|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
في توضيح إشكال معترض على حكم الإنكار العَلَني على ولاة الأمر
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
2021-06-10, 00:26 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
في توضيح إشكال معترض على حكم الإنكار العَلَني على ولاة الأمر
في توضيح إشكال معترض على حكم الإنكار العَلَني على ولاة الأمر
الشيخ فركوس السؤال: شيخَنا ـ أحسن الله إليكم ـ عمدتم في فتواكم رقم: (١٢٦٠) المُسمَّاة «في حكم الإنكار العَلَني على ولاة الأمر» إلى الجمع بين الأدلَّة التي ظاهرها المَنعُ مِنَ الإنكار على وُلاةِ الأمرِ عَلَنًا، والتي ظاهرها جواز الإنكار عليهم علنًا. فسؤالي: لِمَاذا لا يُقالُ: إنَّ الصَّحابةَ رضي الله عنهم اختلفوا، فمنهم مَن يمنعُ الإنكارَ عَلَنًا مُطلقًا، ويشهدُ لذلك قولُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما لَمَّا سُئِل عن أمرِ السُّلطانِ بالمَعروفِ ونهيه عن المُنكر فقال: «إِنْ كنتَ فاعلًا ولا بُدَّ ففيما بينك وبينه»، وغيرُه مِن الأقوال والأفعالِ، ومن يجيزُه كما هو ثابتٌ مِن أفعالهم كما فعل عُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه مع معاويةَ رضي الله عنه وهو خليفتُهُ، وكما فعل أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضي الله عنه مع مروانَ وهو أميرٌ على المَدينةِ، وكما فعل ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما مع الحَجَّاجِ وعمرو بنِ سعيدٍ وهو أميرٌ على المَدينةِ، فلا نصحِّحُ أحدَ الرَّأيَينِ إلَّا بدليلٍ، والدَّليلُ جاء مُوافقًا لِمَن مَنع الإنكارَ مُطلقًا، وهو حديثُ عِياضِ بن غَنْمٍ الفِهْريِّ رضي الله عنه قال: قال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلَا يُبْدِهِ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُو بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ»؟ أمَّا حديثُ معاوية رضي الله عنه أنَّه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يقول: «سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَقُولُونَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ كَمَا تَقَاحَمُ القِرَدَةُ»، وقولُ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: «وَإِنْ رَأَيْتُمُونِي عَلَى بَاطِل فَسَدِّدُونِي»، وفي لفظٍ: «وَإِنْ زِغْتُ فَقَوِّمُونِي» فليس فيهما دلالةٌ صريحةٌ على الإنكار العَلَني، فضلًا عمَّن يورد اعتراضًا آخَرَ مفادُه أنَّ النُّصوصَ التي وردت في الفتوى مِن جواز الإنكارِ العَلَني على وُلَاةِ الأمورِ محمولةٌ على الإنكارِ بحضرتِهم، ويبقى الإنكارُ في غَيبتِهم مشمولًا بالنُّصوص الآمرةِ بالنُّصحِ سِرًّا. شيخَنا ـ أحسن اللهُ إليكم ـ ما وجهُ صِحَّة ما اخترتموه في فتواكم وجوابُكم على هذه الإيرادات عليها؟ وجزاكم اللهُ خيرًا. الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسَّلام على مَن أرْسَله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعدُ: فقبل الإجابةِ عن هذا الاعتراضِ، فنصيحتي لِمَن أراد أَنْ يلتزمَ ـ حقيقةً ـ منهجَ أهلِ السُّنَّةِ في تقريرِ المَسائلِ العِلميَّةِ وتحريرِ أحكامِها وتفنيدِ شُبُهاتِها ـ سواءٌ كانت عقَديَّةً أو منهجيَّةً أو فِقهيَّةً أو غيرَها ـ: أَنْ يتجرَّد عن الهوى والتَّعصُّبِ، وأن يتحرَّر مِن