القمة العالمية للتنمية المستدامة
تقرير تقييم التقدم في المنطقة العربية
"الملخص التنفيذي"
ديسمبر/كانون أول 2001
حزيران 2002) /(عدل يونيو
المحـتويات
. 1 المقدمة .................................................. .................................................. .. 4
2. التوجهات والاستجابات والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية .................................................. 4
أ. السكان والصحة .................................................. .................................. 5
ب. النمو الاقتصادي والفقر وتوفر الخدمات العامة .................................................. ... 5
ت. التعليم والعمالة .................................................. ................................... 6
ث. التكامل الاجتماعي ووضع المجتمع المدني .................................................. ....... 6
ج. العولمة والاتصالات وتقنية المعلومات وتأثيرها علي الثقافة ......................................... 7
. 3 الدوافع الرئيسية المحركة والمؤثرة على التنمية المستدامة .................................................. 8
أ. إنتاج النفط والغاز وتنقيب الموارد الطبيعية غير المتجددة ............................................ 8
ب. التنمية الصناعية .................................................. .................................. 8
ت. التنمية الزراعية .................................................. .................................. 9
ث. التنمية السياحة .................................................. .................................... 10
ج. قطاع النقل .................................................. ....................................... 10
ح. التحول الحضري والضغوط الحضرية .................................................. ............ 11
خ. أنماط الإنتاج والاستهلاك........................................ .................................... 11
. 4 الاتجاهات والاستجابات والإنجازات البيئية .................................................. ................ 12
أ. إدارة الموارد الطبيعية .................................................. ........................... 12
1. موارد المياه العذبة .................................................. ......................... 12
2. المناطق البحرية والساحلية .................................................. ................. 14
3. الموارد الأرضية .................................................. .......................... 14
4. الجبال والغابات .................................................. ........................... 15
5. التنوع البيولوجي .................................................. .......................... 16
6. نوعية الهواء .................................................. .............................. 16
7. الغلاف الجوي العلوي (التغييرات المناخية واستنزاف طبقة الأوزون)......................... 17
ب. الكوارث الطبيعية .................................................. ................................. 18
ت. المحافظة على التراث الثقافي .................................................. .................... 18
5. المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الداعمة للتنمية المستدامة .......................................... 19
أ. الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف والاتفاقيات البيئية الإقليمية ....................................... 19
ب. الاتفاقيات والتحالفات الاقتصادية والتجارية .................................................. ........ 19
ت. الاتفاقيات والمعاهدات الاجتماعية والثقافية .................................................. ......... 20
ث. الربط بين الاتفاقيات .................................................. .............................. 20
6. التحديات التي تواجه التنمية المستدامة والفرص المستقبلية ................................................. 20
أ. الحكمية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة .................................................. .......... 20
ب. مشاركة المعنيين وتوفر وإتاحة المعلومات .................................................. ......... 21
ت. الآليات الاقتصادية والترتيبات الطوعية .................................................. ............ 21
ث. الرصد البيئي وتقرير حالة البيئة وشبكات المعلومات ................................................ 22
ج. التعليم البيئي .................................................. ...................................... 22
ح. البحث والتطوير .................................................. .................................. 22
خ. النزاعات والأمن الإقليمي .................................................. ......................... 23
د. تحرير التجارة والأقلمة .................................................. ........................... 24
. 7 تمويل التنمية المستدامة .................................................. ................................... 24
.8 تحديد أولويات العمل ووسائل تنفيذها .................................................. ...................... 25
أ. الحد من الفقر والتكامل الاجتماعي .................................................. ................ 25
ب. أعباء الديون .................................................. ...................................... 26
ت. السلام والأمن .................................................. .................................... 26
ث. إدارة السكان .................................................. ..................................... 27
ج. التعليم وبناء القدرات والبحث العلمي ونقل التكنولوجيا ............................................... 27
ح. الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية .................................................. ................ 28
خ. الحكمية والمشاركة الشعبية في التنمية المستدامة .................................................. .. 33
د. أنماط الاستهلاك .................................................. .................................. 34
ذ. التراث الثقافي .................................................. .................................... 34
ر. التجارة والعولمة .................................................. .................................. 35
ز. وسائل التنفيذ المالية والمؤسسية .................................................. ................... 36
1- المقدمة
اعتمدت الجمعية العمومية الأمم المتحدة (UNGA) في قرارها رقم 55/199 عمل مراجعة لما تم إحرازه من تقدم في السنوات العشر الماضية بشأن تنفيذ نتائج و قرارات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (UNCED قمة الأرض ريو 1992) وذلـك أثنـاء جلسات مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة (WSSD) الذي سينعقد في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا من الثاني وحتى الحادي عشر من أيلول/سبتمبر من العام 2002 . ومن الأهداف الأساسية لمؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة هو إعادة تفعيل الالتزام العالمي تجاه تحقيق التنمية المستدامة (SD) على أرفع المستويات السياسية عبر تحديد الإنجازات التي تحققت والمناطق التي تتطلب جهوداً أكبر لضمان تنفيذ جدول أعمال القرن الحادي والعشرين والنتائج الأخرى الصادرة عن قمة ريوUNCED)) وعبر إبراز التحديات والفرص الجديدة. ومن المتوقع أن ينتج عن عملية المراجعة تجديد الالتزام والدعم السياسيين للتنمية المستدامة والتي من بينها التناغم مع مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة.
ويهدف هذا التقرير التقييمي إلى إبراز المعلومات الأساسية والأسس والاتجاهات والتحديات التي ستساعد على تحديد مدى التقدم الذي تحقق في مجالات التنمية المستدامة في المنطقة العربية خلال العقد المنصرم والقوى الدافعة والمؤثرة في المحافظة على وحسن استغلال مواردنا الطبيعية والاقتصادية وكذلك التحديات التي يجب تناولها لتعزيز التقدم نحو تحقيق التنمية المستدامة.
ويحتوي هذا التقرير أيضاً على برنامج عمل موضح به الأولويات و العناصر الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة التي يجب أن تطرح على مستوى المنطقة العربية وأن يتم التركيز عليها خلال عشر إلى عشرين سنة قادمة.
وقد تم إعداد هذا التقرير بناء على جهود الأمانة المشتركة والمكونة من الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة (CAMRE) والمكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بغرب آسيا ( (UNEP/ROWA والهيئة الاقتصادية والاجتماعية لغـرب آسيـا (ESCWA)، ودُعِّم التقرير بنتائج وتوصيات سلسلة من الاجتماعات التشاورية التي شارك فيها عددأ كبيراً من الشركاء الذين يمثلون كافة شرائح المجتمع. وقد تم تطوير المبادئ والأهداف المرجوّة من التنمية المستدامة خلال هذه الاجتماعات ، ويعتبر "تقرير مستقبل العمل البيئي فـي الوطـن العربي" أحد الوثائق الأساسية التي تم الاستفادة منها في إعداد هذا التقرير. إن "تقرير مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي" قد تم الإعتماد عليه في إعداد إعلان أبوظبي والذي أقر من قبل الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في شهر فبراير/ شباط من العام 2001. وقد وضع هذا التقرير عملية استئصال الفقر من المنطقة على رأس أولويات برنامج العمل المستقبلي بالإضافة إلى السعي في إعداد استراتيجية بيئية إقليمية يمكنها المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.
2- التوجهات والاستجابات والانجازات الاقتصادية والاجتماعية
شهـدت المنطقة العربية خلال العقد المنصرم تحسنات ملحوظة في المجالات الصحية ، والسكانية ، والتربية والتعليم ، ومحو الأمية. فضلاً عن ذلك فقد تطور وضع المرأة واتسع دور المشاركة للمجتمع المدني. ورغم تحقيق هذا التقدم في المجالات المذكورة فإن هذا التطوّر لازال يواجه ضغوطاً مثل استمرار زيادة النمو السكاني وتقلبات في النشاطات الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة بالإضافة إلى استمرار الفقر والنزاعات الإقليمية.
أ. السكان و الصحة
لقد استمر النمو السكاني في المنطقة العربية في الازدياد وبمعدلات مرتفعة حيث ارتفع عـدد السكان من 219 مليون نسمة في العام 1990م إلى 284 مليون نسمة في عام 2000م و حسب التقديرات فإن عدد السكان سيصل إلى 371 مليون نسمة مع حلول العام 2010 وإلى 454 مليون نسمة عام 2025 م ، وتبلغ نسبة النمو السكاني في المنطقة 2.4% في العام أي أنها أعلى بكثير من المعدل العالمي الذي يبلغ 1.5%.
إن هذا النمو المترافق مع سوء التوزيع السكاني بين المدن والأرياف تسبب في حدوث ضغوط على البيئة والموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة وتدني في قدرتها الاستيعابية حيث نتج عن ذلك زيادة في الطلب على المياه والمنتجات الزراعية، والخدمات، وحدوث توسع حضري كبير كما ارتفع حجم النفايات بمختلف أنواعها وتسببت في ضغوط كبيرة على البيئة. وبالرغم من تطوّر الخدمات الصحية بشكل ملفت في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين إلا أن الاستقرار في المناطق الحضرية يبقى مفضّلاَ لتوفر الخدمات وفرص العمل مما يخلق اختلالاً في التوزيع السكاني ما بين الأرياف والمدن.
ب. النمو الاقتصادي والفقر وتوفر الخدمات العامة
لقد عانى النمو الاقتصادي في العالم العربي خلال العقود الأخيرة ولا يزال من تقلبات مرتبطة بالاستقرار الأمني في المنطقة وتقلبات في إنتاج وأسعار النفط ، فبعد فترة نمو بطيئة في بداية التسعينات استردت معظم اقتصاديات الدول العربية عافيتها لاحقاً وتنامي الناتج القومي المحلي بشكل ملحوظ حيث أنه تضاعف تقريباً في العقد الأخير ، يرجع ذلك إلى عمليات الإصلاح وإعادة بناء الاقتصاد في معظم الدول العربية ، وتحسين اقتصاديات السوق وإلغاء المركزية الإدارية وتخفيض نسب التضخم ، وشهدت المنطقة جهوداً جوهرية في مجالات تحرير الاقتصاد والخصخصة وترافق ذلك مع تزايد العائدات وانتشار الصناعات الداعمة للصناعات الأساسية.
وبالرغم من أن بداية الثمانينات والتسعينات شهدت تقدماً ملحوظاً في انخفاض الفقر غير أن هذا التحسن تراجع فجأة في التسعينات ليعكس المصاعب الاقتصادية التي شهدتها الثمانينات وعلى الرغم من ذلك فقد استطاعت بعض الدول أن تحقق تقدماً ملموساً في هذا المجال. ومازالت مسألة تساوي دخل الفرد في بعض الدول تشكل هماً أساسياً مع اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المراكز الحضرية من جهة وبين المناطق الحضرية والريفية من جهة أخرى ، كما ساهمت الأساليب الاقتصادية التقليدية والديون الخارجية وإعادة البناء المؤسسي وتزايد التحول نحو العولمة في تفاقم مشكلة الفقر في المنطقة.
هناك إدراكاً عاماً بأن الدول العربية لا تزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للتغلب على اختلال التوازن القائم في توفر الخدمات العامة وحصول المواطن عليها. فعلى سبيل المثال تحتاج المناطق الريفية والنائية وبعض المناطق المهمشة في المدن لخدمات أفضل على صعيد البنى التحتية والتعليم وفرص العمل والعناية الطبية ، والسكن والخدمات العامة. ولا زالت الهجرة من الأرياف إلى المدن وعدم تحقيق الأمن الغذائي يشكل عائقاً كبيراً أمام الدول العربية التي تسعى إلى التغلب على هذه المشكلة منفردة من خلال تحقيق التؤازن بين التوسع الزراعي وندرة المياه وهي علاقة يصعب تحقيقها على المستوى الوطني ولكن يمكن تحقيقها على المستوى القومي في حال وضع سياسة زراعية ومائية متكاملة للمنطقة العربية ، بالإضافة إلى هذه العوامل المرتبطة بقضية الفقر فهناك بعد أخر وهو المساواة الاجتماعية من حيث الحصول على الخدمات الاجتماعية وخاصة النساء والأطفال الذين في الغالب يفتقرون إلى الحصول على تلك الخدمات.
ت. التعليم والعمالة
تبنت معظم الدول العربية في السبعينات سياسات وخطوات عديدة لتحسين مستويات التعليم وكان لهذه السياسات والخطوات الأثر الطيب في المنطقة كلها حيث شهدت بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال التسعينات من القرن الماضي أعلى المستويات من حيث تعليم الفتيات وفي كافة المستويات التعليمية. وتشكل البطالة تحدّياً رئيسياً في البلاد العربية ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي بالرغم من كونها تعتبر من الدول المستقطبة لليد العاملة. وتتجاوز نسبة العاطلين عن العمل في المنطقة العربية نسبة العشرين في المائة من إجمالي القوى العاملة ، أما على المستوى الوطني ونظراً لتزايد الطلب على العمال المهرة فقد استدعى ذلك الاستعانة بعمالة فنية أو مدربة من الخارج على الرغم من وجود أعداد كبيرة من المواطنين الباحثين عن عمل والذين لا يتمتعون بالمهارات المطلوبة ، لذا فإنه يجب أن يتم التركيز على تخفيض نسبة المنضمين إلى لوائح البطالة بدلاً من التركيز على الوضع الإجمالي لها.
وزادت المنطقة من الاستثمارات في التربية والتعليم والتدريب خلال العقد الماضي كي تتمكن من أداء خدمات أفضل لكافة فئات المجتمع ، وقد ركزت الجهود مؤخراً على تحسين التدريب المهني والتقني كأفضل وسيلة لتلبية حاجات أرباب العمل في القطاعين الحكومي والخاص بالكفاءات الفنية المدربة بالإضافة إلى ذلك تم تطور التدريب في القطاع الخاص غير أن المؤسسات والجمعيات الخاصة لازالت تحتاج إلى القيام بتحسين أو توفير خدمات التدريب الفنية التي تستهدف المؤسسات الصغيرة.
