1- الموقف الأول: لمّا علم الرّسول (ص( بأمر قافلة قريش أراد ان يأخذها عوضا عن الأموال التي تركها المهاجرون في مكة وأخذتها قريش غنيمة سهلة، فجمع المهاجرين والأنصار وراح يشاورهم في أمر الحرب بعد ان علم أنّ قريشا قد جهّزت جيشا لقتاله
أما قادة الجيش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول اللَّه امض لما أراك اللَّه فنحن معك، واللَّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له به.
وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار، وفطن ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ، فقال
… واللَّه لكأنك تريدنا يا رسول اللَّه؟
قال: أجل.
قال: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول اللَّه لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إن لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل اللَّه يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة اللَّه.
وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم، فأظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فواللَّه لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، وواللَّه لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.
فسر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال: سيروا وأبشروا فإن اللَّه تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، واللَّه لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.
2- الموقف الثاني: لمّا وصل الرّسول (ص) بجيشه إلى بدر نزل بها، فقال له حباب بن المنذر: أرأيتَ هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله ، ليس لنا أن نتقدّمه ولا نتأخّر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال رسول الله: هو الرأي والحرب والمكيدة. قال حباب: يارسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى ناتي أدنى ماء من القوم – قريش- فننزله ونغوّر ما وراءه من القِلّب (الآبار) ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول اله (ص):" لقد أشرتَ بالرّأي"
موقف من غزوة بدر
– أراد الرسول (ص) أداء العمرة مع أصحابه، فخرج إلى مكة مسالما دون سلاح، ولمّا علمت به قريش حاولت صدّه،فعرضت عليه صلحا لمدة 10 سنوات، وعلى أن يرجع هذا العام دون عمرة، ثم يعتمر في العام المقبل، فاستشار أصحابه في قبول أو عدم قبول الصلح ، فكان الرأي عند البعض بدخول مكة بالقوة،والبعض الآخر رأى وجوب الصلح لأن فيه خيرا خاصة وأن المسلمين قد اتعبتهم الغزوات، فأنزل الله في هذا المر قرآنا في سورة الفتح، فيه تبشير بالنصر بناء على الصلح الذي اختاره المسلمون فيما بعد.
موقف من صلح الحديبية
– شاور الرسول أصحابه لتكون سنّة للمسلمين فيما بعد وللحكام خاصّة رغم أن رسول الله كان مؤيّدا بالوحي ومعصوما من الخطأ لإلا أنه كان يشاور أصحابه تطييبا لقلوبهم ورفعا لأقدارهم ، قال أبو هريرة رضي الله عنه:" ما رأيت من الناس احدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم"