الفقه الإسلامي تعريفه وأصوله وفروعه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الفقه الإسلامي تعريفه وأصوله وفروعه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-06, 05:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة الفقه الإسلامي تعريفه وأصوله وفروعه

اخوة الاسلام



الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين القائل ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:

فأقول وبالله التوفيق، وهو الهادي بمنه إلى سواء الطريق


الفقه الإسلامي

روى البخاري (71) ، ومسلم (1037)

عن مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ).

والفقه في اللغة : هو الفهم ، ثم غلب إطلاقه على فهم الدين والشرع .

قال العيني رحمه الله :

" قَوْله : (يفقهه) أَي : يفهمهُ

إِذْ الْفِقْه فِي اللُّغَة الْفَهم

. قَالَ تَعَالَى : ( يفقهوا قولي ) طه/ 28

أَي : يفهموا قولي ، من فقه يفقه

ثمَّ خُص بِهِ علم الشَّرِيعَة ، والعالم بِهِ يُسمى فَقِيها "

انتهى من "عمدة القاري" (2/42)

وينظر: " فتح الباري" (1/ 161) .

فالفقه في الدين : معرفة أحكام الشريعة بأدلتها ، وفهم معاني الأمر والنهي

والعمل بمقتضى ذلك ، فيرث به الفقيه الخشية من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن .


الفقه لغة:

هو مصدر من فقه بكسر عين الفعل في الماضي يفقه بفتح عينه في المضارع، وفيه لغة أخرى هي فقه بالضم في الماضي والمضارع وهي تشير إلى رسوخ ملكة الفقه في النفس حتى تصير كالطبع والسجية تاج العروس للزبيدي، جـ9، ص402.

وزاد الحافظ بن حجر في فتح الباري لغة ثالثة هي: فقه بالفتح إذا سبق في الفهم وهذه اللغة لم تذكرها المعاجم المشهورة فعلى هذا تكون فقه مثلثة عين الماضي، مثناة عين المضارع إذ ليس في مضارعها إلا يفقه بالفتح ويفقه بالضم. ..

الفتح/ 1/ ص165.


اصول الفقه

هذا الفن من الأهمية بمكانٍ، فيَنبغي لطالب العلم الاهتمام والاعتناء به؛ لذا يقول العُلماء: (من حُرِمَ الأصول، حُرِمَ الوصول)، فلا يُمكن أن تصل إلى العلوم إلا بأصولها وقواعدها.

إن أصول الفقه عِلم جليلُ القدر، بالغ الأهمية، وغزير الفائدة؛ فائدته التمكُّن من حصول قدرة تستطيع بها استِخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسُس سليمة؛ أي أنك إذا عرفتَ أصول الفقه، أمكنَكَ أن تَستنبِط الأحكام الشرعية من أدلتها


فائدة:

العلماء - رَحِمَهم الله - يَذكُرون عند التعريف: المعنى اللُّغوي؛ لأنه الحقيقة التي يُرجَع إليها، ويَذكرون المعنى الشرعي

لأن الحقيقة الشرعية لها ارتباط بالمعنى اللُّغوي، ولها صِلة به

لأن الشرع جاء باللغة العربية، فله ارتباط بالمعنى اللغوي، أحيانًا يزيد أوصافًا، وأحيانًا ينقص مثاله:

• الصلاة في اللغة: الدعاء، ولكن في الشرع هي: (عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مُفتتَحة بالتكبير، ومختتَمة بالتسليم).


تعريف أصول الفقه:

يُعرَّف أصول الفقه باعتبارَين:

الأول: باعتِبار مُفردَيه:

أي كلمة "أصول" على حِدة، وكلمة "فقه" على حِدة.

فالأصول: هي جَمع أصل، وهو ما يُبنى عليه غيرُه، أو ما يَستنِد وجود الشيء إليه؛ قال - تعالى -: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ [إبراهيم: 24].


لذا أبو الإنسان وجدُّه يسمى أصلاً؛ لأنه يتفرَّع منه أولاده.

أما الأصل اصطلاحًا: فيُطلَق على الدليل غالبًا؛ كقولهم: "أصل هذه المسألة الكتاب والسنَّة"؛ أي دليلها،

ويُطلق على غير ذلك، إلا أن هذا الإطلاق هو المراد في علم الأصول

انظر: شرح الكوكب المنير (1: 39)

ويُطلَق على الراجح، مثل قولهم: الأصل في الكلام الحقيقة؛ أي: الراجح في الكلام حملُه على الحقيقة، لا على المجاز.

ويُطلَق على المستصحب، فيقال: الأصل براءة الذمَّة؛ أي: يُستصحَب خلوُّ الذمة من الانشغال بشيء حتى يَثبُت خلافه؛ انظر: الوجيز في أصول الفقه؛ لعبدالكريم زيدان (9 - 10).


أما الفقه:


لغةً: فالفهم؛ قال - تعالى -: ï´؟ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه: 27، 28]

وقال - تعالى -: وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ï´¾ [الإسراء: 44]

ويُطلَق على العلم، وعلى الفِطنة.

أما الفقه اصطلاحًا فهو: (معرفة الأحكام الشرعية العملية المُكتسَبة من أدلتها التفصيلية

انظر: مختصر ابن اللحام (31)

وشرح الكوكب المنير (1: 41).


تعريف أصول الفقه باعتباره عِلمًا ولقبًا:

هو: (أدلة الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد)

انظر: قواعد الأصول (21)

شرح الكوكب المنير (1: 44).


• المقصود بأدلة الفقه الإجمالية: هي الأدلة الشرعية المتَّفق عليها والمختلف فيها.

• المقصود بكيفية الاستفادة منها: أي كيفية استفادة الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية، وهي طرق الاستِنباط، مثل الأمر والنهي، والعام والخاص، والمُطلَق والمقيَّد، والمُجمَل والمبيَّن، والمنطوق والمفهوم.

• المقصود بحال المستفيد: أي المجتهد، ويدخُل في ذلك مباحث التعارُض والترجيح، والفتوى؛ لأنها من خصائص المُجتهِد، ويَدخُل فيه أيضًا مبحث التقليد؛ لكون المقلد تابعًا له.

• بقي من مباحث علم الأصول: مبحث الأحكام، لم يدخل في هذا التعريف باعتبار أن موضوع أصول الفقه هو: الأدلة، فتكون الأحكام بهذا الاعتبار مقدِّمة من مُقدِّمات علم أصول الفقه، غير داخلة في موضوعه.

وعند التأمل نجد أنه داخِل في عِلم الأصول، سواء ذُكر في التعريف أم لا، وسواء اعتُبر موضوعًا لعلم الأصول أم لا ..

انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (21)؛ لمحمد بن حسين الجيزاني.

• هناك أيضًا قواعد الفقه: وهي تبحَث في قواعد وضوابط الفقه، التي يَنبني عليها مسائل.


مسألة:

هل يَنبغي أن يُقدَّم علم أصول الفقه على الفقه، أم يقدم الفقه عليه؟

قال ابن عثيمين:

قال بعض العلماء - رحمهم الله -: قدِّم الأصول حتى تَبني عليها الفروع، فاعرف أصول الفقه، قبل أن تعرف الفقه.

وقال بعض العلماء - رحمهم الله -: بل يقدَّم الفقه؛ لأن الإنسان يُمكن أن يعرف الفقه دون أن يرجع إلى أصول الفقه

وحينئذ يمكن للإنسان أن يعرف الفقه قبل أن يعرف أصول الفقه؛ وهذا هو الذي عليه العمل الجاري من قديم الزمان، حتى إن بعض المشايخ - فيما نسمَع - يقرؤون الفقه، ولا يقرؤون أصول الفقه إطلاقًا شرح نظم الورقات (15 - 16).


مَصادر أصول الفقه:

المقصود بها الأدلة والأصول التي بُنيت عليها قواعده، وهي:

1- استِقراء نُصوص الكتاب والسنَّة الصحيحة.

2- الآثار المروية عن الصحابة والتابعين.

3- إجماع السلف الصالِح.

4- قواعد اللغة العربية وشواهِدها المنقولة عن العرب.

5- الفِطرة السوية والعقل السليم.

6- اجتهادات أهل العلم واستِنباطاتهم وفق الضوابط الشرعية

مستفاد من كتاب الرسالة للإمام الشافعي

نقلاً من كتاب معالم الفقه (22 - 23)؛ لمحمد بن حسين الجيزاني - حفظه الله
.









 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-09-21 في 17:10.
رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 05:33   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحدود حق لله تعالى

السؤال :

كيف نفرق بين الحدود إذا كانت راجعة لله أم للعبد ؟ وكيف نميز بينهما ؟ وما هي ضوابطها ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحقوق الشرعية بصفة عامة على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: حق الله تعالى المحض ، كالإيمان به سبحانه، وإقامة العبادات المحضة كالصلاة والصيام والحج والعمرة.

القسم الثاني: حق العباد المحض كأداء الديون، ودفع الأثمان عند الشراء.

القسم الثالث: ما اختلف أهل العلم فيه هل يغلب فيه حق الله تعالى أم حق العباد ؛ كحد القذف؛ فهو من جهة أن فيه استهانة بأعراض الناس علناً : فهو حق لله تعالى ، ومن جهة أن المقذوف بالزنى قد اتهم في عرضه وأصابه بذلك الأذى ولحقه العار : فهو حق له.

مع ملاحظة أن كل حق للعبد ففيه حق لله تعالى ؛ فمثلا أداء الديون فإنه وإن كان حقا للعبد ففيه حق لله تعالى من جهة أنه سبحانه أمر بأداء الأمانات إلى أهلها ؛ قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) [النساء: 58] .

يقول القرافي رحمه الله تعالى في الفروق (1 / 140):

" فحق الله أمره ونهيه ، وحق العبد مصالحه .

والتكاليف على ثلاثة أقسام : حق الله تعالى فقط ؛ كالإيمان ، وتحريم الكفر .

وحق العباد فقط ، كالديون والأثمان .

وقسم اختلف فيه هل يغلب فيه حق الله ، أو حق العبد ؛ كحد القذف .

ونعني بحق العبد المحض : أنه لو أسقطه لسقط ، وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى، وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه ؛ فيوجد حق الله تعالى دون حق العبد ، ولا يوجد حق العبد إلا وفيه حق الله تعالى" انتهى.

وقد بين القرافي الفرق بين حق الله تعالى وحق العبد ، ووضح الضابط في ذلك بقوله في الفروق (1 / 141): "وإنما يعرف ذلك بصحة الإسقاط :

فكل ما للعبد إسقاطه فهو الذي نعني به حق العبد .

وكل ما ليس له إسقاطه ، فهو الذي نعني بأنه حق الله تعالى .

وقد يوجد حق الله تعالى ، وهو ما ليس للعبد إسقاطه ، ويكون معه حق العبد؛ كتحريمه تعالى لعقود الربا والغرر والجهالات؛ فإن الله تعالى إنما حرمها صونا لمال العبد عليه ، وصونا له عن الضياع بعقود الغرر والجهل ، فلا يحصل المعقود عليه ، أو يحصل دَنِيَّا ونزرا حقيرا ، فيضيع المال؛ فحجر الرب تعالى برحمته على عبده في تضييع ماله ، الذي هو عونه على أمر دنياه وآخرته، ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يؤثر رضاه .

وكذلك حجر الرب تعالى على العبد في إلقاء ماله في البحر ، وتضييعه من غير مصلحة.

ولو رضي العبد بذلك لم يعتبر رضاه .

وكذلك تحريمه تعالى على المسكرات صونا لمصلحة عقل العبد عليه، وحرم السرقة صونا لماله، والزنا صونا لنسبه، والقذف صونا لعرضه، والقتل والجرح صونا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك ، لم يعتبر رضاه ، ولم ينفذ إسقاطه .

فهذه كلها ، وما يلحق بها من نظائرها ، مما هو مشتمل على مصالح العباد : حق لله تعالى؛ لأنها لا تسقط بالإسقاط ، وهي مشتملة على حقوق العباد ، لما فيها من مصالحهم ودرء مفاسدهم .

وأكثر الشريعة من هذا النوع ، كالرضا بولاية الفسقة وشهادة الأراذل ونحوها ، فتأمل ذلك بما ذكرته لك من النظائر تجده ، فحجر الرب تعالى على العبد في هذه المواطن لطفا به ورحمة له سبحانه وتعالى" انتهى.

ثانيا :

أما بخصوص سؤال السائل عن الحدود فإن الحدود كلها كحد الزنى والسرقة والحرابة حق لله تعالى ، وقد نص على ذلك أهل العلم .

