ايامُ حياتِك.. أم حياة أيامك "
أيامُ حياتكَ" لا تملِكُها فالأعمارُ والآجالُ عِلمُها عندَ ربّي ولا تَقدِرُ أن تزيدَ فيها شيئًا. أما "حياةُ أيامِكَ" فهنا الشأنُ كلُّه!! إنَّ اليومَ الذي تحياهُ ويستحِقُّ أن يُسَجَّلَ من أيام حياتك هو يومُ الإضافةِ والإنجاز، يومُ البَصْمَةِ والأثَرِ الإيجابيّ الذي تَكسِبُهُ في ذاتِكَ أو تُكسِبُهُ لغيرك. هو اليومُ الذي تُحلّقُ فيه روحُك وتزدادُ فيه قربًا مِن رَبِّك. ليس المُهِمُّ (كم ستَعيشُ) ولكنَّ المُهمَّ (كيف تعيش)؟! ستُّ سـنواتٍ فقط من حياةِ سعدٍ بن معاذ في الإسلامِ كانت كفيلةً لأنْ يهتزَّ لموتهِ بعدَها عرشُ الرَّحمن. ركِّزْ على الـ"كيف". كيفَ تختارُ لنفسِكَ حياةً كريمَة كيف ترسمُ لنفسك خاتمةً سعيدةً تستقبِلُ بها الحياةَ الأبديَّةَ الباقية؟ هذه المَعاني انقدَحَتْ في خاطري منذُ أشهُرٍ حينَما قرأتُ حكمةً تقولُ: (لا يُمكِنُكَ أن تمنَحَ حياتَك مَزيدًا من الأيام ولكن يمكِنُكَ أن تمنَحَ أيامَكَ مَزيدًا من الحياة). وتجلَّى أمامَ عيني قولُ الحقّ جَلَّ جلالُه: ((أوَمَنْ كان ميتًا فأحييناهُ وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمَنْ مثَلُه في الظُلُمات ليس بخارجٍ منها؟!)). اللهمَّ أَحي بِنا دينَكَ بعدَ أن تُحْييَنا به. "صاحب من تصاحب" فوالله الذي على العرش استوى لن يصاحبك في قبرك إلا صاحب واحد " عملك الصالح "فأحسن صحبته في الدنيا يحسن صحبتك في قبرك. هُموم الحياة ثَقيلة ومشاغلها كثيرة؛ فاحرص أن يكون أبلغ هَمّك فيها: كيف ترضي الله وكيف تسلك طريق تقواه. من أوى إلى الله آواه، ومن فوض أمره إلى الله كفاه. ومن باع نفسه إلى الله اشتراه ، فطوبى لمن آواه ربه وكفاه.. واشتراه فرضي عنه وأرضاه .
يُحكى أن ثلاثةً من العُميان دخلوا في غرفة بها فيل..
وطـُـلِـبَ منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه ....
بدأوا في تحسُّس الفيل وخرج كلٌّ منهم ليبدأ في الوصف:
قال الأول : الفيل هو أربعة عمدان على الأرض!
قال الثاني : الفيل يشبه الثعبان تماماً
و قال الثالث : الفيل يشبه المكنسة!
وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار ..
وتمسّك كلٌّ منهم برأيه وراحوا يتجادلون ويتِّهم كلٌّ منهم الآخر بأنّه كاذب ومُدَّعٍ!
بالتأكيد أنّك لاحظت أنَّ الأول أمسك بأرجل الفيل والثاني بخرطومه ، والثالث بذيله ..
كلٌّ منهم كان يعتمد على برمجته وتجاربه السابقة ..
لكن .. هل التفتّ إلى تجارب الآخرين؟
من منهم على خطأ؟
في القصة السابقة .. هل كان أحدهم يكذب؟
بالتاكيد لا .
من الطريف أن الكثيرين منا لا يستوعبون فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه ..
فحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ!!
قد نكون جميعا على صواب لكن كل منا يرى مالا يراه الآخر!
إن لم تكن معنا فأنت ضدنا!
لأنهم لا يستوعبون فكرة أنَّ رأينا صحيحا لمجرد أنه رأينا!
لا تعتمد على نظرتك وحدك للأمور فلا بد من أن تستفيد من آراء الناس
لأن كل منهم يرى ما لا تراه ..
فرأيهم قد يكون صحيحا أو قد يكون مفيداً لك