حكمه الحج ومشاهده - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > قسم المسابقات الإسلامية

قسم المسابقات الإسلامية قسم خاص بالمسابقات الإسلامية والألغاز...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حكمه الحج ومشاهده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-10-31, 12:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

عندما فرض الله علينا الحج قال لخليله{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } وما الحكمة؟ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم} حكمتين اثنتين:
الحكمة الأولى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}أي جهزها الله لهم في تلك الأماكن وهي منافع عاجلة ومنافع آجلة أما المنافع العاجلة فهي أن يتوب عليهم ويغفر لهم ذنوبهم ويردهم كما ولدتهم أمهاتهم خالصين من الذنوب والخطايا مستورين ومجبورين من الآثام والعيوب ويستجيب دعائهم ويصلح أحوالهم ويجيبهم في أحبابهم فقد قال النبى{يُغْفَرُ لِلْحَاج وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ}[1] والهدف المشترك بين جميع العبادات{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم} ولم يكتف بأن هذه هي الحكمة العالية والغاية السامية من تلك العبادات الراقية ولم يكتف بالتنبيه عنها وكلها في تلك الآية بل في كل خطوة من خطوات الحاج يذكرهم بتلك الحكمة فعندما ينزلوا من عرفات يقول الله لهم جميعاً{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} فمرة يقول{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}ومرة يقول {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}أي اجعلوا ذكر الله هو الغاية العظمى فالغاية العظمى من الحج في كل خطواته وحركاته وسكناته هي ذكر الله وكذلك الصلاة فيقول فيها الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} فهو ذكر الله وذكر الله هنا التذكير فهو في هذا الموقف التذكير بالوعد والوعيد والجنة والنار في الطاعات والقربات بآيات من كتاب الله وبأحاديث رسول الله من باب فضل الله{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}و {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }والصلاة فيها ذكر الله فيها التحميد والتكبير والتهليل وفيها تلاوة كتاب الله وكلها في حركات الصلاة وكل حركة من حركاتها لها ذكر مخصوص يحب أن يسمعه الله من عباده المؤمنين {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} فكلها أحوال ذكر وكذلك الصيام فالهدف منه {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} يعني من العبادات الجسمانية الهدف منها آية الذكر وقد علمنا النبى أنه ما أقيمت الصلاة وما فرض الصيام ولا نُسك الحاج إلا لذكر الله لماذا؟ ليعرفنا أن الدرجة الأولى في حياتنا هو ذكره وليس هناك نهاية لنعم الله فلو حاول الواحد فينا أن يعد نعم الله عليه في نفس واحد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}نعمة واحدة إذا كانت ظاهرة أو باطنة بل نعمة واحدة من نعم الواحد كنعمة البصر أو السمع أو الكلام أو العقل أو الحركة أو القدرة أوالإرادة أو الحياة أو الرزق نعم ليس لها نهاية نعمة واحدة منها لا يستطيع الواحد أن يحدها أو يحصرها من معطيها لكنه طلب منا أن نذكره على ذلك وطلب منا أن نشكره على ذلك فإذا قمت من نومي وقد وهبني الحياة بعدما كنت في نومي كالأموات كما ذكر الله{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} عندما أقوم من نومي وقد وهب لي الحياة لابد أن أشكره وأذكره وأقول كما علمني الرسول{ الْحَمْدُ لّلهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }[2] فأشكره على أن وهب لي الحياة وإذا نظرت إلى نعمة الأكل أذكره وأشكره وأقول{الـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنـي هذا ورَزَقَنِـيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ منِّـي ولا قُوَّة }[3] وإذا أعطاني ماءاً أقول{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانَا عَذْباً فُرَاتاً بِرَحْمَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِلْحاً أُجَاجاً بِذُنُوبِنَا}[4]أي نعمة من النعم حتى نعمة الشهوة عندما انتهي منها أقول {الحمد لله الذي جعل من الماء نسباً وصهراً وكان ربك قديراً } لازم الإنسان يشكر الله على نعمائه هي صحيح كلمات وليست شكراً وافراً ولا شكراً إيجابي لكن الله يقبلها منا ويدخرها لنا ويعطينا عليها من الأجر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إذاً كل العبادات يا إخواني تهدف إلى ذكر الله وليس حلقات الذكر فقط هي الذكر لكن ذكر الله حسب الحالة التي أوجدني عليها الله وحسب النعمة التي ساقها إلي الله حتى ولو نزل بي غم أو نزلت بي مصيبة وهي في نظري مصيبة لكنها في الحقيقة نعمة من الله وبعدها تمر علي أتحدث على أنها نعمة من الله حتى هذه النعمة علمني رسول الله أن أشكر الله عليها ماذا علمني؟{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إذَا أَتَاهُ الأَمْرُ يُعْجِبُهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ المُتَفَضِّلِ الَّذِي بِنِعْمَتِه تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ وَإذَا أَتَاهُ الأَمْرُ مِمَّا يَكْرَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلىٰ كُلِّ حَالٍ}[5]ساعة النعمة أقول الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وهذا يعني أن النعمة التي جاءت ليست بشطارتي أو بمهارتي أو بذكائي أو بمالي أو بقوتي لكنها تمت بنعمة الله ومعونة الله وتوفيق الله وإذا جاءت مصيبة في نظري فهي نعمة لكن لا أعلمها الآن لقول الله{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}فبنو إسرائيل لما اعتقدوا أن الموت نقمة وذهبوا إلى سيدنا موسى وألحوا عليه وقالوا له: يا كليم الله اطلب من ربك أن يرفع عنا الموت فلا يموت منا أحد وكانوا قوماً شداداً في المكابرة والعناد. فلما ذهب موسى إلى ربه وطلب منه ذلك فرفع عنهم الموت وابتلاهم بالأوجاع والأسقام والفقر وقلة الأقوات فالمريض يشكو مُرَ الشكوى من الألم ولا يجد من يريحه وليس هناك موت كما طلبوا واشتد القحط وقلت الأقوات حتى أكلوا القطط والكلاب من قلة الأقوات وبخلت السماء بالماء وبخلت الأرض بالنبات وكانوا يأكلون بعضهم من قلة الأقوات والأرزاق ولا يجدون مناصاً ولا مخلصاً لهم وبعد خمس سنوات ذهبوا إلى موسى وقالوا له اطلب من الله أن يأتينا بالموت لقد اشتقنا إلى الموت قال يا قوم ألم تطلبوه؟ ألم أنهاكم عنه وأنتم أصررتم على ذلك؟ قالوا ما كنا نعلم بالحكمة العالية التي من أجلها بعثه الله فدعا الله فاستجاب الله له ووجدوا أن الموت هو المصيبة فيما بينهم ووصفه ربنا على قدرنا أنه مصيبة وقال {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} لأن الموت يريح من اشتكى من السَقم ولا يجد من يريحه من شدة الألم ويفتح للناس الأبواب لكي يأخذ كل واحد منهم دوره في الحياة فلا يتمتع الشيوخ الكبار على حساب الشباب بل لكل واحد منهم قسط معلوم ومصير من الأقوات والأرزاق ونعم الحي القيوم فعلينا أن نقول عند الموت: الحمد لله على نعمه وحتى المرض فهو نقمة على الكافرين لكنه نعمة للمؤمنين كيف يكون المرض نعمة؟ لأن الله يطهر به المسلم من خطاياه ويغسله من ذنوبه وآثامه حتى ورد فى الأثر أن: {مرض يوم يكفر ذنوب سنة }وهذا إنما هو للمريض الصابر الذي لا يجزع ولا يشكو الله ولا يقول: لم خصصتني يا ربَّ بهذا الهم؟ ولم ابتليتني بهذا الغم؟ وأنا أصلي وفلان لا يصلي لأن هذا اختياره بعلم وحكمة وهذا اختيار العليم الحكيم فالمريض الصابر الذي لا يشكو من مثل هذا كل يوم من أيامه يكفر عنه ذنوب سنة ولذا يقول الله في الحديث القدسي{أَبْتَلِـي عَبْدِي الـمُؤْمِنَ فإذَا لـم يَشْكُ إلـى عُوَّادِهِ ذلِكَ حَلَلْتُ عنهُ عِقْدِي وأَبْدَلْتُهُ دماً خيراً من دمِهِ وَلَـحْمَا خيراً من لَـحْمِهِ ثم قلتُ له: إيتَنِفِ العَمَلَ –استكمل العمل-} [6] ومن فضل الله على هذه الأمة المحمدية أن يمرض الرجل منهم قبل موته لما ورد عن رسول الله ما معناه أنه إذا أحب الله عبداً أمرضه قبل موته لماذا؟ ليرحمه ويمحو الذنوب التي عليه ويبدلها بحسنات ومكان الحسنة بعشر حسنات ويزيد الله ويضاعف لمن يشاء على حسب قوة إيمانه وعلى حسب صبره وقدرته على تحمل المرض حتى المرض يا إخواني نعمة من نعم الله لكن ليس معنى ذلك أن نرضى به ونسلم به ونترك التداوي فقال النبى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالى لَمْ يَخْلُقْ دَاءً إِلاَّ خَلَقَ لَهُ شِفَاءً}[7].علينا أن نأخذ بالأسباب التي أوجدها مسبب الأسباب إن المؤمن يا إخواني عليه آناء الليل وأطراف النهار أن يذكر الله وعليه أن يشكره وعليه أن يستعين بنعمه وعليه أن يؤدي ما عليه من واجبات ذكره وشكره إذا واجهه ولو بالقليل من نعمه وفضله حتى يدخل في ساحة الرضوان فيمن قال فيهم{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}أويدخل في قوله{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}فيدخل في هؤلاء القوم الذين سيكرمهم الله والذين لا يندمون لحظة الخروج من هذه الحياة ولا يندمون يوم لقاء الله ولا يندمون حتى بعد دخولهم في جنة المأوى وفي رحاب الله والمؤمن لحظة خروج روحه يرى ما له من الثواب العظيم على العمل اليسير فيكشف المولى ما له من الأجر العظيم على عمله في طاعة الله وعلى ذكره وعلى صبره وعلى حكمته في هذه الحياة فينادي ويقول كما قال الله{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ }والذكر ليس له شروط فلا يحتاج إلى وضوء ولا إلى مكان معد ومحدد مثل هذا بل يجوز في الشارع ويجوز في السوق ويجوز في العمل ويصح في البيت ويصح على وضوء وعلى غير وضوء بل يجوز حتى على الجنابة فالجنب لا يصلي ولا يقرأ كتاب الله ولا يمس المصحف ولكنه يجوز له أن يذكر الله فأين العذر عندما يسألني الله؟ ماذا أقول له؟ كنت مشغولاً بالأرزاق فيقول لي: وما شأنك بذلك؟ ألم أقل لك{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }وكذلك في الآخرة فالسابقون في هناء وسرور من الطاعات والقربات والنوافل وعمل الصالحات فقد سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: المستهترون بذكر الله والمستهترون معناها الذين لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين قال النبى {كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَىٰ اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَىٰ الرَّحْمنِ سُبْحَانَ اللّه وَبِحَمْدِهِ. سُبْحَانَ اللّهِ الْعَظِيمِ }[8] وقال أيضاً { سيروا فقد سَبَقَ المُفْردُونَ قالوا: يا رسول الله وما المفردون؟ قال: المُفْرَدُونَ بِذِكْرِ الله وَضَعَ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَيٌّاتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ خِفَافاً }[9] وورد عن ذى النون: { إذا أكرم الله عبداً ألهمه ذكره }وقال النبى{ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعُهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ تَعَاطِي الذَّهَبِ والفِضَّةِ ومِنْ أَنْ تَلْقَوا عَدُوَّكُمْ غَداً فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ ويَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ذِكْرُ الله عَزَّ وجلَّ }[10]

[1] رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة.[2] رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي ذر، وحذيفة.

[3] رواه صاحب مسند الشاميين عن أنس.

[4] جامع المسانيد والمراسيل عن أبى جعفر مرسلا

[5] رواه ابن ماجة في زوائده، والبيهقي في الدعوات والحاكم في المستدرك عن عائشة وأبو هريرة.

[6] رواه السيوطي في الفتح الكبير والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة.

[7] أخرجه أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم عن أسامة بن شريك.

[8] رواه الطبراني والبخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والنسائي في سننه عن أبي هريرة.

[9] رواه الطبراني والترمذي ومسلم عن أبي الدرداء وأبي هريرة.

[10] رواه الإمام مالك في الموطأ وابن ماجه في سننه والترمذي والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء.









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-10-31, 12:55   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B9

ياراحلين إلـى منـى بقيـادي *** هيجتموا يوم الرحيـل فـؤادى سرتم وسار دليلكم يا وحشتـي *** الشوق أقلقني وصوت الحـادي احرمتموا جفني المنام ببعدكـم *** يـا ساكنين المنحنـى والـوادي فإذا وصلتم سالمين فبلغوا *** مني السلام إلى النبي الهادي ويلوح لي مابين زمزم والصفـا *** عند المقام سمعت صوت منادي يقول لي يانائما جـد السُـرى *** عرفات تجلو كل قلب صـادي من نال من عرفات نظرة ساعة *** نال السرور ونال كل مـرادي تالله ما أحلى المبيت على منـى *** في ليل عيد أبـرك الأعيـادي ضحوا ضحاياهم و سال دماؤها *** وأنا المتيم قد نحـرت فـؤادي لبسوا ثياب البيض شارات الرضا *** وأنامن أجلهم لبسـت سـوادي يارب أنت وصلتهم وقطعتني *** فبحقهـم يـا رب حل قيـادي بالله يازوار قبر محمد *** من كان منكم رائحا أو غاد ييبلغ إلى المختار ألف تحية *** من عاشق متفتت الأكباد قولوا له عبـد الرحيـم متيـم *** ومفـارق الأحـبـاب والأولاد صلى عليك الله يا علـم الهـدى *** ما سار ركب أو ترنـم حـادي










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-01, 11:03   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكم الحجومشاهده

