عن أي بحث علمي نتحدث؟
الدول المتقدمة تولي أهمية كبرى لميدان البحث العلمي، وترصد مليارات الدولارات في سبيل تحقيق نجاعة منه، توفر للباحثين كل الشروط الكفيلة بنجاح الاستثمار في البحث العلمي.
ورغم أن البحث العلمي يتداخل مع السياسة في توفير الدراسات والأبحاث السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية للحكومات الغربية ، ورغم انتماءات الباحثين المختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار إلى الخضر إلى من ينتمي إلى الأحزاب التقليدية إلى المستقليين غير المسيسين إلا أن هذا لم يفسد في النهاية العمل البحثي الجماعي الذي تقدمه المراكز البحثية.
عندنا كل شيء يسيس ويتم اخضاعه لمنطق الجهوية والقبلية والعنصرية والعروشية وضرب الشيتة لطرف أو آخر أو لجناح في السلطة أو آخر وحتى الانتقام وتصفية الحسابات ضد أشخاص يشتغلون في ميدان البحث في مراكز بحثية هنا او هناك.
لا توجد استقلالية في ميدان البحث مهما تحدثنا عن ذلك أو جاء في دساتير البلدان العربية.
البيروقراطية والفساد والذهنيات المتخلفة التي يمليها عنصر الجهوية أو القبلية أو التفوق أو ضعف مستوى المُتحكم في وسائل العمل في هذه المؤسسات أو عقلية التقنانت أو الايديولوجيا الحزبية أو الدينية تفسد مشروع الاستثمار في البحث.
عدم الاحترام بين العمال في مراكز البحث وسيطرة الأمي ثقافياً وعلمياً والفقير دراسياً وفي الرصيد العلمي على وسائل العمل في المراكز وتعويض ذلك النقص والعقدة المركبة فيه بعرض عضلاته على الباحثين من خلال تعطيل عملية تسليم وسائل العمل لهؤلاء الباحثين أو التحكم بالتقنيات العمومية مثل وسائل الاتصالات مثل: الحواسيب والأنترنت تعيق بلا شك عملية البحث العلمي.
كما أن الصراع الإيديولوجي والقبلي والفكري والسياسي وما يحصل فوق في أعلى هرم السلطات العربية وميل وانحياز بعض العاملين في مراكز البحث من المهنيين والتقنيين المتحكمين في وسائل العمل في البحث ينعكس على سلوك هؤلاء العمال ويوجههم ليس في صالح استقلالية العمل والتمييز بين العمل الوظيفي والحياة الشخصية بل يخلط بين الأمرين وسيكون الباحثون الذين لهم مواقف أو كتابات أو خطابات في مواقع أنترنت تتحدث عن أمور سياسية متعلقة بذلك الصراع أو بعيدة عنه وتتحدث عن مواضيع متعلقة بأحداث عالمية نصيب مما سيقوم به هؤلاء المتحكمون في وسائل عمل المراكز للضغط على هؤلاء الباحثين وتوجيههم نحو آرائهم ومواقفهم وتعاطفهم مع هذا الطرف أو ذاك.
تلك معضلة تعيشها مراكز البحث في المنطقة العربية.
من الخطر بمكان أن تتحكم أرقام 28 و17 في وزارة بحجم وزارة للبحث العلمي، لأن ما كُتب على عناصر منهما وصلوا بواسطة صرعوفة وحلابة شياه إلى أعلى الهرم هناك من السهل جداً أن ينتقموا في إطار الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتديني والأخلاقي المستشري الانتقام من أولئك الباحثين الذين نذروا كتاباتهم لقول الحقيقة مهما كان الثمن الذي سيدفع فيها حتى بالأرواح إن تطلب الأمر ذلك.
سندباد علي بابا الأمازيغي