ث. التكامل الاجتماعي ووضع المجتمع المدني
تبقى الأمية بين النساء (وخاصة في الأرياف والمتقدمات في العمر) مشكلة جدية رغم جميع الجهود التي بذلت في العقد الأخير لتحسين التعليم والصحة ومستويات التوظيف في المنطقة. ومازلنا نجد في بعض الحالات أن النساء يُبخس قدرهن وإنهن يتلقين أجورا أقل من الرجال حتى ولو كان عملهن يوازي عمل الرجال ، ونتيجة لارتفاع معدلات الإنجاب في المنطقة خلال العقود الماضية فقد زادت نسبة الأعمار الصغيرة في المنطقة فبالنسبة للأعمار أقل من 15 سنة تتراوح النسبة بين 40% إلى 49% في 12 دولة عربية وحوالي الثلث في باقي الدول وبالنسبة للأعمار من 15-65 فتتراوح من 40% في اليمن إلى 73% في قطر من إجمالي التعداد السكاني في العام 2000 مما يفرض تحديات مهمة في المنطقة وبالأخص على الحكومات التي تتطلع إلى توفير وزيـادة وتحسين التعليم ، وفرص العمل ، والعناية الصحية ، والاجتماعية. ومنذ انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية ازداد نمو المنظمات والجمعيات غير الحكومية المسجلة في المنطقة وازداد في الوقت نفسه المشاركة فيها وفي منظمات العمل التطوعي الخاص والجمعيات التجارية والنقابات العمالية. أما التحول الآخر في مسيرة هذه المنظمات غير الحكومية فكان تحولها التدريجي من منظمات تؤمن الخدمات الاجتماعية إلى جمعيات للدفاع عن حقوق المجتمع المدني. ويترافق ذلك مع ازدياد عدد مؤسسات الأعمال الخاصة في المنطقة وكذلك مستوى المشاركة في هذه المنظمات.
وبينما ازدادت برامج المساعدات الاجتماعية تحسناً ملحوظاَ في المنطقة خلال العقد المنصرم فإنه تبقى النفقات الحكومية العامة على البرامج الاجتماعية التي تقدم العناية للمسنين والمعاقين أقل من المستوى المطلوب وهذا ما دفع العائلة العربية تقليدياً عبر مرّ السنين إلى ملئ هذه الهوة عبر تأمينها الخدمات الاجتماعية ومساعدة الأفراد والأشخاص المحتاجين إما بدافع الثقافة أو الدين أو القيم العائلية.
ج. العولمة والاتصالات وتقنية المعلومات وتأثيرها على الثقافة
يتنامى القلق في العالم العربي من المخاطر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المرافقة للعولمة وبالأخص تلك المخاطر التي تحد من قدرة الحكومات على التدخل في قضايا توفير الخدمات الاجتماعية وحماية البيئة وذلك مقابل المحافظة على قدرتها التنافسية على المستوى الدولي. والعولمة تعني إزالة الحواجز والقيود على حركة التجارة وتحرك رؤوس الأموال بالإضافة إلى التقدم التكنولوجي وانخفاض كلفة المواصلات والاتصالات وتقنية المعلومات و أن تحقيق ذلك يجعل من العولمة حقيقة واقعة وبالرغم من الأفكار المروجة عن فوائد العمولمة مثل النمو الاقتصادي السريع وارتفاع مستويات المعيشة ، وابتكارات متسارعة مع اندماج التكنولوجيا والمهارات الإدارية وتوفر فرص اقتصادية جديدة للأفراد والبلدان على حد سواء فإننا نجد أن البلدان العربية لم تستفيد بعد بهذه الفوائد. ومن ناحية أخرى فإنها تعني حدوث تقلبات كبيرة أمام القوى غير المتهيئة أو المتوقعة لهذه التغيرات التي قد ينتج عنها عدم استقرار اقتصادي واضطرابات اجتماعية ومن ثم فهي تمثل أحد التحديات للتنمية المستدامة بالمنطقة العربية ، ولكن مع مرور الوقت ازداد الشعور بالحاجة للبيئة الملائمة للتأقلم والتكامل مع عملية العولمة والتي تشمل توفير البنية التحتية اللازمة وإعادة البناء المؤسسي والخدمي ليتماشى مع التوجهات الخاصة بالعولمة ، ويزداد أيضاً الشعور بالقلق من الحاجة المتزايدة لاتخاذ إجراءات وتدابير خاصة لتجنب التأثير السلبي للعولمة ولمواجهـة الخسائر التي ترافقها على المستويات التقنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية ، وأيضاَ تنامي الشعور بالقلق على فقدان الهوية الثقافية.
وقد تباطأت معظم الدول العربية في تبني وإدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشبكة المعلومات الإلكترونية ولكن مع حلول منتصف التسعينات تغيّر هذا الأمر كثيراً غير أن توفر تقنية المعلومات والاستفادة منها ليس متساوي بين الدول ونشأ عن ذلك تفاوتاً بين دول المنطقة و شرائح مختلفة من سكانها في استخدام نظم المعلومات المتنوعة. وهناك اعتقاد راسخ أن توفير وإدخال المعلومات والخدمات التي تقدمها شبكة المعلومات الإلكترونية محلياً وعالمياً يمكن أن يساعد المنطقة العربية على الانتقال إلى مجتمعات ترتكز على المعرفة والتي يمكن أن تساعد في دعم برامج التنمية المستدامة.
ولا يقتصر تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على فعالية الاقتصاد وحسب بل على المجتمع وثقافته ، وهناك الآن جدل في المنطقة حول كيفية الحفاظ على الهوية الثقافية وفي نفس الوقت الاستفادة من التطورات التكنولوجية ، كما يوجد توجه نحو تعريب أنظمة المعلومات وإدخال علومها و تقنياتها في الأنظمة التعليمية لتتكامل معها، وإلى تحسين المجتمعات المرتبطة إلكترونياً وتطوير الخدمات الحكومية في هذا المجال.
3. الدوافع الرئيسية المحركة والمؤثرة على التنمية المستدامة
هناك العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر مباشرة على تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
أ. إنتاج النفط والغاز وتنقيب الموارد الطبيعية غير المتجددة
ترتكز التنمية في المنطقة على استغلال الموارد الطبيعية غير المتجددة ، لذا يجب الأخذ في الاعتبار عند إجراء تقييم لعملية التنمية المستدامة أن لا ينظر فقط إلى التأثيرات الناتجة عن استخراج واستغلال النفط والغاز والفوسفات والمياه الجوفية ...الخ بل أيضاً مساهمة استخراجها في تحريك عجلة التنمية في المنطقة.
وعلى الرغم من أن موارد الغاز والنفط تلعب دوراًً مهماً لكونها الصادرات الأساسية إلى الخارج، و مساهمتها في تعزيز دور وزيادة فعالية وانتشار الصناعات المعتمدة على الاستخدام المكثف للطاقة في المنطقة ، إلا إن الدول العربية تبذل جهودا متزايده للحد من التلوث الناتج عن الصناعة النفطية، والصناعات الأخرى، و عليها أن تواصل جهود المحافظة على نقاوة الهواء والماء والبيئة البحرية، على الاخص الحد من حرق الغازات المتخلفة عن إنتاج النفط والغاز(Flaring) وإزالة الكبريت من الوقود وإنشاء مرافق لمياه التوازن والمخلفات الأ خرى غى العديد من موانئها.
بالإضافة إلى استخراج الخامات النفطية ، فلقد تزايد التعدين ومعالجة الخامات الصناعية والمعادن ، ويعد هذا النشاط مصدراً هاماً للعملة الصعبة في عدد من الدول العربية مثل مصر ، سوريا ، اليمن ، تونس ، والسودان. كما أن هناك استخراج الحديد من موريتانيا والجزائر وليبيا والتي تمثل حوالي 6% من ناتج الصناعات الإستخراجية بالمنطقة. بينما يمثل إستخراج الفوسفات من المغرب ، الأردن ، تونس وسوريا وكذلك استخراج البوتاس من الأردن حوالي 12% من إجمالي ناتج الصناعات الاستخراجية بالمنطقة.
ويمثل التعدين بصفة عامة نسبة 18% من إجمالي الصناعات الإستخراجية بالمنطقة. ويوجد بالمنطقة إحتياطيات ملحوظة من الحديد والنحاس والفوسفات والبوتاس.
وبالإضافة إلى الهموم البيئية والصحية المصاحبة لإستخراج المعادن فإن مد البنية التحتية للمواصلات للوصول لمناطق التعدين يعد أيضاً تحدياً إضافياً للمنطقة.
ب. التنمية الصناعية
تعتبر التنمية الصناعية عنصراً حيوياً لعمليات التطور في المنطقة العربية فهي تشكل مصدراً مهماً للدخل الوطني من خلال تشجيع التجارة وإيجاد فرص عمل جديدة تزيد من قيمة المنتجات الأساسية. وتساهم الصناعة بنسبة مرتفعة في الإنتاج القومي للعالم العربي حيث تبلغ حوالي 11 بالمائة من مجمله العام (وهذا لا يشمل القطاع النفطي) ، وتشكل أمور مثل الإدارة والمراقبة الفعالة لأخطار أثار التلوث الصناعي تحدّياً هاماً للصناعيين والهيئات الحكومية المعنية.
لازال تركيز اقتصاديات المنطقة يعتمد على الصناعات التقليدية مثل صناعات الأغذية والنسيج والتي تعتبر الأقل ضرراً على البيئة ، إلا أن هناك تحولاً تدريجياً نحو الصناعات الثقيلة ومتوسطة الحجم وخصوصاً في مجالات المنتجات البتروكيماوية والمطاط والبلاستيك والحديد والأجهزة الكهربائية. وفيما قد يشير هذا التحوّل إلى نضج في القطاع الصناعي وارتباطه مع التطورات العالمية، يبقى القلق والإهتمام قائمين من احتمال التأثيرات السلبية لقطاعات الإنتاج الجديدة هذه على البيئة.
ت. التنمية الزراعية
يساهـم الإنتاج الزراعي بفعالية في الاقتصاد الوطني لمعظم الدول العربية وتتراوح نسبته بين 12-13 بالمائة من الناتج القومي للمنطقة ، وربما توحي هذه النسبة بفكرة خاطئة عن فهم الأهمية الكبيرة للإنتاج الزراعي في المنطقة وذلك لكونه عاملاً مؤثراً في مختلف أوجه التنمية المستدامة مثل توفير فرص العمل والحد من الهجرة من الأرياف إلى المدن واستعمالات المياه وإدارة الأراضي وتطور البحوث والتكنولوجيا والأمن الغذائي ، بالإضافة إلى دوره في المحافظة على المقومات الاجتماعية والثقافية للمنطقة العربية.
بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها دول المنطقة لتحسين تقنيات إدارة النشاطات الزراعية، فمازالت الأنماط المستخدمة في ري المحاصيل تعتمد بشكل أساسي على الزراعات البعلية أو الري بالغمر، لذا فإن تقنيات الري بحاجة للتطوير تماشياً مع الابتكارات الجديدة والتوجهات الرشيدة في المحافظة على موارد المياه وحسن استغلالها.
لقد أدّت عملية حماية النشاط الزراعي في المنطقة بالإضافة إلى تقديم الدعم الكامل لكل من أنظمة الري واستخدام المواد الكيميائية (من أسمدة ومبيدات) و استصلاح الأراضي إلى اتباع أساليب إنتاج زراعي غير مستدامة ، مما نتج عن ذلك إضعاف فعالية القطاع الزراعي الذي أصبح غير قادر على المنافسة إزاء القرار بإزالة الدعم بموجب متطلبات اتفاقية تحرير التجارة العالمية التي تهدف إلى إزالة الدعم الذي تقدمه الدول وتخفيض الرسوم الجمركية. غير أن عملية إعادة هيكلة القطاع الزراعي تعتمد أيضاً على التقدم الذي سيحصل على المستوى العالمي باتجاه وضع مقاييس ومعايير عادلة من خلال المفاوضات ضمن منظمة التجارة العالمية.
يعد الصيد قطاعاً هاماً لبعض الدول العربية مثل المغرب وتونس وموريتانيا وعمان. لقد قدر إجمالي الأسماك المصدرة من المنطقة في عام 1998 بحوالي 431 ألف طن ‘ جاء أكثر من نصفها (56.2%) من المغرب.
ولقد زاد الإنتاج السمكي من المنطقة من 1,859 ألف طن عام 1990 إلى 2,639 ألف طن في عام 1999 ولكن يرجع ذلك زيادة عمليات وجهود الصيد. مما يطرح السؤال عن استدامة المصايد في البحار الإقليمية ، فنجد أن مصادر الثروة السمكية والإزدياد المضطرد في صيد الأسماك في معظم الدول العربية قد أدى إلى تهديد الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية بسبب الصيد غير المنظم والجائر وتدمير وتلويث البيئة الساحلية والبحرية من مصادر برية أو من تزايد حركة النقل البحري وإزدياد التحول نحو الإستزراع السمكي الذي لا يتم في العديد من الأحيان على أسس مدروسة قابلة للإستدامة.
ث. التنمية السياحية
بالرغم من أن السياحة العربية حالياً تمثل 4% فقط من سوق السياحة العالمي إلا إنها من أهم القطاعات نمواً في المنطقة والتي تساهم بقوة في توفير العملة الصعبة وفرص العمل. ويعد قطاع السياحة من أكثر القطاعات الإقتصادية نمواً. فلقد تزايد عدد السياح القادمين للمنطقة من 17.4 مليون عام 1990 إلى 27 مليون في عام 1999. وتمثل نسبة العمالة في هذا القطاع في مصر حوالي 13% بينما يصل عدد الوظائف بها إلى 600,000 وظيفة في المغرب ، 13,000 وظيفة في البحرين. لذلك فإن لهذا القطاع تأثيراته وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والمتصلة بتوفير فرص العمل ، وتستقطب منطقة البحر الأبيض والتي ينتمي إليها ثلث الدول العربية حوالي ثلث سياح العالم ولعل التجارب السمتقاة من هذه الخبرة تهم المنطقة العربية. ويجدر بالذكر أن قطاع السياحة سريع التأثر بالوضع العام في المنطقة والذي قد ينجم عنه تقلبات حادة في عائداتها خاصة خلال فترات عدم الاستقرار السياسي.
وبالرغم من أن صناعة السياحة لا تلوث البيئة بسمومها ولكنها تحدث تأثيرات كبيرة على التنوع الإحيائي في النظام البيئي الطبيعي وفي النظام الاجتماعي للبلدان المضيفة. وقد أدى توسع قطاع الفنادق إلى الازدحام وبالتالي حدوث ضغوط على المناطق الطبيعية و المحمية ، والتنوع البيولوجي والمواقع الأثرية والمراكز الثقافية ، كما أن مخاطر الآثار السلبية على القيم الثقافية والاجتماعية للمجتمعات المحلية تشكل مشاكل حقيقية ناتجة عن النشاط السياحي.
ولقد أدركت معظم الحكومات في المنطقة التهديدات للمصادر الطبيعية والتراثية والحضرية لذلك فقد اتخذت سياسات لدرء التدهور البيئي الناتج عن السياحة.
