الجدول رقم(19 ) يوضح تطور رصيد ميزان المدفوعات للجزائر للفترة 1990- 2004.
السنوات الرصيد
1990 84
1991 529
1992 67
1993 302
1994 -3999
1995 -5550
1996 -1900
1997 1480
1998 -1700
1999 -2410
2000 7789
2001 6190
2002 3650
2003 7590
2004 9100
المصدر: - التقرير الاقتصادي العربي الموحد، سنة 2000، 2002، 2004.
- ONS, Rétrospective Statistique 1970- 2002.
الشكل رقم( 21) يوضح تطوّر ميزان المدفوعات خلال الفترة 1990- 2004
المصدر: من إعداد الطالب بالاعتماد على معطيات الجدول.
في عام 2000 حقق الميزان التجاري فائضا قدره 11.14 مليار دولار، إنّ هذه النتائج تحققت بفضل التحسن الجيّد لأسعار البترول ويعود هذا الفائض إلى مبالغ التصدير المقدرة ب 10.06 مليار دولار ومستوى الاستيراد المقدرة 4.75 مليار دولار دولار. وقد بلغ مبلغ الصادرات خارج المحروقات بـ: 624 مليون دولار وبالرغم من ارتفاع حجم الصادرات خارج المحروقات بالنسبة لسنة 1999 إلاّ أنها تبقى ضعيفة جدا إذ لا تتعدى نسبة 2.9% من مجموع الصادرات.
وما يمكن استنتاجه من هذا المبلغ الزهيد هو عدم وجود سياسة حقيقية لتحفيز الصادرات خارج المحروقات. تميز ميزان المدفوعات خلال سنة 2000 بالاتجاهات التالية:
- تطور الحساب الجاري بشكل إيجابي إلى درجة أن حقق فائض 11% من الناتج الداخلي الخام؛
- استقرار اتجاه حساب رأس المال نحو العجز؛
- وأخيرا يمكن القول أن التوازنات المالية الخارجية كانت مرهونة بأسعار المحروقات بحيث أن انخفاضها يعود حتما على هذه التوازنات.
من الملاحظ استمرارية النتائج الحسنة المسجلة على ميزان المدفوعات خلال الفترة 2000، 2004 ويرجع ذلك لسعر برميل النفط الذي شكل أحد العناصر الأساسية التي تلعب دورا هاما في بناء المالية الداخلية والخارجية، ففي عام 2003 تعززت المؤشرات الخارجية للجزائر خاصة ميزان المدفوعات واحتياطات الصرف في آن واحد بفضل ارتفاع متوسط السعر السنوي لبرميل النفط الذي بلغ 28.9 دولار. وكذا تزايد حجم
صادرات المحروقات التي سجلت ارتفاعا بنسبة 7% بالمقارنة مع سنة 2002، كما ساهمت الظروف المناخية المناسبة للقطاع الفلاحي في تحقيق نفقات الاستيراد التي كانت تشكل عبئا هاما في ميزان السلع والخدمات.
بالمقابل يشكل العجز العام في ميزان الخدمات مصدرا للقلق وأن هذه النتائج السلبية تعد عاملا يساهم في هشاشة تدعيم الوضع الخارجي للجزائر على المدى المتوسط علما أن مسار الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة يتضمن مفاوضات هامة حول الفصل المتعلق بالإتفاق العام حول تجارة الخدمات الذي يعتبر انعكاسات مقيدة سيما أنه يجبر البلدان الأعضاء على فتح كل قطاعاتها للمنافسة الأجنبية.
لقد تجسد تزايد فائض الميزان التجاري خلال سنة 2003 من خلال تدعيم ميزان المدفوعات الخارجية، الذي ساهم بدوره في زيادة تراكم احتياطات الصرف الذي قدر بـ32,9 مليار دولار مع نهاية سنة 2003 أي حوالي ثلاث إضعاف احتياطات سنة 2000 مقابل 23,1 مليار دولار خلال نفس الفترة من سنة 2002.
