محاضرات في علم النفس التربوي
أ. مصطفي محمود الديب
علم النفس التربوي
تعريفة وموضوعه وعلاقته بعلوم النفس الاخري
يعد علم النفس التربوي من المقررات الأساسية لتدريب المعلمين في كليات التربية ؛ والمهمة الأساسية لهذا العلم هي تزويد المعلمين بالمبادئ الصحيحة التي تتناول التعلم المدرسي .
هل التدريس فطرة؟
هناك من يقول أن: المعلم(مطبوع وليس مصنوع ) ونرد على هذه المسالة فنقول إن خبرة الحياة اليومية تدحض الحجة القائلة بأن معرفة المعلم لمادة معينة كالفيزياء أو اللغة العربية تكفي ؛ فهناك مئات الشواهد على أن كثيرا من المتخصصين الممتازين في أحد جوانب المعرفة لا يستطيعون نقلها للآخرين؛ وأن كثيرا من الأفراد الأقل تعمقا منهم يستطيعون أن ؛ ينقلوا معرفته للآخرين نقلا ماهرا.
هل يمكن إعداد معلم بدون علم النفس التربوي؟
في حالة جهل بعض المعلمين بمبادئ علم النفس التربوي قد يلجأ بعضهم إلى طرق غير علمية بحثا عن انسب وسائل التدريس ومن هذه الطرق:
1. محاكاة معلم قديم أو زميل خبير
2. الوصفات التقليدية في الفولكلور التربوي
3.استخدام أسلوب المحاولة والخطأ
ماذا يقدم علم النفس التربوي للمعلم:
تزويد المعلم بالمبادئ الصحيحة التي تفسر التعلم المدرسي
المبادئ التي يوفرها العلم هي (نتائج) البحث العلمي المنظم ويمكن تطبيقها في معظم المواقف التربوية وليس كلها فإننا نجد أن أحد المبادئ السيكولوجية قد يصلح لبعض الممارسات التربوية او بعض طرق التدريس ولا يصح للبعض الآخر مع توفر شروط وخصائص نفسية للتلاميذ والمعلم . وتأتي صلاحية مبادئ علم النفس التربوي للتطبيق تشتق عادة من نتائج البحوث العلمية التي تتم سواء مع معامل علم النفس او في المواقف التربوية المعتادة .
ترشيد ممارسة المعلم لمهنة التدريس
أن علم النفس يساعد المعلمين على ترشيد عملهم التربوي من خلال التقويم الذاتي، ومراجعة الاجراءات التربويه لاكتشاف اكثرها فعالية وتحديد العوامل والمتغيرات المؤثرة في السياق التربوية
اكتساب مهارات الوصف العلمي لعمليات التربية :
من المهم اكتساب مهارات الفهم النظري والوظيفي للعملية التربوية معتمداً على الملاحظات العملية المنظمة وطرق البحث ، ولا يتحقق ذلك إلى من خلال تحقيق أهداف علم النفس التربوي وهي الوصف والتفسير والتنبؤ والتحكم. ويتم الوصف من خلال القدرة على توضيح وشرح مختلف جوانب العملية التربوية ومستوياتها ووجهات النظر حلولها.
تدريب المعلم على التفسير العلمي للعملية التربوية .
التفسير من مكونات الفهم العلمي والتفسير العلمي يتضمن التفكير النسبي من أهم إسهامات علم النفس التربوي أنه يدرب المعلم على هذا النوع من التفكير بحيث يصبح قادراً على تفسير مختلف أنماط السلوك
مساعدة المعلم في التنبؤ العلمي بسلوك التلاميذ.
المعني الثالث من معاني الفهم العلمي للتربية ما يسمي بالتنبؤ بالسلوك ومنه التحكم في السلوك ومن مهام علم النفس دراسة العوامل المرتبطة بالنجاح والفشل في التعلم المدرسي ومن هذه العوامل طرق والتعلم و وسائلة / شخصية المتعلم ومستوي نضجه والعوامل الو راثية والظروف الاجتماعية المحيطة والدافعية والجو الانفعالي المصاحب للمتعلم.
استبعاد ما ليس صحيحا من الآراء التربوية
من المهام الرئيسية لعلم النفس التربوي أن يساعد المعلم على استبعاد الآراء التربوية التي تعتمد على ملاحظات غير دقيقة وخاصة تلك التي تعتمد على الخبرات الشخصية والأحكام الذاتية والفهم العام
ميدان علم النفس التربوي فله مستويين هما
1- المستوى الأساسي ويشمل الفروع النظرية لعلم النفس مثل
علم النفس العام – وعلم النفس التجريبي - وعلم النفس الاجتماعي – وعلم النفس المرضي – وسيكولوجية الحيوان – وسيكولوجية النمو –وعلم النفس الفسيولوجي
2- مستوى الفنون العملية ويشمل الممارسات العملية في مختلف مجالات الحياة ومنها
فروع التربية المختلفة وخاصة ما يتصل منها بالمناهج الدراسية وطرق التدريس وتكنولوجيا التعليم وغيرها
ما هو موضوع البحث في علم النفس التربوي
التركيز على الظواهر التربوية كما هي بالفعل في المدرسة، أي متعلم مركب هو الإنسان يواجه موقفاً تعليماً مركباً أيضاً ويذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى القول بأن بحوثهم أكثر اقتصادا في الوقت والجهد وأنها أفضل البدائل المتاحة ، وخاصة أن البديلين الآخرين (البحوث الأساسية والبحوث الإستكمالية) قد تؤديان إلى أخطاء كثيرة في التنبؤ أو التعميم أو التطبيق .
ويمكن أن نصف في هذا الاتجاه أربعة أنواع من البحوث التطبيقية أشار إليها تصنيف هلجارد وبوير( 139 : 633 ) وهي :
1- البحوث التي تجري في فصول تجريبية باستخدام مدرسين مختارين تتوافرهم فيهم درجات عالية من المهارة والكفاءة في التدريس ومثال ذلك إجراء تجارب على أعداد قليلة من التلاميذ لتحديد ما إذا كان من الممكن تدريس نظرية المجموعات في الرياضيات ، أو المنطق الرمزي .
2- البحوث التي تحاول تجريب نتائج بحث سابق أجرى في " فصل تجريبي" أو " مدرسة نموذجية " على تلاميذ " عاديين" أيضاً واضعة في الحسبان ظروف الوقت ونقصان الدافعية عند التلاميذ والمعلمين وغيرها .
3- بحوث التنمية والتطوير وفيها تتم " تعبئة" ما تم إثباته صلاحيته في النوعين السابقين من البحوث التطبيقية ليعد صالحاً للاستخدام الواسع النطاق ويتم تعديله وتحسينه خلال العمليات التي يتم فيها تبني الطرق والإجراءات الجديدة من جانب أولئك الذين لا يتحمسون للتجديد أو التحديث في التربية.
4- بحوث التقويم وفيها تتم دراسة آثار ونواتج المواد أو الممارسات التربوية الجديدة التي تنتشر انتشارا واسعاً، مثل كفاءة استخدام المواد التربوية والتغير الذي يطرأ على ممارسات المعلم لنشاطه التربوي.
وتوجد مشكلات كثيرة تواجه المعلم ومن ذلك مشكلات داخل الفصل المدرسي أو تحديد درجة صعوبة العمل التعليمي وتنظيم بنية المادة الدراسية وإعداد جداول الممارسة والمراجعة، ونظم الثواب والعقاب داخل المدرسة وتنمية سلوك حل المشكلة والتعلم الإكتشافي والاتصال داخل حجرة الدراسة والنظام داخل الفصل.
وبهذا يصبح علم النفس التربوي الأساس الأمبريقي(التجريبي) للتربية ، أي أنه يمثل تلك الجوانب التربوية التي يمكن التحقق منها بالتجريب والاختبار والملاحظة وبعبارة أخرى أكثر شمولاً يمكن القول أنه يمثل " الأساس العلمي للتربية " . وفي التحليل النهائي نجد أن أي تقدم يحرزه علم النفس التربوي يمكن أن يؤثر في التربية " كفن عملي " من مختلف نواحيها.
وقد يكون الأثر واضحاً في بناء المناهج وتطويرها وفي تحسين أساليب التقويم وفي ابتكار طرق التدريس .
- دور علم النفس التربوي في " تحديث " التربية :
لعلنا نعلم جميعاً أنه في نظام معقد مثل النظام التعليمي أو المدرسي تكون الحاجة ماسة إلى إستراتيجية خاصة في البحث يمكن أن نسميها إستراتيجية التجديد Innovation أو التحديث Modernization فليس معنى أن تدعيم المبادئ بالبحوث الأساسية أو الإستكمالية وان تصدق التطبيقات العملية أثناء الممارسة التربوية ، وأن تنتشر هذه المستحدثات تلقائيا وتشيع .
وتأتي أهمية هذه المسألة للمعلم من أن أحد الأطراف الهامة في عملية الإصلاح التربوي .
إنه يتعرض لتقارير البحوث التي تجري ولجوانب الإصلاح والتجديد المقترحة كما قد يطالب دورياً بالتدريب أثناء الخدمة ليألف الجديد في الميدان .
والواقع أن العلاقة بين " البحث التربوي" و " التحديث التربوي " علاقة وظيفية وعادة ما يبدأ "البحث " بالاهتمام بالمسائل الأساسية لتحديد العلاقة العامة بين المتغيرات "المستقلة " والمتغيرات "التابعة"التي تؤلف النظرية التربوية.