ولعل من أهم التحديات هو استمرار التنمية السياحية وفي نفس الوقت الحفاظ على وحماية المصادر الطبيعية والبيئية ومن الضرورة الأخذ في الاعتبار عند تخطيط وتنفيذ تنمية مستدامة الأنشطة التنموية السياحية.
ولقد أدخلت السياحة الخضراء والسياحة البيئية في عديد من المناطق السياحية بالمنطقة العربية ، غير أن جهود الحفاظ عليها وحماية المصادر السياحية غير كافي بالمنطقة ولابد من إتخاذ إجراءات إضافية خصوصاً مع تزايد السياح.
ج. قطاع النقل
يلعب هذا القطاع دوراً هاماً في دعم التنمية المستدامة عبر دمج وتوحيد شبكات النقل وتسهيل حركة المسافرين ونقل البضائع غير أن هذا القطاع قد يؤثر سلباً وبشكل كبير على البيئة بسبب استخدام جميع وسائل النقل للوقود ومشتقاته ، وتتمثل أهم مشاكل هذا القطاع في تلوث الهواء والتلوث الضوضائي وحوادث السير. وتعتبر وسائل النقل مصدراً أساسياً لغازات الاحتباس الحراري مثل أكاسيد الكبريت ، النيتروجين ، والكربون والمواد العضوية سريعة التطاير. كما تلعب المواد الهيدروكربونية المتصاعدة من وسائل النقل دوراً مهماً في تكوّن المؤكسدات الكيميائية الفوتونية (كالأوزون المتكون على ارتفاعات منخفضة من الغلاف الجوي) ، وعلى الرغم من أن بعض الدول قامت بإزالة أو تخفيض الرصاص المضاف إلى النفط إلا أن بعض المدن العربية لا تزال تستخدم النفط المحتوي على الرصاص في وسائل النقل متسببة في انبعاث عنصر الرصاص إلى الهواء والغلاف الجوي .
وتتزايد عدد المركبات المسجلة في المنطقة منذ منتصف الثمانينات حتى أنها تتضاعف مرتين وحتى ثلاثة في بعض الدول. وهناك ما يقرب من 20 مليون مركبة تخدم 284 مليون شخص ، أي حوالي 74 مركبة / 1000 نسمة.
وتعتبر عملية التخطيط وصيانة الطرقات من العوامل المؤثرة في تقليل الآثار السلبية على البيئة الناتجة من قطاع النقل في المنطقة وكذلك في سلامة الطرقات حيث تعتبر الوفيات الناتجة عن حوادث السير من أهم الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى موت مجموعات من الناس تكون في الغالب في ذروة نشاطها الاقتصادي وحيويتها.
ومنذ عام 1992 أدت عملية توسيع المطارات والمرافئ وشحن الحاويات في المنطقة إلى تفعيل دور القطاع التجاري في الاقتصاد الوطني والقومي ، وعلى الرغم من ذلك فقد كان لها آثار سلبية على البيئة فعلى سبيل المثال صاحب ازدياد حركة نقل وتجارة البترول في المنطقة ارتفاع نسبة التلوث الناتج عن حدوث تسرب البترول من السفن أو رمي المخلفات البترولية ومياه التوازن من السفن إلى البحار الإقليمية في المنطقة.
ح. التحول الحضري والضغوط الحضرية
تعتبر المنطقة العربية من أكثر المناطق الناميةً في العالم التي شهدت توسعاً حضرياً حيث يقطن حوالي 69% من عدد سكانها في المراكز الحضرية وقد نتج عن هذا التوسع العشوائي للمدن ضغوطات آثرت سلباً على فعالية النقل والسكن والصحة العامة والإصحاح البيئي والتكامل الاجتماعي والاقتصادي كما ساعد التوسع في النشاط الصناعي والزيادة المستمرة في عدد السكان إلى نشوء المدن الضخمة جداً والتي أصبحت أهم معالم التحضر.
وقد كان التوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية والساحلية وأدى ذلك إلى إكتضاض سكاني في هذه المناطق وخاصة الساحلية منها ، ولقد أضاف ذلك بعداً جديداَ يتمثل في أهمية ربط القضايا البيئية الناتجة عن التوسع الحضري مثل تلوّث الهواء والماء والصحة العامة ، بإدارة المناطق الساحلية والتنمية الزراعية.
وعلى الرغم من أنه قد حدث تحسن بين العام 1980 و 1990 في خدمات الإسكان وتوفير مياه الشرب والصحة العامة وشبكات الكهرباء في المدن الرئيسية إلا أن الضغوط على تلك الخدمات العامة بدأ بالازدياد خلال التسعينات بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني للمدن (الهجرة من الأرياف+ العمالة الأجنبية +ارتفاع معدلات الإنجاب). ولعبت المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم دوراً إيجابياً كبديل للمناطق الحضرية المزدحمة.
خ. أنماط الإنتاج والاستهلاك
هناك حاجة ماسة لتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك في المنطقة ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الكبيرة الموجودة بين دولها. فبالرغم من أن العديد منها تتبع إجراءات مالية وحوافز اقتصادية لتشجيع الإدارة البيئية والمستدامة للإنتاج والاستهلاك فلا يزال هناك الكثير من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها مثل تحسين شروط تطبيق أساليب الإنتاج الأنظف الذي ينسجم مع الثوابت والمعايير البيئية المعمول بها في معظم الدول العربية ويمكن إبراز المثالين التاليين لأنماط الاستهلاك والإنتاج في المنطقة العربية:
1. إنتاج واستهلاك الطاقة
تعتبر الأنماط الاستهلاكية للطاقة في المنطقة العربية أنماطاً غير مستدامة ، وبالرغم من دور الطاقة الحيوي في عملية التنمية في المنطقة فقد أثرت سلباً على البيئة بما فيها الهواء والماء وسيستمر الطلب على الطاقة بالارتفاع ، وحدثت تنوعات وتغيرات هامة في استعمال مصادر الطاقة خلال العقد المنصرم حيث تزايد استعمال الغاز الطبيعي في قطاعي الطاقة الكهربائية والنقل ، وتحولت العديد من الدول العربية إلى مصانع تستخدم مولدات كهربائية تعمل على الغاز الطبيعي مما زاد في فاعليتها وخفض التكلفة وخطر تلوّث البيئة كما بدأ تطبيق تقنيات وتكنولوجيا الطاقة الشمسية والهوائية في بعض الدول والتي من المتوقع أن يؤدي التوسع في هذا التوجه إلى تنوع في استعمال مصادر الطاقة المتجددة بشكل أكبر وبالتالي التقليل من التأثيرات السلبية على البيئة.
2. إنتاج واستهلاك المواد
في الوقت الذي يزداد فيه النمو السكاني والتوسع الاقتصادي في المنطقة تزداد معه عمليتي العرض والطلب على البضائع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية مما يؤثر على قدرة الحكومات بشكل عام والبلديات بشكل خاص في التعامل مع الكميات المتزايدة من النفايات الصلبة وستضطر أيضاً إلى مواجهة تحديات جديدة تتمثل في التخلص من النفايات الخطرة والطبية. ، ورغم تطبيق بعض أنظمة إعادة التدوير والاستعمال للورق والمعادن الخفيفة في بعض البلدان، إلا أن ضعف الوعي وقلة الحوافز أدت إلى التأخر في تبني هذه الأنظمة كسياسة وطنية وقومية.
4- الاتجاهات والاستجابات والانجازات البيئية
أ. إدارة الموارد الطبيعية
1. موارد المياه العذبة
يمثل شح المياه العذبة أهم المشاكل التي تواجه المنطقة العربية نظراً لوقوعها ضمن المناطق الجافة وشديدة الجفاف التي تتميز بتطرف عناصر مناخها مثل ارتفاع كل من معدلات درجة الحرارة والبخر ومؤشرات فقدان النبات للمياه أو البخر – نتح وتدني وتذبذب الهطول المطري ومحدودية المياه السطحية (أنهار وبحيرات وسيول ) ونتيجة للطلب المتزايد على المياه فقد انخفضـت حصـة الفرد من المياه العذبة في المنطقة العربية بشكل حاد وذلك من 4000م3 للفرد الواحد في العام 1950 إلى 1312م3 في العام 1995 وإلى 1000 م3 في وقتنا الحالي. ومن المتوقع أن تصل هذه الكمية إلى النصف في العام 2050. إن العوامل الرئيسية التي أدت إلى تفاقم مشاكل المياه في المنطقة تتمثل في النمو السكاني الحاد وما نتج عنه من طلب متزايد على المياه لمختلف القطاعات الحضرية والصناعية والزراعية كما أن الإدارة والسياسات والممارسات غير المستدامة للموارد المائية قد أوجدت بعداَ أخر لتفاقم هذه المشكلة بالإضافة إلى الهطول المطري غير المنتظم والوضع الأمني غير المستقر في المنطقة. هذا وقد أدى الطلب المتزايد على المياه في أعالي الأنهار إلى حدوث نقص حاد في حصة الدول العربية الواقعة على أحواض هذه الأنهار أو مصباتها كما في حالتي سوريا والعراق.
وتعتبر المياه الجوفية أحد المصادر الرئيسية التي تعتمد عليها بعض الدول العربية في تلبية الطلب المتزايد على المياه. وبشكل عام، فإن المياه الجوفية التي يمكن الوصول إليها بسهولة يتم استغلالها في بعض الدول بشكل مفرط ونتج عن ذلك نقص في احتياطاتها وتدهور في نوعيتها نتيجة لتلوثها أو تسرب مياه البحر واختلاطها بالمياه العذبة. وتشكل أحواض المياه الجوفية العميقة ، التي لم يتم استكشافها أو استغلالها بعد بسبب التكاليف العالية ، رافداً جيداً لإحتياطات الموارد المائية.
تستعمل بعض الدول العربية مصادر المياه غير التقليدية لتلبية جزء من حاجاتها بما فيها ميـاه التحلية و مياه الصرف المعالجة ولكن يبقى هذا الحل محدود الاستعمال فحوالي 60% من مياه الصرف الصحي المعالجة جزئياً في دول مجلس التعاون الخليجي تطرح في البحـر أو فـي الأوديـة والمنخفضات بينما يستعمل في المشرق العربي حوالي 0.2 km3 من مياه الصرف المعالجة جزئياً في الرّي. وتبلغ القـدرة الإنتاجية لـ 47 محطة تحلية في دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة حوالـي 1.6km3 في السنة ويمثل ذلك حوالي 50% من الاحتياجات المحلية لمياه الشرب(علماً أن ذلك يمثل 60% من إجمالي الإنتاج العالمي للمياه المحلاة) ومن المتوقع أن تصل قدرة محطات التحلية في دول مجلس التعاون إلى 3km3 سنوياً مع حلول العام 2020. وعلى الرغم من أهميتها فإن هذه المحطات ينجم عنها بعض المشاكل البيئية بسبب الحاجة للتخلص من المياه الساخنة والشديدة الملوحة والتي ربما تحتوي على بقايا مواد مهلجنة أو مؤكسدة.
من أهم المشاكل المتعلقة بنوعية المياه في العالم العربي التالية هي:
- الملوحة الشديدة في مياه الأنهار غير منتظمة الجريان على مدار العام.
- ارتفاع نسبة الشوائب الصلبة العالقة في الأنهار خلال مواسم الفيضانات وارتفاع مناسيب الأنهار.
- ارتفاع نسبة الطمي نتيجة للتعرية (الانجراف) الزائدة بمجاري الأنهار (مستويات الحت تبلغ 1000 طن/كلم2 / بالسنة والتي تساهم في ملئ الأحواض بالطمي).
- ارتفاع نسبة الفلور في المياه الجوفية في بعض المواقع.
- كما تشمل مشاكل المياه التلوث الحاصل من مياه الصرف غير المعالجة والتي تتسبب في انتشار بعض الأمراض.
- تم تسجيل تلوث المياه بالنيترات في العديد من البلدان بسبب الاستخدام المفرط للأسمدة.
- تساهم السدود في ارتفاع مستوى المياه التحت سطحية وقد ينتج عنها تغدق لبعض الأراضي وارتفاع معدلات الملوحة في التربة و المياه.
- ينتج عن بعض مناجم الفوسفات تشبع المياه بعنصر الكادميوم.
- تشبع مياه بحيرات السدود بعناصر التغذية الرئيسية (النتروجين والفسفور).
وقد شهدت المنطقة تحسناً ملحوظاً في السياسات المائية والقضايا المتعلقة بها عكست اهتماماً متزايداًًَ من حيث التنسيق والتكامل في الجهود المبذولة من قبل مختلف المؤسسات و الشركاء المعنيين. وشمل هذا التنسيق إدارة مصادر المياه على أساس دعم سد حاجات الطلب المتزايد عليها أولاً وترشيد استغلالها والمحافظة عليها ولكن على مستوى أقل حيث أدخلت حديثاً إلى المنطقة البرامج المتعلقة بإدارة الطلب على المياه والمحافظة عليها وحمايتها. ولقد تبين أهمية ضرورة الإدارة الفعالة للطلب على المياه من تجارب الدول العربية المتوسطية من خلال لجنة البحر الأبيض المتوسط للتنمية المستدامة التابعة لخطة الأبيض المتوسط التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP/MAP).
وتزداد الفجوة بين كميات المياه المتوفرة وتلبية الاحتياجات المستقبلية المتزايدةً بسبب التنامي السكاني المتسارع وأنماط الاستهلاك غير المستدامة والتي لا تأخذ بالاعتبار محدودية مصادر المياه في المنطقة وتكرار حدوث فترات الجفاف.
2. المناطق البحرية والساحلية
تتعرض الشواطئ والمناطق الساحلية في المنطقة العربية لضغوطات متزايدة نتيجة لتوسع النشاطات البشرية في هذه المناطق الناجمة عن التزايد السكاني والتوسع الحضري والنمو الصناعي وعمليات اكتشاف وانتاج وتصدير النفط وحركة الناقلات إضافة إلى الآثار الناتجة عن الأساليب غير المستدامة في الصيد، والسياحة والزراعة وتحلية مياه البحر.
ويعتبر تغير وتدمير المواطن البيئية من أهم التهديدات الرئيسية للبحار الإقليمية وخاصة البحـر الأحمـر والخليج العربي والناتجة عن عمليات الردم والتجريف والتعدين والمقالع ( المحاجر) كما يعتبر التلوث الناتج من مصادر برية الأكثر أهمية في حوض البحر الأبيض المتوسط بالمقارنة مع بحار أخرى في المنطقة. و حددت دراسة قامت بها المنظمة الإقليمية لحماية البيئية البحرية أن أسباب التلوث في الخليج العربي يعود إلى مياه الصرف الصحي والملوثات النفطية والصناعية والمخلفات الصلبة إضافة إلى تأثير النشاطات البشرية الأخرى والتي ساهمت في تدمير الموائل الطبيعية. كما أدى تزايد طرح الفضلات الغذائية والمخلفات العضوية والمياه العادمة الصناعية إلى مياه البحر في فترات ارتفاع درجات الحرارة والتي يرافقها نقص في نسبة الأكسجين الذائب في الماء إلى التسبب في تشبع مياه الخلجان بالعناصر الغذائية (مثل جون الكويت) والتي تساعد على نمو الطحالب وانتشارها ونفوق الأسماك.
وقد شهد العقد المنصرم تقدماً ملحوظاًًً في استخدام أساليب الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية وذلك في معظم دول المنطقة وخصوصاً في كل البلاد العربية المتوسطية من خلال برامج إدارة المناطق الساخلية في إطار خطة الأبيض المتوسط لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ، وكذلك في مجال إنشاء محطات استقبال ومعالجة الفضلات النفطية وغيرها وتطبيق اتفاقية ماربول رقم 73/78 في منطقة الخليج. وتساهم جميع الدول العربية في حماية البحار الثلاثة في المنطقة من خلال خطط عمل البحر الأبيض المتوسط،والكويت، والبحر الأحمر وخليج عدن.
3. الموارد الأرضية
إن من أهم المشاكل التي تثير القلق في المنطقة العربية هي التأثيرات الناتجة عن الأنشطة البشرية وتدهور موارد المياه والتقلبات والتغيرات المناخية والتي قد تعيق تحقيق التنمية المستدامـة للموارد الأرضية الشحيحة في المنطقة والتي تبلغ مساحتها 1.4 مليون هكتار منها 14% صالحة للزراعة (و36% من الـ 14% أراضي زراعية) ومعظمها في دولة واحدة هي السودان. مما سبق يتضح أن تدهور الأراضي والأمن الغذائي من أهم الموضوعات التي يجب أن تعطى الأولوية في برامج التنمية المستدامة على مستوى المنطقة.
وتمثل مشكلة التصحر درجة متقدمة لعملية تدهور الأراضي لكونها إحدى الهموم المشتركة والتي تهدد جميع الدول العربية. إن تأثير الضغوط البيئة على الموارد الأرضية تتمثل في تدهور أراضي المراعي ، والنباتات الطبيعية(الرعوية والحراجية) ، والتنوع البيو لوجي ، وخصوبة التربة الزراعية وتلوث التربة، ومصادر الموارد المائية وتفاقم مشكلتي التملح والتغدق وارتفاع معدل الفقر وفقدان للعائدات الاقتصادية وحدوث تحولات اجتماعية وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة.
تقع المنطقة العربية ضمن الأراضي القاحلة وشبه القاحلة كما تتعرض لفترات جفاف متكررة ويواجه القطاع الزراعي العديد من المشاكل البيئية مثل الاستعمال غير المستدام لمياه الري وسوء في أساليب إدارتها والتي أدّت إلى التملح والتغدق وارتفاع القلوية وتدهور خصوبة التربة على نطاق واسع. إن السياسات الوطنية الخاصة بالأمن الغذائي تتطلب تطبيق الحماية الزراعية على نطاق واسع بما في ذلك دعم أسعار المنتجات الزراعية وإزالة القيود التجارية المتعلقة بها. لأن الدعم الكبير للاستيراد واستخدام المواد الكيماوية في الزراعة إضافة إلى الأسعار شبه المجانية لمياه الري قد أثرت بشكل حاد على الموارد المائية والأرضية وساهمت في انتشار النمط غير المستدامة للإنتاج الزراعي.
بعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة و التنمية في عام 1992ازدادت معرفة وتفهم الدول العربية لمواردها الأرضية ونشاطاتها الزراعية وعلاقاتها بالبيئة بشكل مضطرد. ويعزى الفضل في هذا التقدم إلى إ ستخدام تكنولوجيا المعلومات المتطورة وأساليب صنع القرار والمشاركة المتزايدة من قبل الشركاء المعنيين من خلال مساهمة المزارعين والجمعيات، كما أن القضايا المتعلقة بمشاركة الجنسين بدأت تعطى اهتمامات أكبر من السابق. ونتيجة لذلك فقد قامت معظم الدول بسن تشريعات وقوانين خاصة بالأرض والمياه إلا أن نجاحها بقي محدوداً للقصور في تطبيقها.
تواجه العديد من النشاطات الزراعية منافسة متزايدة من المنتجات الأجنبية نتيجة لرفع الحواجز التجارية وتطبيق المعايير والمقاييس البيئية ورفع الدعم عن الخدمات وفقدها للإعانات المالية بسبب سياسات الإصلاح الاقتصادي وإعادة البناء أما فيما يتعلق بوضع سياسات وأساليب إقليمية موحدة للصادرات الزراعية لمناقشتها أثناء اجتماعات اتفاقية منظمة التجارة العالمية فلازالت تحت الإعداد. لقد انضمت معظم دول المنطقة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وتقوم معظم دول المنطقة حالياً بإعداد برامج عملها الوطنية كما ساهمت المنظمات الدولية والإقليمية في إعداد وتنفيذ البرامج التحت إقليمية لمكافحة التصحر والتقليل من آثار الجفاف. وللتأكيد على أهمية التعاون الإقليمي لمكافحة التصحر فإن أفضل مثال على ذلك هو التعاون الحاصل بين برنامج الأمم المتحدة للبيئـة– المكتب الإقليمي لغـرب آسيـاUNEP/ROWA)) وسكرتاريـة الاتفاقيـة (UNCCD) والآلية العالمية لإتفاقية مكافحة التصحرGM/UNCCD) ) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة(ICARDA )والمركز العربي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة(ACSAD ) والأمانـة الفنيـة لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة (CAMRE) وبرنامج الامم المتحدة للبيئة (UNEP) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ((UNSO في إعداد وتنفيذ البرنامج تحت الإقليمي لمكافحة التصحر في غرب آسيا SRAP)) حيث ينفذ حالياًً برنامجين الأول لرصد الموارد المائية والثاني لرصد الغطاء النباتي الطبيعي كما يجري أيضاًً إعداد مسودة مشروع لتنفيذ مشاريع نموذجية لإعادة تأهيل المناطق الجبلية وأراضي المراعي المتدهورة والأراضي المتملحة.
4. الجبال والغابات
تقـدر المساحة الإجمالية للغابات بالمنطقة العربية بـ 50,344 ألف هكتار ، أي حوالي 3.7% من إجمالي المساحة الكلية ، وحوالي 1% من مساحة غابات العالم. ولقد تناقصت مساحة الغابات بالمنطقة تناقصاً ملحوظاً خلال المائة عام الماضية و تشير الإحصاءات أنها قد نقصت حوالي 7.3 مليون هكتار في المدة من 1971 – 1988 ، بمعدل سنوي 430 ألف هكتار. كما أن إنتاجية المنطقة من الأخشاب منخفضة جداً وبالتالي فإن جميع دول المنطقة تعاني نقصاً في إنتاج الأخشاب وتعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الوطنية.
أما العوائق والتحديات الرئيسية التي تحد من تحقيق الإدارة الجيدة للأنظمة الجبلية والغابات في المنطقة العربية فتتمثل في الظروف المناخية الصعبة وشح المياه وملكية أراضي الغابات وضعف الإمكانات المتوفرة في الدول وخاصة المتعلقة بإنشاء هيئات متخصصة و عدم تطبيق التشريعات والقوانين وشح الموارد المالية المخصصة لهذا القطاع ومحدودية القدرات البشرية المدربة و كذلك عدم توفر التقنيات الحديثة ، وعلى الرغم من كل هذه الصعاب فإن معظم الدول العربية قد بدأت أنشطة طموحة لإعادة تأهيل مواقع الغابات المتدهورة من خلال برامج التشجير الجديدة وإعادة تشجير المواقع المتدهورة في أغلب الحالت بإستخدام مياه الصرف المعالجة.
5. التنوع البيولوجي
بالرغم من محدودية تنوع الأجناس ، فإن المنطقة العربية تتميز بتنوع بيولوجي فريد يتمثل في التنوع الإيكولوجي والكيميائي والصفات الجينية للأجناس والتي تقدم ثروة من المصادر البيولوجية التي يمكن إستغلالها في مجال التكنولوجيا الحيوية والتي يمكن أن تخدم قطاع الزراعة الأغراض الطبية والصناعية.
وتهدد الأنشطة البشرية المتزايدة في المنطقة العربية التنوع الحيوي الفريد والهش. ومن أهم العوامل المؤثرة على التنوع الحيوي في المنطقة هي تدهور أو تدمير مواطن (الموائل) الكائنات الحية أو انقراض الأنواع والناتج عن زيادة عدد السكان ، والتوسع الزراعي والحضري على حساب أهم المناطق من حيث تنوعها الحيوي (أراضي غابات – أراضي مراعي – مناطق ساحلية) بالإضافة إلى ، وزيادة الفقر، والإدارة غير المستدامة للثروة الحيوانية ( المستأنسة والبرية) ، وزيادة معدلات التلوث ، وتكرار حدوث فترات الجفاف ، وسوء إدارة المراعي والصيد الجائر للأسماك والطيور كما أن تزايد أحداث العنف في المنطقة بسبب عدم توفر الأمن والسلام كل هذه العوامل أثرت سلبياً على التنوع الحيوي وموائله.
أما المصاعب التي تواجه المحافظة على التنوع الحيوي ومواطنها وحمايتها من الاندثار فتتمثل في الفقر ، والتطبيق الضعيف للأنظمة والتشريعات الخاصة بالحماية، وشح الموارد المالية. أما الإنجازات التي تمت فتتمثل في إنشاء العديد من المحميات المتعددة الأغراض في كل دولة، وأن معظم الدول العربية أطراف في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتنوع الحيوي ومنها اتفاقية الأمم المتحدة للمحافظة على التنوع الحيوي (CBD)، والاتفاقية العالمية للاتجار بالأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض (CITES)، واتفاقية حماية الأنواع المهاجرة (CMS) و اتفاقية رامسار RAMSAR الخاصة بالأراضي الرطبة.
6. نوعية الهواء
تبرز مشكلة تلوث الهواء في المدن كمعضلة جدية في المنطقة ليس فقط في المدن الرئيسية بل في المدن المتوسطة الحجم أيضا. حيث تواجه المدن تلوث الهواء الناجم عن الغازات والجزيئات المعلقة كما تعاني من مستويات مرتفعة من الرصاص والتي تتجاوز المعدلات التي وضعتها منظمة الصحة العالمية (WHO). وتعزى أسباب تلوث الهواء إلى التوسع الحضري والصناعي وإنتاج الطاقة ، و تكمن مصادره الرئيسية في الإنبعاثات الناجمة عن الإنتاج الصناعي والطاقة وآليات النقل وعربات المواصلات والتي تزداد توسعا وزيادة مع تزايد النمو الاقتصادي. فحوالي 90% من انبعاثات أول أكسيد الكربون في الهواء تأتي من وسائل النقل القديمة وسوء الصيانة والوقود ذو الجودة المنخفضة والإدارة غير السليمة للطرقات وحركة المرور، كما وتساهم محطات إنتاج الطاقة والمصافي القديمة ومصانع الأسمدة والإسمنت ومحطات إنتاج المياه المحلاة ومولدات الكهرباء في زيادة تدهور نوعية الهواء خاصة عند استعمالها لوقود ذو نوعية منخفضة.
وقد سنت معظم الدول العربية قوانين وتشريعات لحماية البيئة بما فيها معايير وإرشادات تحدد نسب الإنبعاثات المقبولة في الهواء للنشاطات الصناعية وتتناقص في معظم الدول العربية إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون والرصاص والكبريت من خلال استخدام الوقود الخالي من الرصاص وتحسين نوعية الديزل واستعمال محولات تساعد على رفع كفاءة الاحتراق في محركات وسائل النقل المختلفة. وقد تم تطوير وتطبيق العديد من البرامج المتعلقة بترشيد استخدام الوقود وبالأخص في قطاعي الصناعة وإنتاج الطاقة.
وفي قطاع النقل أدت التحسينات التي أدخلت على رفع جودة الوقود وكفاءة احتراقه والتحول إلى استخدام الغاز الطبيعي إلى تحسن واضح في جودة الهواء. ومع الوقت بدأت برامج الحد من إنبعاثات الملوثات إلى الهواء بالانتشار في العالم العربي خصوصاً في مجال صناعات الإسمنت والحديد الصلب والألمنيوم ومصافي النفط كذلك أخذت بعض المفاهيم في التداول والتطبيق مثل المحافظة على الموارد الطبيعية والإنتاج الأنظف والتنمية المستدامة وبدأت أثارها الإيجابية تظهر في تحسن البيئة (بما فيها الهواء) ويوجد في المنطقة على الأقل ثلاثة مراكز للإنتاج الأنظف والتدريب وتبادل المعلومات وهنالك ثلاثة مراكز جديدة أخرى في طور الإنشاء.
7. الغلاف الجوي العلوي (التغييرات المناخية واستنزاف طبقة الاوزون)
1. التغييرات المناخية
يعتبر احتراق الوقود الإحفوري المصدر الأساسي لتصاعد غازات الدفيئة (GHGs) التي قد ينتج عنها ظاهرة الاحتباس الحرارى. ونظرا للظروف المناخية وبرامج التنمية الحثيثة، فقد شهدت منطقة الخليج ارتفاعاً حاداً في استهلاكها للطاقة وأصبحت من أعلى مناطق العالم استهلاكاً للطاقة للفرد الواحد، غير أن هنالك مؤشرات تدل على أن هذه النسبة ستنخفض في المستقبل مع اتباع شركات النفط لسياسات بيئية تتبني معايير تتفادى كلياً انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال الاستغلال الأمثل للغاز الطبيعي المرافق لاستخراج النفط كذلك فإن انتشار استعمال الغاز الطبيعي في مصانع إنتاج الطاقة ومحطات تحلية المياه وتفضيله على استعمال المنتجات النفطية كوقود سوف يؤدي إلى تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة.
إن تأثيرات تغير المناخ على المنطقة العربية لم يتم دراستها والتعرف عليها بشكل وافٍ غير أنه من المحتمل أن تؤدي هذه التأثيرات إلى زيادة في حدة وحجم الكوارث الطبيعية التي تشمل بالإضافة إلى الجفاف ونقص الغذاء، الفيضانات والأعاصير وانتشار الأوبئة. ويستلزم الأمر معالجة شاملة للتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ والاستعداد لمواجهتها وإصحاحها وذلك من خلال تقديم التعويضات للدول العربية المتأثرة – بما فيها الدول المنتجة للنفط، عملا باتفاق مراكش.