تشكل مستويات احتياطات الصرف المحققة ضمانا لتموقع أفضل للجزائر على الساحة الاقتصادية الدولية سواء إزاء المستثمرين الأجانب أو ايزاء نظرائهم الوطنين .
و هكذا تواصلت النتائج الحسنة للوضع الخارجي للجزائر خلال سنة 2004 والتي أكدتها المعايير الثلاثة التالية:
تحسن ميزان المدفوعات و حجم احتياطات الصرف، و التحكم في المديونية الخارجية.
سجل ميزان المدفوعات نتائج جيدة خلال سنة 2004 حيث حقق فائضا قدره 9,1 مليار دولار .
و الحدث الظرفي البارز الذي ينبغي الإشارة إليه يكمن في تزايد الواردات هي تلك الخاصية الأساسية لميزان المدفوعات في سنة 2004، فبينما لم يتجاوز مبلغ الواردات 9,35 مليار دولار سنة 2000،قفزت الواردات إلى 18,19 مليار دولار سنة 2004، بزيادة سنوية قدرها 4,4 مليار دولار تستحق هذه الزيادة الهامة من الواردات عناية خاصة، لان اثر الحجم تم في سياق تنفيذ مخطط للإنعاش الاقتصادي و بالتالي هناك ترابط بين انتعاش النمو وبين زيادة الواردات من الخدمات التي بدأت منذ سنة 2003.
بلغت الصادرات 31,71 مليار دولار سنة 2004، و يعتبر سعر البرميل للبترول المتغير الآلي و الحاسم إذا بلغ معدل سعر البرميل 38,6 دولار، و هكذا بعد مرور فترة طويلة
على العلاج الذي كان يتمثل في العديد من التحولات الهيكلية التي تمت في إطار برنامج التعديل الهيكلي، تبقى النتائج الاقتصادية خاضعة إلى التقلبات العنيفة أحيانا لأسعار المحروقات والظروف المناخية.
جدول رقم20 تطور أسعار النفط خلال الفترة (1990-2004)
الوحدة: دولار أمريكي
السنوات سعر البرميل
1990 24,34
1991 21,04
1992 20,03
1993 17,50
1994 16,19
1995 17,41
1996 17,41
1997 21
1998 12,85
1999 13,22
2000 28,07
2001 23,01
2002 24,03
2003 28,02
2004 38,06
المصدر:
, 1992، 1994 ا1990 1991l’algérien en quelque chiffres résultat
- التقرير الاقتصادي العربي الموحد، 2000، 2004
- م- و- إ-إ مشروع التقرير حول الظرف الاقتصادي الاجتماعي السنوات 2000- 2004
و على عكس ما سبق سجل حساب رأس المال عجزا لكن أسباب موضوعية خاصة
و ان البلاد قللتن من الاستدانة و أصبحت تسدد ديونها الخارجية لاسيما التسديد المسبق للديون و هذا العجز هو خيار في السياسة الاقتصادية.
يبرر عجز حساب رأس المال بتسديد المديونية و ذلك بكون سونطراك قامت باستثمارات في الخارج و هذا خلال سنة 2004 قدر عجز هذا الحساب بمبلغ قدره 1,69 مليار دج مقابل 1,37 مليار دولار سنة 2003.
و أخيرا نخلص إلى أن سنة 2004 اتسمت باستمرار الوفرة المالية التي انعكست في التحسن المستمر لميزان المدفوعات عن طريق:
- التراكم المستمر منذ سنة 2000 لاحتياطات الصرف التي تعد من أهم العوامل في مجال الأمن المالي الخارجي من جهة وجعل الاقتصاد الوطني في مأمن من الصدمات الخارجية من جهة أخرى.
- التخلص من حجم المديونية الخارجية.
- الفائض المعتبر الذي حققه الحساب الجاري للميزان المدفوعات بفضل التطور الملائم لسعر برميل النفط.