يقول ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 202) "الحقوق نوعان: حَقٌّ للَّه، وحَقٌّ لآدمي، فحق اللَّه لا مَدْخَلَ للصلح فيه ، كالحدود والزكَوَات والكفارات ونحوها ...

وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها " انتهى.

ويقول السرخسي: "فَأَما الْعُقُوبَات الْمَحْضَة : فَهِيَ الْحُدُود الَّتِي شرعت زواجر عَن ارْتِكَاب أَسبَابهَا المحصورة ، حَقًا لله تَعَالَى خَالِصا ؛ نَحْو حد الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر" انتهى من أصول السرخسي (2/ 294).

ولذلك فإن أهل العلم لم يعدوا القصاص من الحدود ، لأنه يقبل الإسقاط من قِبَل ولي الدم ، إن كان القصاص في القتل، ويقبل الإسقاط من قبل صاحب الحق ، إن كان القصاص في الأطراف والأعضاء.

يقول الكمال ابن الهمام الحنفي "الْحَدُّ لُغَةً: هُوَ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ الْحَدَّادُ لِلْبَوَّابِ.

وَفِي الشَّرِيعَةِ: هُوَ الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، حَتَّى لَا يُسَمَّى الْقِصَاصُ حَدًّا ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ، وَلَا التَّعْزِيرُ ؛ لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ" انتهى من فتح القدير للكمال ابن الهمام (5/ 212).

وأما حد القذف خاصة من بين الحدود : فقد اختلف فيه هل هو من حق الله تعالى ، أم من حق العبد ؟

يقول ابن حزم: "إما أن يكون الحد في القذف من حقوق الله تعالى، كالحد في الزنا، والحد في الخمر، والحد في السرقة، والحد في المحاربة .

وإما أن يكون من حقوق الناس، كالقصاص في الأعضاء، والجنايات على الأموال.

فإن كان الحد في القذف من حقوق الله تعالى كسائر الحدود، فلا يجوز لأحد عفو فيه؛ لأنه لا حق له فيه، ولا فرق بين من سرق مال إنسان، أو زنى بأمته وافترى عليه، أو بامرأة أكرهها، وسرق مالا من مالها، وافترى عليها، فلم يختلفوا في أنه ليس للرجل أن يعفو عن الزنا بأمته فيسقط عنه حد الزنا بذلك، ولا لهما أن يعفوا عمن سرق مالهما، أو قطع عليهما الطريق، فيسقط عنه حد السرقة بذلك، وحد المحاربة.

والمفرق بين القذف وبين ما ذكرنا: متحكم في الدين بلا دليل.

وإن كان الحد في القذف من حقوق الناس: فعفو الناس عن حقوقهم جائز"

انتهى من المحلى بالآثار (12 / 255).

مع التنبيه على أنه من الأصول المهمة ، التي يجب معرفته والعناية به في هذا المقام وهو أن الحدود يشرع العفو عنها ، فيما بين الناس ، ويشرع لمن شهد بعض ذلك أن يستر على من ألم به ، ولا يفضحه ، ولا يجب عليه أن يشهد به عند ولي الأمر .

لكن متى شهد الشهود بذلك عند ولي الأمر ، وقامت البينة به عنده : حرم الشفاعة فيه ، ووجب على ولي الأمر أن يقيم حد الشرع على صاحبه

والخلاصة :

أن جميع الحدود هي حقوق لله تعالى ، ولم يختلف العلماء إلا في حد القذف .

هذا مع التذكير بما تقرر في اعتقاد كل مسلم : أن تشريع الأحكام ، وسن الشرائع والقوانين : هو حق الله تعالى على عباده ، تفرد به دونهم ، ولم يأذن لأحد من خلقه أن يشاركه في شرع ، أو أمر أو نهي ، كما لم يكن من عباده ، سبحانه ، من شركه في خلق العباد .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 05:39   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حجية الإجماع وأول إجماع حدث في الإسلام

السؤال :

أود معرفة ما هو أول إجماع حدث في تاريخ الإسلام؟ وما هي أهمية الإجماع؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

الإجماع أحد مصادر التشريع الهامة التي يجب اتباعها.

وقد عُرف الإجماع بتعريفات، والمختار قول السبكي رحمه الله في تعريفه: " وهو اتفاق مجتهدي الأمة بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر على أي أمر كان" انتهى من جمع الجامع مع شرح ولي الدين العراقي المسمى بالغيث الهامع، ص485.

وقد دل على حجية الإجماع أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، سبق بيان بعضها في جواب السؤال رقم 197937

ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء/ 115

قال ابن حزم رحمه الله: " ومن خالفه - أي الإجماع - بعد علمه به، أو قيام الحجة عليه بذلك: فقد استحق الوعيد المذكور في الآية" انتهى من مراتب الإجماع لابن حزم، ص7.
وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله: "الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ" انتهى من العُدة في أصول الفقه (4/1058) .

ثانيا:

لم نقف على من نص على أول إجماع شرعي حدث في الإسلام . أو أول من حكاه ونقله .

وقد تقدم أن الإجماع هو اتفاق المجتهدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما في حياته صلى الله عليه وسلم فلا يكون الإجماع حجة.

قال الآمدي رحمه الله: "وإجماع الموجودين في زمن الوحي ، ليس بحجة في زمن الوحي ، بالإجماع، وإنما يكون حجة بعد النبي صلى الله عليه وسلم"

انتهى من الإحكام للآمدي (1/ 109).

وعليه فقد يقال : إن أول إجماع شرعي حدث بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم : هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم على وجوب تنصيب خليفة، بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك اجتمع المهاجرون والأنصار في سقيفة بني ساعدة لذلك، قبل دفن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أجمعوا على تولية الصديق رضي الله عنه.

ومن أوائل الإجماعات بعد هذا: إجماع الصحابة على قتال المرتدين، بعد معارضة عمر رضي الله عنه، ثم شرح الله صدره لرأي أبي بكر، وأجمع الصحابة على ذلك دون مخالف.

قال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله:

"أثنى الله عز وجل على المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة، وأثنى على أهل بيعة الرضوان، فقال عز وجل: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) الآية [الفتح: 18] .

قد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم: على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعوه ، وانقادوا له ، وأقروا له بالفضل، وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة ، من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة وغير ذلك" انتهى من الإبانة عن أصول الديانة، ص66

وقال رحمه الله: "ومما يدل على إمامة الصديق رضي الله عنه أن المسلمين جميعاً تابعوه ، وانقادوا لإمامته... ثم رأينا علياً والعباس قد بايعاه ، وأجمعا على إمامته، فوجب أن يكون إماماً بعد النبي صلى الله عليه وسلم بإجماع المسلمين .
ولا يجوز لقائل أن يقول : كان باطن علي والعباس خلاف ظاهرهما، ولو جاز هذا لمدعيه ، لم يصح إجماع ، وجاز لقائل أن يقول ذلك في كل إجماع المسلمين ، وهذا يسقط حجية الإجماع ، لأن الله عز وجل لم يتعبدنا في الإجماع بباطن الناس، وإنما تعبدنا بظاهرها، وإذا كان ذلك كذلك، فقد حصل الإجماع والاتفاق على إمامة أبي بكر الصديق" انتهى من الإبانة، ص66

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله

: "ويثبت أهل الحديث خلافة أبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم باختيار الصحابة ، واتفاقهم عليه، وقولهم قاطبة: رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، فرضيناه لدنيانا، يعني أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه، وهي الدين، فرضيناه خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم علينا في أمور دنيانا.

وقولهم: قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك. وأرادوا أنه صلى الله عليه وسلم قدمك في الصلاة بنا أيام مرضه، فصلينا وراءك بأمره، فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك؟

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم في شأن أبي بكر في حال حياته ، بما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا، فانتفعوا بمكانه والله، وارتفعوا به وارتقوا" انتهى من "عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ص290.

ونسوق هذه الفائدة في بيعة علي رضي الله عنه لأبي بكر الصديق في اليوم الأول.

قال ابن كثير رحمه الله: " قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحافظ الإسفراييني، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وإبراهيم بن أبي طالب، قالا: حدثنا بندار بن بشار، حدثنا أبو هشام المخزومي، حدثنا وهيب، حدثنا داود بن أبي هند، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال:

قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر.

قال: فقام خطيب الأنصار فقال: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين، وخليفته من المهاجرين، ونحن كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره ؟

قال: فقام عمر بن الخطاب فقال: صدق قائلكم. أما لو قلتم غير هذا لم نتابعكم. وأخذ بيد أبي بكر وقال: هذا صاحبكم فبايعوه. فبايعه عمر، وبايعه المهاجرون والأنصار.

قال: فصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم، فلم ير الزبير.

قال: فدعا بالزبير فجاء.

فقال: قلت ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه؛ أردت أن تشق عصا المسلمين؟!

فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام فبايعه.

ثم نظر وجوه القوم ، فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب ، فجاء.

فقال: قلت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا المسلمين؟!

قال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعه.

هذا ، أو معناه.

وقال أبو علي الحافظ، سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة، يقول: جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا ، الحديث فكتبته له في رقعة ، وقرأته عليه .

وهذا حديث يسوى بدنة ، بل يسوى بدرة !"

انتهى من البداية والنهاية لابن كثير (5/269).

(والبدرة) كيس فيه مقدار كبير من المال، قيل : ألف أو عشرة ألاف درهم أو سبعة آلاف دينار.

المعجم الوسيط (ص43) ، القاموس المحيط (ص444) .

ثم أورد ابن كثير البيعة الثانية التي وقعت بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها ، وقال: "فهذه البيعة التي وقعت من علي رضي الله عنه، لأبي بكر رضي الله عنه، بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها، بيعة مؤكِّدة للصلح الذي وقع بينهما، وهي ثانية، للبيعة التي ذكرناها أولا يوم السقيفة ، كما رواه ابن خزيمة ، وصححه مسلم بن الحجاج، ولم يكن علي مجانبا لأبي بكر هذه الستة الأشهر، بل كان يصلي وراءه ، ويحضر عنده للمشورة، وركب معه إلى ذي القصة كما سيأتي.

وفي صحيح البخاري: أن أبا بكر رضي الله عنه صلى العصر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال، ثم خرج من المسجد ، فوجد الحسن بن علي يلعب مع الغلمان، فاحتمله على كاهله ، وجعل يقول: بأبي شبه النبي، ليس شبيها بعلي !! وعلي يضحك.

ولكن لما وقعت هذه البيعة الثانية اعتقد بعض الرواة أن عليا لم يبايع قبلها ، فنفى ذلك، والمثبت مقدم على النافي كما تقدم وكما تقرر، والله أعلم" انتهى من البداية والنهاية (5/307).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 05:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يبحث عن كتاب يذكر الأدلة على القواعد الفقهية الفرعية
وعلاقاتها مع القواعد الفقهية الخمس الكبرى


السؤال:

هل يمكن أن تدلوني على كتاب يذكر الأدلة على القواعد الفقهية الفرعية وعلاقاتها مع القواعد الفقهية الخمس الكبرى ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قبل ذكر ما يتعلق بالجواب ، يحسن هنا التنبيه على أمرين :

الأمر الأول : أن القواعد الفقهية غير الكبرى لا يمكن إرجاعها جميعا إلى القواعد الكبرى ، بل فيها ما هو راجع إلى القواعد الخمس الكبرى ، ومتفرع عنها ، وفيها ما ليس كذلك .

قال الشيخ محمد صدقي آل بورنو :

" من حيث الشمول والسعة تنقسم القواعد الفقهية إلى ثلاث مراتب :

المرتبة الأولى : القواعد الكلية الكبرى ، ذوات الشمول العام ، والسعة العظيمة للفروع والمسائل ؛ حيث يندرج تحت كلِّ منها جُلُّ أبواب الفقه ومسائله ، وأفعال المكلفين ، إن لم يكن كلها .

المرتبة الثانية : قواعد أضيق مجالاً من سابقاتها - وإن كانت ذوات شمول وسعة- حيث يندرج تحت كل منها أعداد لا تحصى من مسائل الفقه في الأبواب المختلفة .

وهي قسمان:

ا- قسم يندرج تحت القواعد الكبرى ، ويتفرع عليها .

ب- قسم آخر لا يندرج تحت أي منها .

المرتبة الثالثة : القواعد ذوات المجال الضيق ، التي لا عموم فيها ، حيث تختص بباب ، أو جزء باب . وهذه التي تسمى بالضوابط ، جمع ضابط ، أو ضابطة " .

انتهى من " الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية " ( ص 26 – 27 ) .

الأمر الثاني : لا يمكن إقامة نص صريح من الكتاب والسنة على كل قاعدة فرعية ، لأن بعض القواعد مأخوذ من نصوص الكتاب والسنة ، وبعضها مستنبط بالاجتهاد ؛ كما يحصل ـ مثلا ـ باستقراء الفروع الفقهية ، وجمع الفروع المتشابهة ، واستخراج المعنى الجامع بينها ، وصياغة ذلك على شكل قاعدة جامعة .

ثانيا :

توجد بعض الكتب التي راعت النهج الذي يطلبه السائل ، نذكر منها :

1- الأشباه والنظائر للسيوطي رحمه الله تعالى :
حيث قال في مقدمة كتابه :

" وقد صدرت كل قاعدة بأصلها من الحديث والأثر ، وحيث كان في إسناد الحديث ضعف أعملت جهدي في تتبع الطرق والشواهد ، لتقويته ، على وجه مختصر " .

انتهى من " الأشباه والنظائر " ( 1 / 6 ) .

وقد قسّم كتابه على أقسام ، خصّ القسم الأول بشرح القواعد الخمس وذكر ما يتفرع عنها .

2- كتب الشيخ يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين :

فقد كتب عن القواعد الأربعة الكبرى : " الأمور بمقاصدها ، اليقين لا يزول بالشك ، العادة محكّمة ، المشقة تجلب التيسير " ، واهتم بذكر القواعد المتفرعة عنها ، وحرص على ذكر الأدلة حيث وجدت .

وذلك في كتبه الآتية :

كتاب : " قاعدة الأمور بمقاصدها " .
كتاب : " قاعدة اليقين لا يزول بالشك " .
كتاب : " قاعدة العادة محكّمة " .
كتاب : " قاعدة المشقة تجلب التيسير " .
3- كتاب " القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عنها " للشيخ صالح بن غانم السدلان .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 05:57   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح بعض مصطلحات أصولية وهي مفهوم
العدد واللقب والحصر ومدى حجيتها


السؤال:

ما معنى المصطلحات الأصولية التالية : المفهوم العددي ، المفهوم اللقبي ، المفهوم الحصري، المفهوم العددي ليس بحجة ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذه المصطلحات المذكورة في السؤال هي مصطلحات أصولية أي تنسب إلى علم أصول الفقه وتذكر فيه ، وهذه المصطلحات تذكر في باب " مفهوم المخالفة " .

و" مفهوم المخالفة " ، ويسمى أيضا "دليل الخطاب" ، معناه : " أن يحكم للمسكوت عنه ، بخلاف حكم المنصوص "

انتهى من " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم (1 / 46).

وقال القاضي أبو يعلى :

" ويعبر عنه بأن المسكوت عنه يخالف حكم المنصوص عليه بظاهره ، وقد نص أحمد - رضي الله عنه - على هذا في مواضع : فقال في رواية صالح : " لا وصية لوارث" ؛ دليل أن الوصية لمن لا يرث
" .
انتهى " من العدة في أصول الفقه " (2 / 449).

وفي " الفقيه والمتفقه " للخطيب البغدادي (1 / 234) :

" وأما دليل الخطاب فهو : أن يعلَّق الحكم على إحدى صفتي الشيء ، فيدل على أن ما عداها بخلافه ؛ كقوله تعالى: ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) ، فيه دلالة على أن العدل إن جاء بنبإ لم يتبين ، وكذلك قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) [ الطلاق: 6] ، فيه دليل على أن المبتوتات غير الحوامل : لا يجب عليهن الإنفاق " انتهى .

وقد استعمل الصحابة رضوان الله عليهم دليل الخطاب (مفهوم المخالفة ) في حديثهم ، فعن عبد الله بن مسعود قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ، وقلتُ أخرى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من مات وهو يجعل لله ندَّا ؛ دخل النار » قال عبد الله : وأنا أقول: من مات وهو لا يجعل لله ندا ؛ أدخله الله الجنة . ولم يقل عبد الله هذا إلا من ناحية دليل الخطاب ، فدل على أنه من لغة العرب "
.
انتهى من " الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي " (1 / 323) باختصار.

ومفهوم المخالفة : له أقسام عديدة عند الأصوليين . قال القرافي رحمه الله في " الفروق " (2 / 36، 37) : " فهو ينقسم إلى عشرة أقسام :

مفهوم العلة ؛ نحو : ما أسكر كثيره : فهو حرام

مفهومه : ما لم يسكر كثيره فليس بحرام .

ومفهوم الصفة : في الغنم السائمة : الزكاة

مفهومه : ما ليس بسائمة لا زكاة فيه .

ومفهوم الشرط : من تطهر صحت صلاته

مفهومه : من لم يتطهر لا تصح صلاته .

ومفهوم المانع : لا يُسقط الزكاةَ إلا الدين

مفهومه : أن من لا دين عليه لا تسقط عنه .

ومفهوم الزمان : سافرت يوم الجمعة

مفهومه : أنه لم يسافر يوم الخميس .

ومفهوم المكان : جلست أمامك

مفهومه : أنه لم يجلس عن يمينك .

ومفهوم الغاية : ( أتموا الصيام إلى الليل ) [البقرة: 187]

مفهومه : لا يجب بعد الليل .

ومفهوم الحصر : إنما الماء من الماء

مفهومه : أنه لا يجب من غير الماء .

ومفهوم الاستثناء : قام القوم إلا زيدا ؛

مفهومه : أن زيدا لم يقم .

ومفهوم اللقب : تعليق الحكم على أسماء الذوات ، نحو : في الغنم الزكاة

مفهومه : لا تجب في غير الغنم ، عند من قال بهذا المفهوم ؛ وهو أضعفها " انتهى .

فأسقط رحمه الله مفهوم العدد من الأقسام ، وقد عدّه غيره منها .

جاء في " بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب " (2 / 440) : " مفهوم المخالفة : أن يكون المسكوت عنه مخالفا ، ويسمى دليل الخطاب ، وهو أقسام : مفهوم الصفة ، ومفهوم الشرط ، مثل : وإن كن أولات حمل [الطلاق: 6] ، والغاية ، مثل: حتى تنكح [البقرة: 230] . والعدد الخاص ، مثل: ثمانين جلدة [النور: 4] " انتهى.











رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 06:02   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

مفهوم العدد : هو مصطلح أصولي معناه تعليق الحكم الشرعي بعدد معين مخصوص ، كقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) [النور: 2] ، فقيد الحكم الشرعي وهو وجوب جلد الزاني بعدد معين ، وهو مائة جلدة . وكالحديث الذي رواه مسلم (279) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ) .

جاء في " التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام " (1 / 117) :

" ومفهوم العدد ، وهو دلالة اللفظ المفيد لحكم (عند تقييده) أي الحكم (به) ، أي : بالعدد ، على نقيض الحكم فيما عدا العدد ؛ كقوله تعالى : ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ) [النور: 4] ؛ فإنه يدل على نفي وجوب الزائد على الثمانين " انتهى .

وقد اختلف الأصوليون في حجيته ، بمعنى : هل تقييد الحكم بعدد معين ، يدل على انتفائه – أي الحكم المعين – فيما عدا ذلك العدد ، أو لا يدل ؟ هذا محل خلاف بين الأصوليين .

فذهب الإمام مالك ، والشافعي ، فيما نقل عنه ، وأحمد وداود الظاهري إلى حجيته .

جاء في " التحبير شرح التحرير " (6 / 2940) :

" قال به الإمام أحمد ، وأكثر أصحابه ، ومالك ، وداود ، وبعض الشافعية ، ومنهم : الشيخ أبو حامد ، وابن السمعاني ، وأبو المعالي ، والغزالي ، وابن الصباغ في " العدة " ، وسليم ، قال: وهو دليلنا في نصاب الزكاة والتحريم بخمس رضعات " انتهى .

وقد استدلوا على ذلك بأدلة منها: ما أخرجه البخاري (4670) ، ومسلم (2400) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ ، فَأَعْطَاهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ

وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) [التوبة: 80] ، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ " قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) [التوبة: 84] " .
وجه الاستدلال: ما ذكره ابن أمير الحاج في " التقرير والتحبير " (1 / 125) وهو " أنه - صلى الله عليه وسلم - فهم أن حكم ما زاد على السبعين : خلافُ حكمها " انتهى.

ونفى القول بحجيته الحنفية والمعتزلة والأشعرية وكثير من الشافعية .

والراجح هو القول بحجيته لئلا يخلو ذكر العدد من فائدة ، جاء في " مختصر التحرير شرح الكوكب المنير " (3 / 508) : " والقول به أصح ؛ لئلا يعرى التحديد به عن فائدة " انتهى ، وقال الشوكاني في " إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول " (2 / 45) : " والعمل به معلوم من لغة العرب ، ومن الشرع ، فإن من أمر بأمر ، وقيده بعدد مخصوص ، فزاد المأمور على ذلك العدد ، أو نقص عنه

فأنكر عليه الآمر الزيادة أو النقص ، كان هذا الإنكار مقبولا عند كل من يعرف لغة العرب ، فإن ادعى المأمور أنه قد فعل ما أمر به ، مع كونه نقص عنه أو زاد عليه ، كانت دعواه هذه مردودة عند كل من يعرف لغة العرب " انتهى.

ولكن شرط القول بحجيته ألا يُقصَد بذكر العدد مجرد المبالغة والتكثير ، فإن قصد بها المبالغة أو التكثير لم يعتبر العدد ، جاء في " البحر المحيط في أصول الفقه " (5 / 172) : " مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّكْثِيرُ، فَأَمَّا الْمَقْصُودُ بِهِ كَالْأَلْفِ وَالسَّبْعِينَ ، وَغَيْرِهِمَا ، ممَا جَرَى فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِلْمُبَالَغَةِ ، فَلَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ " انتهى.

ثالثا :

مفهوم اللقب ، مصطلح أصولي يقصد به تعليق الحكم على أسماء الذوات ، جاء في " الفروق " للقرافي (2 / 37) : " ومفهوم اللقب تعليق الحكم على أسماء الذوات نحو في الغنم الزكاة ، مفهومه : لا تجب في غير الغنم عند من قال بهذا المفهوم وهو أضعفها " انتهى .

وقد اختلف الأصوليون هل يدل ذلك التعليق على انتفاء الحكم فيما عدا ذلك الاسم ؟ وقد اشتهر في ذلك الخلاف مذهبان ، والراجح منهما عدم حجيته ، بمعنى أن تعليق الحكم المعين على لقب من الألقاب ، لا يدل على انتفاء ذات الحكم فيما عدا ذلك اللقب .

جاء في " الإحكام في أصول الأحكام للآمدي " (3 / 95) : " اتفق الكل على أن مفهوم اللقب ليس بحجة ، خلافا للدقاق وأصحاب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله – وصورته : أن يعلق الحكم إما باسم جنس، كالتنصيص على الأشياء الستة بتحريم الربا ، أو باسم علم ؛ كقول القائل: زيد قائم أو قام ، والمختار إنما هو مذهب الجمهور" انتهى.

واستدل الجمهور على عدم حجية مفهوم اللقب بأدلة ، منها ما ذكره الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (3 / 95) :

" أنه لو كان مفهوم اللقب حجة ودليلا ، لكان القائل إذا قال: " عيسى رسول الله " ، فكأنه قال : " محمد ليس برسول الله " ، وكذلك إذا قال: " زيد موجود " ، فكأنه قال : " الإله ليس بموجود "، وهو كفر صراح ، ولم يقل بذلك قائل" انتهى.

وقد ذكر القرافي – رحمه الله –

العلة من ضعف حجية مفهوم اللقب ، فذكر أن ذلك بسبب أن الاسم جامد ، فلا يشعر بتعليل ، جاء في " شرح تنقيح الفصول " (1 / 56) : " ومفهوم اللقب إنما ضعف لعدم رائحة التعليل فيه ، فإن الصفة تشعر بالتعليل ، وكذلك الشرط ونحوه ، بخلاف اللقب لجموده بعدم التعليل فيه " انتهى.

وهناك مذهبان آخران في حجية مفهوم اللقب غير مشهورين ، وهما:

1. أنه يفرق بين اسم النوع فيكون مفهوم اللقب فيه حجة يدل على نفي الحكم فيما عداه ، وبين اسم الشخص فلا يكون مفهوم اللقب فيه حجة .

2. إن قامت قرينة على تخصيص الحكم بهذا الاسم دون ما سواه : كان مفهوم اللقب حجة ، وإن لم تقم قرينة لم يكن حجة .
جاء في " البحر المحيط في أصول الفقه " (5 / 149)

: " وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " قَوْلًا ثَالِثًا عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ ، فَيَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ، نَحْوُ: فِي السُّودِ مِنْ النَّعَمِ الزَّكَاةُ، وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَشْخَاصِ، إلَّا أَنَّ مَدْلُولَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ أَكْثَرُ، وَهُمَا فِي الدَّلَالَةِ مُتَسَاوِيَانِ. وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَةِ قَوْلًا رَابِعًا، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَيَكُونَ حُجَّةً، كَقَوْلِهِ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا » إذْ قَرِينَةُ الِامْتِنَانِ ، تَقْتَضِي الْحَصْرَ فِيه " انتهى.

رابعا:

مفهوم الحصر ، ويقصد به : إذا ورد أمر في صورة من صور الحصر كالنفي مع الإثبات ، في قوله صلى الله عليه وسلم ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ ) رواه مسلم (224). أو " إنما " كقوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (2168) ، ومسلم (1504)

" إنما الولاء لمن أعتق " ، أو وجود ضمير الفصل كقوله تعالى ( فالله هو الولي ) [الشورى: 9] ، وكقوله تعالى ( إن شانئك هو الأبتر ) [الكوثر: 3] ، أو تقديم المعمول ، كقوله تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين) وغير ذلك من صور الحصر ، فهل يدل ذلك على انتفاء هذا الأمر فيما عدا صورة الحصر ؟ خلاف بين الأصوليين ، فيه تفصيل وبسط ليس هذا محل ذكره ، ولكن يراجع بالتفصيل في " البحر المحيط في أصول الفقه "(5 / 181- 194).

وأقوى صور الحصر : النفي مع الإثبات ، فيدل على انتفاء الحكم في غير صورة الحصر ، جاء في " إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول " (2 / 47) : " مفهوم الحصر وهو أنواع ، أقواها: ما وإلا ، نحو، ما قام إلا زيد ..... والعمل به معلوم من لغة العرب ، ولم يأت من لم يعمل به بحجة مقبولة " انتهى

ويليه في القوة الحصر بــ " إنما " قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (2 / 47) : " ثم الحصر بـ إنما، وهو قريب مما قبله في القوة ، وقد نص عليه الشافعي في " الأم" ، وصرح هو وجمهور أصحابه أنها في قوة الإثبات والنفي ، بـــ ما، وإلا." انتهى باختصار.

رابعا:

مما سبق يعلم الجواب عن استفسارك عن قولهم : مفهوم العدد ليس بحجة ؛ فقد سبق بيان ذلك ، وأن الراجح كونه حجة ما لم يذكر بقصد المبالغة والتكثير.

والله


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:20   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الإجماع ، تعريفه ، وأنواعه ، وشروطه

سبق نشره


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128791

حكم التقليد وشروط المجتهد

سبق نشره


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2128957










رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:25   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خطاب الذكور هل يدخل فيه النساء؟

السؤال

: لدي سؤال حول قوله تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) الآية ، فهذا خطاب للرجال والأزواج ، ولكن هل ممكن نقول إنه يشمل النساء؟ بمعنى أن المراة إذا كرهت زوجها فالأفضل لها أن تعاشره بالمعروف ، وأن تصبر على ذلك ؛ لأن في ذلك خيراً كثيرا

أم إن هذا خاص بصبر الرجال على النساء؟ وكذلك الحديث المشهور (لا يفرك مؤمن مؤمنة إذا كره منها ) الحديث ، فهل يشمل النساء؟ فأنا أريد أن أستدل بهذا الحديث على أن المراة لا تكره زوجها لمجرد صفة سيئة فيه ، كما يدل عليه الحديث ، وعندي درس ألقيه مرة في الإسبوع ، ولكني متردد من الاستدلال بهذا الحديث حتى أتأكد أنه ينطبق على النساء أيضاً.


​الجواب :

الحمد لله

قول الله عز وجل : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/ 19 .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا يَفْرَكْ [ أي : لا يبغض ] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) رواه مسلم (1469).

خطاب للرجال، وتدخل فيه النساء، وإنما ذكر الرجال تغليبا .

وهذا الخطاب المتعلق بالأحكام لا خلاف في دخول النساء فيه، وإنما الخلاف في دخولهم تحت جمع المذكر كالمؤمنين، والصحيح أنهن يدخلن أيضا ، إلا ما دل الدليل على خصوصيته بالرجال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " واعلم أن الناس قد اختلفوا في " صيغ جمع المذكر ، مظهره ومضمره ، مثل: المؤمنين والأبرار، وهو : هل يدخل النساء في مطلق اللفظ ، أو لا يدخلون إلا بدليل؟ على قولين:

أشهرهما عند أصحابنا ومن وافقهم : أنهم يدخلون، بناء على أن من لغة العرب إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلبوا المذكر، وقد عهدنا من الشارع في خطابه أنه يعم القسمين ويدخل النساء بطريق التغليب.

وحاصله أن هذه الجموع تستعملها العرب تارة في الذكور المجردين، وتارة في الذكور والإناث.

وقد عهدنا من الشارع : أن خطابه المطلق يجري على النمط الثاني.

وقولنا: المطلق، احتراز من المقيد مثل قوله: {والمؤمنين والمؤمنات} .

ومن هؤلاء من يدعي أن مطلق اللفظ في اللغة يشمل القسمين.

والقول الثاني: أنهن لا يدخلن إلا بدليل.

ثم لا خلاف بين الفريقين أن آيات " الأحكام " و " الوعد " و " الوعيد " التي في القرآن : تشمل الفريقين ، وإن كانت بصيغة المذكر .

فمن هؤلاء من يقول: دخلوا فيه لأن الشرع استعمل اللفظ فيهما ، وإن كان اللفظ المطلق لا يشمله ، وهذا يرجع إلى القول الأول.

ومنهم من يقول: دخلوا ، لأنا علمنا من الدين استواء الفريقين في الأحكام ، فدخلوا ؛ كما ندخل نحن فيما خوطب به الرسول ، وكما تدخل سائر الأمة فيما خوطب به الواحد منها. وإن كانت صيغة اللفظ لا تشمل غير المخاطب" انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/ 437).

وقال ابن قدامة رحمه الله : "ويدخل النساء في الجمع المضاف إلى "الناس" ، وما لا يتبين فيه لفظ التذكير والتأنيث ، كأدوات الشرط .

ولا يدخلن فيما يختص بالذكور من الأسماء، كالرجال والذكور.

فأما الجمع بالواو والنون، كالمسلمين، وضمير المذكرين، كقوله، تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} : فاختار القاضي أنهن يدخلن فيه، وهو قول بعض الحنفية وابن داود.

واختار أبو الخطاب والأكثرون: أنهن لا يدخلن فيه، لأن الله -تعالى- ذكر "المسلمات" بلفظ متميز . فما يثبته ابتداء، ويخصه بلفظ "المسلمين" : لا يدخلن فيه إلا بدليل آخر، من قياس، أو كونه في معنى المنصوص، وما يجري مجراه.

ولنا: أنه متى اجتمع المذكر والمؤنث، غلب التذكير، ولذلك: لو قال، لمن بحضرته من الرجال والنساء: "قوموا واقعدوا" ؛ يتناول جميعهم.

ولو قال: قوموا، وقمن، واقعدوا، واقعدن: عُدَّ تطويلًا ولكنة.

ويبينه قوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ}، وكان ذلك خطابًا لآدم وزوجه والشيطان.

وأكثر خطاب الله -تعالى- في القرآن بلفظ التذكير، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} و {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا}، و {هُدىً لِلْمُتَّقِين}، {وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين}، {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين}، والنساء يدخلن في جملته" انتهى من "روضة الناظر" (3/ 45).

وقال الشيخ الأمين الشنقيطي في التعليق عليه: "وقوله المؤلف في هذا الفصل: ويدخل النساء في الجمع المضاف إلى الناس وما لا يتبين فيه لفظ التذكير والتأنيث الخ ...

خلاصته: أن له طرفين وواسطة:

طرف يدخل فيه النساء مع الرجال ، اتفاقاً ؛ نحو الخطاب بـ ( يا أيها الناس ) ، وكأدوات الشرط نحو : ( مَن ) .

(ب) وطرف لا يدخلن فيه معهم ، إجماعاً ؛ نحو: الرجال والذكور، كما لا يدخل الرجال في لفظ النساء والإناث ، ونحو ذلك.

(ج) وواسطة: اختلف فيها ، وهي: الجموع المذكرة السالمة ، كالمسلمين ، وضمائر جماعة الذكور ، نحو : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا ) .

والمؤلف يميل إلى دخولهم في الجموع المذكورة ، ونحوها .

وذكر أنه اختيار القاضي ، وقول بعض الحنفية وابن داوود , وعزا عدم دخولهن للأكثرين ، وهو اختيار أبى الخطاب..." انتهى من "مذكرة في أصول الفقه" ، ضمن آثار الشنقيطي (332) .

والحاصل :

أن المرأة داخلة في خطاب الآية المذكورة ، فتؤمر بمعاشرة زوجها بالمعروف .

ويقال لها: فإن كرهت زوجك، فعسى أن تكرهي شيئا ويجعل الله فيها خيرا كثيرا .

مثل ذلك الحديث المذكور :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) أَوْ قَالَ: (غَيْرَهُ) رواه مسلم (1469) .

فيقال لها: لا تبغض المؤمنة زوجها، فإنها إن كرهت منه خلقا رضيت آخر.

قال الملا علي القاري رحمه الله :

" وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصَّاحِبَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ عَيْبٍ فَإِنْ أَرَادَ الشَّخْصُ بَرِيئًا مِنَ الْعَيْبِ يَبْقَى بِلَا صَاحِبٍ وَلَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ سِيَّمَا الْمُؤْمِنُ عَنْ بَعْضِ خِصَالٍ حَمِيدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَهَا وَيَسْتُرَ مَا بَقِيِّهَا "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (5/2118) .

المرأة داخلة في خطاب الآية المذكورة ، فتؤمر بمعاشرة زوجها بالمعروف .

ويقال لها: فإن كرهت زوجك، فعسى أن تكرهي شيئا ويجعل الله فيها خيرا كثيرا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:28   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ملخص في أحكام الحجر والإفلاس

السؤال :

أرغب في معرفة ما إذا كان يجوز في الإسلام إشهار الإفلاس أم لا ؟

وإذا تقدمتُ مشهراً إفلاسي مدركاً أن الديْن لا يزال ديْني أنا فلمن أرد المال عندما يكون في وسعي ذلك ؟

وما هي توجيهاتكم في هذا الشأن ؟ .


الجواب :

الحمد لله

المفلس هو من يكون دَيْنه الذي عليه أكثر من المال الذي معه .

فإذا طلب الغرماء (الدائنون) من الحاكم أن يحجر عليه ، ويقسم عليهم المال الذي معه ، وجب عليه إجابتهم إلى ذلك .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في بيان أحكام الحجر والمفلس :

"1. معنى الحجر في الشرع : منع إنسان من تصرفه في ماله .

ودليله من القرآن الكريم : قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) النساء/5 ، 6 ، فدلت الآيتان على الحجر على السفيه واليتيم في ماله ; لئلا يفسده ويضيعه , وأنه لا يدفع إليه إلا بعد تحقق رشده فيه ، وقد حجر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الصحابة لأجل قضاء ما عليه من الديون .

2. والحَجر نوعان :

النوع الأول : حجر على الإنسان لأجل حظ غيره , كالحجر على المفلس لحظ الغرماء .

النوع الثاني : حجر على الإنسان لأجل مصلحته هو ; لئلا يضيع ماله ويفسده , كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون .

3. النوع الأول : الحجر على الإنسان لحظ غيره ، والمراد هنا : الحجر على المفلس , والمفلس : هو من عليه ديْن حالٌّ لا يتسع له ماله الموجود , فيُمنع من التصرف في ماله ; لئلا يضر بأصحاب الديون .

أما المدين المعسر الذي لا يقدر على وفاء شيءٍ من ديْنه : فإنه لا يطالب به , ويجب إنظاره ; لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) .

أما من له قدرة على وفاء ديْنه : فإنه لا يجوز الحجر عليه ؛ لعدم الحاجة إلى ذلك , لكن يؤمر بوفاء ديونه إذا طالب الغرماء بذلك ; لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم ) أي : مطل القادر على وفاء ديْنه : ظلم ; لأنه منع أداء ما وجب عليه أداؤه من حقوق الناس , فإن امتنع من تسديد ديونه : فإنه يسجن ، قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : " ومَن كان قادراً على وفاء ديْنه , وامتنع , أجبر على وفائه بالضرب والحبس , نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم " , قال : " ولا أعلم فيه نزاعاً " انتهى .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لي الواجد ظلم يُحلُّ عرضَه وعقوبتَه ) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما , وعِرضه : شكواه , وعقوبته : حبسه ; فالمماطل بقضاء ما عليه من الحق يستحق العقوبة بالحبس والتعزير , ويكرر عليه ذلك حتى يوفي ما عليه , فإن أصر على المماطلة : فإن الحاكم يتدخل فيبيع ماله ويسدد منه ديونه ؛ لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع , ولأجل إزالة الضرر عن الدائنين , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) .

4. ومما مرَّ يتضح أن المدين له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون الديْن مؤجَّلاً عليه ، فهذا لا يطالب بالديْن حتى يحلَّ , ولا يلزمه أداؤه قبل حلوله , وإذا كان ما لديه من المال أقل مما عليه من الدين المؤجل : فإنه لا يحجر عليه من أجل ذلك , ولا يمنع من التصرف في ماله .

الحالة الثانية : أن يكون الدين حالاًّ .

فللمدين حينئذ حالتان :

الأولى : أن يكون ماله أكثر من الديْن الذي عليه : فهذا لا يُحجر عليه في ماله , ولكن يؤمر بوفاء الديْن إذا طالب بذلك دائنه , فإن امتنع : حُبس وعزِّر حتى يوفي ديْنَه , فإن صبر على الحبس والتعزير , وامتنع من تسديد الدين : فإن الحاكم يتدخل ويوفي ديْنه من ماله ، ويبيع ما يحتاج إلى بيع من أجل ذلك .

والثانية : أن يكون ماله أقل مما عليه من الديْن الحالِّ ; فهذا يُحجر عليه التصرف في ماله إذا طالب غرماؤه بذلك ; لئلا يضر بهم ; لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله) رواه الدارقطني والحاكم وصححه , وقال ابن الصلاح : " إنه حديث ثابت " , وإذا حجر عليه في هذه الحالة : فإنه يُعلن عنه , ويظهر للناس أنه محجور عليه ; لئلا يغتروا به ويتعاملوا معه , فتضيع أموالهم .

5. ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام :

الحكم الأول : أنه يتعلق حق الغرماء بماله الموجود قبل الحجر , وبماله الحادث بعد الحجر ; فيلحقه الحجر كالموجود قبل الحجر , فلا ينفذ تصرف المحجور عليه في ماله بعد الحجر بأي نوع من أنواع التصرف , وحتى قبل الحجر عليه يحرم عليه التصرف في ماله تصرفا يضر بغرمائه .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " إذا استغرقت الديون ماله : لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون , سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه , هذا مذهب مالك واختيار شيخنا – يريد : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - " , قال : " وهو الصحيح , وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره , بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده ؛ لأن حق الغرماء قد تعلق بماله , ولهذا يحجر عليه الحاكم , ولولا تعلق حق الغرماء بماله , لم يسع الحاكم الحجر عليه , فصار كالمريض مرض الموت , وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء , والشريعة لا تأتي بمثل هذا ; فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق , وسد الطريق المفضية إلى إضاعتها " انتهى كلامه رحمه الله .

الحكم الثاني : أن من وجد عين ماله الذي باعه عليه أو أقرضه إياه أو أجره إياه قبل الحجر عليه : فله أن يرجع به ويسحبه من عند المفلس ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك متاعه عند إنسان أفلس فهو أحق به ) متفق عليه ; وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه يشترط لرجوع من وجد ماله عند المفلس المحجور عليه ستة شروط :

الشرط الأول : كون المفلس حيّاً إلى أن يأخذ ماله منه ; لما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء ) .

الشرط الثاني : بقاء ثمنها كله في ذمة المفلس , فإن قبض صاحب المتاع شيئاً من ثمنه : لم يستحق الرجوع به .

الشرط الثالث : بقاء العين كلها في ملك المفلس , فإن وجد بعضها فقط : لم يرجع به ; لأنه لم يجد عين ماله , وإنما وجد بعضها .

الشرط الرابع : كون السلعة بحالها , لم يتغير شيء من صفاتها .

الشرط الخامس : كون السلعة لم يتعلق بها حق الغير ; بأن لا يكون المفلس قد رهنها ونحو ذلك .

الشرط السادس : كون السلعة لم تزد زيادة متصلة كالسِّمَن , فإذا توافرت هذه الشروط : جاز لصاحب السلعة أن يسحبها إذا ظهر إفلاس من هي عنده ؛ للحديث السابق .

الحكم الثالث : انقطاع المطالبة عنه بعد الحجر عليه إلى أن ينفك عنه الحجر , فمن باعه أو أقرضه شيئا خلال هذه الفترة : طالبه به بعد فك الحجر عنه .

الحكم الرابع : أن الحاكم يبيع ماله , ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالَّة ; لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه , وفي تأخير ذلك مطل وظلم لهم , ويترك الحاكم للمفلس ما يحتاج إليه من مسكن ومؤنة ونحو ذلك .

أما الدين المؤجل : فلا يحل بالإفلاس , ولا يزاحم الديون الحالَّة ؛ لأن الأجل حق للمفلس ، فلا يسقط ، كسائر حقوقه , ويبقى في ذمة المفلس , ثم بعد توزيع ماله على أصحاب الديون الحالة : فإن سدَّدها ولم يبق منها شيء : انفك عنه الحجر بلا حكم حاكم ; لزوال موجبه , وإن بقي عليه شيء من ديونه الحالة : فإنه لا ينفك عنه الحجر إلا بحكم الحاكم ; لأنه هو الذي حكم بالحجر عليه , فهو الذي يحكم بفك الحجر عنه" انتهى باختصار .

" الملخص الفقهي " ( 2 / 89 – 95 ) .

وإذا بقي شيء من الديون لم تسدد لأصحابها فإنها تبقى في ذمته ، حتى يرزقه الله تعالى مالاً ، فيجب عليه سداد ما بقي من هذه الديون .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:31   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حرمة اللعب بلعبة إلكترونية - Dissidia -
قصتها حرب بين إله الخير وإله الشر !


السؤال:

" Dissidia " هي آخر لعبة من ألعاب الفيديو ، ولكن هناك شيء فيها وهي أنها تمثل الصراع بين إلهين ، فهل يجوز أن ألعبها ؟ .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

السائل لم يتجاوز عمره ( 14 ) عاماً ، وهو يسأل عن الحكم الشرعي للعب بلعبة افتتن بها الكبار قبل الصغار ، وهذا إن دلَّ على شيء فيدل على الخير الكبير في الشاب السائل ، وهو مثال صالح من أمثلة كثيرة لشباب الإسلام الذين يسألون عن حكم الشرع ، وهم يستجيبون – إن شاء الله – للحكم الشرعي بالمنع منه ، ولو كان لهم رغبة في فعل ذلك الشيء ، فنسأل الله تعالى أن يوفق الأخ السائل الشاب لما فيه رضاه ، وأن يثبته على الخير والهدى .



ثانياً:

هذه اللعبة التي جاءت في السؤال ، وهي : " Final Fantasy Dissidia " هي ضمن سلسلة ألعاب " FINAL FANTASY " والتي مضى على إصدارها ( 20 ) سنة ! فقد كان أول إصدار لهذه السلسلة في سنة 1987 م ! وقد جمعوا في هذه اللعبة الأخيرة نخبة ! أبطال اللعب السابقة .

وهي لعبة تافهة ، احتوت على مخالفات للشرع كثيرة ، منها :

1. ما ذكره الأخ السائل الشاب من جعلهم قصة اللعبة تدور حول معارك وحروب بين إله الخير ! - وهي امرأة حسناء - cosmos god of hormony - ، وشرير يمثل إله الشر ! - chaos god of discord – وهكذا هي تسميتهما في اللعبة ، وهو أمر كافٍ للمنع منها ؛ إذ فيها مخالفة لاعتقاد المسلمين وأصول دينهم ، فليس ثمة إله في الكون يتصرف فيه إلا الله تعالى ، وليس ثمة إله للخير وآخر للشر إلا في اعتقاد المجوس ومن ضاهاهم من أهل الضلال .

2. التبرج السافر ، وتفصيل العورات في شخوص النساء ، وفي هذا تأصيل للفساد السلوكي مع ما سبق من تأصيل الفساد الاعتقادي .

3. تسويق السحر والشعوذة ، وذلك من خلال الأبطال المساندين لإله الشر ! .

4. الموسيقى المحرمة التي لا تنقطع عن تلك اللعبة .

وقد ذكرنا في بعض أجوبتنا حرمة الألعاب الإلكترونية للصغار والكبار إذا كانت تحتوي على معازف ، وللمزيد من التفصيل ينظر جوابي السؤالين : ( 2898 ) و ( 39744 ) .

5. تضييع الأوقات في شيء تافه لا قيمة له ، فاللعبة تستغرق 40 ساعة لإكمال طور قصتها ، ومن أراد جمع كل أدوات اللعبة ، وفتح كل شيء فيها : فقد تستغرق أكثر من 100 ساعة ! فكم من واجبات ستضيع أثناء اللعب بها ؟! وكم من مصالح ستهدر واللاعب مستغرق في اللعب بها ؟! .

وكل ذلك يجعلنا نجزم بحرمة تلك اللعبة ، وعدم تجويز اللعب بها ، ونحذِّر من خطرها ، وخطر غيرها من الألعاب الإلكترونية التي انتشرت في الآفاق ، وأدمن على متابعتها واللعب بها الكبار والصغار ، والذكور والإناث .

قال الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الزايدي - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة ، بجامعة الإمام محمد بن سعود - :

من صور التأثير السلبي على الأطفال : التأثير عبر الألعاب الإلكترونية التي انتشرت بكثافة وتنوع وإغراء شديد للناشئة ذكوراً وإناثاً .

ولم يكتف صانعو تلك الألعاب ومصدروها بالتأثير على السلوك العملي للأطفال عبر ألعابهم ، بل انتقلوا إلى مرحلة أكثر خطورة حينما اتجهوا للتأثير على " الفكر " و " المعتقد " ، وعلى سبيل المثال : " فقد لفت نظر أبوين متابعة ولدهما للعبة من تلك الألعاب بشغف أدى إلى شبه عزلة لأكثر من يوم ، وحين أعلن الولد بصوت عال فوزه في اللعبة توجه والداه إلى الشاشة لمشاهدة ما تم إنجازه ، وإذا بالنتيجة تصيبهم بصدمة شديدة ، فقد وجدوا نتيجة لم تكن ضمن حساباتهم ، قلعة كبيرة جدا ، ارتفع فوقها عدد كبير من الصلبان ، وقصاصات الورق الملون تنزل من السماء بكثافة إعلانا للنصر الكبير الذي أحرزه هذا الفتى المسلم ، وهو رفعه لراية الصليب عاليا ، وعبارة في الأسفل كتبت باللغة الإنجليزية بشكل ملون وجميل تقول له بكل امتنان : أنت فائز ، لقد ربحت ، لقد وصلت إلى الهدف " !!

لكن الحقيقة أن أصحاب هذه التقنية هم الذين وصلوا إلى الهدف ، الذي سعوا هم لتحقيقه سنوات طويلة ، حققوه من خلال فلذات الأكباد ، ارتفع الصليب حقيقة في كثير من البيوت المسلمة ، قد لا يكون ارتفاعه ملموسا في البيوت ، ولكن رفع النشء له من خلال الألعاب الإلكترونية له دلالات خطيرة ، فقد تكون غفلتنا عن تفسيرها تعطيها شيئا من البساطة ، ولكن السبب الذي جعلهم يروجون لمثل هذه الألعاب والنتائج دون غيرها يعطينا دافعا قويا للبحث الجاد في الأسباب والملابسات ، ومن ثم النتائج ؛ فالمجال واسع أمامهم لصنع ألعاب أخرى في أي شيء آخر ، ولكنهم يريدون هذه اللعبة بالذات ، ويريدون الوصول إلى هذه النتيجة تماما ، ويعملون على غرس مبادئ معينة في النفوس تسهم بشكل كبير في توصيل أفكارهم إلى أبنائنا بالرغم من كل شيء .

وهذه الألعاب الإلكترونية التي غزت أسواق المسلمين بأفكارها الخطيرة تحتاج إلى وقفة صارمة من الجميع ، ويجب أن تتكاتف الجهود للوقوف أمام غزوها لعقول أبنائنا ، حيث إن المسؤولية منوطة بعدة جهات وليست جهة واحدة .

- وذكر الجهات ، وهي : الدولة ، والأبوان ، والمربون ، والإعلام - .

" حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري " ضمن " مجلة البحوث الإسلامية " ( 77 / 229 ، 330 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:35   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقصود بـجملة " اختلاف الفتوى باختلاف الزمان والمكان "

السؤال:

هل هناك ما يعرف بـ " اختلاف الفتوى باختلاف الزمان والمكان " , فهل هناك ما يثبت ذلك من الكتاب والسنَّة النبوية ؟ .

أفيدونا ، أفادكم الله , وجزاكم الله خيراً


الجواب :

الحمد لله

مسألة " اختلاف – أو تغيُّر - الفتوى باختلاف الزمان والمكان " : لنا معها وقفات :

1. يجب أن يُعلم أن الأحكام الشرعية المبنية على الكتاب والسنَّة : غير قابلة للتغيير ، مهما اختلف الزمان ، والمكان ، فتحريم الخمر ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين ، وما يشبه ذلك من الأحكام : لن يكون حلالاً في زمان ، أو في مكان ؛ لثبوت تلك الأحكام الشرعية بنصوص الوحي ، ولاكتمال التشريع بها .

2. اتخذ بعض أهل الأهواء من تلك الجملة مطية لهم للعبث بالأحكام الشرعية الثابتة بنصوص الوحي المطهَّر ، ولتمييع الدين من خلال تطبيقها على أحكام قد أجمع أهل العلم على حكمها منذ الصدر الأول ، ولا يسلم لهم الاستدلال بها ، فهي لا تخدم أغراضهم ، وإنما نص الجملة في " الفتوى " ، لا في " الأحكام الشرعية " ، وبينهما فرق كبير ، فالأول في مسائل الاجتهاد ، وما كان بحسب الواقع ، فاختلاف الواقع والزمان له تأثير في الفتوى باحتمال تغيرها .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان ، وتطور الأحوال ، وتجدد الحوادث ؛ فإنه ما من قضية ، كائنة ما كانت ، إلا وحكمها في كتاب الله تعالى ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، نصّاً أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك ، علِم ذلك مَن علمهُ ، وجهله من جهله ، وليس معنى ما ذكره العلماء من " تغير الفتوى بتغير الأحوال " : ما ظنه من قَلَّ نصيبهم - أو عُدم - من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها ، حيث ظنوا أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إراداتهم الشهوانية البهيمية ، وأغراضهم الدنيوية ، وتصوراتهم الخاطئة الوبية ، ولهذا تجدهم يحامون عليها ، ويجعلون النصوص تابعة لها ، منقادة إليها ، مهما أمكنهم ، فيحرفون لذلك الكلِم عن مواضعه ، وحينئذ معنى " تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان " : مراد العلماء منه : ما كان مستصْحَبة فيه الأصول الشرعية ، والعلل المرعية ، والمصالح التي جنسها مراد لله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم .

" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 12 / 288 ، 289 ) .

3. القول بتغير الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي يعني تجويز تحريف الدِّين ، وتبديل أحكامه ، والقول بذلك يعني تجويز النسخ بعد كمال التشريع ، ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليُعلم أن الإجماع نفسه لا يمكن أن ينسخ حكماً ثابتاً في الشرع إلا أن يكون مستنده النص ، فإن لم يكن كذلك – وهو غير واقع في حقيقة الأمر - : كان القول به تجويزا لتبديل الشريعة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وكنا نتأول كلام هؤلاء على أن مرادهم أن " الإجماع " يدل على نص ناسخ ، فوجدنا من ذُكر عنهم : أنهم يجعلون الإجماع نفسه ناسخاً ! فإن كانوا أرادوا ذلك : فهذا قول يجوِّز تبديل المسلمين دينَهم بعد نبيِّهم ، كما تقول النصارى مِن : أن المسيح سوَّغ لعلمائهم أن يحرِّموا ما رأوا تحريمه مصلحة ، ويحلوا ما رأوا تحليله مصلحة ، وليس هذا دين المسلمين ، ولا كان الصحابة يسوِّغون ذلك لأنفسهم ، ومَن اعتقد في الصحابة أنهم كانوا يستحلون ذلك : فإنه يستتاب ، كما يستتاب أمثاله ، ولكن يجوز أن يجتهد الحاكم ، والمفتي ، فيصيب ، فيكون له أجران ، ويخطئ ، فيكون له أجر واحد .

" مجموع الفتاوى " ( 33 / 94 ) .

وهذا من أعظم خصائص الشريعة وأحكامها القطعية .

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في بيان ميزات أحكام التشريع القطعية - :

الثبوت من غير زوال ، فلذلك لا تجد فيها بعد كمالها نسخاً ، ولا تخصيصاً لعمومها ، ولا تقييداً لإطلاقها ، ولا رفعاً لحكم من أحكامها ، لا بحسب عموم المكلفين ، ولا بحسب خصوص بعضهم ، ولا بحسب زمان دون زمان ، ولا حال دون حال ، بل ما أثبت سبباً : فهو سبب أبداً لا يرتفع ، وما كان شرطاً : فهو أبداً شرط ، وما كان واجباً : فهو واجب أبداً ، أو مندوباً : فمندوب ، وهكذا جميع الأحكام ، فلا زوال لها ، ولا تبدل ، ولو فُرض بقاء التكليف إلى غير نهاية : لكانت أحكامها كذلك .

" الموافقات " ( 1 / 109 ، 110 ) .

4. ضابط فهم هذه العبارة في أمرين :

أ. التغير في الفتوى ، لا في الحكم الشرعي الثابت بدليله .

ب. التغير سببه اختلاف الزمان ، والمكان ، والعادات ، من بلد لآخر .

وقد جمعهما الإمام ابن القيم رحمه الله في قوله :

" فصل ، في تغير الفتوى ، واختلافها ، بحسب تغير الأزمنة ، والأمكنة ، والأحوال ، والنيات ، والعوائد " ، والعوائد : جمع عادة ، وهو فصل نفيس ، ذكر فيه – رحمه الله – أمثلة كثيرة ، فلتنظر في " إعلام الموقعين " ( 3 / 3 فما بعدها ) .

ونضرب على ذلك أمثلة ، منها :

1. اللُّقَطة ، فإنها تختلف من بلد لآخر ، ومن زمان لآخر ، في تحديد قيمة ما يجوز التقاطه ، وتملكه من غير تعريف ، فيختلف الأمر في البلد نفسه ، فالمدينة غير القرية ، ويختلف باختلاف البلدان ، والأزمنة .

2. زكاة الفطر ، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرعها طعاماً ، بمقدار صاع ، وقد نص الحديث على " الشعير " ، و " التمر " ، و " الإقط " ، وهي الآن ليست أطعمة في كثير من البلدان ، فالشعير صار طعاماً للبهائم ، والتمر صار من الكماليات ، والإقط لا يكاد يأكله إلا القليل ، وعليه : فيفتي العلماء في كل بلد بحسب طعامهم الدارج عندهم ، فبعضهم يفتي بإخراج الأرز ، وآخر يفتي بإخراجها ذرة ، وهكذا .

فالحكم الشرعي ثابت ولا شك ، وهو وجوب زكاة الفطر ، وثابت من حيث المقدار ، ويبقى الاختلاف والتغير في نوع الطعام المُخرَج .

والأمثلة كثيرة جدّاً ، في الطلاق ، والنكاح ، والأيمان ، وغيرها من أبواب الشرع .

قال القرافي رحمه الله :

فمهما تجدد في العُرف : اعتبره ، ومهما سقط : أسقطه ، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك ، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك : لا تُجْرِه على عرف بلدك ، واسأله عن عرف بلده ، وأَجْرِه عليه ، وأفته به دون عرف بلدك ، ودون المقرر في كتبك ، فهذا هو الحق الواضح .

والجمود على المنقولات أبداً : ضلال في الدِّين ، وجهل بمقاصد علماء المسلمين ، والسلف الماضين ، وعلى هذه القاعدة تتخرج أيمان الطلاق ، والعتاق ، وجميع الصرائح والكنايات ، فقد يصير الصريح كناية فيفتقر إلى النية ، وقد تصير الكناية صريحا فتستغني عن النية .

" الفروق " ( 1 / 321 ) .

وقد أثنى ابن القيم رحمه الله على هذا الفقه الدقيق فقال – بعد أن نقل ما سبق - :

وهذا محض الفقه ، ومَن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عُرفهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وأحوالهم ، وقرائن أحوالهم : فقد ضلَّ ، وأضل ، وكانت جنايته على الدِّين أعظم من جناية مَن طبَّب الناس كلهم على اختلاف بلادهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وطبائعهم ، بما في كتابٍ من كتب الطب على أبدانهم ، بل هذا الطبيب الجاهل ، وهذا المفتي الجاهل : أضر ما يكونان على أديان الناس ، وأبدانهم ، والله المستعان .

" إعلام الموقعين " ( 3 / 78 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:42   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الألقاب الدينية بين الإسلام والنصرانية

السؤال

ما هو الفرق بين لقبي " شيخ " و " إمام " ؟

وما هي المؤهلات التي يجب أن تكون لدى من يحصل على هذين اللقبين ؟


الجواب

الحمد لله

الدين الذي اصطفاه الله سبحانه وتعالى هو دين التوحيد ، الإسلام ، ولأجله بعث الرسلَ وأَنزَلَ الكتب ، ومن فضله سبحانه على عباده أن حفظ هذا الدين ، وكتب له البقاء والدوام بحفظ أصوله وثوابته من خلال العلماء الربانيين الصادقين ، الذين يحملون أمانة الوحي ويؤدونها كما أمرهم ربهم عز وجل .

وقد وقع في تاريخ الأمم السابقة من التحريف والتشويه لمضمون رسالات الأنبياء الشيء الكثير ، حيث ضيَّع أكثر علمائهم الأمانة ، واشتروا بعهد الله ثمنا قليلا ، فأطغاهم الهوى والشيطان ، وأحدثوا في دينهم ما لم يأذن به الله ، وكان من أخطر ما شوهوا به رسالات الأنبياء مبدأ " الواسطة " بين الحق والخلق

بين الرب العظيم وبين عباده ، أرادوا بها حفظ عروش الطغيان التي تجبروا بها على الخلق ، وتعليق مصائرهم بأيديهم ، من خلال حكم الهيئة الناطقة باسم " السماء " ، اخترعوا لهذه الهيئة ألقابا وأسماء ، ووضعوها على مراتب ومدارج ، يرتقي " رجل الدين " في طبقاتها المرسومة باسم " الرب " ، حتى يبلغ مرحلة النيابة عن " الله " في مرتبة " الحبر الأعظم " أو ما يسمى " البابا "

يقول المؤرخ الانجليزي " ويلز " في كتابه "معالم تاريخ الإنسانية" (3/720) :

" بيد أن مسيحية القرن الرابع الكاملة التكوين ، وإن احتفظت بتعاليم يسوع في الأناجيل كنواة لها ، كانت في صلبها ديانة كهنوتية من طرازٍ مألوفٍ للناس من قبل منذ آلاف السنين ، وكان " المذبح " مركز طقوسها المنمَّقة ، والعملُ الجوهري في العبادة فيها هو القربان الذي يقربه قسيس متكرس للقداس ، ولها هيئة تتطور بسرعة مكونة من الشمامسة والقساوسة والأساقفة " انتهى .

وقد أخذت هذه الهيئة سلطتها وطريقة ترتيبها من الهيكل السياسي للإمبراطورية الرومانية كما يقول فضيلة الشيخ سفر الحوالي في كتابه "العلمانية" (79) :

" وساعد وجودهم – يعني القساوسة والرهبان - ضمن الإمبراطورية الرومانية على تثبيت مراكزهم وتدعيمها ، وذلك بأنهم اقتبسوا من الأنظمة والهياكل السياسية للدولة فكرة إنشاء أنظمة وهياكل كهنوتية ، وكما كانت هيئة الدولة تمثل هرماً قمته الإمبراطور وقاعدته الجنود ، كانت الهيئة الكنسية تمثل هرماً مقابلاً : قمته " البابا " ، وقاعدته " الرهبان " ، ونتيجة لمبدأ فصل الدين عن الدولة رعت الإمبراطورية الهرم الكنسي ، ولم تر فيه ما يعارض وجودها ، فَرَسَخَ واستقر " انتهى .

أما في شريعة الإسلام المحفوظة ، فلا تجد طبقية تكرس التسلط والتجبر ، ولا تجد إلا نصوص المساواة في العبودية بين جميع الخلق ، أفضلهم أتقاهم ، وأقربهم إلى الله أقومهم بشرعه .