تأثيراتِ المُعرِضين عن الحقِّ من المُرجِفين المُتربصين، وإملاءاتِ المُغرِضين بالباطل من الشَّانئينَ والمُناوئين، ويَتجنَّب مكرَ الحاقدين مِنَ المُخذِّلين وأضرابِهم وأشباهِهم وأذنابِهم، وأن يُعظِّمَ نصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ، ويعتقدَ في كلِّ ما تتضمَّنه النُّصوصُ وتَحتويه وتدلُّ عليه أنَّه هو الحقُّ والهُدَى والصَّواب؛ لأنَّ الحقَّ والصَّوابَ ما وافقَ الدَّليلَ مِنْ غيرِ النَّظرِ إلى قِلَّةِ المُقبلينَ ومحبَّةِ المُوافقينَ ولو كثُروا، ولا الْتفاتٍ إلى كَثرةِ المُعرضين أو نفورِ المُعارِضين ولو قلُّوا، كما قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ: «اتَّبِع طُرُقَ الهدى، لا يَضرُّك قِلَّةُ السَّالكين، وإيَّاكَ وطرقَ الضَّلالةِ ولا تغترَّ بكثرةِ الهالكين»، فالحقُّ ـ إذن ـ لا يوزن بالرِّجالِ، وإنَّما يوزن الرِّجالُ بالحقِّ، فاعرفِ الحقَّ تعرفْ رجالَهُ، كما عليه أَنْ يعتقد أنَّ في مخالفةِ النُّصوصِ الخطأَ والباطل والضَّلال ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ ﴾ [يونس: ٣٢]، وأنَّ معارضةَ نصوصِ الوحيِ بآراءِ الرِّجالِ والأهواءِ هو صنيعُ أهلِ البِدعِ والمقلِّدة، وأَنْ يُصدِّقَ بجميعِ نُصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ ويؤمنَ بها على مُراد الله ورسولِه، ومَتَى استبانَ الحقُّ مِنَ الشَّرعِ وجبَ اتِّباعُهُ وتقديمُهُ على غيره كائنًا مَنْ كان، فالشَّرعُ حاكمٌ بإطلاقٍ مُقدَّمٌ بإطلاقٍ، إذ كلُّ قولٍ يُحتجُّ له خلا قولَ النَّبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم فإنَّه يُحتجُّ به؛ قال تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ١﴾ [الحجرات]، وينبغي عليه ـ أيضًا ـ أَنْ يَستدِلَّ بالنُّصوص الشَّرعية مُجتمعةً فلا يأخذُ بعضَها ويُهمِلُ بعضَها الآخرَ ما لم يَكُنْ منسوخًا؛ لقوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِنَّ القُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ»(١)، والسُّنَّةُ في ذلك كالقرآن، لأنَّ هذه النُّصوصَ خرجت مِن مِشكاةٍ واحدةٍ، وإعمالُ الأدلَّةِ كلِّها أَولَى مِن إهمالِها أو إهمالِ بعضِها على ما تجري عليه قواعدُ دفعِ التَّعارضِ. فإذا تقرَّرَ ذلك فإنَّ القولَ بأنَّ حديثَ مُعاوية رضيَ الله عنه أنَّه قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: «سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَقُولُونَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ كَمَا تَقَاحَمُ القِرَدَةُ»(٢)، ليس فيه دلالةٌ على الإنكار: فغير سديدٍ، ويشهدُ على صحَّةِ الاستدلالِ به ـ في هذا المَقامِ ـ ما يأتي: ـ أوَّلًا: أنَّ في الحديثِ قصَّةً ثبت فيها الرَّدُّ على معاويةَ رضيَ الله عنه عَلَنًا، فقد جاء في الحديثِ عند الطبراني: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَبِيلٍ، يَأْثُرُ(٣) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ صَعِدَ المِنْبَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ عِنْدَ خُطْبَتِهِ: «إِنَّمَا المَالُ مَالُنَا، وَالفَيْءُ فَيْئُنَا، فَمَنْ شَاءَ(٤) أَعْطَيْنَاهُ وَمَنْ شِئْنَا مَنَعْنَاهُ»، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَ الجُمُعَة الثَّانِيَة قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَ الجُمُعَة الثَّالِثَة قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِمَّنْ حَضَرَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: «كَلاَّ، إِنَّمَا المَالُ مَالُنَا وَالفَيْءُ فَيْئُنَا، فَمَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ [حَاكَمْنَاهُ إِلَى اللهِ بِأَسْيَافِنَا](٥)»، فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَأَدْخَلَهُ، فَقَالَ القَوْمُ: «هَلَكَ الرَّجُلُ»، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فَوَجَدُوا الرَّجُلَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلنَّاسِ: «إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَحْيَانِي ـ أَحْيَاهُ اللَّهُ ـ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَقُولُونُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ كَمَا تَتَقَاحَمُ القِرَدَةُ»، وَإِنِّي تَكَلَّمْتُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ فِي الجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي مِنَ القَوْمِ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ فِي الجُمُعَةِ الثَّالِثَةِ فَقَامَ هَذَا الرَّجُلُ فَرَدَّ عَلَيَّ فَأَحْيَانِي ـ أَحْيَاهُ اللَّهُ ـ»»(٦). فمحلُّ الشَّاهد منه: أنَّ الرَّجلَ الذي حضر المَسجدَ أنكرَ عَلَنًا على معاويةَ رضي الله عنه فقال: «كَلاَّ، إِنَّمَا المَالُ مَالُنَا وَالفَيْءُ فَيْئُنَا، فَمَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَاكَمْنَاهُ إِلَى اللهِ بِأَسْيَافِنَا»، ومعاوية رضي الله عنه لم يَزجُرهُ على صنيعه، ولم يأمُره بالإنكارِ السِّريِّ مع أنَّ الرَّجل كان قادرًا عليه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم في القواعد، وإنَّما أثنى عليه بقوله: «أَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ» لعلمه رضي الله عنه بما يتضمَّنه الحديثُ مِن دلالة، فهو راوي الحديث وهو أعلمُ بما روى، وموقفُهُ هذا موافقٌ للحديث، ولِمَا عليه السَّلفُ. ـ ثانيًا: وقولُه صَلَّى الله عليه وسَلَّم: «يَقُولُونُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ» دليلٌ على أنَّ عدم الرَّدِّ على الأئمَّة وتركَ إظهارِ الحقِّ وإماتَتَهُ ـ مع القدرة عليه دون عذرٍ شرعيٍّ ولا خشية مفسدةٍ ـ سببُ التَّقاحُمِ في النار، والرَّدُّ ـ في الحديث ـ جاء مُطلقًا سواءٌ كان سِرِّيًّا أو علنيًّا بحَسَبِ المَصلحةِ في إحقاق الحقِّ وإبطال الباطل، لذلك امتحنَ معاويةُ رضي الله عنه رَعيَّتَه(٧) انتظارًا للإنكارِ عليهِ سرًّا كان أو علنًا؛ لئلَّا يجعله اللهُ مِن الأئمَّةِ الذين لا يُردُّ عليهم قولُهُم، فيتقاحمون في النَّار ويتهاوَوْن فيها، علمًا أنَّ النَّصيحةَ بالسِّرِّ في حدِّ ذاتها إِنْ كانت لا تحصِّل مصلحةً بل تجلبُ مفسدةً أو تُحدِثُ مُنكَرًا أكبرَ فتستوي مع الإنكار العلني في الترك؛ لأنَّ تغييرَ المُنكَر لا يجوز أَنْ يئول إلى إحداثِ مُنكَرٍ أكبرَ، وقد قال تعالى: ﴿فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ٩﴾ [الأعلى]. ـ ثالثًا: ولأنَّ معاويةَ وافقَ الصِّدِّيق رضي الله عنهما الذي قال: «وإِنْ رَأَيْتُمُونِي عَلَى بَاطِلٍ فَسَدِّدُونِي»، وفي لفظٍ: «وَإِنْ زِغْتُ فَقَوِّمُونِي»(٨)، فإنَّ في ذلك دليلًا على مشروعيَّة إنكارِ الباطلِ والزَّيغِ على الأئمَّة