تهيم القلوب والأرواح في هذه الأيام إلى مهبط الرحمات الذي جهزه لنا الملك العلام فكلنا يود أن يذهب إلى تلك الأماكن ويملأنا الشوق ويعاودنا الحنين حتى أن بعضنا من شدة شوقهم إذا ناموا يرون أنفسهم في تلك البقاع يطوفون أو يسعون أو يقفون لأن الجميع يشتاق إلى بيت الله وقد ذكرني ذلك بقول سيدنا عبد الله بن عمر عندما كان يحج ذات مرة وأخذ يزاحم على الحجر حتى دمى وجهه وحتى تورمت أصداغه فقال له بعض من حوله: يا عبد الله لم هذه المزاحمة وقد أغناك الله عن هذا ونهى رسول الله عن شدة المزاحمة؟ ماذا قال؟ قال: هويت إليه القلوب فأحببت أن يكون فؤادي معهم أى هذا المكان اشتاقت إليه القلوب فوددت أن يكون قلبي معهم بين يدي مقلب القلوب هذا حال المؤمنين ممن اختارهم الله لزيارته كلهم شوق وحنين وحب وأنين خاصة من أسمعه الله نداءه على لسان الخليل فقلبه مملوء بالشوق وفؤاده لا يستقر في مكانه لأنه هائم هيام دائم في بيت الله لماذا هذا الحنين؟ ولماذا هذا الشوق؟هذا لأن الله يقول{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً }إن أول بيت وضع للناس في الأرض هذا البيت كيف تم ذلك؟عندما أهبط الله آدم ونزل في سرنديب في بلاد الهند ونزلت الجدة حواء في جدة وسميت بهذا الاسم لأنها هبطت بها وأخذ يدعو الله ويستغيث بالله كما تقول إحدى الروايات ثلاثمائة عام وهو يبكي أسفاً على ما فرط في جنب الله وعلى النعيم والمقام الكريم الذي حرم منه بعد أن أهبط إلى الأرض وفي هذا الندم والأسف نزل عليه الأمين جبريل ووجهه إلى هذا البيت الكريم وقال له يا آدم اذهب إلى البيت وطف حوله يغفر الله لك فجاء آدم من بلاد الهند ماشياً غير أن الله بقدرته كان يطوي له الأرض حتى وصل إلى البيت وكان البيت ليس كهيئته هذه وإنما صخور مرتفعة بناها الملائكة فطاف حوله وهو أول من طاف بالبيت من البشر وإن كان البيت لا يخلو من طائف في لحظة من ليل أو نهار فقد ورد في الأثر: { لا يخلو هذا البيت من ستمائة ألف يطوفون به كل يوم وليلة فإذا لم يتموا العدد من البشر أتمه الله من الملائكة}هذا المكان منذ أن خلقه الله وهو مكان للرحمات ومهبط للبركات يذهب الخطايا ويأتي بالفضل من الله للزائرين وللسائلين وللعاكفين وللركع السجود هذا البيت في أي بلد؟ {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً}لمَ لم يقل الله مكة؟ هي مكة وبكة وأم القرى وهي البيت الحرام. وقال الله بكة لأن الله آلى على نفسه أن يبك (يدق) أعناق الجبابرة الذين تسول لهم أنفسهم أن يعتدوا على حرمة البيت. فهي بكة لأنها تبك (تدق) أعناق الجبارين الذين يريدون أن يؤذوا الطائفين والعاكفين ببيت رب العالمين وإذا كانت الحيوانات والطيور تتأدب مع بيت الله كأنها فهمت قول الله {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}وأخذت على نفسها العهد ألا تؤذي أحد من أجناسها فقبل الإسلام ولم يكن للبيت سور يحيط به ولا أبواب تغلق فكانت الحيوانات المتوحشة يجري بعضها إثر بعض ليقتنص فريسته فإذا جرت الفريسة ودخلت حدود الحرم وقف الوحش بدون حراك كأنه يعلم أن هذا حرم وأن هذا مكان آمن وأنتم تحفظون جميعاً قصة فيل أبرهة عندما كانوا يوجهوه جهة الشام فيمشي وجهة اليمن يمشي أما جهة البيت فيصرخ فيحمو الأسياخ في النار وينخسونه بها فلا يتحرك لأنه يعلم شدة عقاب الله لمن يجترئ على ساحة فضل حرم الله حتى أن الحيات وهي العدو اللدود للإنسان لا تؤذي إنساناً في الحرم ولا تروع إنساناً في البلد الأمين والطيور كذلك تقف على المصلين وتطير ذات اليمين وذات الشمال ولكنها تطوف كما أمر الله المؤمنين بالبيت لو نظرت إليها لا تجد طائراً يعلو البيت الحرام إلا إذا كان به مرض فالحمامة التي تمرض يلهمها الله أن شفائها في الوقوف على ظهر البيت للحظات فتصعد على ظهر البيت وتقف عليه للحظات فتشفى بأمر الشافي أما الحمامة السليمة فإنها تطوف حوله كما يفعل المؤمنون وكما تفعل الملائكة وكما فعل النبيون والمرسلون أجمعون والكل ينفذ أمر رب العالمين{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}لابد أن يطوفوا بهذا البيت ولذا عندما ذهب أسعد الحميري بثلاث مائة ألف من جنده إلى البيت وقد كان سبق له الهداية من رب العالمين. صدَّه الله عن البيت مع كثرة عدد جنده فما كان منه إلا أن نطق بالإسلام وطاف بالبيت وكساه الديباج والحرير فكان أول من كسا البيت بعد أن كان زاهداً في هذا البيت لأن الله تعهد ببكة أن تبك كل جبار يحاول أن يعتدي على البيت حتى أن الحجاج عندما حاصر ابن الزبير وأمر جنوده أن يقفوا على جبل أبي قبيس في مواجهة الكعبة ويضربوه بالمنجانيق[وهي آلة كالمدفع إلا إنها تقذف قذائف مصنوعة من القماش وفي وسطها البارود وإذا نزلت تعمل حرائق كبيرة]فأطلق المنجانيق على البيت وأشتعلت النيران وإذا بسحابة تأتي من جهة جدة على قدر البيت فتقف قبالة البيت وتنزل الماء فتطفئ النار التي أشتعلت في كسوة البيت ثم تأتي صاعقة فتخطف الثلاثين رجلاً الذين قذفوا هذا البيت وتنهي حياتهم في لمحة ولكنه من شدة جبروته جاء بآخرين وقال لهم: لا يهولنكم الأمر أي لا تخافون فإنها أرض صواعق فجاءت سحابة أخرى فاختطفتهم أجمعين فرجع عن كيده للبيت بعد أن يئس منه لأنه علم أن الله يحفظه بحفظه ويكلؤه بكلاءته{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}ولكي نعرف الفرق بينه وبين المسجد الأقصى عندما تحدث الله عن الأقصى جعل البركة حوله {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}والبركة حوله في الأنبياء الذين كانوا حوله والصالحين الذين كانوا حوله ولكنه عندما تحدث عن هذا البيت قال {مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }هو في ذاته مبارك وهو في ذاته هدى للعالمين لأنه لا يذهب إليه إنسان إلا وتحيطه بركة الحنان المنان فلو ذهب إليه تائب يتوب الله عليه ولو أتاه سائل يجيب الله له كل المسائل ولو ذهب إليه راج يحقق الله له كل رجاءه ولو ذهب إليه عابد يرجع بعبادة لا عد لها ولا حصر لها يكفي أن كل صالحة فيه تعدل مائة ألف فيما سواه، الركعة فيه بمائة ألف ركعة فيما سواه، والتسبيحة فيه بمائة ألف تسبيحة فيما سواه والصدقة فيه بمائة ألف صدقة فيما سواه حتى قال العلماء: لو صلى رجل صلاة واحدة جماعة في بيت الله الحرام كانت أفضل في الأجر والثواب له من أنه لو عاش عمر نوح في بلده يعبد الله قيل له: وكيف ذلك؟ قال: الصلاة الواحدة بمائة ألف صلاة وصلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبعة وعشرين درجة فحاصل ضرب المائة ألف في سبعة وعشرين يكون رقم كبير وعمل كثير لا يستطيع الإنسان أن يقضيه هنا ولو أعطاه الله عمر نوح uهذا البيت يقول فيه r{يُنَزِّلُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى حُجَّاجِ بَيْتِهِ الْحَرَامِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ سِتِّينَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعِينَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرِينَ لِلنَّاظِرِينَ}[2]قال النبى{مَنْ أَتَىٰ هَـٰذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}[3]علامات لا عدّ لها ولا حصر لها آيات ظاهرة كالحِجْر والحَجَر الأسعد الذي جعله الله يشهد لكل من استلمه كيف لحجر أن يعرف كل الصالحين من أول آدم إلى يوم الدين ويشهد لهم عند رب العالمين يعرفهم بأسمائهم ويصورهم ويردد الكلمات التي قالوها في مواجهته شهادة لهم عند ربهم وهو حجر لكنه مملوء بنور النور الأكبر هذا الحجر فيه قصة للعظة والتفهيم أقصها عليكم عن أَبي سعيدٍ الْخدري قَالَ: {حَجَجْنَا مَعَ عُمَرَ بْنَ الُخَطَّابِ، فَلَمَّا دَخَلَ الطَّوَافَ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ فَقَالَ: إِني لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَني رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ثُمَّ قَبَّلَهُ، فَقَالَ عَليُّ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، قَالَ: بِمَ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: وَأَيْنَ ذٰلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَمَسَحَ عَلى ظَهْرِهِ فَقَرَّرَهُمْ بِأَنَّهُ الرَّبُّ وَأَنَّهُمُ الْعَبيدُ، وَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ وَكَتَبَ ذٰلِكَ فِي رَقَ، وَكَانَ لِهذَا الْحَجَرِ عَيْنَانِ وَلِسَانَانِ، فَقَالَ: افْتَحْ فَاكَ، فَفَتَحَ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ ذٰلِكَ الرَّقَّ، فَقَالَ: اشْهَدْ لِمَنْ وَافَاكَ بِالمُوَافَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِني أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:يُؤْتى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ، فَهُوَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَعِيشَ فِي قَوْمٍ لَسْتَ فِيهِمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ}.[4] فما بالكم بالحِجْر وفيه باب للجنة مفتوح أبد الآبدين ودهر الداهرين. فعندما اشتكى إسماعيل إلى ربه من حر مكة قال له: يا إسماعيل اجلس في الحِجْر فإنا سنفتح لك فيه باباً من الجنة يأتيك منه الروح والريحان إلى يوم القيامة. فما بالكم بالميزاب؟وهو مكتب استجابة الدعوات من حضرة الوهاب فلا يدعو عنده داع إلا ويؤمن عليه الملائكة المكرمون ووظيفتهم أن يقولوا: آمين آمين إلى يوم الدين كل من يدعو يؤمنون عليه ومن وافق دعائه دعاء الملائكة استجاب الله له فما بالكم بمقام إبراهيم؟ وما بالكم بزمزم؟ وما بالكم بكذا وكذا آيات وآيات تحتاج إلى أيام ودهور حتى نعرف منها بعض الحكم التي من أجلها أمرنا الله أن نتوجه إلى هذا البيت

[1] رواه النسائي في سننه وأبو يعلى في مسنده والبيهقي في سننه عن جابر.

[2] رواه الحاكم في الكنز وابن عساكر والبيهقي عن ابن عباس.

[3] رواه الدار قطني في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

[4] الهندي فِي فَضَائلِ مَكَّةَ، أَبُو الْحسن الْقَطَّان فِي المطوالاتِ، والحاكم فى مستدركه، جامع المسانيد والمراسيل










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-01, 20:20   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

آية من آيات ربنا كلنا نشهدها فى الحج إما بعين الرأس لمن وصل إلى هنالك وإما في وسائل الإعلام لمن لم يقدم الاستطاعة ويوفقه الموفق للوصول إلى هنالك يذهب الناس من فجاج الأرض يفارقون الأهل وهم فرحون ويفارقون المال والأوطان وهو مغتبطون ومسرورون لا يبكي أحد لفراقهم بل كلنا نهنئهم ونتمنى أن نكون على أثرهم ونلح عليهم أن يدعو الله لنا هنالك أن يكرمنا بالحج كما أكرمهم هذه الآية ما سرها؟سرها كلمة وقف أمامها الناس كثيراً فقد سُئل الإمام علي كرم الله وجهه:يا إمام كم بين السماء والأرض؟فقال: دعوة مستجابة ليس الفرق بين السماء والأرض بالكيلومترات ولا بالأميال ولا بسرعة الصوت أو الضوء أو غيرها بل هناك من هو أسرع من ذلك كله وهو الدعوة التي تخرج من قلب العبد المؤمن لله ربِّ العالمين فإنه لا يكاد يحرك بها شفتاه إلا ويستجيب لها الله{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}بمجرد الاستغاثة أجاب لم ينظر في الأمر ولم يؤجله إلى ميعاد بل استجابة فورية بفاء الفورية لأن الله وعد بذلك عباده المؤمنين وخاصة إذا كانت الدعوة تتعلق بأمر من أمور الدين إذا كان الإنسان في ضيق بسبب إتباعه وصدقه لأمر الله أو يتعرض للإيذاء أو الشدات لتطبيقه لأمر الله أو يصبر أمام أعاصير المادة التي تريد أن تقتلع جذور الإيمان من قلوب المؤمنين فهذا هو المثل عندما ضاق بإبراهيم الميدان وفر بأهله وبولده وذهب إلى مكان لا يصدق أي إنسان بالحياة فيه لا زرع ولا ضرع ولا وحش ولا طير ولا خير فيها على الإطلاق لكن تجلت آية الكريم الخلاق لأنه هاجر بهم من أجل دين الله ولإحياء شعائر الله دعا فقال{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ}هاجر بهم من أجل أن يقيموا الصلاة ويحيوا شعائر الله لأنهم لم يتمكنوا من إقامتها بين القوم الكافرين ودعا ماذا دعا؟ وماذا كانت إجابة المولى له{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } وهذا ما نراه منذ زمانه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أفئدة الناس وقلوب الناس وأشواق الناس تزداد إلى زيارة هذه الأماكن وتتمنى أن تطأ هذه المواطن. لماذا؟ هل يحصلون هناك أرزاق؟ هل يحصلون هناك على أوسمة أو نياشين؟ نعم لكن أرزاق ربانية وأوسمة ونياشين قرآنية وإلهية لم يهاجروا طلباً للدنيا أو زينتها وإنك ترى العجب عندما ترى الرجل الفقير يجمع القرش على القرش حتى يوفر نفقة الحج فإذا توفرت لديه كانت هذه أكبر فرحة عنده في هذه الحياة لا يضارعها فرحة بمنصب مهما كان عظمه ولا بمولود مهما كان شأنه كيف يفرحون وهم من أموالهم ينفقون؟ ولأهلهم وأوطانهم يفارقون؟ ولبلاد لا يعرفونها يذهبون؟ لأنها دعوة إبراهيم التي استجاب لها الله وجعل هذا المكان قبلة لجميع خلق الله من لم يذهب إليه للحج يتجه إليه وهو في مكانه في الصلاة ولا تستوفى الصلاة إلا إذا اتجه إلى البيت الذي بناه إبراهيم استجابة لدعوته والشق الثاني من الدعوة{وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}وهذا أمر والحمد لله رأيناه جميعاً فليس عندهم أنهار ولا أمطار ولا غابات ولا أشجار لكن الله أنبع لهم من الأرض أرزاقاً بغير عمل منهم فتأتي الشركات الأجنبية ويعمل فيها أهل أمريكا وأوروبا الذين لا يتحملون حرارة الصيف يأتون وهم المترفون يعيشون في الصحراء متحملين حرارتها وشظف العيش بها ليحفروا آبار البترول ويستخرجونها وبني إبراهيم والذين سكنوا في الأرض التي دعا فيها إبراهيم جلوس مستريحين لا يتعبون ولا يكدون ولكنهم يقفون على المواني ليحاسبون فكل شحنة لهم منها نصيب بلا تعب ولا عناء ثم زاد الله بعد ذلك في خير هذه الأرض فجعل خير أي بقعة في الكرة الأرضية من فواكهها ونباتها ومصنوعاتها ومشتهياتها يعرض في هذه الأماكن بأسعار أرخص من الأماكن التي تنتج فيها لأن الله استجاب لإبراهيم عندما قال له{وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}وعندما خوفهم بعض الكافرين بأن البترول مآله إلى النفاذ إذا بهم يكتشفون جبالاً من الذهب في باطن الأرض فتركوها كما هي للأيام الخالية لأن الله شملهم بدعوة إبراهيم فرزقهم من جميع أنواع الثمرات والخيرات وتلك آية لنا جميعاً جماعة المؤمنين فيا أخي المؤمن يا من تشكو ضرك للمخلوقين وتشكو مكابدة الحياة وعناء العمل لمن لا يملكون لك ضراً ولا نفعاً ولا حياة ولا نشوراً ذلك هو الطريق اصلح ما بينك وبين الله ونفذ على نفسك وأهل بيتك ما يحبه الله ويرضاه وخذ بهم وبأيديهم على كتاب الله وعلى سنة سيدنا رسول الله ثم اطلب بعد ذلك ما شئت من مولاك يواليك بالعطاء بلا سبب لأن الله يرزق أحبابه بغير حساب كما استجاب لإبراهيم في ذريته وأهله عليهم السلام{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}كيف تكون مستجاب الدعوة؟وما الأمر الذي يطلب منك لتنال هذه المكرمة وتكون من أهل تلك المنة؟إن رسولكم الكريم لخص الأمر في كلمتين مجيباً لسعد بن أبي وقاص عندما قال: يا رسول الله ادعوا الله أن يجعلني مستجاب الدعوة قال{يا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَة }[1] أي كل من طريق حلال ليس من غش ولا سرقة ولا خداع ولا ربا ولا تطفيف في كيل ولا غش في ميزان ولا تضييع لوقت العمل فيما لا يفيد وإهمال لمصالح المترددين من العبيد تحت دعوة على قدر فلوس الدولة نعطيها لأنك تعاقدت على ذلك وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه فإذا اتقنت العمل وابتعدت عن مواطن الزلل وحافظت على فرائض الله وكفى فإنه يكون بينك وبين الله خطاً مباشراً وهاتفاً مستعجلاً تدعوه في أي أمر ما لم يكن إثم أو قطيعة رحم. يعجل لك قضاءه في الحال وقد كان على ذلك أصحاب رسول الله أجمعين والأمثلة في هذا المجال يضيق الوقت عن ذكرها قال{الرجُل يَـمُدُّ يَدَيْهِ إلـى السماءِ يا ربَّ يا ربِّ ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ ومَشْرَبُه حَرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وقَدْ غُذِيَ بالـحَرَامِ، فأَنَّى يُسْتَـجَابُ لَهُ }[2]الذين يدعون الله ألا يستبطأ الإجابة ويقول دعوت ودعوت ولم يستجب لي فقد قال{ يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ }[3] فالأمر يحتاج إلى يقين هاجر وإسماعيل عندما أودعها وطفلها بين الصفا والمروة وقالت له: لمن تتركنا ها هنا يا إبراهيم؟ فلم يجبها فكررت القول ثلاث فلما رأته لم يجبها قالت: أالله أمرك بذلك؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا. ثقة بالله ويقيناً وحسن ظن بالله وقال النبى{ حُسْنُ الظّنِّ بِالله مِنْ حُسْنِ الْعِبادَةِ }[4]فلما أحسنت بالله ظنها فرج الله أمرها فبينما هي تجري مسرعة بين الصفا والمروة بعد نفاذ السقاء الذي كان معها من الماء إذا بها تجد طيوراً عند صغيرها فتسرع إليه خائفة فإذا الماء قد نبع من تحت قدم رضيعها وعلى هذا الماء أمر عجيب في صحراء جرداء لا يرويها نهر ولا يأتيها مطر تروي الملايين والملايين في كل طرفة عين ولا ينفذ ماؤها ولا يتغير طعمها ولا يعطي منها ماء في الأول يخالف الماء في آخر اليوم فكأنها تنبع من الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة وإسماعيل عندما حكى له أباه الرؤيا قال{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}ولم يعترض على أمر الله ولم يهرب من أبيه بل عاونه وكان نعم العون له وقال له يا أبت لا تخبر أمي بخروجنا وخرجا وتظاهرا أنهما خارجان للسير فلما وصلا إلى منى قال: يا أبت اشحذ المدية (السكين) حتى تقطع بسرعة وانزع قميصي من على جسدي حتى لا يقع عليه الدم فتعرف بذلك أمي فتحزن لأجلي وألقني على وجهي حتى لا تنظر إلى قسمات وجهي فتأخذك رحمة في تنفيذ أمر الله فقال له: نعم الولد أنت عوناً لأبيك يا إسماعيل{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}ونزل الملك بفدائه من الجنة بكبش سمين لتكون سنة عملية لمن يحج ولمن لا يحج إلى يوم القيامة تثبت للناس أجمعين أن المؤمنين الذين يسلمون لأمر الله ولا يعترضون على قضاء الله الذي ليس في وسعهم دفعه ولا منعه يحميهم الله بلطفه وينقذهم الله ببره لأنه نعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير جماعة المؤمنين عليكم بباب الدعاء عليكم بباب الدعاء تعلموا آدابه وألزموا أنفسكم بشروطه وادعوا الله في ليلكم ونهاركم في مساجدكم أو في أعمالكم أو في بيوتكم أو في شوارعكم تجدون الله أقرب إليكم من كل شئ لكم أو حولكم وأقرب إليك من مالك الذي في البنك ومن زوجتك التي تنام إلى جوارك على الفراش ومن فلذة كبدك الذي أنفقت عليه آلاف الجنيهات وارحم بك من نفسك وارحم عليك من كل هؤلاء. فاستغني بالله يغنيك الله عمن عداه

