الفرق بين الروح والنفس للشيخ العثيمين
سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما ؟
فأجاب قائلاً: الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حساً أو معنى، فالقرآن يسمى روحاً قال الله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) (2) لأن به حياة القلوب . . .
العلم والإيمان، والروح التي يحيا بها البدن تسمى روحاً كما قال الله –تعالى-: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)(3). أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى)(4). وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه، فيقال:جاء فلان نفسه، فتكون بمعنى الذات، فهما يفترقان أحياناً، ويتفقان أحياناً، بحسب السياق. وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق، فالقرية مثلاً تطلق أحياناً على نفس المساكن، وتطلق أحياناً على الساكن نفسه ففي قوله تعالىعن الملائكة الذين جاءوا إبراهيم: (قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية)(1) المراد بالقرية هنا المساكن، وفي قوله –تعالى-: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً)(2) المراد بها الساكن، وفي قوله –تعالى-: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها)(3) المراد بها المساكن، وفي قوله: (واسأل القرية التي كنا فيها)(4) المراد بها الساكن، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القرآن الكريم ليس فيه مجاز وأن جميع الكلمات التي في القرآن كلها حقيقة لأن الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول : إن في القرآن مجازاً، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه، ومن أبين ما يجعل هذا القول صواباً أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال: فلان أسد، صح لك نفيه، وهذا لا يمكن أن يكون في القرآن، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئاً مما ذكره الله تعالىفي القرآن الكريم.