يقول الله عز وجل : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13

ويقول سبحانه : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) الأحقاف/19

بل إن جوهر شريعة الإسلام يقوم على إلغاء وساطات قطاع الطرق ، الذين يحولون بين العباد وبين الله ، باسم " الوساطة " أو " الشفاعة " ، وتنسب ذلك للمشركين الذين حاربوا رسالة التوحيد . يقول الله عز وجل عنهم : ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يونس/18

يقول العالم الفرنسي المهتدي "ناصر الدين دينيه" :

" الوسيلة هي إحدى كبريات المسائل التي فاق بها الإسلام جميع الأديان ، إذ ليس بين الله وعبده وسيط ، وليس في الإسلام قساوسة ولا رهبان ، إن هؤلاء الوسطاء هم شر البلايا على الأديان ، وإنهم لكذلك مهما كانت عقيدتهم ، ومهما كان إخلاصهم وحسن نياتهم ، وقد أدرك المسيح نفسه ذلك ، ألم يطرد بائعي " الهيكل " ؟

غير أن أتباعه لم يفعلوا مثلما فعل ، واليوم لو عاد عيسى فكم يطرد من أمثال بائعي الهيكل ؟ "

انتهى . نقلا عن "العلمانية" (ص/81)

أما منزلة فقهاء الشريعة وعلماء الدين ، فهي مرتبة علمية صرفة ، تعني قيام مؤهل العلم والمعرفة في حاملها ، بناء على دراسته وتحصيله العلمي الذي يتلقاه من الجامعة أو حلقات العلم أو الكتب ، ولا ترتسم بهيئات دينية مرتبة ، ولا بطقوس كهنوتية تمنحهم سلطانا باسم الرب ، إنما هي درجة من التخصص المعرفي – كأي حقل من حقول المعرفة التي يدرسها المتخصصون – وهم في دائرة الصواب والخطأ ، وفي دائرة النقد المبني على الدليل

وليس لأحد منهم من الأمر شيء ، فلا يحل ولا يحرم ، ويأمر ولا ينهى ، إلا رب العالمين ، وما هم إلا مبلغين لشرعه ، ومعلمين للناس ما أتاهم من عند رب العالمين ، ثم هم ـ أيضا ـ كما أشرنا ليسوا معصومين في فهمهم لما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا في حفظه وتبليغه ، وإنما الحكم المعصوم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي يرجع إليه عند الاختلاف : هو وحي الله تعالى : كتابه الكريم ، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ما أجمعت عليه الأمة ، فإن أمته صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة .

وما الألقاب والأسماء التي أطلقها العلماء على بعضهم ، أو يطلقها الناس في كلامهم إلا تسمياتٌ لهذه المرتبة " مرتبة العلم بأحكام الشريعة " ؛ وقد يكون فيها نوع من التمييز للعلم الذي تخصص به ، مثل لقب : "الفقيه" أو "المفتي" ، لمن كانت عنايته بالفقه والفتوى ، أو : "المفسر" ، لمن كانت عنايته بتفسير كتاب الله عز وجل ، أو : "المحدث" و"الحافظ" لمن كانت عنايته بعلم الحديث .

وقد يُطلق عليه من أوصاف الثناء على سعة معرفته واطلاعه فيسمى بـ " شيخ الإسلام " أو " العلَّامة " أو " الإمام " ونحو ذلك من الإطلاقات التي يُقصَد بها وصفُ مستحق هذا الإطلاق بالعلم والمعرفة ، ولا يقصد بها بوجه من الوجوه مرتبةً كهنوتية ينالها بتدرجٍ معيَّنٍ في مراحل التدين والرهبانية .

بل حتى إِنَّ وصفَ الدرجة العلمية بإطلاق هذه الألقاب لم يأخذ اصطلاحا محددًا مقسَّما ، ليُسَمَّى من بلغ من العلم إلى حد معين باسم يختلف عن حد آخر ..وهكذا ، إنما هي أوصاف تقديرية نسبية ، لا تأخذ تقسيما محددا ، ولا تدل على قدر مرسومٍ من العلم ، بل تدل على الثناء العام أو التخصص المعين .

فليس هناك فروق دقيقة بين ألقاب " الإمام " و " العالم " و " الشيخ " ، ولا يجوز لأحد أن يفهم إطلاقها في كتب العلم أو على ألسنة العلماء بما وقع في الملل الأخرى من بدعة " رجال الدين " أو " الإكليروس " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:50   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يشرع قصد ما فيه مشقة لزيادة الأجر ؟

السؤال

قرأت في إجابة سؤال لا يؤجر المكلف على المشقة إذا قصدها ، وإنما يؤجر عليها إذا كانت مقارنة للفعل المكلف به ، وذلك أن المشقة ليست مقصودة لذاتها ) ، وأشكل علي حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ ، قَالَ : فَقِيلَ لَهُ ، أَوْ قُلْتُ لَهُ لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ

قَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ) ، فقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ترك شراء الدابة طلباً لزيادة الثواب
.

الجواب

الحمد لله

قد علم من أصول الشريعة أن الشارع لا يقصد بالتكليف المشقة ، بل يريد ما فيه مصلحة المكلف في العاجلة والآجلة ، وقد يقتضي ذلك تكليفه بما فيه مشقة كالجهاد ، وحينئذ يزيد له الشارع في الأجر ، ترغيبا له في أداء العمل .
قال الله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 ، وقال : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ) رواه البخاري (39) .

وقد رغب الشارع في قصد المساجد للصلاة ، ورتب عليه الثواب ، وجعل كل خطوة يخطوها المصلي إلى المسجد له بها حسنة ، فمن كان بيته بعيدا ومشى إلى المسجد كتب له ممشاه ، وزيد في أجره لما يلحقه من المشقة ، لكن هذا لا يدل على أن المشقة تقصد ابتداء ، لا من الشارع ولا من المكلف .

والحديث الذي ذكرت يدل على فضل المشي إلى المسجد ، وأن الماشي يؤجر على هذا ما لا يؤجره الراكب ، وقد ثبت هذا الفضل بنصوص أخر ، كالحديث الذي رواه مسلم (655) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَهُمْ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ ، قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ : ( يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ) .

والعلة في ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في البقاء في ديارهم البعيدة ، ليست إلحاق المشقة بهم ، ولا قصد المشقة ليثابوا عليها ، وإنما العلة هي كراهة أن تصير المدينة خالية إذا تحول الناس جميعا إلى قرب المسجد ، وقد جاء النص على ذلك ، فيما رواه البخاري (1887) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ ، وَقَالَ : ( يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ فَأَقَامُوا ) .
وقوله (تعرى المدينة) أي تصير خالية .

ومن فقه البخاري رحمه الله أنه ترجم للحديث بترجمتين ، الأولى في احتساب الآثار ، والثانية في كراهة النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة .

قال الحافظ في الفتح : " قَوْله : ( بَاب كَرَاهِيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تُعْرَى الْمَدِينَة ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث أَنَس فِي قِصَّة بَنِي سَلَمَة ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ فِي " بَاب اِحْتِسَاب الْآثَار " فِي أَوَائِل صَلَاة الْجَمَاعَة . ( تَنْبِيه ) : تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ بِالتَّعْلِيلَيْنِ , فَتَرْجَمَ فِي الصَّلَاة بِاحْتِسَابِ الْآثَار لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَكَانَكُمْ تُكْتَب لَكُمْ آثَاركُمْ " وَتَرْجَمَ هُنَا بِمَا تَرَى لِقَوْلِ الرَّاوِي " فَكَرِهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَة " وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِقْتَصَرَ فِي مُخَاطَبَتهمْ عَلَى التَّعْلِيل الْمُتَعَلِّق بِهِمْ لِكَوْنِهِ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الْمُوَافَقَة " انتهى .

" فتح الباري " (4/99) .

فحصول المشقة والبعد ليس مقصودا ، لكن من كان بعيدا كتب له أجر ممشاه .

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله : " المشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف نظرا إلى عظم أجرها ، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته ، من حيث هو عمل :

أما هذا الثاني ؛ فلأنه شأن التكليف في العمل كله ؛ لأنه إنما يقصد نفس العمل المترتب عليه الأجر ، وذلك هو قصد الشارع بوضع التكليف به ، وما جاء على موافقة قصد الشارع هو المطلوب .

وأما الأول ؛ فإن الأعمال بالنيات ، والمقاصد معتبرة في التصرفات كما يذكر في موضعه إن شاء الله ، فلا يصلح منها إلا ما وافق قصد الشارع ، فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة ، فقد خالف قصد الشارع ، من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة ، وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل ، فالقصد إلى المشقة باطل ، فهو إذن من قبيل ما ينهى عنه ، وما ينهى عنه لا ثواب فيه ، بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم ، فطلب الأجر بقصد الدخول في المشقة قصد مناقض .

فإن قيل : هذا مخالف لما في " الصحيح " من حديث جابر رضي الله عنه قال : خلت البقاع حول المسجد ، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : " إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد " . قالوا : نعم يا رسول الله ، قد أردنا ذلك ، فقال : " بني سلمة ! دياركم تكتب آثاركم ، دياركم تكتب آثاركم " .

في رواية : فقالوا : ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا . وفي رواية عن جابر رضي الله عنه ، قال : كانت ديارنا نائية عن المسجد ، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " إن لكم بكل خطوة درجة " .

وفي " رقائق ابن المبارك " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أنه كان في سفينة في البحر مرفوع شراعها ، فإذا رجل يقول : " يا أهل السفينة قفوا سبع مرار ، فقلنا : ألا ترى على أي حال نحن ؟ ثم قال في السابعة : " لقضاء قضاه الله على نفسه أنه من عطش لله نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر ، كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة ".

فكان أبو موسى رضي الله عنه يتتبع اليوم المعمعاني الشديد الحر فيصومه .

وفي الشريعة من هذا ما يدل على أن قصد المكلف إلى التشديد على نفسه في العبادة ، وسائر التكاليف صحيح مثاب عليه ، فإن أولئك الذين أحبوا الانتقال أمرهم عليه الصلاة والسلام بالثبوت لأجل عظم الأجر بكثرة الخطا ، فكانوا كرجل له طريقان إلى العمل : أحدهما سهل ، والآخر صعب ، فأُمِرَ بالصعب ووُعِدَ على ذلك بالأجر ، بل جاء نهيهم عن ذلك إرشادا إلى كثرة الأجر .

وتأمل أحوال أصحاب الأحوال من الأولياء ، فإنهم ركبوا في التعبد إلى ربهم أعلى ما بلغته طاقتهم ، حتى كان من أصلهم الأخذ بعزائم العلم ، وترك الرخص جملة ، فهذا كله دليل على خلاف ما تقدم .

وفي "الصحيح" أيضا عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة ، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فتوجعنا له ، فقلنا له : يا فلان ! لو أنك اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء ، ويقيك من هوام الأرض ؟ فقال : أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال : فحملت به حتى أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : فدعاه ، فقال له مثل

ذلك ، وذكر أنه يرجو له في أثره الأجر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لك ما احتسبت " ، فالجواب أن نقول :
أولا: إن هذه أخبار آحاد في قضية واحدة لا ينتظم منها استقراء قطعي ، والظنيات لا تعارض القطعيات ، فإن ما نحن فيه من قبيل القطعيات .

ثانيا: إن هذه الأحاديث لا دليل فيها على قصد نفس المشقة ، فالحديث الأول قد جاء في "البخاري" ما يفسره ، فإنه زاد فيه : " وكره أن تعرى المدينة قِبَلَ ذلك ، لئلا تخلو ناحيتهم من حراستها " ، وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان أولا نازلا بالعقيق ، ثم نزل إلى المدينة وقيل له عند نزوله العقيق : لم تنزل العقيق فإنه يشق بعده إلى المسجد ؟ فقال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه ويأتيه ، وأن بعض الأنصار أرادوا النقلة منه إلى قرب المسجد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أما تحتسبون خطاكم " ، فقد فهم مالك أن قوله : " ألا تحتسبون خطاكم " ليس من جهة إدخال المشقة ، ولكن من جهة فضيلة المحل المنتقل عنه .

وأما حديث ابن المبارك فإنه حجة من عمل الصحابي إذا صح سنده عنه ، ومع ذلك فإنما فيه الإخبار بأن عظم الأجر ثابت لمن عظمت مشقة العبادة عليه ، كالوضوء عند الكريهات ، والظمأ والنصب في الجهاد ، فإذن اختيار أبي موسى رضي الله عنه للصوم في اليوم الحار كاختيار من اختار الجهاد على نوافل الصلاة والصدقة ونحو ذلك

لا أن فيه قصد التشديد على النفس ؛ ليحصل الأجر به ، وإنما فيه قصد الدخول في عبادة عظم أجرها ؛ لعظم مشقتها ، فالمشقة في هذا القصد تابعة لا متبوعة ، وكلامنا إنما هو فيما إذا كانت المشقة في القصد غير تابعة ، وكذلك حديث الأنصاري ليس فيه ما يدل على قصد التشديد ، وإنما فيه دليل على قصد الصبر على مشقة بعد المسجد ليعظم أجره ، وهكذا سائر ما في هذا المعنى .

وأما شأن أرباب الأحوال ، فمقاصدهم القيام بحق معبودهم ، مع اطراح النظر في حظوظ نفوسهم ، ولا يصح أن يقال : إنهم قصدوا مجرد التشديد على النفوس واحتمال المشقات ، لما تقدم من الدليل عليه ، ولما سيأتي بعدُ إن شاء الله .
ثالثا: إن ما اعتُرِض به معارَض بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرادوا التشديد بالتبتل ، حين قال أحدهم : أما أنا ، فأصوم ولا أفطر ، وقال الآخر : أما أنا ، فأقوم ولا أنام

وقال الآخر : أما أنا ، فلا آتي النساء ، فأنكر ذلك عليهم وأخبر عن نفسه أنه يفعل ذلك كله ، وقال : " من رغب من سنتي ، فليس مني " ، وفي الحديث : " وردَّ النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ، ولو أذن له لاختصينا " ، وردَّ صلى الله عليه وسلم على من نذر أن يصوم قائما في الشمس ، فأمره بإتمام صيامه ، ونهاه عن القيام في الشمس " ، وقال : " هلك المتنطعون " ، ونهيه عن التشديد شهير في الشريعة

بحيث صار أصلا فيها قطعيا ، فإذا لم يكن من قصد الشارع التشديد على النفس ، كان قصد المكلف إليه مضادا لما قصد الشارع من التخفيف المعلوم المقطوع به ، فإذا خالف قصده قصد الشارع ، بطل ولم يصح ، وهذا واضح ، وبالله التوفيق " انتهى .

"الموافقات" (2/222-229) .

على أن الذي يترجح عندنا من الجواب عن أحاديث المشي إلى الصلاة ، كهذا الذي ذكره السائل ، وغيره مما أخبر فيه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ( أَعْظَم النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ ) رواه البخاري (651) ومسلم (662) ، ونحو ذلك ، الذي يترجح أن نفسي المشي إلى الصلاة ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، هي عبادة في نفسها ، كما أن الطواف حول البيت عبادة مقصودة في نفسها ، والسعي بين الصفا والمروة عبادة مقصودة في نفسها .

ويدل على ذلك الأحاديث الكثيرة التي وردت في فضل المشي ، وتكثير الخطا إلى المساجد ، وتفضيل المسجد البعيد .
ولذلك قيد الفضل في المشي إلى الجمعة بترك الركوب : عن أَوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ ، وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ) رواه أبو داود (345) وصححه الألباني .

وفي حديث اختصام الملأ الأعلى : ( .. وَالْكَفَّارَاتُ : الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ .. ) رواه أحمد (3474) والترمذي (3233) ، وصححه الألباني .

قال ابن رجب رحمه الله "فتح الباري ، لابن رجب" (5/21) :

" وقد دلت هذه الأحاديث عَلَى أن المشي إلى المساجد يكتب لصاحبه أجرهُ ، وهذا مِمَّا تواترت السنن بِهِ " انتهى .

وإلى ذلك يشير الشاطبي رحمه الله فيما سبق ، بأن مثل هذه المشقة تابعة ، لا متبوعة ، والمقصود إنما هو هذا العمل ، الذي اتفق أن مشقته زائدة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 14:59   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم زواج المسيار, وهل يجوز له أن يخفي عن زوجته
أمرا يترتب على جهلها به سقوط شيء من حقوقها؟


السؤال :

تساؤلات مهمة عن زواج المسيار ، بعض الشيوخ أجازو زواج المسيار ، وأنا لدي بعض المسائل التي تحتاج إلى توضيح ليكون الزوجان على بينة من أمرهم ؛ حماية لهم من الاختلاف والمشاكل مستقبلا ، زواج المسيار على حسب علمي تتنازل فيه المرأة عن النفقة أو توفير المسكن أو الإنجاب ، بعض هذه الثلاثة أو جميعها. فالسؤال هل يجوز وضع هذا الاتفاق في العقد كشرط أم يكون فقط اتفاقا كلاميا؟

وكما نعلم أن هذه الأمور من حقوق المرأة التي شرعها الله لها ، وخاصة النفقة ، وهي من قوامة الرجل على المرأة ، وفي كلا الحالتين هل يجوز للمرأة التراحع عن تنازلها بعد الزواج والمطالبة بأحد حقوقها أو جميعها التي تنازلت عنها ؟ ثانيا: بعض الرجال يريدون الزواج مسيار بعلم أهل الزوجة ووليها طبعا ، ولكن بدون علم أهله

فهل يجوز أن يخفي هذا الزواج عن أهله سواء كان عزبا أو متزوجا ؟ مع علمنا إن إخفاء الزواج عن أهله قد يسبب مشاكل ، مثلا في حالة وفاة الزوج فجأة أو في غيرها من الحالات. وأخيرا هل يجوز للرجل أن يخفي عن المرأة هذه الأحكام؟ مثلا إذا كان يجوز أن تتراجع عن تنازلها ، وتطالب بالنفقة بعد الزواج

فهل يجوز أن يخفي هذا عنها ، ويحتج بالاتفاق الذي بينهم قبل الزواج ، ولا يذكر أن من حقها شرعا أن تطالب بالنفقة إذا أرادت حتى وإن اتفقا قبل الزواج ، ويتهرب من ذكر هذا الحق لها وهي لا تعلم ؟ وقس على هذا باقي الأحكام التي سألت عنها مثل إخبار أهله ، أم إنه يجب أن يبين لها حقوقها في زواج المسيار وخاصة إن كان يعلمها؟ أرجو الإجابة عن جميع هذه التساؤلات بالأدلة .



الاجابة

الحمد لله :

أولا:

زواج المسيار هو زواج مستوفي الشروط والأركان ، ولكن تتنازل الزوجة فيه عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها وهو جائز ولا حرج فيه، وقد صدر بذلك بيان من مجمع الفقه الإسلامي

وسواء اتفق الزوجان على سقوط هذه الحقوق أو بعضها كتابة في العقد أو مشافهة كل ذلك جائز ويلزم الوفاء به، لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (المسلمون على شروطهم) . رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ثانيا:

إذا اتفق الزوجان على إسقاط بعض هذه الحقوق من المبيت والنفقة ونحو ذلك ثم أرادت الزوجة التراجع والمطالبة بهذه الحقوق مستقبلا فهذا مما اختلف فيه أهل العلم فذهب جمهورهم إلى أنه يجوز لها أن تتراجع عن هذا الاتفاق وتطالب بحقوقها مستقبلا ويلزم الزوج أن يوفيها حقوقها حينئذ، وذهب فريق آخر إلى أنه لا يجوز لها ذلك ورجحنا في الفتوى المحال عليها وغيرها أن هذا الشرط لازم للمرأة ما دامت قد رضيت به ابتداء، فلا يجوز لها أن تتراجع عن ذلك وتطالب بتلك الحقوق التي تنازلت عنها،

ثالثا:

لا حرج على الرجل - سواء سبق له الزواج قبل ذلك أم لم يسبق- أن يخفي أمر زواجه عن أهله ، فإنه لا يشترط في حق الزوج أن يعلم أهله بالزواج طالما كان بالغا رشيدا، ولا يؤثر ذلك على صحة الزواج، ولكن قد يمنع هذا الفعل لا لذاته ولكن إن ترتب عليه مفسدة من المفاسد، ومن هذه المفاسد على سبيل المثال:

كسر قلوب والديه مثلا؛ فإن الولد بالنسبة لوالديه هو فلذة الكبد وثمرة الفؤاد، وإن الوالدين ليراقبان ولدهما في كل مرحلة عمرية، ويفرحان معه في كل مناسبة سارة؛ لا سيما الزواج الذي هو من أهم المراحل في حياة الشخص، فإن الوالدين يفرحان بزواج ولدهما فرحا كبيرا ، فهل يليق أن يأتي الولد بعد كل هذا ويخفي زواجه عن والديه؟ فيكسر بذلك قلوبهما ويخيب آمالهما؟

أن يؤدي إخفاء ذلك إلى قطيعة الرحم فإن الزواج ينتج منه في الغالب ذرية وهذه الذرية تطالب بصلة أرحامها كأعمامهم وأجدادهم، ولا شك أن الاستمرار في إخفاء الزواج يضيع حقوق الأقربين في البر والصلة. أن يؤدي إلى ضياع حق مالي ؛ فإن الزوج إذا مات ولم يكن موثقا لهذا الزواج فإن أقاربه قد يجحدون حق أولاده وزوجته في الميراث .

والخلاصة في هذه المسألة أن إخفاء الرجل لزواجه عن أهله لا يؤثر في صحة الزواج مطلقا، وهو أيضا جائز من حيث الأصل إلا إذا ترتب عليه مفسدة من المفاسد التي ذكرناها أو ما شابهها.

وبذلك يتبين أنه لا يلزم الزوج أن يخبر زوجته بأن لها التراجع فيما تنازلت عنه من حقها في المبيت والقسم والنفقة ونحو ذلك ، لما ذكرنا من أن هذه مسألة مختلف فيها بين أهل العلم ، ولا يلزمه أن يخبرها بأمثال ذلك من مسائل الخلاف ؛ فكيف إذا كان القول الراجح : أن هذا الشرط لازم للمرأة لا تملك التنازل عنه أصلا.

وإنما يلزمه أن يخبرها بما تحتاجه ، وتسأل عنه في أمر دينها ، وأما ما لم تحتجه فعلا من أمر الدين ، أو لم يأت وقت حاجتها إليه ، أو لم تسأل عنه ابتداء : فلا يظهر وجه لإلزامه بإخبارها به .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-06, 15:05   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

السؤال:

هل يعتبر فعل و قول الرسول صلى الله عليه و سلم قبل البعثة سنة مثلا زواجه من خديجة رضي الله عنها ؟

الجواب :

الحمد لله :

الأصل في أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة أنها خارجة عن السنة التشريعية

وأنه لا يلزمنا متابعته والائتساء به فيها ، إلا ما جاء به شرعه ـ بعد البعثة ـ بمشروعيتها ، إما على جهة الوجوب أو الاستحباب ، من نحو ( الوفاء بالوعد ، وإعانة الملهوف ، وإكرام الضيف، والإعانة على نوائب الحق ، ونحو ذلك ) فيلزمنا الاقتداء به فيه ؛ لأنه صار شريعة لنا بعد نبوته، لا لمجرد أنه عليه الصلاة والسلام فعله قبل النبوة ، وعلى هذا فيوجد في أفعاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ما لا يلزم اتباعه فيه ، إما لأنه لم يثبت في حقنا تشريعه ، وإما لورود ما ينسخه ويعارضه بعد البعثة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(والأمور التي جرت قبل النبوة لا تذكر للأخذ والتشريع كفعله بعد النبوة , لأن المسلمين أجمعوا على أن الذي فرض على العباد من الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، والعمل بما جاء به ، إنما ذلك لما كان بعد النبوة .

ولهذا كان عندهم : من ترك الجمعة والجماعة ، وتخلى في الغيران والكهوف والجبال ، حيث لا جمعة ولا جماعة ، وزعم أنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه لكونه كان متحنثا في غار حراء قبل النبوة ، فترك ما شرع له من العبادات الشرعية التي أمر الله بها ورسوله ، واقتدى بما كان يفعل قبل النبوة ـ كان مخطئا ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالنبوة ، لم يكن يفعل ما فعله قبل ذلك ، من حيث التحنث في غار حراء أو نحو ذلك .

ولم يكن أحد من أصحابه صلوات الله عليه من بعده ، يأتي لغار حراء، ولا يتخلفون عن الجمعة والجماعة في الأماكن المنقطعة ، ولا عمل أحد منهم خلوة أربعينية ، كما يفعله بعض المتأخرين ، بل كانوا يعبدون الله بالعبادات الشرعية التي شرعها لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم "

ا.هـ من مجموع الفتاوى ( 18 / 10 ) .

وأما المحدِّثون فإنهم يعتنون بذكر ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في كل وقت ، ولو كان قبل البعثة ، فهي تدخل في السنة على تعريف المحدثين ، الذين يعتبرون كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ، فيروونه في كتبهم بناء على ذلك .

انظر : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام ، للدكتور محمد العروسي ( 149 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال و جواب

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc