يعاني المريض الأمرين، فهو يعاني من المرض، ويعاني من التعب الجسماني والنفساني والمادي، فالتعب الجسماني الذي يعانيه يتمثل في التنقل من مكان إلى مكان قصد الفحوصات والتحاليل الطبية؛ وقد يبعد ذلك عن سكناه بالعشرات الكيلومترات إن لم يكن أكثر، وهذا ما يزيده مرضا على مرض.
التعب النفساني المتمثل في ابتعاد المريض عن الأهل والأولاد والخلان الذين يخففون عنه من ألم المرض، يفقد هذا الدفء، يتألم من المرض ويتحسر على الأحبة، وهذا البعد الحسي قد يوثر على شفائه، يقول الشيخ ابن سينا: " علينا أن نعلم أن أحسن العلاجات وأنجعها هي العلاجات التي تقوم على تقوية قوى المريض النفسانية والروحية، وتشجيعه ليحسن مكافحة المرض، وتجميل محيطه وإسماعه ما عذب من الموسيقى وجمعه بالناس الذين يحبهم "(1).
التعب المادي ويتمثل في نفقات التنقل والإيواء وثمن الفحوصات والتحاليل الطبية وشراء الأدوية؛ هذا إن كان المريض ميّسر الحال، أما إن كان معسرا فحدث عنه ولا حرج.، أعلم هذا من خلال مرافقتي لأبني لمدة أربعة عشر سنة من العلاج، وأمل المرضى في الله سبحانه وتعالى أولا ثم في وزير الصحة الحالي الذي يبذل جهدا من أجل راحة هؤلاء المرضى وتوفير وسائل العلاج والراحة لهم، والله لا يضيع أجر العاملين.
(1)- شمس العرب تسطع على الغرب للمستشرقة الألمانية زيغريد هونكة ص182.