القروض البنكية
المبحث الأول: ماهية القروض البنكية و أنواعها
إذا كانت الودائع هي المصدر لأموال البنوك التجارية,فان القروض هي الاستخدام الرئيسي لتلك الأموال.و عمليات الإقراض للعملاء هي الخدمة الرئيسية التي يقدمها البنك التجاري ,وفي نفس الوقت المصدر الأول لربحيته ,و لذلك هناك اعتبارات يجب مراعاتها عند منح القروض بأنواعها المختلفة ,بل و هناك سياسات للاقتراض لابد من وجودها لإدارة العمليات المصرفية الخاصة بالقروض بكفاءة و فعالية.بالإضافة إلى ذلك هناك دراسات و تحليلات للئتمان لابد أن تتم , و عمليات تفاوض تحدث و إجراءات وخطوات محددة يجب أن تحدد ,و متطلبات عالية يجب أن تتوافر لمنح القروض و تطوير دائم تعمل البنوك
التجارية على أحداثه عند إدارتها للقروض المصرفية.
المطلب الأول: ماهية القروض البنكية
لتوضيح ماهية القروض التي تمنحها البنوك نستعرض تعريف القروض البنكية في الفرع الأول,ثم نتطرق بعد ذلك إلى وظائفها و أهميتها من خلال الفرع الثاني,إضافة إلى سياسة الإقراض في الفرع الثالث.
الفرع الأول: تعريف القروض البنكية:
*التعريف باللغة العربية: ائتمن فلان فلانا:عده أي اعتبره أمينا,و ائتمن فلان فلانا على كذا:اتخذه أمينا عليه.و الائتمان هو أن تعد أي تعتبر المرء أمينا ,أي جديرا يرد الأمانة إلى أهلها,أي جديرا بالثقة.
*التعريف باللغة الأوروبية: إن الكلمة المقابلة للائتمان هي: CREDIT أصلها هو الكلمة
اللاتينية:CREDITUM المشتقة من الفعل اللاتيني Crédere الذي يعني:Groire أي يعتقد
*التعريف بلغة القانون: له معنى واسع ,و الذي يعني تسليم الغير مالا منقولا أو غير منقول على سبيل الدين أو الوديعة ,أو الوكالة,أو الإيجار,أو الإعارة, أو الرهن
01-تعرف القروض المصرفية بأنها تلك الخدمات المقدمة للعملاء ,و التي يتم بمقتضاها تزويد الأفراد و المؤسسات و المنشئات في المجتمع بالأموال اللازمة على أن يتعهد المدين بسداد تلك الأموال, وفوائدها و العمولات المستحقة عليها و المصاريف دفعة واحدة ,أو على أقساط في تواريخ محددة ,و تدعم تلك العملية بتقديم مجموعة من الضمانات التي تكفل للبنك استرداد أمواله في حالة توقف العميل عن السداد بدون أية خسارة ,و ينطوي هذا المعنى على ما يسمى بالتسهيلات الائتمانية ,ويحتوي على مفهوم الائتمان و السلفيات ,حتى انه يمكن أن يكتفي بأحد تلك المعاني للدلالة على معنى القروض المصرفية[].
02: الائتمان يعتبر تسليف المال لتثميره في الإنتاج و الاستهلاك ,و هو يقوم على عنصرين أساسيين هما:الثقة و المدة.
03: الائتمان المصرفي هو عملية يرتضي بمقتضاها البنك مقابل فائدة أو عمولة معينة أو محددة أن يمنح عميلا (فرد أو شركة أعمال) بناءا على طلبه سواء حالا أو بعد وقت معين بتسهيلات في صورة أموال نقدية أو أي صورة أخرى ,وذلك لتغطية العجز في السيولة ليتمكن من مواصلة نشاطه المعتاد,أو اقتراض العميل لأغراض استثمارية ,أو تكون في شكل تعهد متمثلة في كفالة البنك للعميل ,أو تعهد البنك نيابة عن العميل لدى الغير[].
04:هي القروض التي تمنحها البنوك التجارية أو الصناعية لاما تزيد عن السنة الواحدة لغرض استخدامها في شراء الموجودات الثابتة ,أو في تمويل الزيادة الدائمة في رأس مال التشغيل[].
05:القرض هو مقياس لقابلية الشخص المعنوي الاعتباري للحصول على القيم الحالية(نقود),مقابل تأجيل الدفع إلى وقت معين في المستقبل,و بعبارة أخرى هو وعد بالدفع بعد انقضاء وقت الاستدانة أو القرض].