كان لجميع العوامل انعكاسات ايجابية على الوضع المالي الخارجي للجزائر.
3-التوازن النقدي
انتهجت الجزائر مع مطلع التسعينات عدة إصلاحات اقتصادية و هيكلية و استمرت في تطبيق هذه الإصلاحات طيلة فترة التسعينات و حتى السنوات الأولى من الألفية الثالثة، بهدف المحافظة على التوازنات الاقتصادية العامة، و تهيئة الاقتصاد لتحقيق النمو القابل للاستمرار.
و في هذا الإطار، اعتمدت السلطات النقدية سياسة نقدية تهدف الى تحقيق الاستقرار النقدي و استقرار الأسعار و سعر الصرف، و تنظيم مستويات السيولة المحلية ، بما يتناسب مع متطلبات حركة النشاط الاقتصادي، مع توفير التمويل اللازم للأنشطة الاستثمارية و الإنتاجية لمختلف قطاعات الاقتصاد.
و انطلاقا من هذا نحاول التطرق إلى موضوع التوازن النقدي خلال الفترة 1990-2004 من خلال دراسة و تحليل ظاهرة التضخم التي تعبر عن حالة الاستقرار النقدي، و السيولة الاقتصادية.
3-1- التضخم
واجه الاقتصاد الجزائري خلال سنوات كثيرة من الفترة محل الدراسة ضغوط تضخمية شديدة كما هو موضوع في الجدول الموالي.
أن تذبب معادلات التضخم طيلة الفترة محل الدراسات عن تفاوت الإجراءات و السياسات المتبعة و المحاولات الرامية للحد من الضغوط التضخمية و التي نجحت في بعض السنوات و فشلت في سنوات أخرى.
من الجدول الموالي يتضح أن التضخم عرف عدة مراحل يمكن ذكرها في ما يلي:
- الفترة 1990- 1992 : خلال هذه الفترة عرف التضخم تزايد متواصل حيث بلغ سنة 1992 معدل 31,7% اكبر معدل خلال سنوات الدراسة و تفسير ذلك يرجع إلى عدة عوامل نذكر منها
- التوسع النقدي و المتتالي خلال سنوات هذه الفترة.
- ارتفاع معدلات السيولة.
- تزايد حجم الطلب مع ركود في مستويات الطلب.
جدول 21 تطور معدل التضخم خلال الفترة 1990-2004
الوحدة : %
السنوات معدل التضخم
1990
1991
1992
1993
1994
1995
1996
1997
1998
1999
2000
2001
2002
2003
2004 17.9
25.9
31.7
20.5
29
29.8
18.7
5.6
5.0
2.6
0.34
2.2
1.42
2.6
4.7
المصدر: O.N . S retrospctive statistique 1970.1996 édition
- المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي: مشروع التقرير حول الظرف الاقتصادي و الاجتماعي .لسنوات 2000،2002،2004
- التقرير الاقتصادي الغربي الموحد- سبتمبر 2000.
الشكل رقم 22
المصدر: اعتمادا على معطيات الجدول السابق.
أما سنة 1993 انخفض فيها التضخم إلى معدل (20,5%) أي بـ11 نقطة و ترجع هذه النتائج المشجعة.إلى الإجراءات المتخذة من طرف السلطات النقدية، حيث انخفضت وتيرة التوسع النقدي من 24% إلى 21,62%* ، بالإضافة إلى استقرار مستويات الطلب الكلي.
- الفترة 1994-1995: خلال هذه الفترة ظهر الارتفاع في معدلات التضخم من جديد و كان هذا متزايد من سنة لأخرى إذ بلغ سنة 1995 معدل 29,8 % و يرجع ذلك على الخصوص إلى :
- الركود الذي ميز مستويات العرض الكلي.
- تخصيصات القروض الموجهة للاقتصاد التي لم يكن لها مقابل إنتاجي بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الطلب الكلي.