[1] رواه الطبراني في الصغير عن سعد بن أبي وقاص

[2] رواه البيهقي في سننه ومسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في سننه والدارمي عن أبي هريرة

[3] رواه مسلم في صحيحه وابن ماجة في سننه والإمام مالك في الموطأ وأبي داود في سننه عن أبي هريرة.

[4] رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-02, 19:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B11 حكمه الحج ومشاهده

عناية الخليل بأبنائه
قد جعل الله في كل عام أوقاتاً عظيمة نُشرّف فيها أسماعنا بسماع قصة سيدنا إبراهيم ونُمتّع عقولنا بفهم الحكم العظيمة التي من أجلها أوجب الله علينا أن نتذكر في هذه المواطن والأيام سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجه هاجر عليهم السلام أجمعين لماذا؟ حكم كثيرة وعبر عظيمة ومنافع جمّة لا نستطيع أن نحيط بها في هذا الوقت القصير وإنما الأمر كما يقول الإله العلي الكبير{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}ليست روايات وحواديت نسمعها على سبيل التسلية لكنها عظات عالية وحكم غالية وآنات آلهية راقية علينا أن نتدبرها ونعيها ونفهمها في هذا الوقت حتى يكرمنا الله كما أكرمهم وحتى يعمنا الله بالفضل الكبير الذي عمّهم به وبالأجر العظيم الذي وعدهم به وبالثواب الجزيل الذي أدخره لهم المولى عنده عبرة واحدة أريد أن أفهمها وآخذها لنفسي ويفهمها معي إخواني نحن في هذه الأيام كل واحد فينا يحاول أن يعمل لأولاده ما ينفعهم في الدنيا فالذي يسافر ليحضر لهم ريالات أو دولارات والذي يتاجر ليعمل لهم بيوتاً وعمارات والذي يجري هنا وهناك كل هذا لماذا؟ هو لا يريد شيئاً لنفسه لأنه تزوج وسكن وأدى ما عليه ولكنه يريد أن يعمل لأولاده حاجة تنفعهم في الدنيا والكل يعتقد تمام الاعتقاد أنَّ من يفعل ذلك هو الناصح في دنياه الشفوق العطوف على أبنائه وولاياه السعيد في نظر خلق الله وكلنا لا يشك في هذا الكلام وهذا الكلام الصحيح لكن الأصح منه أن نتأسى بأنبياء الله ورسل الله وعلى رأسهم خليل الله ماذا أفعل؟ عاش ثمانين عاماً لم يرزقه الله فيهم بغلام فلم ييأس من فضل الله ولم يقنط من رحمة مولاه بل كان دائماً وأبداً منتظراً لفرج الله وانتظار الفرج عبادة كما أخبرنا سيدنا ومولانا رسول الله يعني الذي أخرّ الله عنه الإنجاب والولد يترقب الفضل وينتظر الكرم من الله وهذا الانتظار عبادة يثيبه عليها العزيز الغفار عبادة ليس فيها عمل ولا تعب ولا إنفاق إلا إنه يحرك قلبه بالحنان والعطف والإشفاق إلى المليك الخلاق يستمطره الرحمات وينتظر منه المكرمات لأنه وحده الذي بيده مقاليد السموات والأرض وهو على كل شئ قدير أكرمه الله بالولد بعد ثمانين عاماً ولم يتركه يفرح به لوقت طويل بل أمره على الفور بأن يلقي به في صحراء ليس فيها زرع ولا ضرع ولا ماء ولا فيها حتى وحوش لأن الوحوش لا تسكن إلا المكان الذي فيه قوتهم وفيه شرابهم وهذا مكان ليس فيه قوت لحي ماذا يفعل؟ هل اعترض على أمر الله؟ هل شعر في نفسه بأن هذا الحكم الذي حكم به عليه الله قاس؟ هل ناوأ الله وقال كما نسمع من عباد الله لماذا تفعل معي هذا؟ ولماذا حكمت عليّ بهذا الحكم؟ولم خصّصتني وأمرتني بهذا العمل؟ هل مثل هذا الكلام ينفع من العبد مع سيده ومولاه؟{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}فإذا قضى أمراً فعلينا بقوله{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فكل أمر أمر به الله لا يجوز للمؤمن أن يختار بعد أمر الله ولا يجوز للمؤمن أن يعترض على ما قضاه الله ولا يجوز للمؤمن أن يُظهر حتى بقلبه أو بنفسه الجزع أو الهلع أو الضيق في الأمر الذي أبرمه الله ولكن عليه أن يرضى بأمر الله وأن يُسلّم لقضاء الله وأن يفوض كل أموره لله فإذا لم يرضى ماذا يكون له؟ وإذا رضى ماذا يكون له؟ قال النبى{مَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا. وَمَنْ سَخِطَ، فَلَهُ السُّخْطُ}[1]الذي يرضى عن أمر الله وعن قضاء الله فسيرضيه الله في دنياه ويرضيه الله في أخراه والذي يسخط لا يعبأ به الله يمشي في أودية الهموم أو تقتله الهموم والغموم أو يهلك مع الهالكين في الأفكار والشواغل الدنيوية أو تحرمه هذه الأشياء من المتع النورانية ومن الهناءة الروحانية عندما يناجي معنا الحضرة العلية كل هذه الأمور يا إخواني تحدث له وأكثر ولا يهتم به الله لأنه لم يرض بأمر الله لكن المؤمنين{رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}لأنهم رضوا عن أمر الله وتقدير الله فكان جزاؤهم أن رضى عنهم الله هذا الرجل رضى وعلم زوجته الرضا حتى أنه تركها وليس معها إلا جراب بسيط فيه بضع تمرات وآخر بسيط فيه جرعة ماء فنظرت إليه وقالت يا إبراهيم لمن تتركنا ها هنا؟ فلم يجبها وآثر الصمت والسكوت فكررت القول يا إبراهيم لمن تتركنا ها هنا؟ فلم يلتفت ولم يرد فقالت: أألله أمرك بهذا؟ قال: نعم قالت: إذاً لا يضيعنا لأنها على يقين أن الرزاق هو الله - فالمرأة التي قال لها جيرانها في وداع زوجها مسافراً لمن يتركك؟ قالت لهم: زوجي مُذْ عرفته أكال والرزاق هو الله يذهب الأكال ويبقى الرزاق - لما اطمأنت ورضيت وسلمت لأمر الله فرح إبراهيم ودعا لها الجليل وقال كما سمعنا جميعاً في محكم التنزيل{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}دعا وهو راضٍ فلباه الله وأجابه الله وزاده الله من فضله وكرمه لأنه راضٍ عن أمر الله وعن حكم الله لم يَدع لهم في البداية بالأرزاق والأقوات والخيرات والأموال لأنه يعرف أن هذه الأشياء مضمونة ويعلم أن هذه الأشياء لو جاءت إلى قوم غير مسلمين فستكون وبالاً عليهم في الدنيا وطامة عظمى يوم لقاء رب العالمين ربما يدعو لهم بالأموال فتأتي الأموال لكن لا يوفقون في كيفية الإنفاق التي ترضي الله ولا كيفية تحصيلها بحيث لا يتجنبون غضب وسخط الله فيكون المال في هذا الوقت يميل بهم إلى غضب الله في الدنيا ويميل بهم إلى جهنم وبئس القرار لكن المرء العاقل يفعل كما فعل الخليل u يدعو الله لهم بإقامة الصلاة ويركز عليها فأول ما بدأ هذا الدعاء قال فيه{رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ}إثم عاد إلى تكراره في آخر الدعاء حيث قال{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي}فكرر مرة ثانية دعوة الإقامة لماذا؟ لأنه قانون الله الذي حكم به في كتاب الله فالذي يخاف على أولاده من بعده ويخشى عليهم أن يتعبوا أو يجوعوا أو لا يجدوا موضعاً يسكنون فيه ولا أموالاً للزواج ولا عمل يتكسبون منه ماذا يفعل يا رب؟ لا يوجد هيئة تأمين ومعاشات والتأمين على الحياة لكن واهب الحياة وصانع الحياة ومدبر أمور الحياة قال للمؤمنين الذين يحرصون على أبنائهم بعد انتقالهم من هذه الحياة: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ}ماذا يفعلوا يا رب؟{فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً}أمرين اثنين يتقوا الله ويقولوا الأقوال السديدة التي تسدد لهم في خانات حسناتهم وفي صحف إيمانهم حتى تنتفع بها ذرياتهم بعد مماتهم إذاً الأمر يا إخواني على عكس ما يقول الناس فالذي ينفع الأبناء على التحقيق ليست وديعة البنوك ولكن الوديعة التي ادخرتها عند ملك الملوك حتى أن الله سخر نبياً من أولي العزم وولياً من كمل الأولياء من أجل بناء الجدار فالولي يبني ومعه المسطرين والنبي يصنع المونة ويناولها له ويناول معها الطوب لهذا الولي مع أن هذه البلدة لم يَدْعهم أحد من أهلها حتى لشربة ماء أو فنجان قهوة أو كوب شاي ولما قال سيدنا موسى كيف نعمل لأناس لم يضيّفنا منهم أحد؟ أجابه نحن مكلفين بهذا العمل من الله لأجل هذين الغلامين {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا}أبوهم هذا كان الجد السابع وليس الأب المباشر ولا الذي بعده ولكن الجد السابع كان صالحاً فنفع الله به ذريته من بعده وسخر لهم رسولاً وولياً ليقيما الجدار وليحفظ هذا الكنز حتى يبلغ الصبيان فضلاً من الله ونعمة يا جماعة المؤمنين فسيدنا إبراهيم علّمنا هذا الدرس بأننا ندعو لهم بالصلاح ونهتم في أمرهم بأمر الله ونسوقهم إلى الطاعات ونعرفهم التشريعات ونبين لهم أحكام كتاب الله ونوضح لهم سنة سيدنا رسول الله ثم نطمئن إلى أن عناية الله لن تتخلف عنهم طرفة عين ولذا ضرب الله لنا مثلاً مع إبراهيم مع أن بعضنا يشككه القوم في هذه الأمور ويقولون له كيف تأتي تقوى الله بالأرزاق؟وكيف تأتي الحسنات بالخيرات مع أن الله أبرم هذا الأمر فقال{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}حتى لا يفكر بأن الحسبة التي حسبها أو الرصيد الذي تركه في البنك أو في الأرض أو في التجارة هي التي تنفعه فذلك كله يقول فيه القائل:
ما بين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال
ولكي يزيدنا الله يقيناً ذكر لنا ما فعله مع الخليل ومع زوجة الخليل وابنها فقد بعث لهم الماء وأرسل لهم الناس وهيئ لهم الجيران الذين يزورونهم ويودونهم من كل أنحاء العالم إلى يوم القيامة وصدق الله إذ يقول{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }
[1] رواه الترمذي في سننه وابن ماجة والبزار وصاحب الفتح الكبير عن أنس بن مالك.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-02, 19:16   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
صقر القدس
عضو محترف
 
الصورة الرمزية صقر القدس
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم


اللهم ارزقنا زيارة بيتك الحرام والوقوف بعرفات ويا له من مشهد يوم عظيم










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-02, 19:55   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صقر القدس مشاهدة المشاركة
السلام عليكم


اللهم ارزقنا زيارة بيتك الحرام والوقوف بعرفات ويا له من مشهد يوم عظيم
اللهم اكرم المسلمين اجمعين بزيارة بيتك الحرام









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-03, 21:39   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

آيات البيت الحرام
العالم كله من حولنا الكافرين والمشركين والجاحدين والملحدين يتعجبون من الروح الغريبة التي تنتشر في المسلمين في هذه الأيام شوقاً إلى بيت الله الحرام ينظرون إلى وسائل الإعلام فيرون المسلمين الفقراء يضحون بكل شئ ويتبعون كل شئ في سبيل أن يذهبوا لهذه البقاع المباركة ثم ينظرون إلى أحوالهم عند وصولهم إلى هذه الأماكن منهم من يتوفى ومنهم من يبكي ومنهم من يصرخ ومنهم من يفعل كذا وكذا فيزداد عجبهم ويتساءلون لم يفعل المسلمون هذه الأشياء؟ لحجارة في ظنهم وخيالهم وجهلهم كأي حجارة في الأرض لكن تعالوا معي يا عباد الله ننظر إلى المغناطيس الإلهي الذي أودعه الله في بيت الله والذي يجذب المؤمنين القاصين والدانين جميعاً إلى بيت الله ما هو؟ إن الله يتحدث عن ذلك فيقول{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}ماذا فيه؟:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ}يه علامات واضحات فيه مناهج ودلالات فيه أنوار ساطعات فيه إشراقات وفيوضات وتجليات لمن فتح الله عين قلبه ونظر بنظارة الإيمان فيرى حول بيت الله أنوار مكون الأكوان أما هؤلاء الذين عمت بصائرهم فلا يرون هذه الآيات ولا ينكشفون على تلك التجليات لأن الله لا يكشف على أسراره للمجرمين والمشركين وإنما يحفظها لعباده المؤمنين ولا يكشفها إلا للصادقين من عباده المؤمنين تعالوا معي يا عباد الله جماعة المؤمنين نجلس في بيت الله وننظر إلى الكعبة المشرفة التي أسسها الله على مائدة الله والنظر إليها عبادة فما بالكم بالطواف حولها والصلاة لها إنها عبادات مباركات لها أجر ثابت حدده سيد السادات أول سؤال يواجهنا ونحن حول هذا البيت لماذا بناه الله؟ ولماذا أمر برفعه الله؟ إن هذا له قصة عجيبة فعندما اختار الله آدم ليكون خليفة في الأرض وجمع الملائكة أجمعين وأمرهم بالسجود لمن اختاره خليفة عن رب العالمين وقال لهم موجهاً لهم الخطاب{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}فعلموا أنهم أخطأوا في الجواب على حضرة الوهاب وأساءوا الأدب في الحديث مع حضرة الله فخرجوا هائمين إلى البيت المعمور يطوفون حوله يعلنون توبتهم ويقدمون ندمهم لعل الله يغفر لهم هذه الذلة فلما طافوا حول البيت المعمور وهو فوق السماء السابعة تجاه الكعبة تماماً قال لهم الله (اهبطوا إلى الأرض فابنوا لعبادي بيتاً إذا أخطأوا كما أخطأتم وأذنبوا كما أذنبتم يذهبون إليه فيطوفون حوله كما طفتم فاغفر لهم كما غفرت لكم) ونزل آدم من الجنة بأرض الهند وأخذ يبكي على ذنبه لله أربعين عاماً حتى رق عليه الملائكة الكرام فنزل أمين الوحي جبريل وقال يا آدم أين أنت من بيت الله اذهب إليه فطف حوله يغفر لك ذنبك الله فجاء من أرض الهند إلى أرض الحجاز ماشياً على أقدامه فطاف بالبيت وهو يقول كما أنبأنا حضرة الرسول: {اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيماناً يباشر سويداء قلبي حتى لا أحب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت إنك على كل شئ قدير}[1]طاف حوله وهو يردد هذه الكلمات فأوحى الله إليه{يا آدم قد دعوتنا بدعوات فاستجبناها لك وكل من جاء من بنيك وذريتك إلى هذا البيت ودعا بهذه الدعوات استجبنا له وغفرنا له ذنبه ونزعنا الفقر من بين عينيه وملأنا قلبه بالإيمان وتجرنا له من وراء تجارة كل تاجر}فهو رمز المغفرة من الغفار وسر التوبة من التواب ورمز القبول من العزيز الوهاب لمن خرج من بيته لا يريد إلا وجه الله ولا يبغى بحجة إلا اتباع سيدنا ومولانا رسول الله وماله حلال واجتهد في جمعه من طريق حلال إذا ذهب إلى هناك وطاف بالبيت وانتهى من الطواف يضع الملائكة الموكلين بالبيت أيديهم على ظهره ويقولون كما قال رسول الله {قد كفيت ما مضى فاستأنف العمل فيما بقى} {مَنْ أَتَىٰ هَـٰذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}[2]ولم يحدد الصغائر ولا الكبائر السر ولا العلانية رب العباد فإن الله يغفر جميع الذنوب لأنه يرده كالطفل المولود والطفل المولود لا يكتب عليه الكرام الكاتبون سيئات أبداً لا يكتبون له إلا خيرات وحسنات لكن صحيفة سيئاته كما هي مطوية لا تفتح إلا إذا بلغ الحلم فيرجع وليس عليه شاهد بذنب لأن الله غفر له جميع ذنبه هذا البيت المبارك فيه آيات ظاهرة جلية يراها حتى الكافر والنافر بل إن كفار مكة كانوا يعظمون البيت قبل الإسلام ومعهم العرب وهم يعبدون الأصنام لماذا؟للآيات الحسية التي رأوها في هذا البيت انظروا معي بيت بني بالأحجار كيف تتأدب معه الحيوانات والأطيار؟ وهي كما نعلم جميعاً ليس معها عقول ولم تتأدب بآداب إن الطيور التي حوله والتي حماها الله وحرم ذبحها لأدبها مع بيت الله ماذا تفعل؟ تطوف حوله كالطائفين ولا تعلو ظاهره أبداً في طيرانها إلا الطائر المريض فإنه يعلو ظاهر البيت ويقف فوق ظهره للحظات فيشفى بإذن الله أما الجميع فيطوفون حوله كما يطوف الطائفون ولا يعلون ظهره أبداً أدباً مع بيت ربهم بل إن الناقة التي ركبها سيدنا رسول الله وهو في حجة الوداع وطاف راكباً لها حول البيت وسعى عليها بين الصفا والمروة أمسكت نفسها فلم تخرج بولاً ولا روثاً في بيت الله تأدباً مع بيت الله مع أن بولها طاهر وروثها طاهر لأن القاعدة الشرعية كل ما أكل لحمه فبوله طاهر وروثه طاهر بل إن الحيوانات المتوحشة كالأسود والنمور والكلاب رؤى عنها مراراً وتكراراً أنها كانت تجري وراء صيد لها مثيل لها فتجري وراء زرافة أو تجري وراء ماعزاً وتجري وراء ضبّ فتدخل الفريسة الحرم فيقف الوحش ويتأدب ولا يستبيح الصيد في داخل الحرم الذي جعله الله آمناً فإذا كانت الحيوانات المتوحشة والطيور والحيوانات المستأنسة تتأدب مع هذا البيت فلماذا؟لأن فيه أسرار وأنوار لا يكشفها الواحد القهار إلا لعباده الأخيار والأطهار بل إن العرب عرفوا به أسرار الأمطار قبل تقدم علم الفلك في العالم أجمع فيجلسون حول البيت في موسم الحج فإذا نزل المطر شرق البيت كان شرق العالم كله في هذا العام في خير وبركة ومطر من الملك العلام وإذا نزل الغيث غرب البيت كان غرب العالم كله في هذا العام مطر وخير من الله وإذا نزل المطر حوله من جميع الجهات كان هذا العام عام رخاء على الأرض كلها فهو الميزان وهو المرصد الذي يحدد الخير النازل من الله إلى جميع عباد الله وشتى أرجاء المعمورة بإذن الله هذا البيت يا إخواني لايخلو من الملائكة فحوله سبعون ألفاً من الملائكة الكرام كل كلماتهم آناء الليل وأطراف النهار آمين آمين يؤمنون على دعاء الطائفين العاكفين والراكعين والساجدين في بيت رب العالمين ولذا كان الدعاء فيه مستجاب لا يرد أبداً لأن الله جعله موضع إجابة وعندما دعا فيه الخليل إبراهيم رأينا أثر دعوته إلى يومنا هذا فما فيه هؤلاء القوم من خيرات وثمرات وبركات إنما هو استجابة لدعوة إبراهيم uهذه الآيات وغيرها كثيرات لضيق المقام عن ذكرها جعلت المولى لايدخل بهذا البيت إلا من يحبه من عباده وكل من أراد الله غفران ذنوبه وكل من أراد الله ستر عيوبه وكل من أراد الله تطهيره من الخطايا وكل من أراد الله أن يجعله من التوابين والمتطهرين اسمعه في البدأ دعوة إبراهيم للزائرين فإن إبراهيم هو الذي دعا جميع الزائرين بدون استثناء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فعندما كلفه الله بالبناء وأخذ يبني البيت وإسماعيل يجمع الأحجار ويحملها إليه وبنى حتى وصل البناء إلى قامته ثم تحير كيف يبني بعد ذلك فأنزل الله له حجراً{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ}يقف عليه ويحمله إسماعيل بالأحجار ثم يشير إليه فيرتفع بأمر الواحد القهار حتى يصل إلى مستوى البناء ويظل واقفاً في الهواء حتى ينتهي إبراهيم من البناء فيشير إليه فيرجع مرة أخرى إلى الأرض ولما انتهى من البناء أجمع وقال هو وإسماعيل{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}قال الله يا إبراهيم{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}قال يا ربي وما يبلغ صوتي؟ قال: عليك الأذان وعلينا البلاغ فوقف على الحجر وأوجد الله الآية في الحجر فلان الحجر تحت أقدامه حتى أثرت فيه أصابعه الشريفة عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ثم اتجه جهة الشام وقال أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وكتب عليكم الحج فحجوا ثم اتجه جهة اليمين وقال مثل ذلك وجهة المشرق وقال مثل ذلك وجهة المغرب وقال مثل ذلك فأمر الله الجبال أن تهبط والوديان أن ترتفع وفتح أسماع الأرواح وفتح أسماع الأجنة في بطون أمهاتها وأنطق ألسنة الجميع بأمر ربها فلبت الأرواح وقالت ملبية نداء الخليل لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك والملائكة يسجلون فمن قالها مرة كان نصيبه الحج مرة ومن رددها مرتين كان نصيبه الحج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك وبقى حجر المقام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وفيه أقدام الخليل u يراه كل من ذهب إلى هذه الأماكن فيعلم صدق رسول الله فيما قال عن الله ويعلم صحة الخبر أن من بنى البيت هو خليل الله وهذه آثار أقدامه وهذا هو الحجر الذي نادى عليه والذي كان يقف عليه بقى إلى ما شاء الله كما هو وفيه آثار قدميه فإذا كان في ليلة النصف من شعبان فيكشف الله للملائكة الكرام في اللوح المحفوظ الذين وقع عليهم الاختيار للذهاب إلى زيارة الله في بيته الذين يدعوهم لزيارته والذين يؤهلهم للوقوف بين يدي حضرته والذين كتب لهم الطواف حول بيت عظمته والذين هيأ لهم الوقوف على عرفات معرفته فينقلون أسمائهم ويرسلون لهم دعوة لربهم عن طريق الملك الذي وكل بقلوبهم وهو ملك الإلهام فقد قال النبى فى حديث ما معناه{لكل آدمي ملك على قلبه يلهمه بالخير ويحثه عليه وشيطان يوسوس له}فيرسلون له الدعوة عن طريق ملك الإلهام فيلقى في روعة الشوق إلى بيت الله والحنين إلى هذه الرحاب التي باركها الله فيقول لمن حوله إني عازم على الحج هذا العام ثم ييسر المولى الكريم الزاد وييسر الطريق وييسر لمن يريد أن يكرمهم قال r{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإنِ ٱسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ وإن شكروا شكرهم}[3]وقال{يُغْفَرُ لِلْحَاج وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ}[4]إن من آيات الله في البيت الحرام الحجر الأسعد .. الذي يستلمه الساعي من الله لما وقف أمامه عمر بن الخطاب وقال له: إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك فقال له الإمام علي: بل إنه ينفع ويضر بإذن الله يا أمير المؤمنين قال: وكيف ذلك؟ قال: أما علمت أن الله عندما أخذ الميثاق على بني آدم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين كتب هذا الأمر في رق ثم ألقمه هذا الحجر فهو يشهد لكل من استلمه يوم القيامة وقد قال النبى{يُؤْتَىٰ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ }[5]هذا الحجر يسجل كل الذي يمر حوله كل الطائفين وكل المصلين وكل الراكعين والساجدين وكل الناظرين. العدسة النورانية التي أودعها فيه رب العالمين تسجل هيئاتهم وأصواتهم وحركاتهم وسكناتهم ثم تعيد هذا الفيلم أمام الخلائق أجمعين يوم الدين. كيف هذا وهو في نظرنا حجر لكنه فيه سر من فاطر البشر حجر ليس كالأحجار حتى في صفاته الحسية وقد ورد أن أبا عبد الله القرمطي والقرامطة كانوا من الخوارج الشاذين عن دين الله نزل هو ورجاله إلى بيت الله الحرام في موسم الحج وقتلوا الحجيج وخلعوا الحجر وحملوه معهم إلى الكوفة وأرادوا أن يصرفوا المسلمين عن بيت الله إلى الحجر الذي وضعوه في مسجد لهم في الكوفة وافص عليكم جزءا من الرواية الواردة فيه:{ فَمُدَّةُ إقَامَتِهِ عِنْدَ الْقَرَامِطَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً فَافْتَدَاهُ أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ بِثَلاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ الْمُحَدِّثَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ لِيَتَعَرَّفَهُ وَيَأْتِي بِهِ فَذَهَبَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إلَى الْقَرَامِطَةِ فَأَحْضَرُوا لَهُمْ حَجَرًا, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَنَا فِي حَجَرِنَا عَلامَتَانِ لا يَسْخُنُ بِالنَّارِ وَلا يَغُوصُ فِي الْمَاءِ فَأَحْضَرُوا نَارًا وَمَاءً فَأُلْقِيَ فِي الْمَاءِ فَغَاصَ ثُمَّ فِي النَّارِ فَحَمِيَ وَكَادَ يَتَشَقَّقُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا بِحَجَرِنَا ثُمَّ أُتِيَ بِحَجَرٍ مُضَمَّخٍ بِالطِّيبِ فَفَعَلَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ كَذَلِكَ فَجَرَى لَهُ مَا جَرَى لِذَلِكَ فَأُحْضِرَ إلَيْهِمْ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ فَوُضِعَ فِي الْمَاءِ فَطَفَى وَلَمْ يَغُصْ وَفِي النَّارِ فَلَمْ يَحْمِ فَعَجِبَ أَبُو طَاهِرٍ وَسَأَلَهُ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَأَسْنَدَ عَنْ النَّبِيِّ eأَنَّهُ قَالَ [الْحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ مِنْ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا اسْوَدَّ مِنْ ذُنُوبِ النَّاسِ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ بِالإِيمَانِ وَأَنَّهُ حَجَرٌ يَطْفُو عَلَى الْمَاءِ وَلا يَسْخُنُ بِالنَّارِ إذَا أُوقِدَتْ عَلَيْهِ] قَالَ أَبُو طَاهِرٍ هَذَا دِينٌ مَضْبُوطٌ بِالنَّقْلِ وَمِنْ آيَتِهِ أَنْ تَفَسَّخَ تَحْتَهُ(مات تحته) وَهُمْ ذَاهِبُونَ بِهِ قِيلَ أَرْبَعُونَ جَمَلا وَقِيلَ ثَلاثُمِائَةٍ وَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ وَلَمَّا أُعِيدَ لِمَكَّةَ أُعِيدَ عَلَى جَمَلٍ أَعْجَفَ هَزِيلٍ فَسَمِنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.}[6]هذا هو قدر الحجر الأسعد فما بالكم بالمطاف الذي لا يسع أكثر من مائة ألف رجل يطوفون في وقت واحد لكنه لو اجتمع فيه كل سكان المعمورة في وقت واحد يسعهم بإذن الله وعلى هذا الحال أيضاً منى فهي مكان ضيق بين جبلين لا تسع إلا بضع آلاف قليلة سألوا رسول الله كيف تسع منى الحجيج مع ضيقها؟ فقال{إن منى تتسع بأهلها كما يتسع رحم الأم بالجنين الذي فيه}[7]يتسع بطن الأم للجنين فإذا خرج رجعت كحالتها وهكذا منى وسُئل النبى ما بالنا ومن قبلنا نرمي بالكثير والكثير عند الجمرات ولا نجد له أثراً إلا القليل عند انتهاء المناسك؟ فقال النبى{ما تُقُبِّل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال}[8]آيات وآيات كثيرات لا أستطيع أن أحصيها في موقفي هذا ولكن عليكم عباد الله أن تجددوا شوقكم إلى بيت الله فإن الله أمرنا أن نتجه إليه في كل صلاة حتى نحس بالشوق إليه وبالحنين إليه نريد أن نصلي وليس بيننا وبينه جدار وليس بيننا وبينه جبال وليس بيننا وبينه وديان نريد أن نصلي يوماً من الأيام وأمامنا بيت الله الحرام فكلما وقف المصلي بين يدي الله يتحرك فيه الشوق إلى بيت الله الحرام ويريد أن يكون مع الذين أنعم الله عليهم في هذا المقام.
[1] رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة.
[2] رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة.

[3] رواه البخاري والبيهقي عن أبي هريرة، والبزار عن جابر والسيوطي في الفتح الكبير عن ابن عمر.

[4] رواه البزار والطبرانى في الصغير عن أبي هريرة.

[5] رواه الدارمي في سننه وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده وغيره كثيرون عن ابن عباس وورد بكاملها فى خطبة سابقة بالنص المخرج.

[6] حاشية الجمل والوافى بالوفيات لسليمان بن إبراهيم.

[7] رواه الشيخان.

