سألت أمي لماذا تخاف علينا كثيرا قلت لها أنّ اهتمامك الزّائد و خوفك مزعج بعض الشيء أحيانا ..
فكانت الصّدمة ..
أخبرتني بأنها عندما كانت في الابتدائي كانت تزيل الغبار عن الممسحة فسمعت سيارات الاسعاف فاصيبت بحالة من الخوف ، دخلت القسم و جلست الى مقعدها و كلها قلق لم يكن اليوم الاول الذي تسمع فيه سيارة اسعاف ، غريب امر قلقها ، دخلت معلمة الفرنسية اخذت تكلم المعلمة في القسم و امي كلها قلق لا تدري لماذا ، تابعوا الدرس قبل الخروج من الصف سألتهم المعلمة اذا اصابتكم مصيبة فماذا انتم فاعلين ، الكل أجاب بالبكاء و الحزن .. الّا هي أجابت بالصّبر فطلبت المعلمة ان يصفّق لها القسم ، زاد قلقها ، عند الخروج طلبت منها البقاء قليلا ، و أخبرتها بأن أخاه الصغير محمد قد توفي اثر حادث أليم ، لم تطق المشي يومها ، في شارع صغير طفل يلعب هو اخته لم يبلغا من العمر ست سنوات تضربه شاحنة ..
كانت خالتي صغيرة و رأت أخاها يموت أمامها ، لم يقدّر أحد حال هذه الطفل البريئة ، بل أصبحت متهمة بالاهمال لأنها تركت اخاها الذي يصغرها بعام يقطع الطريق بمفرده هربا من شيخ عجوز مقعد ، أهي قلة وعي ؟ نعم هي كذلك ، فجدتي التي فقدت ابنها غاب عنها شيء من روحها دخلت في حالة حزن رهيبة ، كانت أمي تصعد الى السطح لتبكي اخاها الصغير ، فتجد اختها الصغرى تبكيه ظانة أنها السبب في موته فتعانقها و تهدّئ من روعها طفلة التسع سنوات تحن على طفلة الست سنوات ..
هذه الدنيا تخبّئ الكثير من الأسرار و المفاجآت ..
ثم أنها أخبرتني بأنها تحاول ان لا تظهر خوفها و فعلا هو كذلك لمن يشهد أمرا جللا كهذا ..
كلّما مررت بأمر صعب أتذكّر كلّ المصاعب التي مرّت بها أمي فأقول هذا لا شيء ، و أحمد ربّي لأنها علمتني أن أحبّ لا أن أكره ، أن أفكر بالخير لا بالشّر .. لو كتبت عنك ألف كتاب لن أوفيك حقك يا أمي ..
المغزى من كلّ هذا الحياة مليئة بالمصاعب ، و أحيانا تكون المصائب قوية و لكن يجب على الانسان ان يكون فطنا و قويّا و لا يجعل الحزن يتغلب عليه حتى لا يؤثّر الأمر أكثر من اللّازم و تصبح المصيبة مصائب ..
ثم تذكرت بأن جدي رحمه الله كان يناديني بمحمد على عكس كل من ينادونني بحمزة .. ( الوالدين لا ينسو و لو مرّ دهر ) ..
دعواتكم لأمي بالشفاء <3