قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عليكم بالشفاءين : العسل و القرآن " [ رواه ابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعاً ]
لقد سبق أن دلنا القرآن الكريم على ما في العسل من فوائد جمة _ كما استعرضناها في موضع سابق من الإعجاز العلمي في القرآن _ [ يرجع إلى الإعجاز العلمي في القرآن للمؤلف ] و نحن بصدد التعرض للنظرة العلمية في قوله تعالى :
{ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) } [ سورة النحل : الآية 69 ]
و يؤكد رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا المعنى في بعض أحاديثه الشريفة و منها الحديث الذي نحن بصدده .
ثم يأتي العلم الحديث ليؤيد النظرة القرآنية و النبوية الشريفة بما توصل إليه من اكتشافات حيوية جديدة منها : أنه أمكن الاستفادة من استخدام العسل علاجاً للأمراض التي تسببها ميكروبات " التيفوئيد " و " الباراتيفود " و و الدوسنتاريا " و " النزلات المعوية و المعدية " بعد أن ثبت علمياً أن العسل به مواد تمنع الميكروبات سواء أكانت كائنات فطرية أو بكتيرية .
و يستخدم العسل لعلاج البهاق و حب الشباب بعد مزجه بالثوم … و يستخدم أيضاً في حالات صديد الأذن .. كما يستخدم العسل بنجاح تام لمعالجة الحروق و الجروح و الخراريج ، و من المثير للعجب أن معالجة هذه الأمراض بالعسل تشفيها بدون ظهور أثر أو ندبة بعد الشفاء ، و للعسل يد طولى في معالجة أمراض الجهاز التنفسي ،فاستخدم لعلاج أمراض الرئة و الزكام و الأنفلونزا .. و للعسل أيضاً دور كبير لشفاء أمراض الجهاز الهضمي و طرد الديدان من الأمعاء ، و يعمل العسل على زيادة هيموجلوبين الدم و زيادة كفاءة الجهاز الدوري .
و يوصي العلماء الشاكين من الأرق و عدم النوم لساعات طويلة بعد ذهابهم إلى الفراش بتناول العسل في وجبة العشاء أو بأخذ ملعقة كبيرة منه أثناء الاستعداد للنوم … كما أن مداومة استخدام الفرد لملعقتين صغيرتين من العسل مع كل وجبة يجعله هادئ الأعصاب .
و ينصح الأطباء المختصون الذين يعانون دائماً من الصداع النصفي بتناول العسل ؛ حيث يعينه على التخلص من آلامه في مدة وجيزة .
إلى جانب ذلك فالعسل مفيد جداً للأم الحامل ، كما يعد غذاءً طيباً للأطفال ، و لا سيما الأطفال الذين يعانون من التبول اللا إرادي …
و مما يزيد من فائدة العسل و قيمته الغذائية و العلاجية أنه يحتوي على فيتامينات مختلفة ، و نذكر منها على سبيل المثال فيتامين " ب " و هو مفيد جداً في حالات الالتهابات الجلدية .. و فيتامين " هـ " الذي يمنعه انتشار الأكزيما و الصدفية … و فيتامين " ب 12 " الذي يعطي نتائج مذهلة في حالات فقر الدم " الأنيميا الخبيثة " … و فيتامين " خ " الذي يعين الجسم على مقاومة العدوى .
و يعتبر العسل مفيداً جداً لمرض السرطان ، حيث يمكن لمريض سرطان الأمعاء أو الكبد استخدام العسل ممزوجاً بجرام واحد من مسحوق جذور نبات جاوي ثلاث مرات يومياً فيعينه على الشفاء .
و العسل مفيد أيضاً لعلاج أمراض الكبد حيث يساعدها على التخلص من سمومها و ذلك لما يحتويه العسل من قدر كبير من سكر الفركتوز .
و لما كانت النحلة تمتص من رحيق النباتات المختلفة فتلتصق بجسمها حبوب اللقاح لهذه النباتات لتكون أحد المكونات الهامة للعسل فإن تلك الحبوب تويد من قيمة العسل الغذائية و العلاجية ، لما تحتويه حبوب اللقاح من بروتينات و فيتامينات مختلفة . فضلاً عن معادن " الصوديوم " و " المغنسيوم " و " البوتاسيوم " و " الكالسيوم " و " الفوسفور " و غيرها من عناصر يحتاج الإنسان إلى كميات كبيرة منها لبناء جسمه و لإتمام عملياته الحيوية .
و إذا كان عسل النحل له فوائده الغذائية و العلاجية المتعددة كما رأينا .. فإن سم النحل [ سم النحل هو ذلك الإفراز الذي يخرج من غدد السم الموجودة في آلة اللسع و التي تقع في مؤخرة شغالة نحل العسل .. و بالرغم من وجود آلة اللسع في الملكات فإنها من النادر جداً أن تستخدمها في لسع إنسان أو حيوان ، و لكن تستخدمها فقط في حالة الصراع بين بعضها البعض ] _ كما اكتشف العلم الحديث _ له فوائد كثيرة أيضاً ، فهو يؤدي إلى الشفاء من الحمى الروماتيزمية الخفيفة ما عدا التهاب المفاصل الناجم عن أمراض الزهري أو السيلان أو السل .
كما يؤدي إلى الشفاء من التهاب و آلام الأعصاب و عرق النس و روماتيزم القلب غير الوراثي ، كما أن له أثر مهبط لضغط الدم المرتفع ، فضلاً عن فعاليته في علاج بعض أمراض العيون مثل : التهاب القزحية و التهاب الغدة الدرقية المصحوب بجحوظ في العينين . كما وجد أن سم النحل له تأثير على عصب الجهاز الحاجز .
و بالنسبة لغذاء الملكات فقد تبين أن له تأثيراً في وقف الأزمات التنفسية الناتجة عن الربو المجهول السبب الذي ينسب إلى الحساسية … و يفيد في علاج العقم و قصور الكلى و غير ذلك من أعراض مرضية .
إن فوائد عسل النحل تتعدد لدرجة يصعب حصرها كما أشارت البحوث العلمية ، مما يؤيد ما سبق ذكره في القرآن الكريم و السنة النبوية بصدده .