يحتاج اليتيم أن يجد بجانبه أباً ينوب عن ابيه ولو بشكل صوري
وأماً تنوب عن أمه ولو بالمحاولة
لا يعرف اليتم إلا من كتب الله عليه اليتم
اليتيم هو من فقد أباه قبل أن يبلغ سن الحلم والبلوغ، فإذا بلغ الحلم زال عنه هذا اللّقب. واليتم لغة تعني الانفراد، فمن عاش وكبر بدون أب فهو يتيم. والسبب في تسميته بهذا الاسم أن الإنسان يفقد من يعتني به ويكفله في مرحلة الصغر حين يكون في أشدّ الحاجة لمن يأويه ويعتني به ويرعاه. أما في البهائم فمن فقد أمه هو اليتيم، ويطلق على من فقد أباه وأمّه معاً "لطيم"، أمّا فقد أمّه دون أبيه فهو "العَجيّ". بغض النظر عن المسميّات فإن من فقد أباه أو أمّه أو الاثنين معاً في صغره فهو شخص بحاجة إلى رعاية وحنان من حوله ليعوضوه عن خسارته الكبيرة في هذه الحياة. لقد حرصت شريعتنا الإسلامية على الإهتمام باليتيم وحقوقه ورعايته، فقد ورد ذكر اليتيم في القرآن اثنين وعشرين مرّة، كانت في مواقع تعرض الرحمة الإلهية بهذا الإنسان وإيصاءالنّاس به، وفي مواقع أخرى كانت تعرض لبيان حقوقه الاجتماعية والمالية في المجتمع حتى لا يظلم؛ يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: [ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا .. ] فمن مظاهر العناية الإلهية باليتيم إيصاء النّاس به، واعتبار رعاية اليتيم من أعمال الإحسان التي يقوم بها المسلم، وشدّد على أهميّة معاملته بالحسنى وعدم التعدّي على حقوقه والحفاظ عليها. ولنا في قصص القرآن الكريم أكثر العبرات في ذلك، منها قصة سيّدنا موسى مع الخضر الذي أصلح جداراً لغلامين يتيمين على الرّغم من أنّ أهل القرية لم يكرموهما، وذلك لأنّ والدهما كان رجلاً صالحاً، وقد تعجب سيدنا موسى من حكمة الله تعالى ورحمته فيهما؛ قال تعالى: "وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي). (سورة الكهف: 82)
أمّا حقوقه الإجتماعيّة فقد حرص الله سبحانه وتعالى عليها كل الحرص؛ فاليتيم إنسان مستضعف يستقوي عليه الأقوياء والظالمين؛ ولذلك فإنّ ديننا دين العدل والمساواة خصّه بحقوق اجتماعيّة له لا لغيره. فمن هذه الحقوق أوّلاً إيواء اليتيم بقوله سبحانه وتعالى: "أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىظ°"، فالإنسان يحتاج إلى مكان يأويه، مكان يحصل فيه على حنان وصدر حنون يغمره وبيت يشعر بالراحة والألفة فيه. قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه".
كما أنّ من حقوقه الاجتماعية الإنفاق عليه؛ قال تعالى: "وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى"، فهو صغير مسكين لا يملك من ينفق عليه، يحتاج لمن يطعمه ويكسوه. ومن حقوقه أيضا حقه في التربية؛ قال تعالى: "وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى"، فله حقه في التربية والهداية. ومن حقوقه أيضا الرفق به؛
قال تعالى: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ"