رسالة أبكتني اليوم 😪
كنت قد دخلت القسم للحراسة ورن الجرس لتوزيع الأسئلة، هنا انتبهت لمقعد فارغ الطاولة رقم أربعة، لم يحضر المترشح بعد.
لا أنكر أن موجة غضب وقلق انتابتني، ستضيع سنة من حياته إن تأخر أكثر، ترى لو يصل الآن هل سيسمحون بدخوله، هل حدث له طارئ ما سيخسره سنة كاملة من الكد والتعب.
تعلقت عيناي بباب القاعة متعلقة بأمل وصوله واحتلاله مقعده.
كان شكل المقعد الشاغر مستفزا جدا
مؤلما ومربكا لدرجة انفلت مني الكلام دونما احساس مخاطبة بقية زملائه
أين زميلكم؟! سيفوته الإمتحان.
شخصت الأنظار، وعم صمت غريب
صمت أعجز عن شرحه، فقد كنا في امتحان رسمي والتلاميذ يجيبون بالفعل في صمت
كان صمتا مختلفا لا يشبه السكون الذي كان سائدا قبل سؤالي.
همس محمد الجالس في المقعد الأول، إنه محمد السعيد ( ....) يا أستاذة
لم أفهم؟ أجبت بريبة وحيرة
ألا تعرفينه يا أستاذة، تكلم صاحب المقعد الأخير
هو نفسه الذي توفي قبل يومين في منطقة كذا بحادث دراجة نارية، وضجت صفحات المدينة تنعيه.
تذكرت القصة
لم تكن بتلك الأهمية خبر نعي قرأته على عجالة وأنا أتصفح الفيسبوك صباحا، كآلاف المنشورات وإعلانات التعزية التي صادفتني واقعا ومواقعا.
لكن الأمر مختلف، فمحمد الآن صاحب المقعد الرابع قبالتي، صاحب قلقي وحيرتي وخوفي.
لست هشة، أملك قلبا صقلته الحياة حتى غدا أقسى من حجر، لا أتذكر أنني اقترفت الدمع منذ فترة طويلة، لاقترفه اليوم كما لم أفعل قبل، عبثا حاولت كبح دمعي خارجا فعجزت.
خفت من العودة للقاعة، خفت من المقعد الرابع، سخرت من خوفي وقلقي، لو يكون محمد بخير ولتضع ألف سنة، لتذهب إلى الجحيم شهادة التعليم المتوسط طالما محمد سيستطيع التعويض.
لن ينجح، لن يعوض، لن يجتاز، أنا من كتبت على ورقته بيانات المترشح الغائب، الغائب الأبدي.
ترى كيف تشعر أم محمد اليوم؟
لعل لسان حالها يقول لتذهب الشهادة للجحيم أريد ولدي فقط.
انتهى اليوم أكملنا عملنا وغادرنا، غادرت القاعة لأعود لبيتي، تاركة جزءا كبيرا من قلبي واقعا أمام المقعد الرابع، على كبره عجزت عن حمله والعودة به فآثرت تركه يقاسم طيفه.
في جنة الخلد ولدي محمد السعيد.
#الأستاذة_نسرين_بلهادي
#العلمة
2022/06/06