هل تشرق الشمس من الغرب؟
لم تعرف شعوب العالم حالة من اللاأمن مثل الذي تعيشه هذه الأيام، مع بروز ما سمي ''الربيع الديمقراطي في العالم العربي''. وهي وضعية مرشحة لمزيد من التعقيد، نظرا لإصرار ''حاملي لواء الحضارة الجدد'' في مواصلة مخططاتهم، التي غلفتها في ''مساعدة'' الشعوب على الانعتاق من الدكتاتوريات التي كبلتها وسلبت حرياتها واستولت على ثـرواتها، وهو واقع لم يتألم منه الغرب، عندما كان أولئك الدكتاتوريون يفتحون لهم أسواق البلدان التي يتسلطون هم وذرياتهم على شعوبها، وهو ذات الغرب الذي فتح لهم بنوكه ليودعوا فيها أموال تلك الشعوب التي لم يكسبوها بذكائهم أو عرق جبينهم.
لقد تدخل الغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في أفغانستان، العراق، الصومال وغيرها. وتدخلت فرنسا بمفردها في التشاد، رواندا، كوت ديفوار. ويجتمع الغرب بكامله تحت غطاء الأمم المتحدة هذه الأيام في ليبيا، لإغاثة ''المعارضة'' التي طلبت التدخل. وينتظر الوقت المناسب، ربما يكون ذلك عندما يطلب منه حلفاؤه في المنطقة، للتدخل في اليمن أيضا، وهو البلد الذي كان يعتمد على نظامه في الحرب ضد ''الإرهاب'' الذي تبين أن ذات الغرب ليس بريئا منه. وينتظر أيضا أوامر ''شعب الله المختار'' ليتخذ الموقف الذي تريده إسرائيل إزاء ما يحدث في سوريا. ففي الحالات السابقة لم يتحقق لشعوب تلك البلدان غير الخراب والدمار والانقسام، وأموات بمئات الآلاف تحت القصف، وآخرون جوعا وعطشا وجراء الأمراض.
فرغم أن العراق انتهى فيه عهد صدام حسين وكل ما قيل عن فترة حكمه، فإن شعبه يخرج هو الآخر إلى الشوارع ليطالب بالحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثـروات. وهو حال كل الشعوب التي أسرع الغرب لنجدتها. ورغم الآمال التي فتحتها الثورات الشعبية في هذا ''الربيع''، لا توجد مؤشرات تدل على أن ''البلدان العربية'' التي باشرت ربيعها الديمقراطي، ستخرج سالمة. لأنه ببساطة لا يمكن أن يتحقق للشعوب ما تريد، ما دام الذي حمى ''جلاديه'' بالأمس وما زال يحمي آخرين اليوم، لأنه لم يحن دورهم فقط، هو الذي منح لنفسه حق ''فرض'' النظام العالمي الذي يريد.
هل يمكن لأي شعب من الشعوب، مهما كان عرقها أو لون بشرتها ودينها وإيديولوجيتها أو موقعها الجغرافي، أن يأمن شر ''حاملي لواء الحضارة'' المعاصرة، القائمة على تقسيم العالم إلى شعوب يحق لهذه الحضارة تجويعها ونهب خيراتها وتهريب أذكيائها. ويحق لها أيضا أن ترمي فوق رؤوسها القنابل والنيران. وحتى إن كانت هذه الشعوب في ضائقة من ''دكتاتورياتها'' لا يمكنها أن تنتظر أن يأتيها الخير من ''الحضارة'' التي تسير بالعالم أجمع نحو الخراب. فالربيع يتبعه طبيعيا موسم الحر والحرائق، خاصة وأنه قريب منا يوجد ساركوزي الذي يريد أن ''يخلد''. وفي كل الحالات فإن الشمس لم تشرق أبدا من ''الغرب''.
منقول عن الخبر
شكرا على المقال أنا مع رأيك، أقول للجزائريين إنتبهوا كلنا نريد التغيير لكن ليس بالفوضى والعنف، وعلينا أن ننتبه جيدا لخطورة التغيير بالثورة فنتائجها ليس من السهل التحكم فيها، لأن القوي وحده في هذه الحالة هو من يستطيع التحكم فيها. أنا أأمن بعمق بضرورة التغيير عن طريق تهذيب أفكار وسلوك الفرد والمجتمع بعقلانية ومرحلية واتزان ونفس عميق...