علاقة علم النفس التربوي بفروع علم النفس الأخرى :
علم النفس الارتقائي : يهتم علم النفس الارتقائي بدراسة التغيرات التي تطرأ على السلوك الإنساني في مختلف مراحل الحياة .
وأفاد هذا العلم في التعرف على الاتجاهات المبكرة والظروف البيئية التي تؤثر تأثيراً ظاهرياً في تنمية القدرات العقلية وسمات الشخصية عند الأطفال والمراهقين والراشدين .
علم النفس التجريبي : وتقتصر اهتمامات علم النفس التجريبي على دراسة المشكلات المرتبطة بالظواهر النفسية البسيطة وتجنب المشكلات التطبيقية المعقدة . بعض التجارب التي قدم لها حلول لمشكلات التعلم المدرسي مثل التعليم المبرمج وآلات التدريس إلا أن الإسهام الأكبر لعلم النفس التجريبي يتمثل في تنمية الاتجاهات العلمية والتجريبية عند المهتمين بمشكلات التربية .
علم النفس الاجتماعي: يقضي المعلم جزءاً كبيراً من وقت عمله في التعامل مع التلاميذ كجماعات ولذلك فهو في حاجة إلى فهم مبادئ السلوك الجماعي ليصبح أكثر قدرة على التعامل مع القوى والعوامل التي تؤثر في المواقف الجماعية والتي تسهل التعلم أوتعطله .
علم القياس النفسي : لقد أسهم علم القياس النفسي إسهاما كبيراً في تحديد ميدان علم النفس التربوي منذ البداية وخاصة مع نشأة حركة قياس الذكاء والقدرات العقلية وسمات الشخصية.
تعريف علم النفس التربوي
ويمكن أن نعرف علم النفس التربوي في إطار التعريف العام لعلم النفس بأنه الدراسة العلمية للسلوك الإنساني الذي يصدر خلال العمليات التربوية وبعبارة أخرى هو العلم الذي يهتم بعمليات التعلم والتعلم أو التدريس الذي يتلقاه التلاميذ في المواقف المدرسية
الشكل رقم (1) المنظومة الأساسية للعملية التعليمية عند روبرت جليزر
ويتضمن هذا النموذج الرئيسي معنى التربية ويتطلب هذا تحديد لأهداف تحديداً سلوكياً وهذا هوا لمكون لأول في نموذج جليزر. والمكون الثاني هو ما يسميه جليزر المدخلات السلوكية ويحددها بمجموعة البيانات عن الأوضاع الراهنة لسلوك التلاميذ في لحظة ما تشمل خبرات التلاميذ السابقة في التعلم ومستوياتهم فيه وقدراتهم العقلية ومستوياتهم الارتقائية .
وهذه المدخلات التربوية منفصلة عن عملية منفصلة صياغة الأهداف التربوية بل هي متكاملة معها متفاعلة بها فهي من ناحية تعد احد المصادر الرئيسية لتحديد هذه الأهداف إلى جانب المصدرين الآخرين وهما مطالب المجتمع ومطالب التخصص ومراعاة خصائص المدخلات ، ومن ناحية نجد أن الأهداف التربوية بعد تحديدها بمعنى من خلال عمليات التعلم والتعليم إلى تعديل الكثير من هذه المدخلات.
ويشمل موضوع علم النفس التربوي كما تقترحه جليزر على مكون ثالث هو عمليات التعلم وأساليبه وإجراءاته أو ما يمسه جابر عبد الحميد وطاهر عبد الرزاق (16) بتنفيذ العملية التعليمية والتي لو تمت على النحو المنشود تؤدي إلى إحداث التغيرات التي تتطلبها الأهداف التربوية في أداء
وأخيرا يشمل موضوع علم النفس التربوي مكوناً رابعاً هو التقويم التربوي ويضمن حكماً على عملية التربية لها أو عليها والغرض في جميع الأحوال تحديد مدى تحقق الأهداف التربوية ودراسة الآثار التي تحدثها بعض العوامل أو الظروف في تسهيل الوصول إلى تلك الأهداف أو تعليمه من خلال عمليات التعلم وتحديد مدى التعديل الذي يطرأ على المدخلات التربوية فإذا حدث قصور عن تحقيق الأهداف بشكل أخر أولم تطرأ على مدخلات السلوك تنمية ملحوظة أو إذا ظهر نقص في عمليات التعلم وأساليبه فان المعلومات التي نحصل عليها من عملية التقويم التربوي تجعلنا نعيد النظر في بعض عناصر العملية التربوية أو تعديلها أي أن معلومات التقويم التربوي تقوم بتغذية راجعة للأهداف التربوية و المدخلات السلوكية وعملية التعلم جميعاً . .