم قاهر لهم
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ: لكن من أعرض عن الوعظ والتذكير وكفر بالله القدير
إِيَابَهُمْ: رجوعهم بعد الموت
التفسير
((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) ))
هذه الآيات السبع في مشهد من شاهد القيامة، وتفصيل عذاب الكافرين في الآخرة.
تبتدئ السورة بالإستفهام موجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولمن قرأ كتاب الله، تقول السورة: هل أتاك حديث القيامة التي تغشى الناس وتعُمُّهُم بالأهوال؟ يومها يكون الكفار في حالة سيئة وجوههم في ذلك اليوم تكون ذليلة، ويُكلفون بالأعمال الشاقة المتعبة، في الوقت الذي يعذبون فيه في نار حامية، وعند العطش يُسقون من عين حرارتها أشد من البراكين، وأما طعامهم فضريع، وهو شجر من شوك يخرج في جهنم لا عافية فيه، ولا يسد من الجوع.
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) ))
هذه الآيات التسع في وصف نعيم أهل الجنة.
في ذلك اليوم تكون وجوه المؤمنين ناضرة متنعمة بنعيم الآخرة، راضية لما قدمت وادخرت عند الله من عمل صالح، فهي اليوم في جنة رفيعة الدرجات لا لغو فيها، في هذه الجنة عين تجري يشربون منها، وفيها السرر العالية، والأكواب الموضوعة في مُتناول الشاربين، والوسائد التي صُفَّت لراحتهم واتكائهم، والبُسُط التي فُرِشت ووزِّعت لتكريمهم.
((أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)))
هذه الآيات خطاب للناس جميعا، وللكافرين على وجه الخصوص، لِتُقيم لهم الدليل على قدرة الله على البعث وعلى الخلق، فهي تقول: ألا تنظرون إلى الأبل، وهي أقرب الماشية إلى العرب، أفلا ينظرون فيَرَون كيف خلقها الله، هذه الخِلقة العجيبة متكيَّفة مع الصحراء في كل عضو من أعضائها، وإلى السماء كيف رفعها الله، وإلى الجبال كيف ثبَّتها الله وغرسها في الأرض، وإلى الأرض كيف جعل لها سطحا مُنبسطا ليكون مناسبا للاستقرار عليها.
وهذه الأدلة الأربعة المشاهدة ساقها الله لمن يُنكرون البعث علهم يعتبرون، فيعدلون عن إنكارهم فيؤمنون.
((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)))
هذه الآيات الست مخاطبت بها النبي صلى الله عليه وسلم مبينة له: أن مهمته هي التذكير فقط، وفي ذلك تسلية له وتثبيت.
تقول الآيات: يا أيها النبي ذكر فإنما أنت مذكِّر فحسب، ولست مُسيطر على الناس، ولا مُتحكما فيهم، ولا مهيمنا عليهم، لكن الذي يكفر بما أُرسلت به، فإن الله سيعذبه العذاب الأكبر، حيث إن رجوع الخلق إلى الله، وحسابهم على الله.
دروس وعبر
ترشد الآيات الكريمة إلى دروس وعبر كثيرة منها:
1- وجوه الكافرين الذين يعتزون بقوتهم، ستكون يوم القيامة ذليلة منكسرة، لهم في النار عذاب شديد
2- المؤمنون منعمون مكرمون راضون عن الأعمال التي عملوها، لهم في الجنة من ألوان النعيم الشيء الكثير كالسرر والشراب والوسائد والبُسط
3- في الكون آيات دالة على قدرة الله على البعث منها الجِمال والسماء والجبال والأرض
4- مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التذكير وليست إجبار الكفار على الإيمان