السؤال:
رجل يقول: لي صاحبان أحدهما يتصدق بالشيء القليل والكثير، ولكنه يسر بصدقته حتى لا يكاد يعلم بها أحد. وآخر يظهر صدقته ولا يبالي بإظهارها، مع أني أعلم منه صدق النية والإخلاص والبعد عن الرياء. فأيهما أفضل: إظهار الصدقة أم إخفاؤها؟ أفتونا مأجورين.
المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
الأصل أن صدقة السر أفضل؛ لقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ} (1).
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله..."، وذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" (متفق عليه) (2).
وهذا الأصل في الصدقة: أن إخفاءها أفضل، لكن إن ترتب على إظهارها مصلحة راجحة مثل: إذا كان في إسراره بها إساءة ظن به بأنه لا يخرج الزكاة، أو اقتداء الناس بالمتصدق إذا أظهر زكاته، فيكون هذا من باب: (من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) (3). ونحو ذلك من المصالح. ففي مثل هذه الحالات قد يكون إظهارها أولى، والله أعلم.
___________________________________________
1 - سورة البقرة: الآية (271).
2 - البخاري (660)، ومسلم (1031) وعنده: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله".
3 - أخرجه مسلم (4/ 2060).