بالتَّسديد والإصلاحِ والتقويمِ ـ سرًّا أو عَلَنًا بحسَب المَصلحةِ وبقَدْرِ الإمكانِ ـ حتَّى لا يَضيعَ الحقُّ ويفشوَ الخطأُ والباطلُ، مع مراعاةِ الضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ المُتقدِّمةِ في الفتوى التي جاء حُكمُها موافقًا لِمَا عليه علماء العصر وغيرهم(٩)؛ قال ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ: «فإنِ استقامَ الإمامُ أعانوه على طاعةِ اللهِ تعالى، وإن زاغَ وأخطأ بَيَّنوا له الصَّوابَ ودَلُّوه عليه، وإن تَعمَّدَ ظُلمًا مَنعوهُ منه بحَسَبِ الإمكانِ، فإذا كانَ مُنقادًا للحَقِّ كأبي بكرٍ فلا عُذرَ لهم في تركِ ذلك..»(١٠). وتفريعًا على ما تقدَّم فإنَّ الأصلَ أَنْ يُستدلَّ بجميعِ النُّصوصِ مِن غير تحييدٍ ولا إبعادٍ لبعضِها؛ لخروجِها جميعًا مِن منبعٍ أصيلٍ ومشكاةٍ واحدةٍ. وعليه، فيكون الإنكار العلنيُّ على الولاة جائزًا إذا كان يُتوقَّع فيه المَصلحةُ وحصول الخير وزوالُ الشر، ويقدِّر ذلك أهلُ العلم والمَعرفةِ والدِّرايةِ بأحوال البلاد والعباد؛ عملًا بحديث معاوية رضي الله عنه المؤيِّد لعمل السَّلفِ كما قرَّره ابن القيِّمِ ـ رحمه الله ـ(١١)، علمًا أنه كما يكون الإنكار بحضرةِ ولي الأمر ـ وهو الأصل في الإنكار العلني ـ على ما دلَّت عليه بعضُ آثارِ السَّلفِ، يجوز ـ أيضًا ـ إنكارُ المُنكر في غَيبته على ما دلَّت عليه آثارٌ أخرى عن السَّلف، منها: حديثُ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه وفيه قال أبو قِلابةَ: قال أبو الأشعث: غَزَوْنَا غَزَاةً وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ، فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَهَا فِي أُعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَبَلَغَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَامَ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى»، فَرَدَّ النَّاسُ مَا أَخَذُوا»، ولم يكن معاويةُ رضي الله عنه بحَضرتِهِ ـ ابتداءً ـ «فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ؟! فَقَامَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَأَعَادَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ: «لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ ـ أَوْ قَالَ: وَإِنْ رَغِمَ ـ مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيْلَةً سَوْدَاءَ»»(١٢). ويكون تركُ الإنكارِ العَلَني على وُلاةِ الأمور واجبًا إذا غلب على الظَّنِّ أنَّه يزداد به الشَّرُّ والفتنةُ ولا يحصلُ به الخيرُ، فإنَّ ما تقتضيه المَصلحةُ ـ والحال هذه ـ تركُه وتجنُّبُه والاكتفاءُ بوعظِهم سِرًّا قَدْرَ الإمكان، عملًا بحديثِ عياضِ بنِ غَنْمٍ رضي الله عنه، مع ترك امتثالِ أوامرهم المُعارضة لصريحِ نصوصِ الكتاب والسُّنَّة، وبذلك يتمُّ العملُ بجميع النُّصوص السُّنِّيةِ مجتمعةً، ولا يخفَى أنَّ الجمعَ والتَّوفيقَ بينَ الأدلَّةِ المُتعارضَةِ أَولى مِن التَّرجيحِ ـ كما هو مقرَّرٌ أصوليًّا ـ إذ الجمعُ والتَّوفيقُ بينها أفضلُ ما يُنزِّهُها عنِ النَّقصِ والعجزِ، وأكملُ ما يُجنِّبها التَّناقضَ والإلغاءَ. تنبيه مهمٌّ: يجدر التَّنبيه إلى أنَّ القولَ بجواز الإنكار العلني على ولاة الأمر عند حصول المَصلحةِ وزوالِ الشَّرِّ بما سَبَقَ بيانُهُ مِن ضوابطَ وقيودٍ لَا ينبغي أن يُفهَمَ منه تهييجُ العامَّة