2. المواد المستنزفة لطبقة الاوزون
لقد أنضمت عشرين دولة عربية إلى معاهدة فيينا أو بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون ووافق معظمها على التعديلات التي أجريت على البروتوكول. وتعامل جميع الدول العربية حسب المادة الخامسة / المقطع الأول من بروتوكول مونتريال كونهم دول نامية ويقل معدل استهلاكهم للمواد المستنفدة لطبقة الأوزون (ODS) عن 300 غرام /فرد/ سنة وقـد نجحـت هذه الدول في الإفادة من الصندوق المتعـدد الأطـراف لبـروتوكول مونتريـال (MFMP) في استبــدال الـODS المستعملة في معظم القطاعات والنشاطات بمواد صديقة للأوزون وبالتالي، استفادت الشركات في هذه البلدان من الصندوق في تمويل عملية التحول إلى البدائل وفي تحسين البنية التحتية لها والمنتجات. أما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي ، وبالرغم من أن معظمها لم يتلقى مساعدات مالية من الصندوق ، فإنها قامت بتطبيق بروتوكول مونتريال عبر سن وتنفيذ التشريعات الخاصة باستبدال ODS في الصناعة وبتخفيضها محلياً.
ب. الكوارث الطبيعية
إن من بين الكوارث الطبيعية التي تواجهها المنطقة تكرار حدوث فترات الجفاف فيها والتي ينتج عنها آثار اجتماعية واقتصادية حادة وإذا ما اقترن ذلك بسوء استغلال الموارد الطبيعية سيؤدي حتماً إلى كوارث عديدة في مقدمتها التصحر.
ومن الآثار السلبية للجفاف انخفاض الإنتاجية وتدهور الموارد الطبيعية وتدني الأحوال الاقتصادية والاجتماعية سواء كانت مباشرة أو بعيدة المدى كما يؤثر على العديد من الموارد الاقتصادية للدول بما فيها تزايد استيراد المواد الغذائية واختلال التوازن بين الاستيراد والتصدير وارتفاع الأسعار وتراجع اقتصاديات الأسواق وحركة المنتجات الغذائية الفائضة وانخفاض مداخيل الأفراد والعائلات. كما تشكل الفيضانات المفاجئة خطراً طبيعياً في العديد من بلدان المنطقة والتي تنتج عادة بعد هطول الأمطار الغزيرة وضمن فترات قصيرة نسبياً.
أما على الصعيد الوطني ، فقد استجابت الدول لتأثيرات الجفاف حيث تم تعديل وتطوير سياساتها المائية والزراعية وإعطاء الأولوية للمناطق المهددة بالجفاف ومن ضمنها توفير الإعانات المالية لمواجهة آثار الجفاف وترشيد استخدام المياه والحد من زراعة المحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية ولا تزال الكثير من دول المنطقة وشعوبها عاجزة عن التنبوء بحدوث فترات الجفاف أو الفيضانات المفاجئة إضافة إلى محدودية قدرتها على الحد أو التقليل من أثارها السلبية بسبب عدم قدرتها على الحصول على المعلومات المناسبة عبر الأقمار الاصطناعية في الوقت المناسب.
ت. المحافظة على التراث الثقافي
تعد المنطقة العربية مهد الحضارات والديانات وتنعم بثروة ضخمة من التراث الحضاري ذات إمكانية كبيرة لدفع التنمية. من هذا المنطلق أصبح هناك تعارف متزايد بأهمية البعد الحضاري في دفع وإدارة التنمية بالمنطقة.
لذلك هناك ضرورة للحفاظ على التراث الحضاري وإستخدامه لتقوية التنمية بالمنطقة.
إن الآثار الحضارية للمنطقة يمكن أن تفتح فرص كبيرة للتنمية الإقتصادية وتقدم قاعدة ثرية لتثقيف وتعليم الناس وشعوب المنطقة.
وهناك أسباب متعددة لتدهور الآثار الحضارية بالمنطقة منها الإجتماعي والبيئي والإقتصادي والمؤسسي ولعل من أهم عوائق الحفاظ على هذا التراث القيم هو ضعف الوعي بهذه الثروة.
5. المعاهدات والاتفاقيات الدولية والاقليمية الداعمة للتنمية المستدامة
أ. الاتفاقيات البيئية المتعددة الاطراف والاتفاقيات البيئية الاقليمية
انعكس الالتزام السياسي في المنطقة العربية بالاتفاقيات البيئة المتعددة الأطراف من خلال توقيعها وتصديقها أو قبولها على أكثر من 64 اتفاقية دولية وإقليمية خاصة بالبيئة وأهمهـا اتفاقيـات ريو دي جانيرو الثلاث التي تركز على التنمية المستدامة وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، واتفاقيـة التنوع البيولوجي (CBD) واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي (UNFCCC).
لقد كان تطبيق هذه الاتفاقيات متواضعاً في المنطقة العربية في العديد من الدول بسبب نقص الإمكانيات المالية والتكنولوجية والبشرية. ومع ذلك فقد حقق بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون والخاص بحماية طبقة الأوزون مستوى عال من النجاح على صعيد التطبيق في المنطقة- الأمر الذي يُظهِر التزامها بالقضايا البيئية العالمية عندما تتوفر الموارد المالية والدعم التقني ،ومن ناحية أخرى لم تحقق الاتفاقيات ذات الأهمية الخاصة للمنطقة مثل (CCD) و (CBD) تقدماً كبيراً يوازي حجم مشكلتي التصحر وتدهور التنوع البيولوجي.
أما الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية فقد حققت مستوى استجابة أكبر (مثل اتفاقيات البحار الإقليمية).
وقد برهن جدول أعمال القرن 21 على أنه الأكثر قبولاً وفعالية كدليل يوجه الإدارة البيئية في المنطقة ومن ناحية أخرى يمكن إجمال العوائق الأساسية التي تحد من تطبيق الاتفاقيات البيئية الدولية في المنطقة بالمتطلبات الكبيرة لإعداد التقارير وغياب الدعم المادي الكافي والتقنيات الملائمة ونقص الإمكانات المؤسسية وصعوبة في تبني سياسات بيئية تعتمد على التوجهات العالمية .
ب. الاتفاقيات والتحالفات الاقتصادية والتجارية
دخلت الدول العربية خلال العشر سنوات الماضية في مفاوضات الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية ومتعـددة الأطـراف حيث تسعى معظم الدول العربية إلى الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية (WTO) واستجابة للالتزام بمتطلبات الانضمام لها بدأت بعض الدول العربية بإصلاحات مؤسسية وتجارية ذات بعد بيئي ، وتم تركيز الجهود مؤخراً على التحضير لجولة جديدة من المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية، أما على المستوى القومي والتعاون الإقليمي والثنائي فقد تم خلال السنوات القليلة الماضية إنجاز العديد من الاتفاقيات بين دول المنطقة والعمل على إرساء منطقة التجارة العربية الحرة تمهيداً لإنشاء السوق العربية المشتركة ونظراً لأهمية الشراكة الأوروبية المتوسطية وآثارها على المنطقة فيجب أن يعطي هذا الموضوع الاهتمام الكافي من دول المنطقة.
ت. الاتفاقيات والمعاهدات الاجتماعية والثقافية
تشكل قضايا المستوطنات البشرية والتوسع الحضري والنمـو السكانـي ودور المرأة في المجتمع قضايا ذات أهمية قصوى بالنسبة لأهمية التنمية المستدامة في المنطقـة. وقد كان للمؤتمرات الثلاثة المتعلقة بهذه القضايا (مؤتمر الأمم المتحدة للسكان والتنمية فـي القاهرة عام 1994، والمؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995 ، ومؤتمر الأمـم المتحـدة الثاني للمستوطنات البشرية - (الموئل II) المنعقد في اسطنبول (عام 1996) الأثر المباشر على تبني حكومات المنطقة سياسات تهتم بهذه المحاولات ، وقد تم تبني مسارين لتطبيق مقررات المؤتمرات المذكورة وهي العمل المباشر لرفع مستوى معيشة الفقراء وإصلاح أوضاعهم من خلال المبادرات التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية في المجتمع لوقف الأسباب المؤدية للفقر وتأمين الرفاهية عبر معالجة القضايا المتعلقة بالصحة والتعليم والبنى التحتية وتوصيل المعلومات والتقنيات وإيجاد فرص العمل.
ومن الممكن ذكر إنجاز آخر حيث نجحت بعض الحكومات في إعداد المخططات والخرائط الخاصة باستعمالات الأراضي. كما أن هناك تقدما ملحوظاً في إدارة المدن الصغيرة والكبيرة في المنطقة ، وتجري بعض المحاولات لإصلاح وتقوية أداء المجالس المحلية والمجالس البلدية لتحسين إمكانياتها في مجال الحكمية المدنية.
ث. الربط بين الاتفاقيات
تطوير علاقة الربط والتنسيق بين الأمانات العامة للاتفاقيات الدولية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة هو أمر ضروري للغاية لدعم جهود الدول النامية بما فيها الدول العربية نحو تحقيق التنمية المستدامة إلا أنه يجب الانتباه عند القيام بتنفيذ جميع تلك الاتفاقيات بشكل تكاملي بحيث لا يكون لذلك آثاراً جانبية تمنع أو تحد من المنافع التي تقدمها الاتفاقيات بشكلها الحالي المنفصل للبلدان النامية. وحتى لو تم هذا الترابط فستكون هناك ضرورة لإيجاد آلية تنفيذ ورصد، ولتقريب هذه الفكرة يمكن اعتماد إحدى وكالات الأمم المتحدة القائمة حالياً مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ECOSOC كنموذج. وذلك بدمج البيئة في هذا المجلس حتى يقوم على الدعائم الأساسية الثلاثة للتنمية المستدامة. لذا فإن أي جهد يبذل لإعادة إصلاح وتطوير الحكمية يحتاج إلى مناقشة وتطوير العلاقة بين وكالات الأمم المتحدة المختلفة والأمانات العامة للاتفاقيات لتحقيق التطبيق الفعال لها.
6. التحديات التي تواجه التنمية المستدامة والفرص المستقبلية
بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المذكورة أعلاه، هناك العديد من التحديات المتداخلة التي يجب أن تواجهها المنطقة لتحقيق التنمية المستدامة ومن بينها محدودية الموارد المالية والتقنية والبشرية.
أ. الحكمية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة
تعتبر الحكمية وأنماطها شرطا مبدئياً وتحدٍ قائم في طريق تحقيق التنمية المستدامة ويشمل ذلك تقوية أطر العمل المؤسساتية والقانونية وتعزيز الشراكة في اتخاذ القرارات بما فيها المشاركة الفعالة للمجتمع المدني والقطاع الخاص .
والتحدي الرئيسي الذي يواجه أصحاب القرار في المنطقة هو وضع واعتماد سياسات التكامل أو بمعنى آخر إنجاز التطبيق والمتكامل للسياسات المتعددة للتنمية المستدامة على مختلف الأصعدة ، ومما يفاقم هذه المشكلة هو مركزية الحكومات في المنطقة ذات الطبيعة القطاعية في مختلف المجالات الاقتصادية ، وفيما يخص تطبيق السياسات تعتمد حكومات المنطقة على آليات تشريعية بدلاً من الوسائل الاقتصادية والحوافز الطوعية.
وبينما تتطور وتتحسن عمليات التنمية المستدامة والإدارة على المستوى الوطني فلازالت المبادرات المحلية داخل كل دولة محدودة. تعتبر تشريعات الحد من المركزية محدودة وضعف الإمكانات الاقتصادية العائق الأساسي لتمويل وتنفيذ جدول أعمال القرن 21 في معظم دول المنطقة. أن تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الوطني يتطلب تطوير أجهزة المراقبة والرصد الخاصة بتحقيق الأهداف والغايات التي تؤدي إلى إرساء نظام المسائلة وبالتالي يحسِّن من الأداء الإداري والمؤسساتي. أما على المستوى العالمي فيجب اعتماد نظام حكمية حديث لمواجهة التغيرات التي تفرضها العولمة والنظام الاقتصادي العالمي الجديد وثورة تكنولوجيا المعلومات بحيث يكون ذو شفافية ويلبي حاجات الدول النامية. لذا فإنه لتحقيق التنمية المستدامة يجب تعزيز وتطوير دور الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة ، ومن المتوقع أن تتيح قمة المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة الفرص للمداولات لكل المواضيع المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة.
ب. مشاركة المعنيين وتوفر واتاحة المعلومات
منذ مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية ازداد الوعي عند الرأي العام بسرعة في المنطقة مما أدى إلى ازدياد كبير في عدد المنظمات غير الحكومية المهتمة بالقضايا البيئية ، وارتفع تفهم الرأي العام للقضايا الأساسية المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة. وقد حّدت بعض الأنظمة الإدارية والتشريعية للحكومات وكذلك بعض المفاهيم الثقافية السائدة والتقاليد والسياسات المتبعة في بعض البلدان من توسيع عملية مشاركة المجتمع المدني في صنع القرارات.
وبالرغم من تحسن المعلومات المتوفرة للحكومات والتقدم في توصيلها إلى المجتمعات خصوصاً عبر الشبكات المعلوماتية إلا أن المجال لايزال محدوداً فيما يتعلق بالحصول على المعلومات التي تتعلق بالتنمية المستدامة ونشرها.
وبالرغم من الاهتمام المتزايد في توفير المعلومات لتدعيم التنمية المستدامة في المنطقة، إلا أن السياسات والاستراتيجيات المعلوماتية الإقليمية والوطنية المتبعة والتي تشكل حجر الزاوية في الحصول على المعلومات مازالت قاصرة عن تلبية متطلبات هذه التنمية.
كما إنه لا توجد تشريعات أواتفاقيات، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي، تقدم الإطار القانوني والعملي للحصول على المعلومات وتوفيرها.
ت. الآليات الاقتصادية والترتيبات الطوعية
هناك عدة عوامل تعيق التطبيق الفعال للأدوات الاقتصادية في المنطقة. ومن هذه العوامل القصور في أجهزة الرصد البيئية الفعالة، وعدم اكتمال سجلات الصحة البيئية ، والنقص في دراسات تحليل المخاطر المحتملة سواءً الصحية أو البيئية وغياب أساليب المحاسبة التي تعتمد الاعتبارات البيئية في حساب التكلفة والآثار السلبية الناجمة عن التنمية غير المستدامة.