- الفترة 1996- 1999: خلال هذه الفترة تراجعت معدلات التضخم وهذا ما يؤكد على مواصلة الجهود المتواصلة والرامية للحد من الضغوط التضخمية و نجاحها بداية من عام 1996 و قد بلغ معدل 18,7 فراح هذا
- المعدل يتراجع بصورة متواصلة ليقتصر على معدل 2,6 سنة 1999، و تعود هذه النتائج الحسنة إلى تضافر عدة جهود نذكر منها :
- التحكم في السيولة الاقتصادية، اعتدال وتيرة التوسع النقدي.
- تدني حجم الائتمان المحلي خلال هذه الفترة.
- تراجع مستوى الطلب الكلي بسبب انتشار البطالة التي عرفت خلال السنة اكبر معدل لها (32%)
- الفترة 2000 – 2004 : استمر التضخم في الانخفاض إذ قدرت نسبته سنة 2000 بـ0,34 مقابل 2,6 سنة 1999 و بهذه النسبة للتضخم أصبحت الجزائر من الدول الشريكة الأكثر أهمية و حتى و أن كان يجب بذل المزيد من المجهودات حتى تصبح الجزائر من الدول ذات التضخم المنعدم .
لكن هذه النسبة للتضخم لم تستمر سرعان ما عاد التضخم حيث ارتفع إلى معدل 2.2% سنة 2001 ،ثم تراجع من جديد ليقتصر 1.42%سنة 2002 ثم اخذ معدلات متزايدة من 2.6سنة 2003 ثم 4.7 سنة 2004.
تعود هده النتائج إلى استمرار السيولة المفرطة في السوق النقدية بالإضافة إلى حركة هيكل الطلب على العملة لوسائل الدفع الفورية مثل العملة الائتمانية و الودائع عند الطلب مع ميل أكثر أهمية نحو الودائع عند الطلب .
3-2 السيولة الاقتصادية
عرفت السيولة الاقتصادية معدلات مرتفعة خلال الفترة 1990-2004 لكن إذا كانت نسبة السيولة مرتفعة فذلك يشكل خطر لأنها تعتبر مؤشرا سابقا لعودة زيادة السيولة في الاقتصاد الوطني مما يزيد في التضخم و يقلل من الاستقرار النقدي .
لقد بلغت نسبة السيولة61 % سنة 1990 ثم تراجعت إلى 48 سنة1992 ثم ارتفعت من جديد حيث بلغت 52.7% سنة1993 .
من الجدول الموالي يتضح أن المستوى المعتدل للسيولة إرتبط بالفترة (1995 – 1997 ) حيث عرفت نسبة السيولة سنة 1996 أدنى نسبة لها (35.7% ), و هذا راجع للتطهير النقدي و المالي الذي وضع في إطار برنامج استقرار الاقتصادي الكلي, حيث أن
الامتصاص التدريجي لفوائض السيولة شرع في تحقيق الاستقرار النقدي الذي يبقى الشرط الضروري في استعادة النمو الاقتصادي.
لقد عاودت نسبة السيولة خلال الفترة (1998 – 1999 ) الارتفاع أين بلغت 45% سنة 1999 و هذا الاستقرار في مستوى 45% يفسر بزيادة عمليات إعادة التمويل عن طريق تحويل أموال إعادة الجدولة إلى نقود وهذا يعكس صورة الاقتصاد الوطني الذي طغت عليه العملة النقدية المتداولة, و هذا مؤشر يقلل من الاستقرار النقدي مما يرفع من مستوى التضخم.
و مع مطلع الألفية الثالثة أخذت نسبة السيول في الارتفاع المتواصل حيث بلغت سنة 2000 نسبة
40.2 % و قد قفزت هذه النسبة إلى 71.4% و ذلك سنة 2003 و هي أكبر نسبة خلال سنوات فترة الدراسة.