[8] سنن الدار قطنى.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-04, 12:13   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

أسرار بناء البيت الحرام
ونحن على مشارف شهر ذي الحجة الكريم ويتوافد الحجيج على أرض الله تلبية لنداء سيدنا إبراهيم خليل الله فإن الله أمره أن يبني البيت فقال يا ربَّ فكيف اعلم مكان البيت؟ فانزل الله سيدنا جبريل u وأعلمه بأن الله سيرسل سحابة ستقف أمامه على مكان البيت وأمره أن يعلم على ظلها فإنه أساس البيت فلما علم على أساس البيت وكشفه بأمر الله أمره الله أن يبنيه وإسماعيل ثم أرسل لهم الملائكة الكرام يقطعون الأحجار وينقلونها إلى حيث مكان البيت ويضعها إسماعيل لإبراهيم إلى أن تم البناء بأمر الله فلما تم البناء نادى الله إبراهيم وقال كما قال في محكم كلامه القدير{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} فقال يا ربَّ وما يبلغ صوتي؟ قال: يا إبراهيم عليك الآذان وعلينا البلاغ فأمر الله الأرواح أن تخرج من مستقرها وأمر الجبال أن تهبط من عليائها والوديان أن ترتفع إلى مستوى سطح الأرض وأسمع الجميع آذان إبراهيم فوقف إبراهيم على الجبل المواجه للكعبة(جبل أبي قبيس)واتجه مرة إلى اليمين ومرة إلى الشمال ومرة إلى الجنوب ومرة إلى الشرق وأخرى إلى الغرب وفي كل مرة يقول: (أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وكتب عليكم الحج فحجوا) فقلنا وقال من قبلنا ومن بعدنا من كتب الله لهم زيارة هذا البيت قلنا جميعاً: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لبيك اللهم لبيك منا من قالها مرة ومنا من قالها مرتين ومنا من زاد على ذلك وفي ذلك يقول نبيكم الكريم{من لبى مرة حج مرة ومن لبى مرتين حج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك}[1]فإذا كانت ليلة النصف من شهر شعبان ظهر في اللوح المحفوظ بقلم القدرة من علوم فيض حضرة الديان الحجاج الذين اختارهم الله لأداء هذا المنسك في هذا العام فتنسخ الملائكة أسمائهم ويبلغونه دعوة ربهم منهم من تبلغه الدعوة مناماً ومنهم من تبلغه الدعوة في نفسه يقظة ومنهم من يجد الشعور بالذهاب للزيارة ومنهم من يتحرك فيه الباعث لأداء الفريضة والذي حرك هذه البواعث والذي ألهم تلك النفوس والذي أجج غرام تلك القلوب إنما هو علام الغيوب فإذا دعاهم لزيارته يسر لهم الأسباب وبسط لهم الأرزاق وسهل لهم الأمور حتى يذهبوا لأداء المناسك ويتمون الحج لوجه الله مصداقاً لقوله سبحانه{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}يذهب ابتغاء مرضاة الله لا من أجل السمعة ولا من أجل الرياء ولا من أجل اكتساب لقب فإن الله غني عن تلك الألقاب وغني عن تلكم الأعمال وإنما{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }فإذا ذهبوا إلى هناك ذهبوا تطبيقاً لأمر الله وتنفيذاً لسنة رسول الله وهمهم أداء الفريضة ابتغاء وجه الله فرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم كما قال{مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رجع كيوم ولدته أمه}[2]خالياً من الذنوب والعيوب لماذا فرض الله تلك الفريضة؟إن الله لما أخبر ملائكته الكرام وقال لهم{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }فعلموا أنهم أخطأوا لأنهم لم يحسنوا رد الجواب على ربهم فطافوا حول البيت المعمور في السماء السابعة تائبين منيبين فلما أتموا سبعة أشواط قال لهم: بشرى يا ملائكتي فقد غفرت لكم اهبطوا إلى الأرض فابنوا لعبادي بيتاً فإذا أخطأوا كما أخطأتم وأذنبوا كما أذنبتم يذهبون إليه فيطوفون حوله كما طفتم فاغفر لهم كما غفرت لكم فلما وقع آدم في الخطيئة ونزل ببلاد الهند وحواء بجدة بالأراضي الحجازية ومكث ثمانين عاماً يبكي على خطيئته حتى فتح الله له أبواب توبته فنزل جبريل وأمره أن يذهب إلى البيت ليطوف بالبيت حتى يتوب عليه رب البيت U فجاء من بلاد الهند ماشياً حتى وصل إلى البيت وطاف حوله وقد ورد فى ذلك{طاف آدم u سبعا بالبيت حين نزل ثم صلى تجاه باب الكعبة ركعتين ثم أتى الملتزم فقال: اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم ما في نفسي وما عندي فاغفر لي ذنوبي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي والرضا بما قضيت علي قال: فأوحى الله تعالى إليه: يا آدم قد دعوتني بدعوات فاستجبت لك، ولن يدعوني بها أحد من ولدك إلا كشفت غمومه وهمومه وكففت عليه ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت الغناء بين عينيه وتجرت له من وراء تجارة كل تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها قال: فمذ طاف آدم uكانت سنة الطواف}(ورد فى أخبار مكة للأزرقي رواية عن عبد الله بن أبي سليمان مولى بني مخزوم}فمن يذهب بمال حلال ابتغاء رضاء الواحد المتعال فإنه يرجع من هناك كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب والعيوب بالإضافة إلى الثواب الذي لا نستطيع أن نحيط به في هذا الوقت القصير ويكفي أن نلمح إليه في قول الرجل الصالح الذي يقول: (صلاة واحدة في جماعة في بيت الله الحرام خير وأعظم عند الله من عمر نوح في طاعة الله) فقالوا له وكيف ذلك؟ قال الصلاة في البيت الحرام بمائة ألف صلاة فإذا كانت في جماعة تزيد سبعاً وعشرين مرة فتصير مليونين وسبعمائة ألف صلاة فإذا قسمناها على خمس صلوات في اليوم كان عمراً أكبر من عمر نوح في طاعة الله U وليست الصلاة فقط فالتسبيحة بمائة ألف تسبيحة والصدقة بمائة ألف والختمة للقرآن الكريم بمائة ألف ختمة وصلاة الجمعة بمائة ألف صلاة جمعة وكل عمل صالح هناك بمائة ألف عمل صالح هنا فضلاً من الله ونعمة قال{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإنِ ٱسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ وإن شفعوا شفعوا}[3]والمؤمنون الذين لم يكتب الله لهم أداء هذه الفريضة يحرمون من هذا الأجر والثواب نقول لهم ولنا إن الله يعطي من هنا مثل أجر من هناك بشروط ومواصفات وضعها رسولكم الكريم يردد الناس - وهذا من جهلهم بدينهم - أن المقبول هو الذي فتح له الباب وسافر بالطائرة أو بالباخرة أو في الأتوبيس ويعيرون من أخذ بالأسباب ولم يكتب له السفر ويقولون له لو كنت مقبولاً لهيأ الله لك السفر وكذبوا على الله فإن كثيراً ممن يسافر إذا قال لبيك اللهم وسعديك تقول له الملائكة لا لبيك ولا سعديك وحجك هذا مردود عليك لماذا؟لأنه حج من مال حرام وبعضهم خرج للرياء والسمعة حتى إذا رجع يقولون الحاج فلان ذهب والحاج فلان رجع ومثل هذا ليس له من الأجر إلا سمعته وإلا تشريفه بهذا اللقب وإذا كان الأمر أمر السفر فإن نبيكم الكريم رأى في المنام أنه ذهب لأداء الحج وبشر أصحابه وذهبوا وأحرموا وساقوا الهدى ومنعهم الكفار من دخول البيت مع أن الله قال لهم{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ}الكفار والمشركين يطوفون بالبيت والرسول الكريم يمنع من دخول البلد الحرام هل كان هذا دليلاً على قبول الكفار وعلى رد الرسول المختار؟ أم أن تلك الأقدار تفعل بإرادة الواحد القهار U{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}أنت تريد والله يريد ولا يكون إلا إرادة الحميد المجيد أما الذي نوى الحج وأخذ بالأسباب ولم تتيسر له أسباب السفر فقد كتب له حجة مقبولة طوافها وسعيها ووقوفها ورميها ونفقاتها وهي في ميزان حسناته عند الله يوم القيامة وأنا ضمين بذلك عند الله لأن الذي قال ذلك رسولكم الكريم لكن الذي يريد الحج ولم تتيسر له النفقات وليس معه مال ولكنه مشتاق للزيارة ويعيش هذه الأيام القادمة أيام العشر مع الحجيج يعيش معهم في طوافهم ومعهم في سعيهم ومعهم في تلبيتهم يكتب له أجر الحج بنيته وبصدق إرادته وقد قال{إنَّـما الأعْمَالُ بالنِّـيَّاتِ وإنَّـما لكل امْرِىءٍ ما نَوَى}[4]ولم يقل لكل امرء ما عمل وقد سافر أصحابه إلى تبوك في بلاد الشام وكان سفراً طويلاً وشاقاً فلما وصلوا إلى هنالك قال لمن معه{ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ }[5] منعهم العذر وهو ضيق ذات اليد وقلة النفقة من أن يكونوا معهم والله يثيب المؤمنين على قدر نياتهم فالمؤمن ينوي كل عام حج بيت الله الحرام فإن تيسر له الأمر فبها ونعمت وإن لم يتيسر له الأمر أخذ أجر الحجيج المقبولين وثوابهم عند الله على قدر نيته وعلى قدر صدق إرادته لأن الأعمال بالنيات عند الله قال{مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ سَنَتَيْنِ: سَنَةً أَمَامَهُ وَسَنَةً خَلْفَهُ}[6]وهذا كما يحدث للحجيج وقال{يَا فَاطِمَةُ قُومِي إِلى أُضْحِيَتِكِ فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّ لَكِ بِكُل قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكِ}[7]فالحاج هناك يطوف ويسعى والذي هنا يصوم تلك الأيام الفاضلة التي يقول فيها رسولكم الكريم{مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَىٰ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ يَعْدِلُ صِيَامُ كُل يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامُ كُل لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فإذا كان يوم عرفة فإن الله يغفر بصيامه ذنوب سنتين}[8]وإذا كان الحاج يذبح الهدي فالذي هنا يذبح الأضحية وله نفس الأجر وإذا كان الحاج يلبي فالذي هنا يكبر من يوم الوقفة ويوم العيد وأيام التشريق عقب كل صلاة ليكون الذي هنا يكبر والذي هناك يكبر ويلبي والذي هناك في عرفات والذي هنا بروحه مع الله في استجابة الدعوات فيثيب الله الجميع ويوزع الأجر على الجميع

[1] أخرجه ابن اسحق في سيرته والأرزقي في أخبار مكة.

[2] رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة.

[3] رواه البخاري والبيهقي عن أبي هريرة، والبزار عن جابر.

[4] متفق عليه عن عمر بن الخطاب.

[5] رواه أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه وابن حبان في صحيحه وصاحب الفتح الكبير عن أنس.

[6] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري.

[7] رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والبيهقي في سنته عن البراء بن عازب.

[8] رواه ابن ماجة في سننه وابن أبي شيبة وابن حبان في صحيحه عن ابن عباس.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-04, 22:53   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

درجات الحج

في يوم عرفة تجتمع من كل بقاع الأرض في حرم الله وفي بيت الله وفي أرض الله أفواج الحجيج يرجون غفران الله ورحمة الله ذهبوا وقد أعطوا أعز ما يملكون فجمعوا أموالهم للنفقات وتركوا أعز ما يخلفون وهم الأهل والأولاد لماذا ذهبوا إلى هناك؟إن هذا أمر يطول شرحه وسنتكلم فيه باختصار شديد على حسب المناسبة إن شاء الله فإن هذا البيت لبناءه غاية من أجلها أمر الله الملائكة ببنائه ثم أمر بعد ذلك الخليل إبراهيم بتجديد بنائه وهي أن الله أوحى إلى الملائكة بعد أن تقبل توبتهم وغفر لهم زلتهم أن اهبطوا إلى الأرض فابنوا لعبادي هناك بيتاً إذا أخطأوا كما أخطأتم يذهبون إليه فيطوفون حوله كما طفتم فاغفر لهم كما غفرت لكم فإذا أراد الله أن يكرم قوماً بالغفران أظهر لهم التبيان ووفقهم للعمل بأركان الحج التي يحبها الديان وإذا غضب الله على قوم أخفاه عنهم أو أخفى عنهم تعاليم الحج وشعائر الحج حتى يفعلونها على وفق أهوائهم فلا تنالهم الرحمة ولا التوبة من ربهم ولذلك عندما جاء طوفان نوح أغرق الله هذا البيت وحملت الملائكة منه الحجر الأسعد وجعلوه أمانة ووديعة عند جبل أبي قبيس المطل على الكعبة حتى لا يعرف الناس مكانه ولا يذهب الناس إليه طلباً للغفران فلما جاءت إرادة السماء أن يعلن الله برفع هذا البناء أذهب إليه إبراهيم وإسماعيل فجاء جبريل ومعه البراق وقال يا إبراهيم: إن الله يأمرك أن تذهب إلى مكة لأنه سيخرج من صلب هذا الولد نبي يدعو الناس جميعاً إلى الله فأركبه البراق وأخذ إسماعيل بين يديه وأركب هاجر خلفه وكلما مر بأرض بها زرع وماء قال: أننزل هنا يا جبريل؟ يقول: لا. حتى وصل إلى مكان البيت فقال: انزل ها هنا فوجدها كما قال الله:{بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}أي لا زرع ولا ضرع فيها فقال: يا جبريل لا زرع هنا ولا ماء قال: هكذا أمر الله وذلك حتى يكون الذاهب إلى هذا المكان لا طالباً للمجد أو للمال أو للجاه أو للكساء ولا طالباً للشهرة أو المنزلة بين الناس وإنما يذهب وهمه الخالص رضاء الله{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}فيكون هدفه رضاء الله وسفره طلباً لغفران الله وهمه كله الإقبال على الله فلو جعله في مكان هواؤه نظيف وماؤه عذب غدير وزرعه نضير لكان الناس يذهبون إليه للسياحة وبجانبها زيارة البيت لكن الله جعل البيت في مكان قفر لا زرع فيه ولا ماء فيه ولا جو تستحسنه الأجسام فيه لكي يتحمل الناس كل هذه المشقات فينالوا الغفران وارتفاع الدرجات عند الله فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت ثم أمره الله أن ينادي على الناس بالحج للبيت فقال: يا ربَّ وما يبلغ صوتي قال: عليك الآذان وعلينا البلاغ{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}فوقف سيدنا إبراهيم على جبل أبي قبيس وأمر الله الأرواح أن تخرج من مستقرها وأمر الجبال أن تهبط والوديان أن ترتفع وأمر الهواء أن يوصل صوته إلى الناس جميعاً فنادى إبراهيم مرة جهة المشرق ومرة جهة المغرب ومرة جهة الشمال ومرة جهة الجنوب وفي كل مرة يقول: أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وأمركم بالحج فحجوا فلبى الناس في زمانه ولبت الأرواح من عصره إلى يوم الدين وقالوا جميعاً :لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك منهم من رددها مرة ومنهم من رددها مرتين ومنهم من زاد على مرتين والملائكة يسجلون قال النبى{فمن لبى مرة حج مرة ومن لبى مرتين حج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك}[1]فإذا كانت ليلة النصف من شعبان يظهر في اللوح المحفوظ أسماء حجاج بيت الرحمن في هذا العام فتحمل الملائكة النبأ إلى قلوبهم وإلى أرواحهم فيحسون بالشوق إلى بيت الله وبالحنين إلى حج بيت الله ويهيئ الله الأسباب وهو يرزق من يشاء بغير حساب منهم من يوفقه الله ويأتيه ملك في المنام يبشره بحج بيت الله الحرام ومنهم من يوفقه الموفق فيأتيه الحبيب المختار فيدعوه بذاته الشريفة للحج وللزيارة وناهيك بهذا الشرف العظيم فعندما جاء النبى إلى هارون الرشيد يدعوه قام من نومه مستبشراً وأقسم أن يحج ماشياً على قدميه من بغداد حتى يؤدي المناسك لماذا؟ لأن الذي بشره ودعاه هو حبيب الله ومصطفاه وهذه امرأة من الجزائر جاءها النبى فدعاها للحج وللزيارة فقامت من نومها فرحة مستبشرة وأقسمت أن تذهب إلى البيت على عينيها وبعد القسم احتارت في كيفية التنفيذ فذهبت وأرسلت إلى العلماء لتستفتيهم فأفتوها أن تصلي ركعتين عند كل خطوة تخطوها في طريقها إلى بيت الله فذهبت بهذه الطريقة في ثلاث سنوات حتى وصلت إلى بيت الله الحرام لتوفي بالوعد الذي أقسمت عليه لله ومنهم من يرى في منامه أنه يطوف مع الطائفين ومنهم من يرى نفسه واقفاً على عرفات مع الحجيج ومنهم من يرى أنه يسعى بين الصفا والمروة ومنهم من يرى أنه في الروضة النبوية الشريفة تأتيهم الدعوات بأي كيفية من الله ومنهم من يخبره ملك الإلهام الموجود على قلبه فيهيئ له الشوق الحار لزيارة الله في بيته والظمأ الشديد لأداء المناسك فيعلن إلى من حوله أنه ذاهب إلى بيت الله فلا يذهب إلى هناك على الحقيقة رجل ماله حلال إلا إذا سبق له التوفيق من الموفق أما الذي يذهب وماله حرام فليس لنا شأن به ومثلما راح سيعود ولن يناله إلا التعب والمشقة وقد قال النبى في مثله: {مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، قَالَ اللَّهُ uلَهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ }[2]أما لماذا يذهبون؟بعضهم ينال النصيب الأوفر فيأخذ حظه من حديث رسول الله{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[3]وبعضهم ينال نصيب أكبر من هذا ويكون داخلاً في قوله النبى{الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةِ}[4] فالذي عليه ذنوب يرجع وقد طهره الله من الذنوب والعيوب والذي يحج وليس عليه ذنوب ولا له ذنوب يأخذ كارت ضمان من علام الغيوب بدخوله الجنة والأمان يوم الموقف العظيم ويدخل في قول الرحمن الرحيم{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}آمناً من عذاب الله وآمناً من غضب الجبار وآمناً من شرار الناس في هذه الحياة الدنيا وآمناً من فزع يوم القيامة لأنه يدخل في قول الله{فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}ودرجات لانستطيع عدها في هذا الوقت قال النبى{إن الله وعد من حج البيت أن يرده إلى بيته غانماً سالماً مغفوراً له ذنبه وإن توفاه عنده أن يقيض له ملكاً يحج عنه ويلبي عنه إلى يوم القيامة }[5] وقال{ التائب حبيب الرحمن والتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ}[6]ما هذه المغفرة التي ينالها حجاج بيت الله؟ ومن ينالونها هل يتبقى عليهم شئ بعدها أم يغفر الله لهم جميع ذلك؟ إن الله يغفر لهم مغفرة عامة شاملة لكل ما قالوه أو فعلوه أو اقترفوه أو جنوه يقول فيها النبى{إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا قَالَ اللهُ تعالى:انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ} [7]

[1] أخرجه ابن اسحاق في سيرته والأرزقي في أخبار مكة.

[2] رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني والبزار عن أبي هريرة.

[3] رواه الدار قطنى في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

[4] رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه ومسلم في صحيحه والطبراني والحاكم عن جابر.

[5] رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة.

[6] أخرجه ابن ماجة عن ابن مسعود والديلمي عن أنس وابن عباس والطبراني في الكبير عن أبي سعيد الخدري.

[7] الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-05, 20:54   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
HADIL146
عضو محترف
 
الصورة الرمزية HADIL146
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع القيم والشامل
وكنا من حجاج السنة المقبلة انشاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-05, 22:40   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

الحج وغفران الذنوب
ما أجمل وجود المؤمنين وقد استعدوا وبدأوا يتجهزون للحج يغتسلون ويتطيبون ويحرمون ويخرجون للوقوف في ساحة الفضل والجود والكرم الإلهي للمثول في ساحة الإكرام الرباني الإكرام الذي ليس بعده إكرام والإنعام الذي ليس بعده إنعام لو قيل للواحد منا بماذا تشترى المغفرة؟ لقال أشتريها بكل ما أملك من مال ومن ممتلكات ومن مقتنيات فإن المغفرة إذا حصلها الإنسان وخرج للقاء الديان فقد فاز فوزاً مبيناً ولو ملك الإنسان الدنيا بأكملها وكانت كلها في قبضة يده ولكنه خرج منها بدون الحصول على المغفرة ماذا أخذ؟وماذا فعل؟إنه يخرج منها بحسرة يموت منها الأولون والآخرون لو يعرفونها لأنه ملكها كلها وتركها كلها ويحاسب عليها كلها ويبوء بخزيها والندامة عليها جميعها ولم يحصل على ثمرة المغفرة التي هي كل ما يبغيه الإنسان في دنياه وكل ما يطلبه لينال به السعادة في أخراه إن الأمر الصريح من رب العالمين لنا هو أن نسارع ونتسارع ونجري ونتنافس في ماذا يا ربَّ العالمين؟ في الدنيا؟ كلا، في الأموال؟ كلا وألف كلا، في المناصب والدرجات الدنيوية؟ كلا، في ماذا نتنافس يا رب؟{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} نتنافس في منابر الأبرار ونتنافس في مقامات الصالحين ونتنافس في منازل جنات النعيم ونتنافس في النعيم المقيم ونتنافس في البعد عن الجحيم وما أدراك ما الجحيم ونتنافس في البعد عن الخزى والندامة يوم الحسرة يوم القيامة ونتنافس في الجلوس على الآرائك وما أدراك ما الآرائك{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}نتنافس في الصالحات ونتنافس في الطاعات ونتنافس في القربات ونتنافس في كل ما يوصلنا إلى الله ويقربنا إلى معية رسول الله هذا هو تنافس المؤمنين وهذا هو تسابق المؤمنين وهذا هو صراع الموحدين فليس صراعهم على شئ يبلى لأنهم علموا أن كل ما على الدنيا يفنى ولا يبقى مع الإنسان إلا ما عبر عنه الديان وقال{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}عرفوا أن رسول الله قال لأصحابه ذات يوم{أيُّكُمْ مالُ وارثِهِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ قالُوا: ما مِنَّا أَحَدٌ إلاَّ مالُهُ أَحَبُّ إليهِ مِنْ مَالِ وارِثِهِ، قالَ : إعْلَمُوا أنهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ ومالُ وارثِهِ أحَبُّ إليهِ من مالِه مالُكَ ما قَدَّمْتَ ومالُ وارِثِكَ ما أَخَّرْتَ} [1]إن الذي خلفته إنما هو لورثتك ولكن الذي قدمته هو العمل الذي فيه سعادتك والخير الذي فيه رفع درجتك والبر الذي فيه رفعة شأنك في الميعاد والوصول إلى مقام يقول فيه رب العزة{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }فالمؤمن يتنافس في الحصول على المغفرة شهادة محو الأمية أصبحت هي الأساس في التعيينات الحكومية وغير الحكومية ولله المثل الأعلى وشهادة المغفرة هي أدنى الدرجات التي لابد لك من الحصول عليها عند الخروج من هذه الحياة حتى تدخل على الأقل في قوله{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}حتى نتزحزح عن النار وندخل الجنة مع الأبرار وإذا لم تخرج من هذه الحياة ومعك شهادة من العزيز الغفار بأنه قد غفر لك ذنوبك وستر عليك عيوبك فبماذا خرجت؟ لكنك إذا خرجت من الدنيا ومعك شهادة بالمغفرة وليس معك إلا حسنة واحدة فقد فزت وسعدت لأنه ليس عليك أوزار وليس عليك ذنوب تثقل كفة السيئات وليس عليك ذنوب تجعلك تزل في المشي على الصراط وليس معك ذنوب تجعلك تتناول كتابك بشمالك وليس معك ذنوب تجعلك تمشي على وجهك وليس معك ذنوب تجعلك تجلس في أرض القيامة والمؤمنون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله شهادة المغفرة هي ذخيرة المؤمنين وهي ركيزة الموحدين لأنها هي السعادة العظمى مع رب العالمين ولذلك يقيم المولى للمؤمنين مواسم للحصول على هذه الشهادة والمواسم تلو المواسم فإذا صاموا رمضان سلم للصائمين شهادة بالمغفرة وإذا قاموا رمضان سلم القائمين شهادة بالمغفرة وإذا حافظوا على الصلوات الخمس في جماعة من الجمعة إلى الجمعة سلم المحافظين على الفرائض في أوقاتها من الجمعة إلى الجمعة شهادة بالمغفرة والمحافظ على صلاة الفجر أربعين يوماً في جماعة أعطاه الله شهادة بالمغفرة ولو ترك الأهل والأموال والأولاد وخرج من بيته مهاجراً لزيارة رب العباد في بيته المحرم في بيته المعظم في بيته المكرم وقد حصل المال بطريق حلال - لأن هذا شرط القبول - فإذا كان المال من طريق حلال وقال لبيك اللهم لبيك قالت الملائكة له لبيك وسعديك والخير كله لك وبين يديك أما إذا كان المال من طريق حرام أو من طريق الشبهات وقال لبيك اللهم لبيك تقول الملائكة لا لبيك ولا سعديك وحجك هذا مردود عليك فإذا حج من نفقة حلال وخرج يبغي وجه الله لا يريد شهرة بين الناس أي لم يخرج حتى إذا رجع يقولون له الحاج فلان فإن عمر حج وأبو بكر حج وأصحاب رسول الله جميعاً حجوا ولم نسمع من يقول الحاج أبو بكر أو الحاج عمر أو الحاج عثمان وإلا فإن الصلاة أعظم من الحج هل يجوز أن نقول المصلي فلان أو المزكي فلان أو الصائم فلان إن هي إلا ألقاب سميناها ما أنزل الله بها من سلطان فإذا حج فليخلص النية ولينوي بحجه هذا الحصول على مغفرة من الله ورضوان يوم الحصول على الفوائد التي أعدها الله لمن يقوم بأداء هذه الفريضة وينوي مشاهدة البقاع المقدسة التي شاهدت نزول الوحي الإلهي والتي شاهدت الأنبياء عليهم السلام وهم يمشون يبلغون رسالات السماء ويتعرضون للأذى من هنا ومن هناك لا يخافون في الله لومة لائم حتى أعزهم ونصرهم ونشر دينهم وجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى فإذا خرج الحاج بنفقة حلال ويبغي رضاء ذي الجلال لا يرفع قدماً ولا يضعها إلا وكتب له حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة فإذا وصل إلى هناك وطاف حول البيت كان كما يقول رسول الله {كمن يخوض في رحمة الله}أي كمن يسبح أو يخوض في رحمة الله وأنتم تعلمون أن من يسبح في المياه هل يخرج وعليه أوساخ؟هل يخرج وعليه أوزار؟ فما بالك بمن يخوض في رحمة الله هل يخرج وعليه ذنب أو خطيئة ؟ هل يخرج وعليه عقوبة؟ إنه يخرج برحمة الله والملائكة يقولون لمن يدخلون جنة الله برحمة الله هم فيها خالدون يدخلون في الجنة برحمة الله التي يقول فيها رسول الله { لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلٍ» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أَنا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ }[2] فإذا وقفوا على عرفات فهذا يوم المغفرة الأعظم يوم الغفران يوم تجلي الغفور يوم تجلي التواب يوم تجلي العفو عن المذنبين وعن المسيئين وعن الخطائين لأنه يقول في حديثه القدسي{يا عِبَادي إِنَّكُمُ الَّذِيْنَ تُـخْطِئونَ باللـيلِ والنهارِ وأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذنوبَ ولا أُبَالِـي فاسْتَغْفِرُونـي أَغْفِرْ لَكُمْ يا عِبَادِي لو لقيتموني بقراب الأرض خطايا [يعني بملء الأرض ذنوب]ثم لقيتموني لا تشركون بي شيئاً غفرت لكم ما كان منكم ولا أبالي}[3]إنه هو الغفور الرحيم إنه يحب التوابين ويحب المتطهرين فإذا وقفوا بين يديه ملبين وقد وضعوا ذنوبهم بين أيديهم وتضرعوا بألسنتهم وقلوبهم إلى خالقهم وبارئهم يرجون رحمته ويطلبون مغفرته يقول الكريم لعباده الملائكة: {يا ملائكتي انظروا إلى عِبَادِي جَاءُونَا شُعْثَاً غُبْرَاً مِنْ كُل فَجَ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ عَدَدَ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورَاً لَكُمْ وَلِمَنْ شَفِعْتُمْ لَهُ }[4] بل إن الله يتفضل عليهم فيستجيب لهم الدعاء ويتحمل عنهم الحقوق ويباعد بينهم وبين المعاصي ويباعد بينهم وبين الشياطين ولذلك يقول سيد المرسلين{مَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ}[5]لماذا؟لما يرى من مغفرة الله لعباد الله فيندم على ما فعل لأنه وسوس لهم طول الأعوام وزين لهم الأعمال السيئة طول الأعوام ثم يغفرها الغفور في نفس وأقل لأنهم وقفوا بين يديه خاشعين ووقفوا بين يديه ضارعين وقد عبروا عن ذلك في حالهم عندما لبسوا أكفانهم وتجردوا من أفعالهم وتجردوا من دنياهم ووقفوا بين يديه كما يقفون بين يديه في أخراهم ليس عليهم إلا الملابس البيضاء والكل يتساوى أمام رب الأرض والسماء لا فرق بين غني ولا فقير ولا رئيس ولا وضيع الكل متساوون أمام الله لا يظهر الفارق إلا بالتقوى وتلك في صدورهم لا يراها إلا الله ولا يطلع عليها إلا الله فإذا وقفوا بين يديه هكذا خاشعين متذكرين لذنوبهم تائبين من أوزارهم غفر الله لهم بل يقول النبي{يَغْفِرُ الله للحَاجِّ ولمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحَاجُّ}[6]ويقول{إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا قَالَ: انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ، وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}[7] ونحن أيضاً في هذه البلاد وإن كنا لم نوفق للمثول بين يدي الله في هذه الأماكن المباركة إلا أن الله لم يحرمنا من هذا الفضل بل جعلنا شركاء لهم في الأجر إذا وفقنا للعمل بهدي رسول الله والمتابعة لسنته فإذا دققنا في إتباع السنة في ذلك اليوم والسنة هي صيام ذلك اليوم وفيه يقول الحبيب{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[8]ويقول{مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَىٰ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ يَعْدِلُ صِيَامُ كُل يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامُ كُل لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ}[9]ويقول{مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هذِهِ الأَيَّامِ قِيلَ: وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ: وَلاَ الْجَهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُهْرَاقَ دَمُهُ فلم يرجع من ذلك بشئ }[10] فإذا صمنا في هذا اليوم لله وعشنا في هذا اليوم بأرواحنا وأجسادنا بين يدي الله مستقبلين عظمة الله ومستحضرين توبة الله ومستحضرين أن الله تنزه عن المكان ورحمته وسعت كل شئ فستسع جميع بني الإنسان والذين يقفون بين يديه في هذا الزمان يلبون ويضرعون ويصرخون ويستجيرون لأنه يغفر الذنوب جميعاً إذا وقفنا بين يدي الله في هذا اليوم على هذه الشاكلة جبر الله كسر قلوبنا وغفر ذنبنا وكنا مشاركين لأهل عرفات في مغفرة الله وإن تفاوت الأجر والثواب ولكن حسبنا المغفرة من العلي الوهاب عباد الله اعلموا أن هذا اليوم يوم عرفة يوم بر ويوم كرم والله هو الرب الكريم الذي ليس لكرمه حدود وهو الوهاب الذي ليس لهباته نهاية وهو المنان الذي يعطي ولا يمن على عباده يعطي بلا حدود ويشمل بعطائه الجميع بشرط أن يكون الجميع في مقام التضرع والخشوع في مقام الإنابة والتوبة لله في مقام السجود بين يدي الله في مقام الرجاء في كرم الله في مقام الخوف من قهر الله وعظمة الله فإذا كنا كذلك شملنا الله برحمته ووسعنا بمغفرته قال النبى{التائب حبيب الرحمن، والتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ}[11]علينا أيضاً في هذه الأيام المباركة عبادات خاصة سنها لنا رسول الله من هذه العبادات التكبير لله عقب الصلوات منذ فجر يوم عرفة إلى عصر اليوم الرابع من أيام العيد علينا أن نكبر عقب كل صلاة وألفاظ التكبير: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، إذا صلينا في جماعة نكبر جميعاً وإذا فاتتنا الجماعة فصلينا مفردين علينا أن نكبر أيضاً وإذا صلينا نافلة منفصلة عن الجماعات كبرنا أيضاً ونعلم ذلك لنسائنا ولصبياننا ولكن نعلم نسائنا أن يكبرن بصوت خافت لا يسمعن إلا أنفسهن أما الرجال فيكبروا بصوت جهوري لأنها أيام تكبير يقول فيها{زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِلله}[12]فالتكبير هو زينة العيد ليست زينة العيد فيما نفعله من أضواء وفيما نفعله من زينات ولكن كما قال الله{وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }أيضاً علينا في هذه الأيام بالأضحية لأنه فيها أجر لا يعلمه إلا الله بين بعضه رسول الله حينما قال لابنته فاطمة: {يَا فَاطِمَةُ قُومِي فاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ أَمَا إنَّهُ يُجَاءُ بِلَحْمِهَا وَدَمِهَا تُوضَعُ فِي مِيزَانِكِ سَبْعِينَ ضِعْفاً قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هذَا لآِلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً فَإنَّهُمْ أَهْلٌ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الْخَيْرِ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: لآِلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً}[13]وقال{مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً}[14]وفى رواية{قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الأَضَاحِي؟قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ قَالُوا: فالصُّوفُ ؟ قَالَ: بِكِلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوَفِ حَسَنَةٌ }[15] هذا الأجر والثواب لمن يضحي كما كان يضحي رسول الله بالشروط التي وضحها رسول الله فما هي؟أن يضحي بعد صلاة العيد لقول الحميد المجيد{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}ولقول رسول الله{أَوَّل ما نبدأ يومنا هذا أنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ ننحر فَمَنْ فَعَلَ ذٰلِكَ فَقَدْ أَصابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ تَعَجَّلَ فَإِنَّما هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ }[16]فلابد أن يكون الذبح بعد الصلاة لمن يريد أن ينال هذا الثواب من الله وأن تكون الأضحية مستوفية للشروط الشرعية لقول الله{لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}ثم يخرج منها شيئاً للفقراء وشيئاً للأهل والأصحاب على هيئة هدية ويستحسن أن نقسمها إلى ثلاثة (ثلث لأهلك وثلث للفقراء وثلث للأهل والأقارب) وإذا كنت محتاجاً فلا عليك أن تأكلها كلها وأيضاً لك الأجر لأنك فقير ومحتاج هذه الأضحية هي سنة عن أبيكم إبراهيم عندما ضحى عن إسماعيل عندما رأى في رؤياه أنه يذبح فتاه ورؤيا الأنبياء وحي من الله ولذلك عندما قال لفتاه{يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}وكان الابن يعلم أن رؤيا الأنبياء أمر ووحي من الله فقال{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}ثم أخذه بعيداً وقال يا أبتاه انزع قميصي حتى لا يقع عليه الدم فتراه أمي فتحزن على ذلك واجعل وجهي إلى الأرض حتى لا تنظر إلى وجهي فتأخذك الشفقة فتتردد في تنفيذ أمر الله واشحذ السكين حتى تذبح بسرعة حتى لا أتألم من آلام الذبح فأراد أن ينفذ قضاء الله ووضع ابنه ووحيده بين يديه وقد شحذ السكين وأراد أن يقطع فإذا بالسكين لا تقطع وعجب الخليل من ذلك وإذا بأمين الوحي جبريل ينزل من السماء بكبش من الجنة وبخطاب من ربِّ الأرض والسماء بتلغراف عاجل من الله بعد أن بكت ملائكة الله وقالت يا ربنا كيف تطلب من الخليل أن يذبح وحيده إسماعيل وهو أعلم بما قدر فى سابق علمه فقال تعالى{يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}وفداه الله بذبح عظيم فتلك هي سنة إبراهيم ولذلك جعلها رسول الله سنة سارية إلى يوم الدين وقد ضحى النبى بكبشين أملحين وذبحهما بيده فقد ورد فى الحديث الشريف{كَانَ إِذَا ضَحَّى اشْتَرٰى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَإِذَا صَلَّى وَخَطَبَ أَتى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ فِي مَصَلاَّهُ فَذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هذَا عَنْ أُمَّتِي جَمِيعَاً مَنْ شَهِدَ لَكَ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلاَغِ، ثُمَّ يُؤْتى بِالآْخَرِ فَيَذْبَحَهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَيُطْعِمُهُمَا جَمِيعَاً المَسَاكِينَ وَيَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْهُمَا } [17] فهو e قد ضحى عن فقراء الأمة حتى لا يحزنوا وحتى لا يجزعوا لقد ضحى عنهم النبي الشفيع ويسن أيضاً أن نجعل رأسها تجاه القبلة وأن نسقيها قبل الذبح وأن نريحها وأن نشحذ السكين ولا تشحذها أمامها وأن تقول عند الأضحية(اللهم هذا عن فلان وأهل بيته إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) تلك يا أخوة الإيمان بعض أحكام الهدي التي أوجبها الله على المستطيع وعطف رسول الله بالفقراء والمساكين بذبحه عنهم سنة أبينا إبراهيم وما جعله الله إلا للمغفرة أي إلا لننال بها المغفرة والأجر الكريم من الله ولا يفوتنا في هذه الأيام المباركة أن نصل أرحامنا وأن نزور أقاربنا لقول رسولكم الكريم{لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا}[18]وحتى لا يتحجج أحد منا ويقول أنا أحسن إلى أقربائى ولكنهم لايقابلون الإحسان بمثله فهل تحسن إليهم أولاً ليحسنوا إليك؟ أم تحسن إليهم إقتداء بسيد الأنبياء ورغبة فى مرضاة الله؟ هذه واحدة والثانية فقد أَتَى رَجُلٌ إلى رسول الله وقالَ{يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ: «لَئِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ}[19] يعني كأنما تطعمهم الجمر الذي يتبقى بعد النار فعلينا بصلة ذوي الأرحام لأنها العبادة التي ترضي الملك العلام في هذا اليوم الكريم.