ولا تأليبُ الدَّهماءِ والغَوغاءِ على حُكَّامهم وإهانَةُ وُلاةِ أُمُورِهم لإثارةِ الفِتَنِ ولا ركوبُ أمواجِ الفوضى والاضطرابِ كما هو صنيعُ الحَرَكيِّينَ ودَيدنُ الحِزبِيِّينَ بُغْيَةَ نشر الفُرقَةِ والاختلافِ لزعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ في البلادِ، بل المَقصودُ مِنه ومَدَارُ المَصلحةِ فيه يَكمُنُ في الحِفاظِ على الحَقِّ مِنَ الضَّياعِ، والخروجِ مِنْ حَرجِ السُّكوتِ عن إقرارِ الخطأ والرِّضَا بالمُنكرِ، إذ الواجب على أهل العلم إظهارُ الحقِّ وبيانُه للنَّاس وعدمُ كتمانه مِصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ﴾ [آل عمران: ١٨٧]. فمَن ألحق الجائزَ بالمَمنوعِ فقد جمع بين المُتفرِّقات وأساء فهمَ حِكمةِ تشريعِ الحُكمِ وقصَّر في تحقيق المَناطِ وألحقَ الصَّحيحَ بالفاسدِ، ولا يخفى أنَّ ذلك مِنَ القياس المَنهيِّ عنه شرعًا المعلومِ بطلانُه ضرورةً الذي لا يُلامُ فيه إلَّا القائسُ من جهة قُصوره وضعفِهِ، ولا يلحق مُحرِّرَ الجواب منه عَوارُه، ولا يلزمه شَناره، بل عيبُه قاصرٌ على مَن سَوَّى بينَ حقِّ الإنكارِ المَطلوب شرعًا وبين باطلِ التَّأليبِ وإهانةِ السُّلطانِ المَنهيِّ عنهما شرعًا. والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ٢١ شوَّال ١٤٤٢هـ المـوافــق ﻟ: ٠٢ جوان ٢٠٢١م (١) أخرجه أحمد في «مُسنَده» (٢/ ١٨١) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما، والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (١٠/ ١٧٤)، والألباني في تحقيقه ﻟ «شرح الطحاوية» (٢٠٠)، وقال محقِّقو «مُسند أحمد» طبعةِ الرِّسالة (١١/ ٣٠٥): «صحيحٌ، وهذا إسنادٌ حسنٌ». (٢) الحديث صَحَّحه الألبانيُّ في «السِّلسلة الصَّحيحة» (٤/ ٣٩٨)، وحسين أسد مُحقِّق «مسند أبي يعلى» (١٣/ ٣٧٣). (٣) أَثَرَ الحديثَ عن القوم يَأثِرُه ويَأثُره: أنبأهم بما سَبَقوا فيه مِنَ الأثر، وقِيلَ: حدَّث به عنهم. [«تاج العروس» للزبيدي (٦/ ٨)]. (٤) كذا عند الطبراني، و«شِئْنَا» عند أبي يعلى. (٥) عبارةُ: «حَاكَمْنَاهُ إِلَى اللهِ بِأَسْيَافِنَا»: أسلوبٌ لغويٌّ قائمٌ على المُبالغةِ كما ذكره الألبانيُّ ـ رحمه الله ـ ولا يُفهَم منه الخروجُ على السُّلطانِ بالسَّيفِ الذي دلَّتِ النصوصُ عن الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم على عدمِ جوازه، فإنَّ المحاكمة إلى الله تقتضي عدمَ المقاتلةِ والصبرَ على الجَوْر. (٦) «المعجم الكبير» للطبراني (١٩/ ٣٩٣)، «مسند أبي يعلى» (١٣/ ٣٧٣). (٧) بوَّب البوصيريُّ في «إتحافِ الخِيَرة المَهَرة بزوائد المسانيد العشرة» (٥/ ٦٢) بقوله: بابٌ في امتحانِ الإمامِ لرعيَّتِه. (٨) أخرجه ابن جرير في «تاريخ الرُّسُل والملوك» (٢/ ٢٣٧)، وابن هشام في «السِّيرة النَّبوية» مِنْ طريق محمَّدِ بنِ إسحاق بن يسار عن الزُّهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال ابنُ كثيرٍ [في «البداية والنهاية» (٥/ ٢٤٨، ٦/ ٣٠١)]: «وهذا إسناد صحيح». (٩) ومِن أمثال علماء العصر والمشايخ: ابن باز، والألباني، ومقبل الوادعي، وابن العثيمين ـ رحمهم الله ـ، وعبد المحسن العبَّاد وغيره ـ حفظهم الله ـ. (١٠) «منهاج السُّنَّة النَّبويَّة» لابن تيمية (٨/ ٢٧٢). (١١) «إعلام الموقِّعين» لابن القيم (٤/ ١١٠). (١٢) أخرجه مسلم في «المساقاة» (١١/ ١٣)، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا.
|
||||
2021-09-10, 11:52 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
التفصيل في الإنكار على الولاة علناً/ العلامة محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-
التفصيل في الإنكار على الولاة علناً السؤال: فضيلة الشيخ! هناك من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف ، ويستشهد بحديث أبي سعيد الخدري في إنكاره على مروان بن الحكم حينما قدم الخطبة على الصلاة، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم) وبحديث (سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) فهل هذا كلام صحيح؟ وكيف الجمع بين هذه الآثار الصحيحة وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية) نرجو التفصيل في هذه المسألة، حيث أن كثير من شباب الصحوة يجهل الحكم الصحيح في هذه المسألة، وبخاصة أن هناك من الدعاة من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف ، مما يجعل الشباب يثور ويظن أن عدم الإنكار علناً دليل المداهنة في الدين وغير ذلك، ولما لهذه المسألة من خطورة، نرجو التفصيل وجزاكم الله خيراً؟ الجواب: هذا السؤال مهم، وجوابه أهم منه في الواقع، ولا شك أن إنكار المنكر واجب على كل قادر عليه، لقول الله تبارك وتعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران:104-105] واللام في قوله: (ولتكن) لام الأمر، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم) أي: كما لعن بني إسرائيل الذين قال الله عنهم: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة:78-79]. ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية في مثل هذه الأمور لها مجال، ولا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به المنكر ويحصل به الخير فلننكر علناً، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر، ولا يحصل به الخير بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سراً، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علناً فيما إذا كنا نتوقع فيه المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سراً فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير. وأقول لكم: إنه لم يضل من ضل من هذه الأمة إلا بسبب أنهم يأخذون بجانب من النصوص ويدعون جانباً، سواء كان في العقيدة أو في معاملة الحكام أو في معاملة الناس، أو في غير ذلك، ونحن نضرب لكم أمثالاً حتى يتضح الأمر للحاضرين وللسامعين: مثلاً: الخوارج والمعتزلة رأوا النصوص التي فيها الوعيد على بعض الذنوب الكبيرة فأخذوا بهذه النصوص، ونسوا نصوص الوعد التي تفتح باب الرجاء، -فمثلاً- قالوا: إذا قتل الإنسان مؤمناً عمداً فإنه يكون كافراً -على رأي الخوارج -مباح الدم مخلداً في النار، وعلى رأي المعتزلة يقولون: إذا قتله خرج من الإسلام لكن لا يدخل في الكفر؛ لأننا لا نستطيع أن نجزم بأنه كافر، فنقول: خرج من الإسلام وكان في منزله بين الإسلام وبين الكفر، ولكنه مخلد في النار، ثم أهملوا آيات الوعد وأحاديث الوعد الدالة على أن الله سبحانه وتعالى يخرج من النار من كان في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من الإيمان. ثم قابلهم آخرون وقالوا: الإنسان مهما عمل من المعاصي التي دون الكفر فإنه مؤمن كامل الإيمان ولا يدخل النار أبداً، وقالوا: إن قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ... [النساء:93] هذه في الكافر إذا قتل مؤمناً، الآن لماذا ضل هؤلاء وهؤلاء؟ لأنهم أخذوا بجانب واحد من النصوص. كذلك -مثلاً- في صفات الله عز وجل تجد أن بعض الناس قال: إن الله عز وجل لا يمكن أن يجيء بنفسه، ولا يمكن أن ينزل إلى السماء الدنيا، وليس له وجه، وليس له يدان، لماذا؟ قالوا: لأن الله قال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] قالوا: وأنت إذا أثبت هذه الأمور مثَّلت الله. وقابلهم أناس آخرون فقالوا: إن الله تعالى أثبت لنفسه وجهاً، وأثبت له يدين، وأثبت أنه ينزل، وأنه يجيء، فوجهه كوجوهنا، ويده كأيدينا، ونزوله كنزولنا، ومجيئه كمجيئنا؛ لأننا لا نعقل من المجيء واليد والوجه إلا ما نشاهد، والله خاطبنا بما يمكن إدراكه، فيكون مجيء الله ووجه الله ويد الله ونزول الله مثل ما يثبت لنا. إذاً: هؤلاء في طرف وهؤلاء في طرف، وكلهم ضالون؛ لأن كل واحد أخذ بجانب، فنحن نقول: إن الله تعالى له وجه وله يدان ويجيء وينزل لكن ليس كأيدينا وكوجوهنا وحاشاه من ذلك عز وجل؛ لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]. كذلك أيضاً في مسألة مناصحة الولاة، من الناس من يريد أن يأخذ بجانب من النصوص وهو إعلان النكير على ولاة الأمور، مهما تمخض عنه من المفاسد، ومنهم من يقول: لا يمكن أن نعلن مطلقاً، والواجب أن نناصح ولاة الأمور سراً كما جاء في النص الذي ذكره السائل، ونحن نقول: النصوص لا يكذب بعضها بعضاً، ولا يصادم بعضها بعضاً، فيكون الإنكار معلناً عند المصلحة، والمصلحة هي أن يزول الشر ويحل الخير، ويكون سراً إذا كان إعلان الإنكار لا يخدم المصلحة، لا يزول به الشر ولا يحل به الخير. وأنتم تعلمون -بارك الله فيكم- أن ولاة الأمور لا يمكن أن يرضوا جميع الناس أبداً، حتى إمام المسجد، هل يرضي جميع المصلين؟ لا. بعضهم يقول: تبكر! وبعضهم يقول: تطول! وبعضهم يقول: تقصر! وفي الشتاء يتنازعون والذي يصلي في الشمس والذي يصلي في الظلال لا يحصل الاتفاق، فإذا أعلن النكير على ولاة الأمور استغله من يكره (وجعل من الحبة قبة) وثارت الفتنة، وما ضر الناس إلا مثل هذا الأمر! الخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على جيش الشام، وعندما تصالح علي مع جيش الشام حقناً لدماء المسلمين صاروا ضده، وقالوا: أنت كافر. كفروا علي بن أبي طالب -والعياذ بالله- لماذا؟ لأن رعاع الناس وغوغاء الناس لا يمكن ضبطهم أبداً، وإعلان النكير على ولاة الأمور يستغله هؤلاء الغوغاء ليصلوا إلى مآربهم، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكنه رضي بالتحريش بينهم) بين من؟ بين سكان الجزيرة، يحرش بينهم حتى تؤدي المسائل إلى القتل ويلاقي الإنسان أخاه في الإسلام وربما أخاه في النسب أو ابن عمه أو صهره فيقتله على أي شيء؟ ولا على شيء. فالحاصل أننا نقول: يجب على شباب الصحوة أن ينظروا إلى النصوص من جميع الجوانب، وألا يقدموا على شيء حتى ينظروا ما عاقبته، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) فاجعل هذا ميزاناً لك في كل أقوالك، وكذلك في كل أفعالك، والله الموفق. https://www.youtube.com/watch?v=FScjvq9_Q70#0 |
|||
2021-09-10, 11:55 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
المنهج الشرعي في مناصحة ولي الأمر بسم الله الرحمن الرحيم معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان وفقه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرجو من معاليكم توجيه كلمة حول الطريقة الشرعية في مناصحة ولي الأمر وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن مع بيان المنهج الشرعي في كيفية المناصحة وبيان ذلك بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، وهل هناك مفاسد مترتبة في المناصحة العلنية لولي الأمر. وفقكم الله وبارك في علمكم ونفع به الإسلام والمسلمين. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: نصيحة ولي أمر المسلمين واجبة لقوله صلى لله عليه وسلم: الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، ولكنها تكون سرًا بين الناصح وولي الأمر، بدليل حديث: من كان عنده نصيحة لولي الأمر فليأخذ بيده ولينصحه سرا، فإن قبل وإلا فقد أدى ما عليه ، أو كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، وكان أسامة بن زيد ينصح عثمان بن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنه سرًا ولا يظهر ذلك للناس هذا هو السنة في نصيحة ولي الأمر، أما الإنكار عليه بالمظاهرات أو في الصحف أو في الأشرطة أو في وسائل الإعلام أو في الكتب والمنشورات فكل ذلك خلاف السنة وهو يفضي إلى مفاسد وفتن وشرور وتحريض على الخروج على ولي الأمر ويفرق بين الراعي والرعية ويحدث البغضاء بين ولي الأمر والرعية وليس ذلك من هدي الإسلام الذي يحث على جمع الكلمة وطاعة ولي الأمر فهو أمر منكر وليس من النصيحة في شيء وإنما هو من الفضيحة حتى في حق أفراد الناس فكيف بولي الأمر وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه كتبه صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء 6 / 11 / 1432 هـ |
|||
2023-07-15, 00:19 | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
اقتباس:
ثانيا لا ترد على العالم بكلام عالم فلا أحد حجة على الآخر الحجة في كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و فعل السلف |
||||
2024-04-11, 07:40 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
الاستخارة وضبط خير الخيرين
|
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc