آيات البيت الحرام
العالم كله من حولنا الكافرين والمشركين والجاحدين والملحدين يتعجبون من الروح الغريبة التي تنتشر في المسلمين في هذه الأيام شوقاً إلى بيت الله الحرام ينظرون إلى وسائل الإعلام فيرون المسلمين الفقراء يضحون بكل شئ ويتبعون كل شئ في سبيل أن يذهبوا لهذه البقاع المباركة ثم ينظرون إلى أحوالهم عند وصولهم إلى هذه الأماكن منهم من يتوفى ومنهم من يبكي ومنهم من يصرخ ومنهم من يفعل كذا وكذا فيزداد عجبهم ويتساءلون لم يفعل المسلمون هذه الأشياء؟ لحجارة في ظنهم وخيالهم وجهلهم كأي حجارة في الأرض لكن تعالوا معي يا عباد الله ننظر إلى المغناطيس الإلهي الذي أودعه الله في بيت الله والذي يجذب المؤمنين القاصين والدانين جميعاً إلى بيت الله ما هو؟ إن الله يتحدث عن ذلك فيقول{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}ماذا فيه؟:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ}يه علامات واضحات فيه مناهج ودلالات فيه أنوار ساطعات فيه إشراقات وفيوضات وتجليات لمن فتح الله عين قلبه ونظر بنظارة الإيمان فيرى حول بيت الله أنوار مكون الأكوان أما هؤلاء الذين عمت بصائرهم فلا يرون هذه الآيات ولا ينكشفون على تلك التجليات لأن الله لا يكشف على أسراره للمجرمين والمشركين وإنما يحفظها لعباده المؤمنين ولا يكشفها إلا للصادقين من عباده المؤمنين تعالوا معي يا عباد الله جماعة المؤمنين نجلس في بيت الله وننظر إلى الكعبة المشرفة التي أسسها الله على مائدة الله والنظر إليها عبادة فما بالكم بالطواف حولها والصلاة لها إنها عبادات مباركات لها أجر ثابت حدده سيد السادات أول سؤال يواجهنا ونحن حول هذا البيت لماذا بناه الله؟ ولماذا أمر برفعه الله؟ إن هذا له قصة عجيبة فعندما اختار الله آدم ليكون خليفة في الأرض وجمع الملائكة أجمعين وأمرهم بالسجود لمن اختاره خليفة عن رب العالمين وقال لهم موجهاً لهم الخطاب{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}فعلموا أنهم أخطأوا في الجواب على حضرة الوهاب وأساءوا الأدب في الحديث مع حضرة الله فخرجوا هائمين إلى البيت المعمور يطوفون حوله يعلنون توبتهم ويقدمون ندمهم لعل الله يغفر لهم هذه الذلة فلما طافوا حول البيت المعمور وهو فوق السماء السابعة تجاه الكعبة تماماً قال لهم الله (اهبطوا إلى الأرض فابنوا لعبادي بيتاً إذا أخطأوا كما أخطأتم وأذنبوا كما أذنبتم يذهبون إليه فيطوفون حوله كما طفتم فاغفر لهم كما غفرت لكم) ونزل آدم من الجنة بأرض الهند وأخذ يبكي على ذنبه لله أربعين عاماً حتى رق عليه الملائكة الكرام فنزل أمين الوحي جبريل وقال يا آدم أين أنت من بيت الله اذهب إليه فطف حوله يغفر لك ذنبك الله فجاء من أرض الهند إلى أرض الحجاز ماشياً على أقدامه فطاف بالبيت وهو يقول كما أنبأنا حضرة الرسول: {اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيماناً يباشر سويداء قلبي حتى لا أحب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت إنك على كل شئ قدير}[1]طاف حوله وهو يردد هذه الكلمات فأوحى الله إليه{يا آدم قد دعوتنا بدعوات فاستجبناها لك وكل من جاء من بنيك وذريتك إلى هذا البيت ودعا بهذه الدعوات استجبنا له وغفرنا له ذنبه ونزعنا الفقر من بين عينيه وملأنا قلبه بالإيمان وتجرنا له من وراء تجارة كل تاجر}فهو رمز المغفرة من الغفار وسر التوبة من التواب ورمز القبول من العزيز الوهاب لمن خرج من بيته لا يريد إلا وجه الله ولا يبغى بحجة إلا اتباع سيدنا ومولانا رسول الله وماله حلال واجتهد في جمعه من طريق حلال إذا ذهب إلى هناك وطاف بالبيت وانتهى من الطواف يضع الملائكة الموكلين بالبيت أيديهم على ظهره ويقولون كما قال رسول الله {قد كفيت ما مضى فاستأنف العمل فيما بقى} {مَنْ أَتَىٰ هَـٰذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}[2]ولم يحدد الصغائر ولا الكبائر السر ولا العلانية رب العباد فإن الله يغفر جميع الذنوب لأنه يرده كالطفل المولود والطفل المولود لا يكتب عليه الكرام الكاتبون سيئات أبداً لا يكتبون له إلا خيرات وحسنات لكن صحيفة سيئاته كما هي مطوية لا تفتح إلا إذا بلغ الحلم فيرجع وليس عليه شاهد بذنب لأن الله غفر له جميع ذنبه هذا البيت المبارك فيه آيات ظاهرة جلية يراها حتى الكافر والنافر بل إن كفار مكة كانوا يعظمون البيت قبل الإسلام ومعهم العرب وهم يعبدون الأصنام لماذا؟