[1] رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شَيْبَةَ وغيرِهِ عن أبي معاويةَ. وأخرجه البخاري من وجهٍ آخرَ عن الأعمشِ، سنن الكبرى للبيهقي

[2] رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة.

[3] رواه مسلم والحاكم في المستدرك عن أبي ذر.

[4] البزار عن ابن عمر.

[5] رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبيد الله.

[6] رواه البزار والطبراني في الصغير عن أبي هريرة.

[7] الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ.

[8] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري.

[9] (ت هـ) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضَي اللَّهُ عنهُ

[10] رواه ابن ماجة في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه وابن حبان في صحيحه عن ابن عباس.

[11] أخرجه ابن ماجة عن ابن مسعود والديلمي عن أنس وابن عباس والطبراني في الكبير عن أبي سعيد الخدري.

[12] رواه الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الفتح الكبير عن أبي هريرة.

[13] (رواه البزار)

[14] الترمذى وابن ماجه والحاكم فى مستدركه عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[15] رواه أحمد وابن ماجه، عن زيد بن أرقم

[16] رواه البخاري ومسلم والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب

[17] أحمد فى مسنده عن أَبي رافعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وغيرها جامع المسانيد والمراسيل

[18] رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه والبخاري في صحيحه وأبو داود عن عبد الله بن عمرو.

[19] رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-06, 08:53   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

الحج ومشاهد القيامة
نحن هنا والحمد لله بأجسامنا وأرواحنا في بلد الله الحرام مع حجاج بيت الله نتابع خروجهم من مساكنهم في مكة إلى منى ليصلوا هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبعد صلاتهم الصبح يتوجهون جميعاً إلى عرفات الله ماذا يستحضرون في أعمالهم؟إن الشريعة المطهرة أمرت المؤمن والمؤمنة أن يستحضر في كل عمل يعمله بأعضائه وحركات جسمه مشهداً قلبياً يشهد فيه سراً من أسرار حكمة ربه وسنسوق على حسب المقام بعض ما يشهده حجاج بيت الله الحرام في أداء مناسكهم رغبة في رضا الرحمن في صباح هذا اليوم يغتسلون ويتذكرون بهذا الغسل آخر غسل لهم بعد وفاتهم للقاء ربهم ثم يخلعون ملابسهم ويلبسون ملابس الإحرام ويتذكرون بها الأكفان التي يلبسونها يوم يدعوهم الديان فإذا خرجوا من ديارهم تذكروا صيحة الله عندما ينادي(ياأيتها العظام النخرة وياأيتها الأعضاء المتقطعة ويا أيتها الشعور المتهالكة اجتمعوا واخرجوا ليوم الجمع)فيتذكروا هذا النداء فيقولون ملبين لله(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك)وكلمة لبيك يعني جئت إليك مسرعاً طائعاً يا ربَّ العالمين فهي تعني سرعة الإجابة وسرعة التلبية لله فإذا وصلوا إلى عرفات تذكروا يوم الميقات{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ}وقد تسارع الجميع لا شهرة لغني ولا ظهور لفقير ولا مكان مخصص لأمير أو وزير بل الكل سواسية أمام العلي الكبير ملابس واحدة وفي مكان واحد وألسنة مختلفة وأصوات متنوعة ووجوه متباينة كأنه يوم الحشر فيضرع الإنسان إلى الله إذا تذكر يوم العرض على الله وعلم أن هذا هو اليوم الذي سيحاسبه فيه مولاه على ما قدمت يداه فيسارع إلى التوبة ويبكي بدموع الندم على الذنوب ويضرع إلى الله أن يتغمده بغفرانه وأن يشمله بعفوه ورضوانه ولذا قال النبى{أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن إن الله لم يغفر له}[1]ثم يدعوهم الله بعد خروجهم واعترافهم على عرفات بذنوبهم للقاء حضرته فيتذكر الحاج بالذي يقطعه على الله والذي يباعد بينه وبين طريق الله وهو إبليس اللعين فيرجم الجمرات كأنه يعلن البراءة من وسوسة إبليس ومن تلبيس إبليس ويتذكر أن النفس تعوقه في مهمته فيسارع إلى إراقة الدماء وكأنه يقول يا ربَّ إن لم يكن يرضيك إلا قتل نفسي في سبيل مرضاتك فها أنا ساعي في مرضاتك بكل ما أستطيع ثم يذهبون إلى بيت الله الحرام والله لايحده بيت ولا يحيط به مكان ولكنه مثال جعله الله لنتذكر به يوم العرض على الله فيتذكر وقوفه بين يدي مولاه عندما يطوف ببيت الله وكيف يكون موقفه وكيف يكون شأنه في يوم يقول فيه سيد الأولين والآخرين{إن الوجوه لتتهدل حتى لا يكون عليها مزعة لحم من شدة الخجل والحياء من الله}هذا للمسرفين والعصاة والمذنبين أما المؤمنون الصالحون ففيهم يقول رب العالمين جل وعلا فى محكم التنزيل{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}ثم يطوف ويمشي بين الصفا والمروة ويتذكر مشيه بين كفتي الميزان فالصفا إشارة إلى كفة الحسنات والمروة إشارة إلى كفة السيئات وهو يمشي بينهم يتهادى تارة ويسرع أخرى ويتعشم أن تثقل كفة حسناته ولو بحسنة واحدة حتى يكون فيمن قال فيهم الله{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}هذه باختصار شديد بعض المعاني التي يستحضرها الحجيج لكي يغفر الله لهم ويقول لهم انصرفوا لقد غفرت لكم وقد أكرم الله المسلمين أجمعين في هذا اليوم ووعدهم بالمغفرة وقد قال النبى{خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}[2] لم يقل دعاء المؤمن على أرض عرفة لكنه جعل دعاء يوم عرفة لمن هناك ولمن هنا على أن يشاركهم في حالهم ويهيئ نفسه لاستحضار أحوالهم ولذلك دعا النبي المؤمنين والمؤمنات إلى صيام هذا اليوم وقال في شأنه{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[3]لأن الصيام يقوي الاستحضار ويقوي الناحية الروحانية فيعيش المؤمن في هذا اليوم في أي زمان وفي أي مكان وكأنه على عرفات الله مع الحاج يدعو الله أو يتلو كتاب الله أو يستغفر الله أو يبتهل ضارعاً إلى الله المهم ألا يشغل نفسه في هذا اليوم إلا بطاعة الله فإذا أكرم الله الحجيج بإجابة الدعوات كان دعاؤه معهم وإذا أكرمهم الله بغفران الذنوب غفر الله له معهم وإذا تفضل عليهم بشئ من الرحمات عمته الرحمة معهم لأنه شاركهم بنفسه وبروحه وإن لم يستطع أن يشاركهم بجسمه ويشهد لذلك قول رسولكم الكريمeفيما يرويه الإمام البخاري عندما توجه بجيشه إلى تبوك ببلاد الشام ووقف هناك وقال لمن حوله{إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ}[4]ولأن العذر حبسهم فقد شاركوا إخوانهم في أجورهم وفي مكافآتهم وفي كل أحوالهم هكذا الأمر يا جماعة المؤمنين لمن حبسهم العذر عن الذهاب إلى بيت الله لكنه عاش في هذه الأيام بروحه وبنفسه وبعقله وبقلبه وبكله في هذه البقاع المباركة حتى أنه عندما ينام من شدة شوقه لهذه الأماكن قد يجد نفسه يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو يقف على عرفات لشدة شوقه إلى هذه الأماكن المباركات فدعانا النبي إلى أن نصوم هذا اليوم وإلى أن نكبر الله من صبح الغد وهو يوم عرفة إلى عصر يوم الرابع من أيام العيد نكبر الله بعد كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى الرجال والنساء وإن كانت النساء تكبر بصوت خافت والرجال بصوت عالي لكن الكل يكبر الله عقب كل صلاة سواء كانت فريضة أو سنة فمن صلى ركعتي الضحى عليه أن يكبر في هذه الأيام حتى لو حضرتنا جنازة في هذه الأيام علينا بعد الانتهاء من صلاة الجنازة أن نكبر الله{وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }قال النبى{مَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ }[5]وقال{ما مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدَّنْيَا فِيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ فَلَمْ يُرَ يَوْمُ أَكْثَرُ عِتْقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ} [6]وقال ايضاً{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[7]يكرم الله عباده المؤمنين في هذه الأيام بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فالمؤمن الذي يقتدي بنبي الله إبراهيم ونبي الله إسماعيل يشتري أضحية بشروطها الشرعية إن كانت من الماعز يشترط أن يكون مرّ عليها عامين وإن كانت من الأغنام يشترط أن يكون مرّ عليها ستة أشهر وإن كانت من الأبقار يشترط أن يكون قد مرّ عليها سنتين وإن كانت من الجمال يشترط أن يكون قد مر عليها خمس سنوات وألا تكون بها عيوب لا عوراء ولا جرباء ولا هزيلة ولا مريضة ولا مشقوقة الأذن ولا مكسورة القرن لأن المؤمن لا ينال البر حتى يعطي أفضل ما يحب لله Uوأن يكون ذلك بعد صلاة العيد وسماعه الخطبة لقوله{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}ويجوز أن نذبحها في أول يوم أو ثاني يوم أو ثالث يوم على أن يذبح بالنهار ويكره الذبح بالليل وأيضاً لا يعطي الجزار شيئاً منها على سبيل الأجرة كما يفعل الكثير منا يحضر الجزار فيذبح الأضحية ثم يحمل الجلد على كتفه ويخرج على أنه أجرته هذا ممنوع فقد قال على رضى الله عنه وكرم الله وجهه{أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىٰ بُدْنِهِ. وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا. وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا }[8]ماذا نفعل بالجلد؟ يمكن أن نبيعه ونتبرع بثمنه لأي مشروع من مشروعات الخير أو عمل من أعمال البر فإذا وفى المسلم بهذه الشروط خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وليس هذا فقط بل قال{لصاحبها بكلِّ شعرةٍ حسنةٌ ويُرْوَى بِقُرُونِها}[9]من يستطيع أن يعد؟{ولكم بكل قطرة من دمها حسنة وإنها لتوضع في الميزان بقرونها وأظفارها ولحومها ودمائها فطيبوا بها نفساً وأبشروا}ثم ماذا يا رسول الله؟قال{إِسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[10] أى هي الركوبة التي تكربها على الصراط يوم القيامة إن شاء الله فالأضحية سنة على الموسر يفعلها في عمره كله ولو مرة لكن لا يجب في سبيلها أن تحدث المشكلات في البيوت كأن نريد أن نضحي حتى لا نكون أقل من الجيران ولا يجب أن يستدين المرء ليضحي لله Uفالذي معه سعة عليه أن يضحي خوفاً من قول رسول الله r{ مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا}[11] لكن الذي ليس معه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لأن المؤمن لا يعمل العمل إلا لله فإذا ضحى فإنما يضحي طمعاً في ثواب الله ورغبة في رضاء الله لا سمعةً بين جيرانه ولا شهرةً بين أقرانه وقد يحدث في البيوت ما لا تحمد عقباه من هذا أن الزوجة قد تصرّ على الأضحية ولو شكى لها الزوج ألف عذر لا ترحمه لأنها تقول له كيف أقابل الجيران وأتحدث مع الإخوان وليس عندنا أضحية؟ وهذا لا يرضي الرحمن Uفالمؤمن لا يعمل إلا لله ولا يعمل إلا ابتغاء ثواب الله وطلباً لرضوان الله Uلكن المؤمن الذي ليس معه سعة عليه أن يحاول أن يضحي ولو مرة واحدة في عمره كله وهذا ليس بالصعب العسير ليحصل على هذا الثواب يغفر الله له ولأهل بيته وتوضع بكل ما فيها في كفة حسناته ويكون له ركوبة يركبها على الصراط يوم لقاء الله هذا فضلاً عن متابعته لسنة سيد الأنبياء وإمام الأنبياء سيدنا رسول الله وسيدنا إبراهيم فإذا ضحى فإن الأضحية يصلح شأنها ويرفع ثوابها أن يعطي المرء منها للفقراء والمساكين وعليه أن يتحرى في ذلك فإن كثيراً منا يعطي السائلين وكثيراً منهم ليسوا محتاجين وإنما يستكثرون من هذا الخير لعلمهم أن الناس يعطون من سألهم لكن المؤمن يتحرى موضع صدقته وخير موضع يضعها فيه الموظف الذي عنده أولاد ودخله لا يكفيه كيف يعطيها له؟ إن هذا أمر لو هدى الله العبد له لألهمه بالطريقة السليمة الرشيدة التي يستطيع بها أن يضع صدقته في موضعها لقد قال{لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ أبا العيال }[12]وقال الله واصفاً الفقراء الذين يبحث عنهم الأغنياء{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ}لا يقدر أن يمد يده لأحد{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}لا يشكو فقره إلا إلى ربه مثل هذا يجب علينا أن نغنيه في هذا اليوم فإن السائل الذي يمد يده إلي وإليك تعلمون جميعاً أنه يملأ ثلاجات العمارة كلها بما تسوله من اللحوم أما الفقير المتعفف فقد لا يستطيع إحضار كيلو واحد من اللحم لأولاده في هذا الوقت ولا يستطيع أن يمد يده ولا تطاوعه نفسه أن يسأل لأنه رجل عفوف النفس قوي الإيمان وهذا الذي يجب علينا أن نبحث عنه جميعاً أيها المؤمنون وإياك أخى المسلم أن تقول أنه ليس بموجود أو أنه أصبح مفقوداً بل موجود وكثير ولا يغرك المظهر ولا يغرك الشأن العام ولكن ابحث في جوهر الناس وتحسس في طلبات الناس بلا تجسس والتماس عورات ولكن ابحث عن الفقير المتعفف ذو العيال الذى اغلق بابه وكف لسانه وسأل ربه وليسوا الذين سدوا ابواب الطرقات وغصت بهم باحات المساجد وإن أغلبهم لتجار كما نهر عمر أحدهم لما رآه يسأل المرة تلو المرة فقال له إنك لتاجر فلنبحث عن المتعففين المحتاجين لنضع الصدقة في موضعها الحقيقي.

