السؤال :
ما هي أحكام العدة بالنسبة لسيدة ذهبت للحج ، وأثناء إقامتها هناك توفى زوجها ، فما هو وضعها الشرعى ؟
هل تستمر في الحج وبعد رجوعها من هناك تعتد ، أم يجب عليها أن تعود فورا إلى بيتها ؟
أرجو الرد بالاستشهاد بالحديث .
الجواب :
الحمد لله
المعتدة التي مات عنها زوجها في الحج لا تخلو من حالتين :
الحال الأولى :
أن يأتيها خبر وفاة زوجها قبل أن تخرج من بيتها للحج ، فهذه لا يجوز لها الخروج للحج .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" ولو كانت عليها حجة الإسلام , فمات زوجها , لزمتها العدة في منزلها ، وإن فاتها الحج ; لأن العدة في المنزل تفوت , ولا بدل لها , والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام " انتهى من
"المغني" (8/135) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
عن امرأة عزمت على الحج هي وزوجها ، فمات زوجها فى شعبان ، فهل يجوز لها أن تحج ؟ .
فأجاب :
" ليس لها أن تسافر فى العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (34/29) .
الحال الثانية :
أن يأتيها خبر وفاة زوجها بعد أن خرجت للحج ، فهذه ينظر في حالها ، فإن كانت قريبة ، بحيث لم تقطع مسافة القصر ، فترجع وتعتد في بيت زوجها ، وإن كانت قد قطعت مساقة القصر ، فتمضي في سفرها ، ولا يلزمها الرجوع .
قال ابن قدامة رحمه الله "المغني" (8/134-135) :
"وإن خرجت , فمات زوجها في الطريق , رجعت إن كانت قريبة ; لأنها في حكم الإقامة , وإن تباعدت , مضت في سفرها .
وقال مالك :
ترد ما لم تحرم .
والصحيح أن البعيدة لا ترد .
ويدل على وجوب الرجوع إذا كانت قريبة , ما جاء عن سعيد بن المسيب قال :
توفي أزواج , نساؤهن حاجات أو معتمرات , فردهن عمر من ذي الحليفة , حتى يعتددن في بيوتهن ، ولأنه أمكنها الاعتداد في منزلها قبل أن يبعد سفرها , فلزمها , كما لو لم تفارق البنيان .
وعلى أن البعيدة لا يلزمها الرجوع ; لأن عليها مشقة وتحتاج إلى سفر في رجوعها , فأشبهت من بلغت مقصدها .
ومتى رجعت البعيدة , وقد بقي عليها شيء , من عدتها , لزمها أن تأتي به في منزل زوجها , بلا خلاف نعلمه بينهم في ذلك ; لأنه أمكنها الاعتداد فيه , فلزمها كما لو لم تسافر منه " انتهى باختصار وتصرف يسير .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا خرجت المرأة حاجة ، وبعد وصولها إلى جدة سمعت بوفاة زوجها ، فهل لها أن تتم الحج ، أو أن تجلس للحداد ؟
فأجاب :
" تتم الحج ؛ لأنها إن رجعت سترجع بسفر ، وإن بقيت بقيت بسفر مستمر ، فتتم الحج لا سيما إذا كان فريضة ، ثم ترجع ، وحتى لو كان نافلة فإنها تتمه " انتهى من
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/58) .
والخلاصة :
أنه لا يلزم من ذهبت للحج ، وجاءها خبر وفاة زوجها وهي في الحج الرجوع ؛ وذلك للمشقة الرجوع ، ولكن إذا رجعت بعد الحج ، وبقي شيء من العدة لزمها إتمامها في بيت زوجها .
والله أعلم