للآيات الحسية التي رأوها في هذا البيت انظروا معي بيت بني بالأحجار كيف تتأدب معه الحيوانات والأطيار؟ وهي كما نعلم جميعاً ليس معها عقول ولم تتأدب بآداب إن الطيور التي حوله والتي حماها الله وحرم ذبحها لأدبها مع بيت الله ماذا تفعل؟ تطوف حوله كالطائفين ولا تعلو ظاهره أبداً في طيرانها إلا الطائر المريض فإنه يعلو ظاهر البيت ويقف فوق ظهره للحظات فيشفى بإذن الله أما الجميع فيطوفون حوله كما يطوف الطائفون ولا يعلون ظهره أبداً أدباً مع بيت ربهم بل إن الناقة التي ركبها سيدنا رسول الله وهو في حجة الوداع وطاف راكباً لها حول البيت وسعى عليها بين الصفا والمروة أمسكت نفسها فلم تخرج بولاً ولا روثاً في بيت الله تأدباً مع بيت الله مع أن بولها طاهر وروثها طاهر لأن القاعدة الشرعية كل ما أكل لحمه فبوله طاهر وروثه طاهر بل إن الحيوانات المتوحشة كالأسود والنمور والكلاب رؤى عنها مراراً وتكراراً أنها كانت تجري وراء صيد لها مثيل لها فتجري وراء زرافة أو تجري وراء ماعزاً وتجري وراء ضبّ فتدخل الفريسة الحرم فيقف الوحش ويتأدب ولا يستبيح الصيد في داخل الحرم الذي جعله الله آمناً فإذا كانت الحيوانات المتوحشة والطيور والحيوانات المستأنسة تتأدب مع هذا البيت فلماذا؟لأن فيه أسرار وأنوار لا يكشفها الواحد القهار إلا لعباده الأخيار والأطهار بل إن العرب عرفوا به أسرار الأمطار قبل تقدم علم الفلك في العالم أجمع فيجلسون حول البيت في موسم الحج فإذا نزل المطر شرق البيت كان شرق العالم كله في هذا العام في خير وبركة ومطر من الملك العلام وإذا نزل الغيث غرب البيت كان غرب العالم كله في هذا العام مطر وخير من الله وإذا نزل المطر حوله من جميع الجهات كان هذا العام عام رخاء على الأرض كلها فهو الميزان وهو المرصد الذي يحدد الخير النازل من الله إلى جميع عباد الله وشتى أرجاء المعمورة بإذن الله هذا البيت يا إخواني لايخلو من الملائكة فحوله سبعون ألفاً من الملائكة الكرام كل كلماتهم آناء الليل وأطراف النهار آمين آمين يؤمنون على دعاء الطائفين العاكفين والراكعين والساجدين في بيت رب العالمين ولذا كان الدعاء فيه مستجاب لا يرد أبداً لأن الله جعله موضع إجابة وعندما دعا فيه الخليل إبراهيم رأينا أثر دعوته إلى يومنا هذا فما فيه هؤلاء القوم من خيرات وثمرات وبركات إنما هو استجابة لدعوة إبراهيم uهذه الآيات وغيرها كثيرات لضيق المقام عن ذكرها جعلت المولى لايدخل بهذا البيت إلا من يحبه من عباده وكل من أراد الله غفران ذنوبه وكل من أراد الله ستر عيوبه وكل من أراد الله تطهيره من الخطايا وكل من أراد الله أن يجعله من التوابين والمتطهرين اسمعه في البدأ دعوة إبراهيم للزائرين فإن إبراهيم هو الذي دعا جميع الزائرين بدون استثناء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فعندما كلفه الله بالبناء وأخذ يبني البيت وإسماعيل يجمع الأحجار ويحملها إليه وبنى حتى وصل البناء إلى قامته ثم تحير كيف يبني بعد ذلك فأنزل الله له حجراً{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ}يقف عليه ويحمله إسماعيل بالأحجار ثم يشير إليه فيرتفع بأمر الواحد القهار حتى يصل إلى مستوى البناء ويظل واقفاً في الهواء حتى ينتهي إبراهيم من البناء فيشير إليه فيرجع مرة أخرى إلى الأرض ولما انتهى من البناء أجمع وقال هو وإسماعيل{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}قال الله يا إبراهيم{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}قال يا ربي وما يبلغ صوتي؟ قال: عليك الأذان وعلينا البلاغ فوقف على الحجر وأوجد الله الآية في الحجر فلان الحجر تحت أقدامه حتى أثرت فيه أصابعه الشريفة عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ثم اتجه جهة الشام وقال أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وكتب عليكم الحج فحجوا ثم اتجه جهة اليمين وقال مثل ذلك وجهة المشرق وقال مثل ذلك وجهة المغرب وقال مثل ذلك فأمر الله الجبال أن تهبط والوديان أن ترتفع وفتح أسماع الأرواح وفتح أسماع الأجنة في بطون أمهاتها وأنطق ألسنة الجميع بأمر ربها فلبت الأرواح وقالت ملبية نداء الخليل لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك والملائكة يسجلون فمن قالها مرة كان نصيبه الحج مرة ومن رددها مرتين كان نصيبه الحج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك وبقى حجر المقام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وفيه أقدام الخليل u يراه كل من ذهب إلى هذه الأماكن فيعلم صدق رسول الله فيما قال عن الله ويعلم صحة الخبر أن من بنى البيت هو خليل الله وهذه آثار أقدامه وهذا هو الحجر الذي نادى عليه والذي كان يقف عليه بقى إلى ما شاء الله كما هو وفيه آثار قدميه فإذا كان في ليلة النصف من شعبان فيكشف الله للملائكة الكرام في اللوح المحفوظ الذين وقع عليهم الاختيار للذهاب إلى زيارة الله في بيته الذين يدعوهم لزيارته والذين يؤهلهم للوقوف بين يدي حضرته والذين كتب لهم الطواف حول بيت عظمته والذين هيأ لهم الوقوف على عرفات معرفته فينقلون أسمائهم ويرسلون لهم دعوة لربهم عن طريق الملك الذي وكل بقلوبهم وهو ملك الإلهام فقد قال النبى فى حديث ما معناه{لكل آدمي ملك على قلبه يلهمه بالخير ويحثه عليه وشيطان يوسوس له}فيرسلون له الدعوة عن طريق ملك الإلهام فيلقى في روعة الشوق إلى بيت الله والحنين إلى هذه الرحاب التي باركها الله فيقول لمن حوله إني عازم على الحج هذا العام ثم ييسر المولى الكريم الزاد وييسر الطريق وييسر لمن يريد أن يكرمهم قال r{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإنِ ٱسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ وإن شكروا شكرهم}[3]وقال{يُغْفَرُ لِلْحَاج وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ}[4]إن من آيات الله في البيت الحرام الحجر الأسعد .. الذي يستلمه الساعي من الله لما وقف أمامه عمر بن الخطاب وقال له: إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك فقال له الإمام علي: بل إنه ينفع ويضر بإذن الله يا أمير المؤمنين قال: وكيف ذلك؟ قال: أما علمت أن الله عندما أخذ الميثاق على بني آدم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين كتب هذا الأمر في رق ثم ألقمه هذا الحجر فهو يشهد لكل من استلمه يوم القيامة وقد قال النبى{يُؤْتَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ }[5]هذا الحجر يسجل كل الذي يمر حوله كل الطائفين وكل المصلين وكل الراكعين والساجدين وكل الناظرين. العدسة النورانية التي أودعها فيه رب العالمين تسجل هيئاتهم وأصواتهم وحركاتهم وسكناتهم ثم تعيد هذا الفيلم أمام الخلائق أجمعين يوم الدين. كيف هذا وهو في نظرنا حجر لكنه فيه سر من فاطر البشر حجر ليس كالأحجار حتى في صفاته الحسية وقد ورد أن أبا عبد الله القرمطي والقرامطة كانوا من الخوارج الشاذين عن دين الله نزل هو ورجاله إلى بيت الله الحرام في موسم الحج وقتلوا الحجيج وخلعوا الحجر وحملوه معهم إلى الكوفة وأرادوا أن يصرفوا المسلمين عن بيت الله إلى الحجر الذي وضعوه في مسجد لهم في الكوفة وافص عليكم جزءا من الرواية الواردة فيه:{ فَمُدَّةُ إقَامَتِهِ عِنْدَ الْقَرَامِطَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً فَافْتَدَاهُ أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ بِثَلاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ الْمُحَدِّثَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ لِيَتَعَرَّفَهُ وَيَأْتِي بِهِ فَذَهَبَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إلَى الْقَرَامِطَةِ فَأَحْضَرُوا لَهُمْ حَجَرًا, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَنَا فِي حَجَرِنَا عَلامَتَانِ لا يَسْخُنُ بِالنَّارِ وَلا يَغُوصُ فِي الْمَاءِ فَأَحْضَرُوا نَارًا وَمَاءً فَأُلْقِيَ فِي الْمَاءِ فَغَاصَ ثُمَّ فِي النَّارِ فَحَمِيَ وَكَادَ يَتَشَقَّقُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا بِحَجَرِنَا ثُمَّ أُتِيَ بِحَجَرٍ مُضَمَّخٍ بِالطِّيبِ فَفَعَلَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ كَذَلِكَ فَجَرَى لَهُ مَا جَرَى لِذَلِكَ فَأُحْضِرَ إلَيْهِمْ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ فَوُضِعَ فِي الْمَاءِ فَطَفَى وَلَمْ يَغُصْ وَفِي النَّارِ فَلَمْ يَحْمِ فَعَجِبَ أَبُو طَاهِرٍ وَسَأَلَهُ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَأَسْنَدَ عَنْ النَّبِيِّ eأَنَّهُ قَالَ [الْحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ مِنْ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا اسْوَدَّ مِنْ ذُنُوبِ النَّاسِ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ بِالإِيمَانِ وَأَنَّهُ حَجَرٌ يَطْفُو عَلَى الْمَاءِ وَلا يَسْخُنُ بِالنَّارِ إذَا أُوقِدَتْ عَلَيْهِ] قَالَ أَبُو طَاهِرٍ هَذَا دِينٌ مَضْبُوطٌ بِالنَّقْلِ وَمِنْ آيَتِهِ أَنْ تَفَسَّخَ تَحْتَهُ(مات تحته) وَهُمْ ذَاهِبُونَ بِهِ قِيلَ أَرْبَعُونَ جَمَلا وَقِيلَ ثَلاثُمِائَةٍ وَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ وَلَمَّا أُعِيدَ لِمَكَّةَ أُعِيدَ عَلَى جَمَلٍ أَعْجَفَ هَزِيلٍ فَسَمِنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.}[6]هذا هو قدر الحجر الأسعد فما بالكم بالمطاف الذي لا يسع أكثر من مائة ألف رجل يطوفون في وقت واحد لكنه لو اجتمع فيه كل سكان المعمورة في وقت واحد يسعهم بإذن الله وعلى هذا الحال أيضاً منى فهي مكان ضيق بين جبلين لا تسع إلا بضع آلاف قليلة سألوا رسول الله كيف تسع منى الحجيج مع ضيقها؟ فقال{إن منى تتسع بأهلها كما يتسع رحم الأم بالجنين الذي فيه}[7]يتسع بطن الأم للجنين فإذا خرج رجعت كحالتها وهكذا منى وسُئل النبى ما بالنا ومن قبلنا نرمي بالكثير والكثير عند الجمرات ولا نجد له أثراً إلا القليل عند انتهاء المناسك؟ فقال النبى{ما تُقُبِّل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال}[8]آيات وآيات كثيرات لا أستطيع أن أحصيها في موقفي هذا ولكن عليكم عباد الله أن تجددوا شوقكم إلى بيت الله فإن الله أمرنا أن نتجه إليه في كل صلاة حتى نحس بالشوق إليه وبالحنين إليه نريد أن نصلي وليس بيننا وبينه جدار وليس بيننا وبينه جبال وليس بيننا وبينه وديان نريد أن نصلي يوماً من الأيام وأمامنا بيت الله الحرام فكلما وقف المصلي بين يدي الله يتحرك فيه الشوق إلى بيت الله الحرام ويريد أن يكون مع الذين أنعم الله عليهم في هذا المقام.
[1] رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة.
[2] رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة.
[3] رواه البخاري والبيهقي عن أبي هريرة، والبزار عن جابر والسيوطي في الفتح الكبير عن ابن عمر.
[4] رواه البزار والطبرانى في الصغير عن أبي هريرة.
[5] رواه الدارمي في سننه وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده وغيره كثيرون عن ابن عباس وورد بكاملها فى خطبة سابقة بالنص المخرج.
[6] حاشية الجمل والوافى بالوفيات لسليمان بن إبراهيم.
[7] رواه الشيخان.
[8] سنن الدار قطنى.