إن رفع الدعم المالي أصبح اتجاهاً عاماً في المنطقة بالرغم من أن بعضها لا يمكن رفعها لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية ومثال على ذلك الدعم المقدم لتوفير المياه للقطاع الزراعي، وتطبق بعض البلدان تشريعات جديدة تقوم على مبدأ الملوث يدفع وخاصة في التعامل مع التلوث الصناعي وكذلك يمكن استخدام وسائل اقتصادية أخرى بشكل واسع كالضرائب المفروضة على تلوث الهواء و على استخدام الخدمات البلدية.
ث. الرصد البيئي وتقرير حالة البيئة وشبكات المعلومات
وضعت معظم البلدان بعض برامج الرصد والمراقبة البيئية مدعومة بمختبرات لمراقبة السواحل، ومصادر المياه، وجودة الهواء. إلا أن هذه البرامج مازالت محدودة في مداها الجغرافي وإمكانياتها الفنية ودقتها وتناسقها. من ناحية أخرى لم تطور معظم الدول العربية أية منظومات للتقييم البيئي وتقديم تقارير حالة البيئة بالرغم من إعدادها لتقارير حالة البيئة الوطنية والتي تكون غالباً متفاوتة في المعلومات والأسلوب. ولقد بذلت جامعة الدول العربية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة العامل بالمنطقة جهوداً حثيثة وإيجابية لتعريف وموائمة واختبار واستعمال مؤشرات ودلائل التنمية المستدامة ومراقبتها وتقييمها على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والقومي والعالمي. ولقد عمل كذلك برنامج الخطة الزرقاء (Blue Plan) على تنمية وتطبيق مؤشرات التنمية المستدامة مع مجموعة مختارة من الدول العربية المتوسطية.
أما على الصعيد الوطني فقد قامت العديد من الدول العربية الواقعة على حوض البحر الأبيض المتوسط بوضع مراكز مراقبة وطنية للتنمية والبيئة ضمن منظومة خطة العمل الإقليمية المتوسطية (UNEP/MAP) وعلى المستوى القومي فقد أنشأت شبكة المعلومات البيئية للمنطقة العربية (AREIN) وبمبادرة مشتركة من الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوربا وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. أما على المستوى العالمي، فقد قام برنامج الأمم المتحدة للبيئة بإعداد تقارير عن توقعات البيئة العالمية وبذلك وضعت البيئة على المستوى العالمي تحت المراجعة المستمرة عبر سياسة ودراسات تقييمية متكاملة تديرها شبكة من المراكز المتعاونة المنتشرة حول العالم ومن ضمنها المنطقة العربية.
ج. التعليم البيئي
تبنت الغالبية العظمى من الدول العربية التربية والثقافة البيئية وأدخلتها في المناهج الدراسية للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية ولكن يبقى القلق قائماً كون بعض هذه المواد قد تم نقلها من مصادر أجنبية وبالتالي تنقصها الدقة والارتباط بخصائص المنطقة كما أن الإلمام بالقضايا البيئية يتطلب معرفة وثيقة بمواضيع ومواد دراسية متعددة ربما لا تكون متوفرة في مادة دراسية واحدة.
ح. البحث والتطوير
يعتبر البحث العلمي والتطور التقني قضايا هامة في المنطقة العربية كونهما الوسيلة الفعالة لإيجاد الحلول المناسبة للقضايا المتعلقة بالتنمية المستدامة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإنتاج العلمي في المنطقة مازال متواضعاً جداً خاصة فيما يتعلق بالتطور التكنولوجي. وعلى الرغم من توفر أعداد كبيرة نسبياً من العلماء والباحثين العرب إلا أن الموارد المالية القليلة تقف عائقاً أمام مساهماتهم البناءة في مجتمعاتهم ، ومن المهم جداً للمنطقة العربية أن تطور التقنيات المتأصلة والمتوارثة والتي أثبتت جدواها وفاعليتها على مر العصور وتشجيع الإمكانيات المحلية بشكل فعال ، كما يجب نقل الاهتمام من المشاريع التكنولوجية المنقولة والجاهزة (كمشاريع المفتاح باليد) إلى تلك التي تتطلب نقلة علمية وتقنية وتحويل وتدريب القوى العاملة المحلية.
خ. النزاعات والأمن الإقليمي
1. النزاعات والصراعات والحروب
شهدت المنطقة العربية خلال القرن العشرين، خصوصاً منذ بداية الصراع العربي- الإسرائيلي ، العديد من النزاعات والصراعات والحروب والتي أعاقت تطورها وزعزعت استقرارها واستنفذت مواردها وطاقاتها. وقد أثرت هذه النزاعات تأثيراً حاداً على البيئة بشكل مدمر ونتج عن ذلك العديد من المآسي الإنسانية وأدى استمرار الاحتلال للأراضي العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى مرتفعات الجولان السورية وجنوب لبنان إلى تدمير البنى التحتية والموارد الطبيعية والقدرات البشرية إضافة إلى الاستنزاف غير الشرعي للموارد المائية والتربة وأدت جميعها إلى إيقاف جميع النشاطات المتعلقة بالتنمية المستدامة أو إعاقتها بشكل كبير.
كما أن النزاعات على الموارد المائية المشتركة لنهري دجلة والفرات تبرز العديد من المخاطر التي تحد من عملية التنمية والاستقرار في المنطقة. مما يدعو الى ضرورة تأمين الاقتسام العادل للمياه المشتركة بالاستناد إلى القوانين الدولية. ومن الجدير ذكره أيضاً العقوبات الاقتصادية والعسكرية المفروضة على العراق وليبيا كان لها الآثار المدمرة على الصحة والبيئة والاقتصاد في كلا البلدين.
وتوجد هناك أيضاً مخاوف وقلق من أخطار تسرب الإشعاعات من المفاعلات الإسرائلية النووية وهناك ضرورة ملحة بوضع كل المنشئات النووية في المنطقة تحت المراقبة الدولية.
2. اللاجئون والنازحون والجماعات المحرومة
تعتبر مجموعات اللاجئين والمهجرين وخاصة النساء والأطفال والشيوخ منهم الأكثر تأثراً خلال فترات النزاعات. وفي المناطق التي تعصف بها النزاعات يؤدي التهجير والاستيلاء على الممتلكات إلى التسبب في وهن وفقر تلك الأسر بغض النظر عما إذا كان رب الأسرة رجلاً أو امرأة وتفككها. وقد تواجه المنطقة العربية في المواقع التي تعصف بها النزاعات وتحديات جسيمة وبالتحديد وضع أولويات لإعادة بناء المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية وإعادة دمج المجموعات السكانية المهجرة.
3. الادارة الاقليمية للموارد
تحتاج المناطق ذات الأهمية البيئية والموارد المائية المشتركة لإدارة سليمة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة ولذلك فإنه من الضروري للمنظمات الدولية والإقليمية توسيع التعاون بين الأقاليم وتعزيزه مع التأكيد على بناء القدرات الذاتية للدول الأعضاء والتركيز على تطوير الإدارة الفعالة والعادلة للموارد المائية والمناطق الطبيعية المشتركة وتطبيق إستراتيجيات الإدارة المتكاملة لهذه الموارد.
د. تحرير التجارة والاقلمة
إن تنوع النشاطات الاقتصادية وزيادة التصدير وتحرير حركة التجارة من العوامل الأساسية لوضع الاستراتيجيات التنموية في معظم بلدان المنطقة العربية.
ولكن عملية تحرير التجارة هي سلاح ذو حدّين الجانب الإيجابي منها أنه تفتح للموردين العرب فرصاً جديدة في الأسواق العالمية في حال التزامهم بالمعايير البيئية والجودة العالية ، وهناك قلق من أن بعض الدول سوف تبقي معاييرها ومقاييسها البيئية ضعيفة ومن غير تطوير حتى تتمكن من جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية أكثر من منافسيها وإن كان ذلك على حساب مصالحها الوطنية الاقتصادية والبيئية.
ويترافق مع إزالة الحواجز التجارية والدعم المالي تعزيز المعايير الصحية والبيئية على الصعيدين الوطني والعالمي ، وليس بإمكان قطاعي الزراعة والصناعة تلبية متطلبات وتكاليف عمليات التحديث والتطوير على الرغم من أن المنافع الكثيرة المتوقعة من فتح أسواق جديدة للتقنيات وأساليب الإنتاج الحديثة.
إن للعولمة آثار قد تحد من إمكانية تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية ولذلك فإن هناك حاجة ماسة لإعادة ترتيب وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والمؤسساتية للتعامل بحكمة مع العولمة من خلال إيجاد تكتل إقليمي عربي قوي مبني على المقومات الثقافية والحضارية والاقتصادية للمنطقة كما يتطلب ذلك إرساء مقومات السوق العربية المشتركة والسعي نحو تكاملها مما يوفر سوقاً كبيرة للمنتجات العربية ودعم الموقف التفاوضي للدول العربية مع التكتلات الإقليمية والتكتلات الاقتصادية الأخرى بما فيها منظمة التجارة العالمية.
7- تمويل التنمية المستدامة
يشكل توفر الموارد المالية الكافية متطلباً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة ، غير أن وتمويل التنمية المستدامة في العديد من الدول العربية مازال محدوداً لأسباب عدة من أهمها أعبـاء الديون ، وبالرغم من أن العديد من الوسائل والمؤسسات المالية قد نشطت خلال السنوات الماضية، إلا أن التنسيق والإدارة الشاملة للبرامج ذات الصلة لا زالت محدودة.
وتستعمـل المنطقة عدداً من الأساليب والآليات المالية وبالأخص صناديق التنمية المستدامـة، والقروض، والتمويل المحلي ، والخصخصة ، ومشاركة القطاع الخاص ، والاستثمارات الأجنبية المباشرة ، والإصلاح الضريبي ، والتوفير ، والتوفيرات ومقايضات الديون.
ولقد استمرت المؤسسات المالية الإقليمية الدولية بتمويل مشاريع التنمية المستدامة بشكل جيد. كما أن المساعدات الثنائية التي تقدمها الدول المانحة قد ساهمت في تمويل أنشطة وبرامج التنمية المستدامة إلا أنها بدأت في الانخفاض خلال السنوات الأخيرة.
كما أن عدداً من صناديق التنمية والمؤسسات المالية في المنطقة توفر الدعم والمساعدة المالية لدعم تنفيذ خطط العمل الوطنية ذات العلاقة. ويمكن للمنظمات غير الحكومية والأهلية والجامعات والمؤسسات الدينية والمراكز البحثية أن تؤمن موارد تقنية ومالية قيمة لإكمال دور الحكومة في جهودها لتحقيق ودعم التنمية المستدامة.
إلا أن التنسيق الضعيف بين المؤسسات والبرامج التمويلية قد أثر على فاعلية المنح والقروض المقدمة لدعم التنمية المستدامة كما أن غياب في الإشراف والمراقبة على صناديق التنمية المستدامة في المنطقة يدعو إلى القلق لأهمية هذا الجانب.
8- تحديد أولويات العمل ووسائل تنفيذها
إن نتاج التشاور الإقليمي ومقرراته أنتج إطار لأولويات العمل خلال العشر سنوات القادمة. ويعطي هذا الإطار التحديات الرئيسية للحكومات الإقليمية وكافة الشركاء المعنيين الذين يتناولون صياغة وتنفيذ إستراتيجيات التنمية المستدامة خلال السنوات القادمة.
هذه المقترحات تقدم للمجتمع الدولي أطر محددة يتم من خلالها تركيز المساعدة التقنية والمالية لدعم التطور الإقليمي باتجاه التنمية المستدامة.
أ. الحد من الفقر والتكامل الاجتماعي
أ. العمل على المستوى الوطني
إن من متطلبات القضاء على الفقر إعداد وتنفيذ برامج تنمية تهدف إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية ومحو الأمية ، وتوفير فرص العمل ، والتساوي في الفرص ، وحماية البيئة. وتمكين الفقراء للاستفادة من تلك البرامج ليكونوا مساهمين فاعلين في إيجاد الفرص التي تؤدي إلى القضاء على الفقر. ويجب أن توفر لهم الخدمات العامة مجاناً ، كذلك ينبغي أن تتمحور السياسات الاقتصادية والاجتماعية حول دعم ذوي الدخول المنخفضة مثل تعديل الأنظمة الضريبية بحيث تكون عادلة ومتوافقة مع الدخل وإيجاد التمويل المحلي وكذلك آليات أخرى لتحقيق التوزيع المنصف للثروات ، كما يجب التركيز على تنمية المناطق الريفية لتحسين الوضع المعيشي والعمراني والبنى التحتية والخدمات العامة وفرص الاستثمار وخلق فرص عمل ووظائف جديدة. وينبغي تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع الإسكان الموجه لذوي الدخل المحدود.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
هناك ضرورة لتطوير برامج واستراتيجيات إقليمية لمواجهة الفقر وذلك من خلال تعزيز دور بعض المؤسسات التمويلية والمجموعات الاستثمارية مثل صناديق التنمية العربية والإسلامية والجمعيات الخيرية الإقليمية العربية.
ت. العمل على المستوى الدولي
على جميع منظمات الأمم المتحدة أن تتبنى قضية الفقر على أنها مشكلة جسيمة ومتفاقمة لذلك يجب تطوير برامج التمويل والمساعدات الدولية بهدف القضاء على الفقر وبمشاركة مؤسسات المجتمع المدني.
ب. أعبــــاء الديـــون
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب أن تجري حكومات الدول العربية والقطاع الخاص دراسات جدوى قبل المباشرة في الاقتراض للتأكد من سلامة قرار الاستدانة كما يجب القيام بتحليل أو دراسة الجوانب التاريخية للقروض وشروطه لأخذ العبر من الدروس الماضية. ومن المهم جدا التأكد من أن أمـوال القروض تستخدم في برامج التنمية المستدامة ومشاريعها بكل شفافية ومسؤولية ، وعلى الدول أن تتأكد أيضا من أن المنافع الناشئة عن أية تخفيض من أعباء الديون يجب توظيفه في عملية إعادة الاستثمار في نشاطات التنمية المستدامة.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
على المنطقة العربية أن تطور خبراتها وتحسن من إدارتها للتعامل الأفضل مع قضايا الديون. ويجب التحقق من نجاح المشاريع الاستثمارية والبرامج المشتركة لتحقيق التوظيف الأمثل لهذه وتحتاج المنطقة إلى البحث عن فرص لاستبدال الديون بمقايضات تجارية.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب حث الجهات الدائنة الدولية على إعفاء دول المنطقة من بعض الديون أو تسهيل شروطها فيما لو أظهرت دول المنطقة المزيد من الشفافية والحكمية والإدارة المؤسساتية الأفضل ويمكن أن تحتوي خيارات تخفيض الأعباء بمقايضة الديون بمشاريع تنموية اجتماعية وبيئية مع التركيز على القضاء على الفقر وتخفيض الديون أو الإعفاء منها أو إعادة جدولتها ، كذلك يجب أن لا تستغل الديون المقدمة للدول الفقيرة كوسيلة للمساومة أو الضغط السياسي عليها.
ت. السلام والامن
أ. العمل على المستوى الوطني
يشكل الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة ضرورة هامة للتنمية المستدامة ولا يتم ذلك إلا من خلال معالجة المشاكل الداخلية وتحقيق المساواة في توزيع الثروات والموارد واحترام حقوق المواطنين.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب تحقيق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة لتحقيق التنمية المستدامة والحد من النزوح والتهجير القسري.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب التأكيد على المجتمع الدولي للقيام بدوره الفاعل في تنفيذ مقررات الأمم المتحدة الخاصة بالصراع العربـي الإسرائيلي وتحقيق السلام والأمن في المنطقة على أسس عادلة وإنهاء جميع أشكال الاحتلال والاستيطان غير المشروع ، كما أن على المجتمع الدولي الاشتراك في مكافحة الإرهاب من خلال قيام الأمم المتحدة بدورها المنوط بها وعبر دعوتها إلى مؤتمر دولي لتعريف ووضع أسس لمكافحة الإرهاب والتأكيد على أن الكفاح ضد أي احتلال ليس عملا إرهابيا بل انه عمل مشروع تقره مواثيق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة تكثيف الجهود لمنع إمتلاك وإستخدام الأسلحة النووية و غيرها من أسلحة الدمار الشامل وإعلان منطقة الشرق الاوسط منطقة خالية من هذه الأسلحة، علما أن جميع دول المنطقة أطراف فى إتفاقية حظر الأسلحة النووية بإستثناء إسرائيل التى ترفض الانضمام إلى هذه الإتفاقية على الرغم من القرارات الكثيرة للامم المتحدة وهيئاتها المختلفة التى تطالبها بالانضمام إلى هذه الإتفاقية.
وحث المجتمع الدولي على تقديم المساعدة للاجئين بالمنطقة الذين وجدو بسب عدم الإستقرار والصراعاث وإنعدام الأمن البيئى وتوفير المصادر اللزمة للتعامل مع الأضرار البيئية الناجمة من مشكلة اللاجئينز
ث. ادارة السكان
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب تطوير سياسات خاصة بالسكان بما فيها التخطيط الأسري ورفع الوعي فيما يتعلق بآثار تلك السياسات على النمو السكاني الحاد ، ويجب التأكيد على الاهتمام برعاية الطفل والأمومة.
كما ينبغي اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق التخطيط الزراعي السليم وإيجاد فرص عمل وتحسين الخدمات العامة في المناطق الريفية وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من الهجرة من الريف إلى المدينة .
ب. العمل على المستوى الاقليمي
هناك حاجة ماسة لإيجاد سياسات سكانية متكافلة على المستوى الإقليمي لتلبية الحاجات المختلفة لبلدان المنطقة بما فيها تنظيم حركة العمل وتوزيع العمالة.
ت. العمل على المستوى الدولي
على المجتمع الدولي دعم برامج التخطيط الأسري وتشجيع حركة القوى العاملة فيما بين دول المنطقة وحماية حقوق العمال العرب والمغتربين.
ج. التعليم وبناء القدرات والبحث العلمي ونقل التكنولوجيا
أ. العمل على المستوى الوطني
على البلدان العربية مراجعة وتطوير استراتيجياتها وسياساتها التعليمية وبرامج التدريب المهني بخطط عمل قادرة على تحسين إمكانيات الثروة البشرية.
كما أن عليها استثمار جزء من ناتجها القومي الوطني (GDP) في تطوير التعليم والبحث التقني. بمعنى آخر ، يجب أن يعاد توجيه التعليم والتدريب لتلبية حاجات ومتطلبات السوق وكذلك حاجات التنمية المستدامة. لذلك يجب النظر إلى التعليم على انه استثمار اجتماعي وليس فقط واجب حكومي حيث يجب على الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص أن تحدد مجتمعة احتياجات المجتمع وسوق العمل وان تتشارك في مسؤولية تحقيق ذلك.
كما ينبغي وضع استراتيجيات للبحث الأكاديمي لتطوير الربط بين البحث العلمي وحاجات التنمية المستدامة أي في تطبيق استراتيجيات الإنتاج الأنظف ، والاستثمار في التقنيات المحلية وتشجيع البحث ونقل التقنيات المناسبة لاحتياجات المنطقة وتوظيفها ، وليس بالضرورة جلب التقنيات الأكثر تقدماً. كما ويجب التشديد على توطين التقنيات المعلوماتية والحاسوب لتحقيق التنمية المستدامة.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب على المؤسسات الإقليمية أن تلعب الدور الأساسي في نقل الخبرات والتكنولوجيا وأفضل الأساليب ، وأن تساعد على بناء القدرات ، وإعطاء أولوية للتعاون في مجالات تطوير الموارد المائية ذات الأولوية بما فيها المياه وتحليتها ، والتكنولوجيا الحيوية ، والطاقة المتجددة ، وتطوير التقنيات المحلية ، كما يجب تشجيع المؤسسات البحثية في المنطقة.
ت. العمل على المستوى الدولي
دعوة المنظمات العلمية والمؤسسات والوكالات المانحة ومنظمات الأمم المتحدة المعنية للعب دور اكثر فعالية في نقل التكنولوجيا إلى البلدان العربية وتأهيل كوادرها وتوفير الدعم الواسع للمؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير برامجها وبناء القدرات خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات أما فيما يتعلق بتمويل الأبحاث وخاصة ما يتعلق بتطوير برامج الباحثين الشباب وتدريبهم ورفع كفاءتهم الفنية وتأهيلهم لتلبية حاجات أسواق العمل الوطنية والإقليمية والدولية ، فيجب أن يعطى الأهمية القصوى.
ح. الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية
1. الأمن المائي والغذائي
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب تشجيع دول المنطقة على تبني أساليب الإدارة المتكاملة للموارد المائية بما فيها إدارة الطلب على المياه وإتباع سياسة الترشيد الأمثل للمياه في كافة القطاعات كما أن هناك حاجة ملحة لتكثيف الجهود لتطوير تقنيات خاصة باستعمالات الأرض ومياه الري وتحلية مياه البحر مع التأكيد على فعالية استهلاك الطاقة بما فيها الطاقة المتجددة لتطوير موارد المياه غير التقليدية كما ينبغي أيضاً رفع الوعي والقدرات وتطوير أساليب عمل المؤسسات الخاصة بإدارة موارد الأراضي والمياه ومنع التلوث وحماية التنوع الحيوي.
وأيضاً هناك حاجة لتطوير خطط التمويل لتأمين الأموال الضرورية لإدارة موارد المياه ولتنفيذ المشاريع الاستثمارية مع الأخذ بعين الاعتبار أن استرداد كلفتها يأتي من خلال عوائد خدماتها بما فيها الرسوم التي يتم تحصيلها من تقديم خدمة معالجة مياه الصرف.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب التصدي للمشاكل التي تواجه تحقيق الأمن الغذائي وحماية الموارد الأرضية والمائية ضمن خطة عمل إقليمية من خلال وضع استراتيجية عربية موحدة وسياسات بديلة تهدف إلى التكامل العربي بما فيها الاستخدام الأمثل والمستدام لموارد المياه. كما ويجب أن تتفق المراكز الأكاديمية ومراكز البحوث والمنظمات الإقليمية على إيلاء الأولوية القصوى لقضايا الغذاء والماء في أبحاثهم التطبيقية خاصة في مجال تطوير تقنيات المياه.
وعلى الدول تشجيع تطوير ودعم إنشاء منطقة التجارة العربية الحرة وإزالة التعرفة الجمركية وكذلك القيود الموضوعة على التصدير والاستيراد والتجارة في المنتجات الغذائية والزراعية في المنطقة.
ويجب أن تأخذ المواد العضوية المعدلة أو معدلة الجينات الوراثية من خلال إنشاء مراكز ولجان تعني بالسلامة الحيوية. ومن المهم جدا إنشاء بنوك للبذور والأصول الوراثية (النباتية والحيوانية) لحماية التنوع البيولوجي وحقوق ملكية هذه الأنواع. وعلى دول المنطقة تطبيق الاتفاقيات البيئية الدولية ذات العلاقة.
ت. العمل على المستوى الدولي
الطلب من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تقديم المساعدات الفنية لعملية بناء القدرات والمساهمة في تطوير سياسات للإدارة المائية المتكاملة وتقوية المعاهد والمؤسسات المتخصصة بموارد المياه.
2. تدهور الأراضي (مع التركيز على التصحر)
أ. العمل على المستوى الوطني
الدول العربية مطالبة بوضع وتطوير برامج عمل وطنية لإعادة تأهيل واستصلاح الأراضي المتدهور بما فيها المراعي والغابات والأراضي المتملحة وتطوير إستراتيجيات وبرامج عمل وطنية لمكافحة التصحر وذلك وفقاً لما ورد في مواد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (CCD) كذلك يجب تخصيص الموارد الكافية وابتكار الحلول المناسبة لتطوير استغلال الأراضي في المناطق الريفية آخذين بعين الاعتبار التغيرات العالمية والتغلب على العوائق التي يواجهها الفقراء والمحرومون وخاصة المرأة وصغار المزارعين والسكان المحليين. وحث الدول العربية على الانضمام للاتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الأطراف والعمل على تنفيذها خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (CCD).
ب. العمل على المستوى الاقليمي
هناك حاجة ماسة إلى تعزيز البرامج ودور المنظمات الإقليمية للمساعدة في تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (CCD) كما يجب تفعيل التعاون الإقليمي لتنفيذ الاتفاقية المذكورة أعلاه ، والعمل على التنسيق والموائمة بين السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة باستغلال الأراضي ومكافحة التصحر والإدارة المتكاملة للأنظمة البيئية كما تدعو الحاجة إلى إنشاء برامج إقليمية لرصد حالة التصحر في الوطن العربي بالاعتماد على الأبحاث العلمية والتقنية الحديثة.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب أن تسعى الدول العربية مع بقية الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى حث مرفق البيئة العالمي (GEF) أن يتبنى تمويل برامج الاتفاقيات على المستويات الإقليمية والتحت إقليمية والوطنية كذلك فإن المجتمع الدولي مدعو لدعم البرامج الوطنية والإقليمية لمكافحة التصحر والمحافظة على التنوع الحيوي بما فيها أنواع المحاصيل الزراعية.
3. المناطق البحرية و الساحلية
أ. العمل على المستوى الوطني
على الدول العربية أن تتبنى أساليب متكاملة لحل مشاكل الموارد البحرية والساحلية ومنها اتخاذ إجراءات لمعالجة الآثار الناتجة عن التلوث من مصادر برية بدءاً بمشاكل الصرف الصحي والحد من وصول مياه الصرف الصحي والصناعي إلى البيئة البحرية ومعالجتها وإعادة إستخدامها.
ب. العمل على المستويين الاقليمي والدولي
دعوة الدول العربية لتعزيز التعاون فيما بينها لحماية البيئة البحرية. كما ينبغي التعاون مع خطة عمل البحار الإقليمية والمبادرات الدولية الأخرى لتنفيذ استراتيجيات وبرامج عمل لحماية البحار الإقليمية في المنطقة.
4. الجبال والغابات
أ. العمل على المستوى الوطني
حث الدول العربية على وضع إستراتيجيات وخطط عمل للإدارة المستدامة للجبال والغابات.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
من المهم جدا زيادة التركيز على القضايا المتعلقة بالمحافظة على بيئات المناطق الجبلية وزيادة الوعي وذلك لأهمية النظام البيئي الطبيعي في المواقع الجبلية. وسيكـون عـام (2002) المخصص للجبال فرصة فريدة لدعم هذا التحرك.
ت. العمل على المستوى الدولي
من المهم جدا تحديد افضل أساليب الممارسة المتعلقة بإدارة الجبال والمساقط المائية ووضع إرشادات التنمية المستدامة الخاصة بالجبال وتحضير إطار عام لخطة عمل عالمية للنظام البيئي في المناطق الجبلية.
5. التنوع البيولوجي
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب أن تتركز جهود حماية التنوع الحيوي والمحافظة عليه من خلال وضع وتنفيذ خططاً متكاملة لحماية التنوع الإحيائي وموائلها والحفاظ على الخصائص الوراثية للأنواع. وهناك أيضا حاجة ماسة لتطوير خطط وطنية بشأن المحميات والمناطق الطبيعية والمحافظة عليها أو مراجعة وتعزيز خططها الوطنية ذات العلاقة بحيث تصل إلى المستوى العالمي المطلوب والتأكيد على الإدارة المناسبة من خلال سن التشريعات الموائمة لقدراتها البشرية ومواردها الاقتصادية أو تطويرها كلما دعت الحاجة للمحافظة على التنوع الحيوي وحمايته وإيجاد أنظمة جمع وتبادل المعلومات الوطنية الخاصة به.
وأن إنشاء بنوك الجينات الوراثية قد أصبح حاجة ملحة لحماية الأنواع المهددة بالانقـراض وعلـى الـدول تطويـر برامجها المتعلقة بتطبيق اتفاقية التنوع الأحيائي (CBD) وأن إنضمام الدول إلى بروتوكول قرطاجة سيكون خطوة أساسية في هذا الاتجاه.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب على الدول العربية توحيد وتعزيز الجهود الجماعية لحماية التنوع الحيوي والمحافظة عليه من خلال البرامج المشتركة وتبادل المعلومات والخبرات وإعطاء أولوية للموارد الأحيائية المشتركة أو الحدودية وإنشاء بنك أو بنوك إقليمية للجينات والأصول الوراثية.
ت. العمل على المستوى الدولي
حث المجتمع الدولي على توفير التقنيات الحديثة والموارد المالية التي تساعد دول المنطقة على تطبيق الاتفاقيات الخاصة بالتنوع الإحيائي.
6. نوعية الهواء
أ. العمل على المستوى الوطني
هناك حاجة ماسة لإنشاء برامج ومراكز رصد وتحكم لمراقبة جودة الهواء ومصادر الانبعاثات الثابتة والمتحركة والاستمرار في تقييم وتحليل المعلومات المتعلقة بالهواء المحيط. ومن الضروري استعمال التخطيط العمراني والحضري السليم لإيجاد أنظمة بيئية مستدامة في المدن تعتمد على ترشيد استهلاك الطاقة ومن ضمنها إنشاء شبكات فصل وتوزيع على مسافات قصيرة نسبياً وتعتمد أيضاً على أنظمة النقل العام وتحسين جودتها وسهولة استخدامها. وكذلك استعمال أنظمة إدارة حديثة وفعالة لتنظيم حركة المرور وتخفيض ازدحام السير في أوقات الذروة الأمر الذي يساهم في التقليل من إنبعاثات الملوثات والتي من ضمنها الرصاص.
كما انه من الضروري جدا الاستمرار في الجهود الرامية إلى إزالة الرصاص من الوقود واستبدال الآليات والسيارات القديمة والمنشآت الصناعية بأخرى جديدة ، والتوجه نحو توفير وقود بديل وانظف مثل إنشاء محطات الغاز الطبيعي وتكثيف عمليات التشجير والتحريج في المدن.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
تحتاج المنطقة لبرامج مشتركة لمراقبة تلوث الهواء والتحكم والحد من تقييم التأثيرات الصحية الناتجة عنه وتبادل المعلومات المتعلقة بتلوث الهواء. لذا يجب أن تعطى الأولوية لتطوير شبكات النقل والمواصلات وأنظمة الطاقة الفعالة إقليمياً.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب حث المجتمع الدولي على توفير المساعدات التقنية والمالية لمواجهة تلوث الهواء بما فيها التلوث عبر الحدود مثل انتقال الضباب الصناعي من بلد إلى آخر وغيرها.
7. التغييرات المناخية
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب وضع خطط لمراقبة ورصد كميات غازات الدفيئة وفي مقدمتها ثاني أكسيد الكربون المتصاعدة. وللتقليل من كميات غازات الدفيئة المتصاعدة يجب زيادة فعالية الاحتراق واستعمال أنواع وقود أكثر صداقة للبيئة وتعزيز تطبيقات الإنتاج الأنظف في الصناعة وتشجيع زيادة التشجير وتنمية الغابات التي تساعد على امتصاص جزء من كميات غاز ثاني أكسيد الكربون.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
إن ما تحتاجه المنطقة هو برامج رصد وتقييم سليمة لمظاهر التغير المناخي وتأثيراتها وعلى الدول العربية التنسيق من مواقفها وتوحيد سياساتها تجاه تغير المناخ والتأثيرات الاجتماعية الاقتصادية للحد من إنبعاثات غازات الدفيئة وتكلفتها على الدول النامية والدول المنتجة للنفط.
ت. العمل على المستوى الدولي
على المجتمع الدولي الاشتراك في المسؤولية لمواجهة الإجراءات المتخذة للحد من ظاهرة التغير المناخي من قبل الدول النامية التي تساهم في تخفيف التلوث على البلدان النامية.
8. المواد المستنفدة للاوزون
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب أن تستمر الدول العربية في تطبيق بروتوكول مونتريال وتعديلاته والاستمرار في جهودها للتخلص التام من استخدام المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.
ب. العمل على المستويين الاقليمي والدولي
يجب مساعدة الشركاء المعنيين على الصعيدين الإقليمي والدولي على التصديق على بروتوكول مونتريال و/أو تعديلاته وتسهيل عملية نقل التقنيات اللازمة للتخلص من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.
خ. الحكمية والمشاركة الشعبية في التنمية المستدامة
أ. العمل على المستوى الوطني
إن إرساء نظام الحكمية الرشيدة يعتبر عامل هام جداً لضمان تحقيق الأطر القانونية والمؤسساتية وتعزيز الديمقراطية والمساءلة والشفافية والمشاركة الفعالة للمجتمع المدني خاصة مشاركة المرأة والشباب والقطاع الخاص في عملية إتخاذ القرار حيث أن هذه في منتهى الضرورة لتحقيق الحماية الرشيدة. كما إن القضاء على الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي يعتبر ضرورةً ملحة لتحقيق الحكمية السليمة. بالإضافة إلى ذلك فإن تبني عملية تشجيع اللامركزية الإدارية وتأسيس روابط وآليات تنسيق بين وزارت البيئة ووزارات القطاعات الأخرى المعنية في التنمية المستدامة هي أيضاً ذات أهمية لتحسين نظام الحكمية والمشاركة.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب تعزيز دور جامعة الدول العربية خاصة بالنسبة للتعاون والتنسيق بين الحكومات العربية كما يجب النظر فى تأسيس مجلس عربي للتنمية المستدامة يجتمع دورياً على مستوى رؤساء مجالس الوزراء في الدول العربية كما يجب تعزيز التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الأطراف في المنطقة.
ت. العمل على المستوى الدولي
تخويل الأمم المتحدة للقيام بدور أكثر فاعلية في تحقيق التنمية المستدامة يعتبر في غاية الأهمية (على الصعيدين المالي والإداري) مع التأكيد على تركيز كل منظمة من منظماتها على العمل في مجال اختصاصاتها المنوطة بها.
كذلك فإن الإصلاح وإعادة بناء المؤسسات الدولية أمر مطلوب لتدعيم ومؤازرة وتطوير دورها وأدائها بالإضافة إلى أن تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتحديد وإرساء المسؤوليات مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات الدول النامية لأمور تحتاج للمعالجة والتنظيم.
د. أنماط الاستهلاك
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب حث الحكومات والقطاع الخاص على العمل لتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدام للبضائع والخدمات والموارد الطبيعية.
ويجب اتخاذ الخطوات المناسبة لتشجيع استخدام الحاجات والمنتجات التقليدية والمحلية ولتعزيز مفهوم الاستهلاك والإنتاج الأنظف وتشجيع برامج التدوير وإعادة الاستخدام بما في ذلك مجالات التطوير.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب أن تتظافر الجهود الجماعية على المستوى الإقليمي إحياء التقاليد والتعاليم العربية والإسلامية كونها أحد خصائص المنطقة المميزة والتي ستنعكس إيجاباً على عملية التنمية المستدامة.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب حض الدول الصناعية والمتقدمة على تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدام التي تستنفذ الموارد الطبيعية ويكون لها آثار كبيرة على الأنظمة البيئية والأحيائية العالمية. كما يجب تخصيص موارد مالية إضافية لتطوير تقنيات أكثر فاعلية وصديقة للبيئة وتوفيرها بتكاليف مقبولة.
ذ. التراث الثقافي
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب التأكيد على التراث الثقافي العربي والقيم الإسلامية في دعم تنفيذ برامج اتجاهات التنمية المستدامة. لذا يجب على الدول العربية تكثيف جهودها لإعادة إحياء تراثها الإنساني والطبيعي والمحافظة عليه. كما يجب صون التراث الحضري والمعرفة التقليدية المحلية وتوظيفها كأداة في النمو الاقتصادي.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
هناك حاجة للمراجعة المرحلية للإستراتيجية العربية في ما يخص إدارة التراث الثقافي وعلى تشجيع برامج إقليمية لصون هذا التراث والاستفادة منه في التنمية الاقتصادية من خلال تشجيع النشاطات السياحية المستدامة ويقع على عاتق الحكومات مسؤولية إعادة إحياء القيم الإنسانية العربية والإسلامية وذلك لتحصين المنطقة من الغزو الثقافي الدخيل.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب حث المجتمع الدولي على توفير المساعدة التقنية والموارد المالية لتمكين دول المنطقة في المحافظة على التراث الثقافي والطبيعي للمنطقة.
ر. التجارة والعولمة
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب متابعة الطريق لتحرير التجارة في بلدان المنطقة العربية وفقاً لمخطط زمني يترافق مع تشييد البنى التحتية وإصلاح السياسات والمؤسسات الضرورية لتجنب الآثار السلبية التي قد تنجم عن تحرير التجارة ، وعلى الدول إيجاد البيئة الملائمة للتكيف مع العولمة بما في ذلك تشييد البنى التحتية وتحسين الخدمات العامة والإصلاح الإداري لتفعيل عمليات التكامل الإقليمي ومن ثم الاندماج في ركب العولمة.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب على الدول العربية الإستمرار في تدعيم إقامة منطقة التجارة العربية الحرة كخطوة أولى على طريق تحقيق التكامل الإقتصادي العربي وإرساء دعائم التكتل الإقتصادي القومي القادر على رفع الكفاءة التنافسية في الأسواق الدولية.
وفي سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ، يجب أن تتضافر الجهود الجماعية التالية في المنطقة ، وتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي يتطلب الجهود الجماعية التالية:
1- تنمية النظم التجارية الإقليمية وتقوية التجارة البيئية بين الدول.
2- تنمية النظم المالية الإقليمية خصوصاً النظم البنكية والنقدية والإجراءات.
3- تناول قضايا التعريفة والحواجز الجمركية والضرائب.
4- توافق النظم القانونية في المنطقة.
5- بنـاء بنيـة تحتيـة إقليمية بما فـي ذلك نظم المواصلات والإتصالات والمعلومـات .. إلخ.
6- تنوع الأنشطة الإقتصادية بداخل الدولة الواحدة وبين الدول بناءاً على المزايا التفاضلية للدول.
كما يجب القيام بدراسة شاملة للعولمة لتكوين مواقف موحدة مبنية على دراية وإطلاع بالجوانب المختلفة من العولمة.
وعلى دول المنطقة أن تقوم بدور أكثر فعالية في المفاوضات المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية وخاصة قضايا حقوق الملكية الفكرية والتفاوض بهدف توقيع اتفاقيات شراكة إقليمية مع مناطق استراتيجية أخرى في العالم.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب أن توفر منظمة التجارة العالمية والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة ومنظمات الأمم المتحدة المعنية المساعدات التقنية اللازمة لدول المنطقة لكي تتمكن من مواجهة التحديات التي تفرضها تحرير التجارة على المستوى العالمي ولتخفيف آيه آثار سلبية ناتجة عن قرارات منظمة التجارة العالمية على الدول النامية.
كما يطلب من الدول المتقدمة تامين حرية حركة البضائع والمنتجات والأفراد على أسس من العدالة والمساواة. لذا يجب أن تنظم العلاقات المرتبطة بالعولمة من خلال نظام يتم التفاوض بشأنه مع الأمم المتحدة.
ز. وسائل التنفيذ المالية والمؤسسية
1. تمويل التنمية المستدامة
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب على الدول العربية تكثيف جهودها لتطوير برامجها التنموية التي تهدف إلى تفعيل الموارد المالية الداخلية وتعزيز التمويل الذاتي لمشاريع التنمية المستدامة واعتماد سياسات تزيد من الصادرات وتقنن الواردات ويمكن تطوير الأداء الاقتصادي للحكومات عن طريق إتباع أساليب الإدارة المستدامة والفاعلة للموارد. وعلى الدول أن تشجع القطاع الخاص للإستثمار في مشاريع التنمية المستدامة.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
على دول المنطقة العربية تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع الإقليمية وتشجيع الشراكة بين الحكومات والأطراف المستفيدة ، لإنشاء صناديق للتنمية المستدامة ولإيجاد ظروف أفضل للمستثمرين بما فيهم المغتربين العرب والمستثمرين الأجانب لتحفيزهم على الاستثمار في مشاريع التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة.
حث المصارف والصناديق التنموية العربية والإقليمية أن تدخل البعد البيئي مع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية في برامج عملها ، ويجب على الدول تطوير خبراتها وأساليبها الإدارية للتعامل مع قضايا الديون. لذا، ينبغي التأكد من إحتمال نجاح المشاريع والبرامج المشتركة لتحقيق أفضل عوائد ممكنة للقروض.
أما على مستوى جامعة الدول العربية فيجب العمل على إيجاد آليات مالية لتمويل مشاريع التنمية المستدامة وذلك من خلال التنسيق بين المجلس الاجتماعي والاقتصادي مع الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة وبالتعاون مع المؤسسات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية المعنية.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب القيام بجهود حقيقية لتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين المتعددي الجنسيات للاستثمار في المنطقة.
أما الدول المتقدمة ، فعليها إعادة النظر في سياسات الديون وتحسين شروطها لتعزيز تحقيق التنمية المستدامة بما في ذلك مقايضة الديون، وإعادة جدولتها والإعفاء منها. الخ…… وفي نفس الوقت الطلب من الدائنين الدوليين إلغاء هذه الديون في حالة قيام دول المنطقة بإظهار شفافية أكبر وحكمية أفضل وتنظيم إداري أنسب ، وحث الدول المانحة والمصارف والصناديق التنموية على إدخال البعد البيئي مع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية في برامج عملها.
2. انشاء مؤسسات التنمية الستدامة
أ. العمل على المستوى الوطني
يجب على الدول العربية تطوير الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وتطوير استراتيجيات وخطط عمل قابلة للتنفيذ ذات أهداف محددة ، وتحديد التزاماتها المالية والبشرية وتأسيس مجالس وطنية للتنمية المستدامة وتعزيز دور الشبكات الوطنية المتعلقة بها.
ب. العمل على المستوى الاقليمي
يجب أن تنصب الجهود على تأسيس مجلس عربي أو هيئة عربية للتنمية المستدامة كما هو الحال في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وتشجيع مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني والجامعات لتوفير غطاء شامل لإطر سياسات العمل والتعاون الإقليمي والتنسيق والتكامل ضمن الإطار الدولي على أن يعكس المجلس المقترح الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة (اقتصادي ، اجتماعي ، وبيئي) بشكل متوازن. أما آلية التمويل لهذا المجلس فيجب أن تتم مناقشتها وإقرارها مع بداية التأسيس.
ت. العمل على المستوى الدولي
يجب على المجتمع الدولي أن:
(1) إعادة مراجعة وتقويم الخبرات السابقة للأمم المتحدة في مجال التنمية ، في ضوء الدروس المستفادة من هذا التقييم كما يجب على منظمات الأمم المتحدة أن تضطلع بدور أكثر فاعلية في مجال التنمية المستدامة والحكمية العالمية بما فيها تعزيز دور برنامج الأمم المتحدة للبيئة وخاصة في مجال تنسيق الاتفاقيات الدولية والبيئية متعددة الأطراف.
(2) يجب التأكيد على أن يصبح البعد البيئي جزءاً أساسياً من عمل مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC).
(3) تعزيز دور الأمم المتحدة في تحقيق جهودها الرامية إلى الإدارة المثلى للعولمة بحيث تعم فوائدها جميع الدول بالتساوي والإنصاف.
(4) التأكد من أن منظمة الأمم المتحدة تقوم بجهود متكاملة متضافرة لخدمة الدول الأعضاء دون تكرار للبرامج والجهود.