و للتحكم في الإفراط في السيول قام بنك الجزائر بتكييف أدواته بإحلال تقنية استرجاع السيولة عن طريق المزاد محل الأدوات التقليدية للسياسة النقدية و ذلك منذ أفريل سنة 2002, و أصبحت هذه الأداة التقنية السائدة.
إن الهدف الرئيسي الذي تتوخاه تدخلات بنك الجزائر هو مراقبة التضخم طبقا للمعيار متوسط المدى الذي اعتمدته السلطات في 2000 - 2001 أثناء مناقشات حول مخطط الإنعاش الاقتصادي و لبلوغ هذا الهدف فإن السلطة النقدية المتمثلة في مجلس النقد و القرض تحدد في بداية كل سنة برمجة نقدية من أجل التحكم في وتيرة تطور مختلف العناصر النقدية و جعلها بالتالي تتماشى و الهدف المنشود في مجال التضخم, و عليه أصبح تحقيق نسبة تضخم معتدلة بفضل تضافر سياسة مالية توسعية لكن محصورة في حدود التوازنات المنشودة,و سياسة نقدية حذرة.
جدول رقم 22 تطور الكتلة النقدية خلال الفترة 2004 – 1990 الوحدة مليار دج
السنوات الكتلة النقدية M2 وتيرة التوسع % سيولة الإقتصاد %
1990
343.1 11.5 61.8
1991 416.2 21.3 48.2
1992 515.9 24.0 48.0
1993 627.4 21.6 52.7
1994 723.6 15.3 48.6
1995 799.6 10.5 39.8
1996 919.6 15.0 35.7
1997 1.081.5 18.3 38.9
1998 1.287.9 14.1 45.5
1999 1.454.4 12.9 44.9
2000 1.659.2 14.08 40.2
2001 2.029.2 22.3 49.2
2002 2.901.5 17.3 63.9
2003 3.401.9 17.2 71.4
2004 3.756.2 10.9 69.8
المصدر:
ONS L’Algérie en quelque chiffres 1993 – 1996
ONS Rapport sur a situation économique et sociale année 1999
CNES Rapport sur la conjoncture économique et sociale de l’année 1997,2001, 2004.
خلاصة الفصل السادس
من خلال دراستنا للسياسة المالية المطبقة في الجزائر خلال الفترة 1990- 2004 اتضح لنا أنّ السياسة الانفاقية تميزت بنمو الإنفاق العام وارتفاع معدلاته من سنة لأخرى طول فترة الدراسة نظرا لتوسع نشاط الدولة وقد مثلت نفقات التسيير خلال الفترة كلها حوالي 72% كمتوسط عام بينما مثلت نفقات التجهيز حوالي 37 % من النفقات العامة في أحسن الأحوال.
أما الإيرادات العامة لقد عرفت تزايد متواصل خلال فترة الدراسة التي استمر اعتمادها بدرجة كبيرة على الجباية البترولية حيث مثلت هذه الأخيرة نسبة أكبر من 60% طوال سنوات الدراسة، ولهذا أصبح الاقتصاد الوطني عرضة للمتغيرات الخارجية وخاصة المتعلقة بأسعار النفط.
وكان من نتيجة ذلك أن الموازنة العامة الجزائرية اتصفت بالعجز المزمن والمستمر خلال أغلب سنوات الدراسة ابتداء من سنة 1992 ويرجع استفحال العجز إلى عجز الإيرادات العامة عن ملاحقة الزيادة في الإنفاق العام.
وفيما يتعلق بوضع التوازن العام للاقتصاد الجزائري فإنه يعاني من مشكلات أساسية وجوهرية تعكس في واقع الأمر حقيقة انعدام التوازن البنيوي بصورة عامة، بعابرة أخرى أن الخلل يعتبر هيكليا في الأساس وقد تمثلت الإختلالات في نمو النفقات العامة بمعدلات أكبر من الإيرادات العامة المتاحة والمحدودة المصادر
خلاصة الجزء التطبيقي
صاحب انتقال الجزائر من اقتصاد مخطط مركزيا إلى اقتصاد يعتمد على آليات السوق القيام بعملية ضخمة لإعادة توجيه سياساتها المالية، وتمثلت هذه العملية في مجموعة من الإصلاحات الهيكلية بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية. كانت السياسة المالية في إطار التخطيط المركزي تركز أساسا على تخصيص العائد المحقق من صادرات المحروقات من أجل توفير الخدمات المدنية ذات الحجم الكبير بالإضافة إلى التحويلات والإعانات العامة لكل من الإنتاج والاستهلاك والقيام ببرنامج ضخم من الاستثمارات العامة غير ذات الأولوية.
وفي عام 1986 تدهورت مظاهر الضعف المالي بدرجة كبيرة عندما انخفضت إيرادات الصادرات الهيدروكربونية، وقد نتج عن هذا اختلالات مالية كبيرة التي ما صاحبها من تراكم من دين خارجي حتى أصبحت خدمات المديونية خطرا يهدد الاقتصاد الوطني.
استمرار هذه الإختلالات المالية أجبرت الحكومة على القيام بعمليات تصحيح مالي أكثر قوة في إطار برنامجين بمساندة صندوق النقد الدولي مع مطلع التسعينات كما أن هذه الفترة عرفت ارتفاع حاد في أسعار النفط مما جعل ميزانية الدولة تحقق فائض غير أن هذا الأخير تحول إلى عجز ابتداء من سنة 1992 وهذا راجع لارتباط الاقتصاد الوطني بالإيرادات النفطية.
وبهدف تصحيح الاختلالات المالية والتخفيض من عجوزات الميزانية استمرت الحكومة في تطبيق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني عامة والمتعلقة بالسياسة المالية خاصة وقد نجح برنامج التصحيح المنفذ عام 1994 إلى حدّ كثير في تخفيض عجز الميزانية وقد اتخذت الحكومة السياسة الضريبية وسياسة الإنفاق العام كأداة فعالة من أدوات الإدارة الكلية.
وتجدر الإشارة أن السياسة الانفاقية للجزائر خلال الفترة 1990- 2004 تميزت بزيادة معدلات النفقات العامة باستمرار، وأخذت نفقات التسيير حصة الأسد من النفقات الإجمالية ثم تأتي نفقات التجهيز في المرتبة الثانية التي عرفت نوع من الزيادة خلال السنوات الأخيرة من سنوات الدراسة.
أما السياسة الإيرادية تميزت باعتمادها على الجباية البترولية حيث مثلت هذه الأخيرة أكبر من 60% من الإيرادات الإجمالية، غير أنّ الجباية العادية عرفت نوع من التحسن من خلال الإصلاحات الضريبية المنتهجة، والشيء الملاحظ هو أن نسبة زيادة الإيرادات العامة لم تلاحق زيادة النفقات العامة مما أدى إلى نتيجة تمثلت في عجز الميزانية في أغلب سنوات فترة الدراسة وبالتالي أصبح التوازن الداخلي مختل وراجع إلى تأثر التوازن الداخلي بالمتغيرات الخارجية لاعتماده على الإيرادات النفطية.
أما على مستوى التوازن الخارجي حققت الجزائر نتائج حسنة في أغلب سنوات الدراسة وتمثلت هذه النتائج في الفائض الذي حققه ميزان المدفوعات وهذا راجع إلى زيادة صادرات الجزائر وخاصة المحروقات من جهة وارتفاع أسعارها من جهة أخرى، وبالتالي يصبح الاقتصاد الجزائري هشا وعرضة للتغيرات الخارجية .
وأخيرا نخلص إلى أن التوازن الاقتصادي العام للجزائر يعاني من مشكلات أساسية وجوهرية تعكس في واقع الأمر حقيقة انعدام التوازن البنيوي بصورة عامة والمتمثل في العجز الموازني الناتج عن زيادة النفقات بمعدل أكبر من الإيرادات هذا من جهة وتقلب أسعار النفط من جهة أخرى.