[1] قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، كشف الخفاء

[2] رواه الترمذي في سننه عن عمر بن شعيب ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمرو

[3] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري

[4] رواه البخارى وأحمد عن أنس

[5] رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبيد الله بن كريز

[6] صحيح ابن حبان عن جابر

[7] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري

[8] صحيح مسلم

[9] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن زيد بن أرقم

[10] رواه السيوطي في الكبير والديلمي عن أبي هريرة

[11] رواه ابن ماجة في سننه ورواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة.

[12] رواه ابن ماجة في السنن والسيوطي في الكبير عن عمران بن حصين.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-06, 09:39   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

امين يارب العالمين










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-06, 19:16   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
Mahmoud Radwan
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B10 حكمه الحج ومشاهده

قصة الذبيح إسماعيل عليه السلام
يوم الحج الأكبر هو يوم تفضل الله به على جميع المسلمين من لدن آدم إلى ختام الأنبياء والمرسلين فجعله الله يوماً للمغفرة ويوماً للرحمة ويوماً للعبادة ويوماً لتنزل السكينة في قلوب المؤمنين ويوماً يعرف فضله الأولين والآخرين والإنس والجن وكل من شهد بالوحدانية لله ربِّ العالمين وقد كان بدء هذا اليوم مع آدم عندما خرج بأمر ربه وهو في الجنة وأكل هو وزوجه من الشجرة التي نهاهما عنها الله فبدت لهما سوآتهما فعلم أن الله غضب على فعلتهما فمشى آدم في الجنة كسيف البال فقال الله تعالى له: أفراراً مني يا آدم؟ قال: بل حياءاً منك يا ربَّ فهبط آدم بأمر الله{اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً}وكان نزوله على قمة جبل سرنديب جنوب الهند وأهبطت حواء إلى جدة ببلاد الحجاز ومكث آدم يبكي على ذنبه ثلاث مائة عام حتى كان أول شهر ذي الحجة فنزل عليه أمين الوحي جبريل وقال يا آدم اذهب إلى بيت الله وطف حوله واضرع لربك يغفر الله ذنبك فجاء آدم من بلاد الهند ماشياً حتى وصل إلى بيت الله الحرام فكان وصوله في صباح يوم العاشر من شهر ذي الحجة{قَالَ النَّبِيُّ :لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلى الأَرْضِ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَاً وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سِري وَعَلاَنِيَّتِي فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي وَتَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَعْطِي سُؤْلِي وَتَعْلَمُ مَا عِنْدِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي أَسْأَلُكَ إِيمانَاً يُبَاشِرُ قَلْبِي وَيَقِينَاً صَادِقَاً حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يُصِبُنِي إِلاَّ مَا كُتِبَ لِي وَرَضنِي بِقَضَائِكَ فَأَوْحى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا آدَمُ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِي بِدُعَاءٍ أَسْتَجِيبُ لَكَ بِهِ وَغَفَرْتُ ذُنُوبَكَ وَفَرَّجْتُ هُمُومَكَ وَغُمُومَكَ وَلَنْ يَدْعُوَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ ذُريَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ إِلاَّ فَعَلْتُ ذٰلِكَ بِهِ وَنَزَعْتُ فَقْرَهُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ وَاتَّجَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ كُل تَاجِرٍ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ كَارِهَةٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا إِلاَّ رِزْقَاً }[2]كان هذا اليوم يوم المغفرة فما من عبد مؤمن يعينه الله ويمده بالأسباب التي توصله إلى بيت الله من المال الحلال والزاد الطيب إلا دخل في قوله{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه }[3] فيرجع وقد طويت صحف سيئاته وزاد الله فضلاً في حسناته فإن الله جعل هذا البيت العمل حوله مضاعفاً أضعافاً كثيرة لا يستطيع أحد حصرها ولكن بحسبنا أن نلمح ألى بعض فضلها فقد قال فيه رجل من الصالحين صلاة واحدة في جماعة في بيت الله الحرام أكثر من عمر نوح في عبادة الله فقال له الحاضرون كيف يكون ذلك قال لأن النبي قال في حديثه{الصَّلاَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ}[4]والصلاة التي فرضها علينا الله تكتبها الملائكة عشر صلوات فإذا ضربنا المائة ألف في عشرة كانت مليون صلاة وصلاة الجماعة تزيد عن صلاة الفرد بسبع وعشرين مرة فتصير مليونين وسبعمائة ألف صلاة لكل صلاة واحدة فإذا قسمتها على خمس صلوات في اليوم كانت أعماراً طويلة وسنين كثيرة هي في مجملها فوق قدر عمر نوح كثير وكثير من فضل الله الذي لا يعدُّ ولا يحدُّ ولم يجعل الله الصلاة فقط بمائة ألف بل كل تسبيحة بمائة ألف وكل صدقة بمائة ألف وكل عمل صالح فيه بمائة ألف عمل صالح عند الله لأنه بيت الله وزائره زائر لمولاه فأول ما يرجع به الحجيج أن يرجعوا وقد غفر لهم ذنوبهم وقد ستر الله لهم عيوبهم وقد محا الله عنهم أخطائهم وقد جعل الله هذا الفضل العظيم لعباده المؤمنين أجمعين من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولم يحرمنا الله U نحن جماعة المؤمنين المقيمين من هذا الفضل فجعل لنا بعمل يسير إن عملناه أن يغفر لنا ذنوبنا وذنوب أهل بيتنا ما تقدم منها وما تأخر إذا تأسينا بسنة الخليل إبراهيم uالحج في مجمله خطوات الأنبياء فالطواف عمل آدم u والسعي بين الصفا والمروة عمل هاجر أم إسماعيل عليهما السلام عندما أمره الله أن يحمل ولده وأمه ويضعهما بجوار البيت فالتفتت إليه وقالت يا إبراهيم لمن تتركنا في هذا المكان الذي لا ماء فيه ولا إنس ولا حيوان فلم يجبها فقالت: يا إبراهيم لمن تتركنا ها هنا؟ فلم يجبها فقالت:أالله أمرك بذلك؟ قال: نعم. قالت: إذاً لن يضيعنا فلما نفذ الماء القليل الذي معها وأحس ابنها بالجوع وكان رضيعاً يرضع من ثديها اللبن وفتشت عن اللبن في صدرها فلم تجد فأخذت تبحث عن الماء لتشرب منه فصعدت إلى جبل الصفا لتنظر خلفه هل تجد ماء فلما لم تجد نزلت إلى بطن الوادي ثم هرولت مسرعة كما يفعل الحجيج بين الميلين الأخضرين ثم نزلت حتى وصلت إلى جبل المروة تنظر خلفه هل تجد ماءاً وكررت هذا العمل سبع مرات وهو السعي بين الصفا والمروة لحجاج بيت الله الحرام وبعد أن أتمت المرة السابعة، نظرت فوجدت طيوراً حول ابنها فخافت عليه وأسرعت إليه فوجدت الماء وقد نبع من تحت قدميه ماء كثير يفور وأخذت تزمه بالتراب وتقول زمي زمي فسمى زمزم قال الحبيب{ يَرْحَمُ الله أُمَّ إِسْمَاعِيـلَ لَوْلاَ أَنَّهَا عَجِلَتْ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً }[5]فكان ماء زمزم من نبع قدم إسماعيل وفيه الشفاء وفيه الدواء وفيه الخير ويكفي فيه قول الحبيب{مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ}[6]فيه طعام طعم وفيه شفاء سقم فهو الماء الوحيد الذي يطعم الجائع ويروي الظامئ ويشفي المريض من أي داء إذا صدق النية وأخلص الطوية في شربه لربِّ البرية Uفلما بلغ الولد ثلاثة عشر عاماً أمر الله عزوجل أبيه إبراهيم ليلة الثامن من ذي الحجة في المنام أن يذبح ابنه إسماعيل فلما أبطأ في اليوم الثامن وتروى في هذا الأمر وفكر فيه وظن أنه ربما يكون من الشيطان فسمي يوم التروية لأنه تروى في أمره فلم يسارع في تنفيذ أمر ربه فلما جاءت ليلة التاسع رأى في المنام مرة أخرى أنه يذبح ابنه فعرف أن ذلك وحي من الله وأن هذه الرؤيا رؤيا حق من الله فسمى يوم عرفة لأنه عرف أن رؤياه حق ولأن آدم وحواء تعارفا فيه على جبل عرفات فسمي المكان بعرفات لأنهما تعارفا عليه وعرف إبراهيم فيه أن رؤياه حق من الله فعرض رؤياه على ابنه فقال{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}فلما أصبح في هذا اليوم وفي هذا الصباح أمر ابنه أن يأخذ المدية يعني (السكين) ويأخذ الحبل ويذهب إلى منى ليوهم أمه أنهما ذهبا ليحتطبا منها وليجمعا منها الحطب فذهبا إلى منى في هذا اليوم وفي مثل هذه الساعة فظهر لهما الشيطان عند جمرة العقبة فقذفه بسبع حصيات فصارت سنة عنه إلى يوم الدين ثم ذهب لهما الشيطان مرة أخرى عند الجمرة الوسطى فقذفه بسبع حصيات فصارت سنة إلى يوم الدين فظهر له مرة ثالثة عند الجمرة الصغرى فقذفه بسبع حصيات وتلك سنن اليوم كلها عن أبيكم إبراهيم ونبي الله إسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام فلما وصلا إلى المنحر بمنى وهو مكان الذبح وموضع النحر قال إسماعيل لأبيه يوصيه يا أبتي أشدد وثاقي جيداً حتى لا اضطرب فتأخذك الرحمة في تنفيذ أمر الله U وانزع قميصي حتى لا ينزل عليه دم فتراه أمي فتحزن واجعل وجهي إلى الأرض حتى لا تنظر إلي فتأخذك الشفقة في تنفيذ أمر الله وأشحذ المدية(السكين)حتى تقطع بسرعة فأوثقه بالحبال جيداً ثم ألقاه على وجهه فلما همَّ بذبحه، قال يا أبتي فك يدي وقدمي حتى لا يقال بأنه كان يوجد رباط في يدي ورجلي خوفاً من تنفيذ أمر الله فأطلق يديه وقدميه ووضع السكين على رقبته وأمرها بسرعة فإذا هي لا تقطع فخاطبها وقال لها مالك يا سكين لا تقطعي عنق إسماعيل، فأنطقها الله وقالت ولماذا النار لم تحرق جسمك يا إبراهيم؟فإن الله الذي أمر النار أن تكون برداً وسلاماً فلم تحرق إلا الحبال والقيود من إبراهيم هو الذي أمر السكين أن لا تقطع رقبة إسماعيل فتدارك إبراهيم وبينما يلتفت إلى وراءه وجد أمين الوحي جبريل ومعه ذبح عظيم هذا الذبح هو الذي قدمه هابيل إلى الله عندما تنازع وأخوه قابيل على الزواج بأخت قابيل فطلب منهما الله أن يقدما قرباناً فقدم قابيل من عمله وهو الزراعة زروعاً رديئة وقدم هابيل من عمله وهو الرعي كبشاً ثميناً فارعاً فتقبله الله ونزلت سحابة فحملته وظل يرعى في أرجاء الجنة حتى أنزله الله ليفدي به إسماعيل على يدي خليل الله قال النبى{مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلاً أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ. فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً وأبشروا}[7] وقال{إِسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[8] وقال لابنته فاطمة{يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }[9] فأول عمل في يوم العيد هو صلاة العيد ثم ثانى عمل أن نذبح أضحياتنا فمن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب السنة هذه الأضحية فيها ما فيها من الفضل العظيم فإذا أنزلت قطرات دمها غفر الله لأهل البيت أجمعين كل ذنب عملوه، وجعل الله بعدد قطرات دمها حسنات وبكل شعر صوفها حسنات وجعلها الله كلها حتى بشعورها وأظافرها توضع في ميزان حسناتهم يوم القيامة ويجعلها الله وسيلة يركبونها على متن الصراط والصراط كما ورد فى الأثر سبع جسور على متن جهنم كل جسر منها ألف عام صعوداً وألف عام استواءاً وألف عام هبوطاً فجملتها يمشيها المرء في إحدى وعشرين ألف عام يمر عليها المؤمن كالبرق الخاطف أو كالريح الشديدة أو كالخيل السريعة كما ورد هذا إذا كان له أضحية ضحى بها لله فهي المركوب الذي يركبه ليمر به من على الصراط، كما بين رسول اللهe.هذه الأضحية شرطها لينال المرء هذا الثواب أن تذبح بعد صلاة العيد وأن تذبح عن رجل واحد إذا كانت ماعزاً مرَّ عليه سنة أو خروفاً مر عليه ستة أشهر ويحمل لحماً والذكر كالأنثى في هذين الصنفين كلاهما يجوز أو كانت بقرة أو جملاً يشترك فيه سبعة على أن تكون خالية من العيوب وسليمة من الأمراض فلا تكون عوراء ولا جلحاء يعني بغير قرون إلا إذا كانت سلالتها كذلك فلا بأس بها ولا تكون عرجاء ولا مريضة ولا يأخذ الجزار منها شيئاً على سبيل الأجرة وإنما يجوز أن يأخذ منها صدقة أو هدية لقوله للإمام علي عندما كلفه أن يذبح هديه{أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىٰ بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا.وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا}[10]ثم بعد ذلك يجعل منها نصيباً للفقراء ونصيباً للأصدقاء والأهل والأقرباء والأعزاء ونصيباً لنفسه وأهله{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}أما العمل الثالث في هذا اليوم الذي أمرنا به الله وبينه لنا حبيب الله ومصطفاه هو أن نحرص كل الحرص على أداء فرائض الله في بيت الله في وقتها وفي جماعة وأن نكبر الله عقب كل صلاة إن كانت سنة أو فريضة إن كنت في جماعة أو كنت بمفردك إن صليت في بيت الله أو صليت في بيتك أو في أي مكان تكبر الله عقب كل صلاة حتى عصر اليوم الرابع من أيام العيد فلو صليت سنة الضحى تكبر الله ولو حضرت صلاة الجنازة تكبر الله بعدها ونعلم نسائنا وبناتنا أن يكبرن الله بعد كل صلاة وإن صلينا في المنزل وأقل التكبير أن يقول المرء الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد فإن زاد ما نقوله فقد أحسن وإن اكتفى بذلك فقد أجزأ المهم أن نكبر الله عقب كل صلاة أما العمل الرابع والهام في هذا اليوم العظيم بعد أداء الفرائض فيقول فيه الحبيب{تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ}[11]ويقول فيهe{إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ اخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبَهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ الوَرَقُ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِيْ يَوْمِ رِيْحٍ عَاصِفٍ وَإِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوْبَهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ}[12]يأمر الله المسلمين أن تكون عبادتهم في هذا اليوم مصافحة المسلمين والبسمة في وجوه المؤمنين والشفقة والعطف على اليتامى والمحرومين وصلة الأرحام التي لا توصل إلا في هذه الأيام

[1] طس، عن بريدةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

[2] رواه الدار قطني في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة.

[3] رواه ابن ماجة في زوائده، وابن حبان في الثواب والسيوطي في الفتح الكبير عن أنس.

[4]رواه البخارى عن ابن عباس

[5] رواه الحاكم والدار قطني والبيهقي والديلمي عن ابن عباس.

[6] رواه الترمذي والبيهقى وابن ماجة عن عائشة

[7] رواه السيوطي في الفتح الكبير والديلمي عن أبي هريرة.

[8] رواه البزار وابن حبان في كتاب الضحايا والأصبهاني عن أبي سعيد.

[9]صحيح مسلم عن على بنأبى طالب

[10] رواه البزار والطبراني وابن حبان والترمذي عن أبي ذر.

[11] رواه البزاروالطبراني عن أبي هريرة وسلمان.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحج, حكمه, ومشاهده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc