العنف المدرسي:العنف بين الطالب و المعلّم..؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلّى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته أجمعين
وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين.
أما بعد،فإنّ العدوانية في المنظور الإجتماعي سلوك متعلّم كغيره من باقي السلوك الأخرى،يكتسبه الفرد
من ملاحظة غيره (نموذج)أو تقليد ما يشاهده من أفلام أو من قراءة القصص أوعن طريق المواقف التفاعلية مع المجتمع والخبرات المصاحبة لها
أو عن طريق التعلم الذاتي أو بواسطة التعلم المباشرمن الغير أو عن طريق التجربة الشخصية..الخ.
وكلّها طرق بعيدة كلّ البعد عن التخطيط الإجتماعي والمراقبة فلا يخطط المجتمع لها ولا ينظّم لها الخبرات المضادة والمانعة لاكتسابها.
والسلوك العدواني يعني ممارسة أيّ من أنواع السلوك المخالف للسلوك المتوقع على المستوى الفردي والمستوى الإجتماعيّ،
سلوك يخالف معتقدات الفرد ومبادئه وسلوكه الذي يتوقعه لنفسه،وعندما يتكرّر هذا السلوك المنحرف يفقد الفرد القدرة على التحكم والسيطرة
على سلوكه،يصبح مريضا سلوكيا في نظر المجتمع.ومجتمع تكثر فيه الإنحرافات السلوكية لأفراده هو بذاته مجتمع منحرف ومريض سلوكيا.
ومن هنا أنفذ إلى صلب الموضوع حيث العنف هنا بأشكاله المتعدّدة موجّه من طرف المتعلّم ضدّمعلّمه أو العكس داخل حرم المؤسّسات التربويّة أو خارجها .مشكلة اجتماعية وتربويّة حقيقية لم تكن متوقعة في يوم من الأيام بهذا الشكل الذي يوحي بانحلال منظومة القيم وفساد النفوس وزيغ عن الصواب والحقّ ،كما يشير من جهة أخرى إلى الفشل الذريع للمنظومة التربوية برمتها وعجزها عن درء انعكاسات مخاطر العنف لانعدام التخطيط لما يمكن به الحيلولة دون اكتساب السلوكات العنيفة،كما تشير تصاعد موجات العنف قيد الدّرس بأصابع الإتهام إلى لامبالاة المسؤولين والمجتمع بما يحدث،بل هناك-وهذه هي الطامة الكبرى- من يقف إلى جانب ما يحدث.والمعلّم الذي يفني عمره في تنوير العقول ومحو الظلمة رغم الصعوبات والمعيقات بغية إحداث التغيير والنماء والإزدهار يكافأ بهكذا سلوك منحط نكالا وانتقاما، وحين يشتكي المعلّم تكبّله القوانين وتجلسه في مكان المعتدي.. !! ؟؟
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة من الحسام المهنّد..
اعتداءات جسديّة..اغتصاب..سب وقذف..تهديد..احتقار وتبخيس..حرمان ومنع..صور بالأسود تعبر عن مدى الحزن الثقيل الذي يجثم بكلكله على صدر المعلّم ويضغط عليه بكلتا يديه وهو صابر يحتسب الثواب والأجر عند إله عادل حرّم على نفسه الظّلم..
فلننظر الى هذا المشكل من زاوية الأسباب لنلج من باب آخر حيث يعتبر أغلبية المتكلّمين أنّ المعلّم هو المسؤول المباشر عن ما يجري عليه من عنف تلامذته فيصفونه بالجهل فهو لا يعرف كيف يتعامل مع المواقف ولا يجيد التدريس وغير قادر على التواصل مع مجموعة القسم ،بخيل،لايهمّه سوى المال.. !!أمّا التربية والتعليم فهي آخر اهتماماته.. !!.
كلّ هذه النعوت وغيرها كثير لم يكن ليجسر عليها التلميذ وكذا المجتمع لولا ترسيخها في أذهانهم من طرف جهات لاتريد الصلاح للبلاد والعباد من معارضي النماء ومن وسائل إعلام متنوعة تنشد الشهرة على حساب المعلّم الذي لم يدّخر جهدا لتعليم وتربية هؤلاء المتشدّقين بالكلام بدون حساب لتحقيق مآربهم الأنانيّة ونزواتهم الدفينة.
طاحت الصّمعة علّقوا لفقيه.. !! ..
هذا هو حالنا.. نبحث دائما عن شماعة نعلّق عليها فشلنا الذريع..ونتغافل عن الحقيقة..ونلّف وندور لنعود الى نقطة الإنطلاق..وهل هناك نقطة انطلاق..؟
تبّا..ما أقصر نظرنا ..وما أطول لساننا.. !! .. وما أجبن فعلنا.. !! ..
وهذا هو حال كلّ معلّم خير عبر الأزمان..
فتعليم الناس ما ينفعهم دونه مشاق ومتاعب جسام..
أخي المعلّم: لاتكترث لما يحاك حولك من دسائس،
قاوم وجاهد بوسائل السلام واللّاعنف ..
أنت أيها المعلّم نبي زمانك وكل زمان وفي كل مكان..
ويا أيّها الطالب: لايشغلنّك شيء عن طلب العلم وتحقيق المنى،وثابر
على السير الرصين لبلوغ المنى والهدف المنشود،ولن يتسنّى لك ذلك إلاّ عبر
احترام وتقدير رغبتك وشغفك ومعلّمك..
أنت أيها الطالب/الشاب عماد الأسرة والمجتمع والأمّة جمعاء..
فضع يدك في يد معلمك لبناء النهضة والتقدّم.
وإلى هنا أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وإلى لقاء آخر بحوله تعالى.
أخوكم في الله عبد الرزاق.
31 / 05 / 2015 م.