القرآن الكريم كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام ، ومن المحال أن يوجد في كلام الله اضطراب أو تناقض أو اختلاف أو ما يحكم العقل ببطلانه ، إلا أن بعض الناس ركب الشيطان رؤوسهم ، وامتطى ظهورهم، فتنكروا لهذه الحقيقة ، واتبعوا أهواءهم ، وأشاحوا بوجوههم عن نور الحق الساطع أمامهم ، فخبا صوت العقل بين جلبة الشيطان والهوى.
لم يأل هؤلاء جهداً في محاولة إبعاد الناس عن كتاب ربهم ، بل تنفيرهم منه ، فراحوا يثيرون حوله الأباطيل والمفتريات ، ويتهمونه بما هو بريء منه عند كل منصف ، إلا أن الهوى والشيطان إذا تمكنا من القلوب فعلا بها الأفاعيل.
إن الشبهات المطروحة حول الإسلام بصفة عامة والقرآن الكريم بصفة خاصة شبهات كثيرة ومتعددة ، بعضها قديم وبعضها حديث ، وبعضها قديمة ألبست ثوب جديد يتناسب مع العصر ، ورغم تعددها فإنها تجتمع في الهدف والدلالة:
فالهدف منها: تضليل الناس وحجب شعاع الحق دون النفاذ إلى قلوبهم ، قال الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ).
أما دلالتها فهي تأكيد على عصمة القرآن ومصدره الرباني ، فالكتاب الذي عجز أعداؤه وأعياهم البحث لفترة تزيد عن ألف وأربعمائة عام عن العثور على أي دليل يخدش في عصمته، لَدليل على مصدره الإلهي ، فما أثمر تفتيش أعداء القرآن وتنقيبهم في هذه الأحقاب الطويلة إلا عن شبه ومطاعن متهافتة وضعيفة بميزان البحث العلمي ، لا تصلح للنيل من القرآن الكريم ، بل إنها لتكشف عن ضحالة تفكير أصحابها ، ومجازفتهم في إلقاء التهم.