الفرع الثاني: وظائف و أهمية القروض
أولا: وظائف القروض البنك[]:
01: وظيفة تمويل الإنتاج: إن احتياجات الاستثمار الإنتاجي المختلفة في الاقتصاد الحديث تستوجب توفير قدر ليس بالقليل من رؤوس الأموال,و لما كان من المتعذر توفير هذا القدر الكامل من الإدخارات و الاستثمارات الفردية أو الخاصة. لذا فان اللجوء إلى البنوك و المؤسسات المالية المختلفة بهدف الحصول على القروض أصبح أمرا طبيعيا و ضروريا لتمويل العمليات الإنتاجية و الاستثمارية المختلفة,كما يمكن للمنتجين الحصول على القروض عن طريق إصدارهم السندات و بيعها للمشروعات و الأفراد,و هذا يساعدهم على زيادة حجم بدور الوسيط فيما بين المدخرين و المستثمرين ,و هذه
الوساطة تساعد على تسهيل و تسريع و زيادة حجم الاستثمار و الإنتاج في الاقتصاد الوطني ,هذا فضلا عن تقديم البنوك للقروض مباشرة للمستثمرين بما هو متوفر لديها من ودائع المدخرين.
02: وظيفة تمويل الاستهلاك:إن المقصود بوظيفة تمويل الاستهلاك ,حصول المستهلكين على السلع الاستهلاكية بدفع اجل لثمنها. إذ قد يعجز الأفراد عن توفير القدر المطلوب من السلع الاستهلاكية الآتية بواسطة دخلهم الجاري,لذا يمكنهم الحصول على هذه السلع بواسطة
القروض التي تقدمها لهم هيئات مختلفة ,و يكون دفع إثمان هذه السلع بفترات مستقبلية مناسبة,مما يساعد الأفراد على توزيع إنفاقهم الاستهلاكي عبر الزمن,و يساعد القرض
الاستهلاكي أيضا على تنشيط جانب الطلب على السلع و الخدمات الاستهلاكية ,و من ثم يساهم في زيادة رقعة السوق و زيادة حجم الإنتاج و الاستثمار.
03: وظيفة تسوية المبادلات: إن قيام القروض بوظيفة تسوية المبادلات وإبراء الذمم,تظهر أهميتها من خلال مكونات عرض النقد,أو كمية وسائل الدفع في المجتمع,فزيادة على الأهمية النسبية لنقود الودائع (الودائع الجارية) من إجمالي مكونات عرض النقد ,و يعني استخدام القروض بصورة واسعة في تسوية المبادلات وإبراء الذمم بين الأطراف المختلفة.و يمكن ملاحظة مثل هذا التعامل و الاستخدام للنقود المصرفية في المجتمعات المتقدمة اقتصاديا, إذ إن معظم التعامل في تسوية المبادلات السلعية تكون الشيمات وسيلة للدفع أو وسيطا للتبادل مع اعتماد اقل على النقود الحاضرة في القيام بهذه المهمة,و هذا ناشئ عن تقدم العادات المصرفية في المجتمع ,كما إن قيام البنوك
التجارية بخلق الودائع و استخدام أدوات الائتمان الأخرى,من أوراق مالية و كمبيالات ساعد كثيرا على تسهيل عمليات المبادلة و توسيع حجمها.
إن الوظائف الأساسية المذكورة للقروض البنكية تنعكس أثارها بصورة واضحة على النشاط الاقتصادي عموما ,و على بقية المتغيرات الأساسية في الاقتصاد الوطني خصوصا ,و في مقدمة هذه المتغيرات الدخل القومي,الاستثمار,الاستهلاك, الادخار.
ثانيا: أهمية القروض البنكية:
-تسهيل المعاملات التي أصبحت تقوم على أساس العقود و الوعد بالوفاء,و كيف إن هذا الأسلوب قد رافق النهوض الاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية.
-يعتبر وسيلة مناسبة لتحويل رأس مال من شخص لأخر,و بذلك فهو واسطة للتبادل وواسطة لاستغلال الأموال في الإنتاج و التوزيع,أي واسطة لزيادة إنتاجية رأس المال[].
-تعتبر القروض المصرفية المورد الأساسي الذي يعتمد عليه البنك للحصول على إيراداته, إذ تمثل الجانب الأكبر من استخداماته ,و لذلك تولي البنوك التجارية القروض المصرفية عناية خاصة.
-تعد القروض المصرفية من العوامل الهامة لعملية خلق الائتمان التي تنشا عنها زيادة الودائع و النقد المتداول.
- ارتفاع نسبة القروض في ميزانيات البنوك التجارية يؤدي إلى ارتفاع الفوائد و العمولات, التي تعتبر كمصدر للإيرادات و التي تمكن من دفع الفائدة المستحقة للمودعين في تلك البنوك ,و تدبير و تنظيم قدر ملائم من الأرباح مع إمكانية احتفاظ البنك بجزء من السيولة لمواجهة احتياجات السحب من العملاء.
01-تلعب القروض دورا هاما في تمويل حاجات الصناعة و الزراعة و التجارة و الخدمات,فالأموال المقرضة تمكن المنتج من شراء المواد الأولية,و رفع أجور العمال اللازمين لعملية الإنتاج و تمويل المبيعات الآجلة,والحصول على سلع الإنتاج ذاتها .
-منح القروض يمكن البنوك من الإسهام في النشاط الاقتصادي و تقدمه, و رخاء المجتمع الذي تخدمه. فتعمل القروض على خلق فرص العمالة,و زيادة القوة الشرائية التي يدورها تساعد على التوسع في استغلال الموارد الاقتصادية,و تحسين مستوى المعيشة[].
الفرع الثالث: سياسة الإقراض
أولا: مفهوم سياسة الإقراض[]:يمكن تعريف سياسة الإقراض بأنها مجموعة القواعد و الإجراءات ,و التدابير المتعلقة بتحديد حجم و مواصلات القروض ,و تلك التي تحدد ضوابط منح القروض و متابعتها و تحصيلها, و بناءا على ذلك فان سياسة الإقراض في البنك التجاري يجب إن تشمل القواعد التي تحكم عمليات الإقراض بمراحلها المختلفة,و إن
تكون هذه القواعد مرنة و مبلغة إلى جميع المستويات الإدارية ,المعنية بنشاط الإقراض.
ثانيا:مكونات سياسة الإقراض:
تشمل سياسة الإقراض المكونات التالية :
01-تحديد الحجم الإجمالي للقروض: ويقصد به إجمالي القروض التي يمكن للبنك إن يمنحها لعملائه ككل ,و كذلك إجمالي القروض التي يمكن إن يمنحها للعميل الواحد,و عادة
ما تتقيد البنوك التجارية في هذا المجال بالتعليمات و كذا القواعد التي يضعها البنك المركزي.
02- تحديد المنطقة التي يخدمها البنك: و يتوقف حجم المنطقة التي يغطيها نشاط الإقراض في البنك وفقا لمجموعة من العوامل, في مقدمتها حجم الموارد المناخية و المنافسة التي يلقاها البنك في المناطق المختلفة,فضلا عن طبيعة المناطق المختلفة و حاجة كل منها للقروض,و يضاف إلى ذلك مدى قدرة البنك على التحكم في إدارة هذه القروض و الوقاية عليها.
03-تحديد أنواع القروض: يمكن تحديد أنواع القروض التي يمكن للبنك منحها ,و ترجع أهمية تحديد أنواع القروض الممنوحة إلى الارتباط المزدوج بين نوع القرض و طبيعة كل من نشاط المقترض و نشاط البنك ,و هذا الأخير قد يكون مقيدا كليا أو جزئيا بالقوانين السارية في الدولة ,و التعليمات التي تصدرها السلطات النقدية ,و من ناحية أخرى فان طبيعة مصادر الأموال في البنك و خاصة الودائع يمكن إن تتحكم في أنواع القروض التي يمكن منحها.
04- تحديد سلطات منح القروض: بتم وضع حد معين للمبالغ التي يكون لكل من المسؤولين عن الإقراض سلطة الموافقة عليها عند المستويات الإدارية المختلفة, و في هذا الصدد يمكن التفرقة بين نوعين من البنوك[].
ا- البنوك ذات الوحدة الواحدة: في هذا النوع من البنوك فان الذي يباشر عملية الإقراض للعملاء هو الموظف المختص بالقروض ,و الذي يكون مقيدا لحد معين بقيمة القرض التي لا يمكن تجاوزها,و القروض التي تزيد عن هذا الحد يملك سلطة الموافقة عليها كبار الموظفين المعنيين بالإقراض,و ذلك في حدود مبلغ معين أيضا و ما يزيد عن ذلك تتولى لجنة القروض أمر البحث فيه.
ب-البنوك ذات الفروع : و في هذا النوع من البنوك تتدرج سلطة منح القروض من رئيس مجلس الإدارة إلى مدير الائتمان إلى مدير الفرع,أي وجود قدر من اللامركزية و بالتالي يكون لكل مدير فرع حد معين لمبلغ القرض الذي يمكن إن يوافق عليه, وما يزيد عن هذا الحد يرفع إلى المركز الرئيسي سواء كان المختص بالموافقة مدير عام للائتمان أو لجنة القروض ,أو رئيس مجلس الإدارة.
05-تحديد سعر الفائدة على القرض: يحضى تحديد سعر الفائدة على القرض بإحكام كبير , و تتأثر أسعار الفائدة بعوامل كثيرة منها: أسعار الفائدة السائدة في السوق, و درجة المنافسة بين البنوك ,و حجم الطلب على القروض.
و عندما يقوم البنك بتحديد سعر الفائدة على القروض التي يمنحها ,فان ذلك لا يعني بالضرورة إن يحدد نسبة عينيه لسعر الفائدة على القروض.و لكن قد يكتفي بتحديد أساس
ساب هذا السعر, و بعبارة أخرى فان البنك قد يضع مدى معين لسعر الفائدة على القروض استرشادا بسعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي,بالإضافة إلى سعر الفائدة على الودائع بحيث يختلف سعر الفائدة طبقا لنوعية القرض,أو نوعية العميل المقترض.
06-تحديد استحقاق القرض: أي يقوم البنك بتحديد الآجال المختلفة لما يمكن إن يمنحه من قروض, و التي قد تتراوح من ليلة واحدة إلى عدة سنوات مع مراعاة انه كلما زاد اجل استحقاق القرض كلما زادت المخاطر المحيطة بسداده. ووضع إطار استحقاق القروض يعني تحديد ما هو المقصود بالأجل القصير و المتوسط و الطويل,و هنا تختلف الآجال من بنك لآخر.
مع الملاحظة انه كلما زاد حجم الأموال المملوكة ,و زادت نسبتها إلى الودائع كلما كانت البنوك أكثر قدرة على منح قروض متوسطة و طويلة الأجل و العكس صحيح. وكلما زادت نسبة الودائع الآجلة إلى إجمالي الودائع و قلت درجة تقلب الودائع ككل,كلما كانت البنوك أكثر قدرة على منح القروض متوسطة و طويلة الأجل و العكس صحيح[].
07-تحديد الضمانات المقبولة من جانب البنك: يقوم البنك بتحديد الضمانات التي يمكن قبولها ,و التي تتوقف على الظروف المحيطة و عادة ما تختلف من وقت لأخر وفقا لمدى قبولها في السوق,كما يحدد البنك أيضا هامش الأمان بالنسبة للأصول المقدمة للضمان.فبالنسبة للقروض الاستهلاكية مثلا فان البنك يحدد صفات طالب القرض في إن يكون شاغلا لوظيفة لعدد معين من السنوات ,و لديه دخل ثابت,كما يكون منتظما في سداد القروض السابقة ,و بالنسبة للبضائع يحدد البنك صفات البضائع المرهونة و أماكن وجودها و هامش الضمان المطلوب.
08-مجالات الإقراض غير المسموح بتمويلها: قد تتضمن سياسات الإقراض لدى بعض البنوك المجالات غير المسموح بتمويلها,بغض النظر عن ماهية هذه المجالات و الحكمة الأساسية من وراء هذا المنع هو التقليل من المخاطر التي تصاحب تمويل هذه المجالات , أو قد تكون مبررات هذا المنع راجعة إلى أسباب دينية أو أخلاقية.فقد تقرر إدارة البنك منع الإقراض في مجالات صناعات متقدمة أو صناعات يحتمل تعرضها إلى أزمات ,أو في مجال صناعة الأسلحة أو السجائر.
09- متابعة القرض: ينبغي إن تشمل سياسة الإقراض تصميم نظام كامل للرقابة الصارمة على القروض,وذلك من خلال إتباع وسائل الرقابة بأنواعها المختلفة بهدف اكتشاف مشاكل تحصيل القروض من العملاء.
خاصة و إن مشكلة القروض المتعثرة تواجه كل بنك من البنوك,و مما لاشك فيه إن وجود سياسة محددة و نظام محكم لمراقبة القروض يخفف إلى درجة كبيرة من نسبة القروض الهالكة,كما انه يمكن اكتشاف القروض المتعثرة في وقت مبكر مما يسمح بمعالجة الوضع قبل استفحاله [].
منقول