حينما تأتينا مسرة تسرنا نفرح بها ونغتبط بذلك ولكن:
في عوض أن نتساءل عن المنعم لهذه النعمة وكيفية شكره والانتباه لعلاقتنا معه نجد أن الكثير منا ينسب هذه النعمة لنفسه فتجده متمخترا متبخترا فرحا حتى أنه في كثير من الأحيان يتحول الفرح إلى المعاصي من رقص ومجون وربما حتى خمرا وقذارة.
حينما ينجح الطالب في امتحان ما أو ينجح الطبيب في عملية جراحية ما أو ننجح نحن بصفة عامة في عوض أن نشكر الله الموفق ننسب سبب النجاح لأنفسنا فيظن الطالب نفسه مغمورا ويخال الطبيب نفسه مشهورا.
حينما نمرض وتأتينا الآلام والأسقام من كل جانب في عوض أن نتذكر ذنوبنا ونعود لله عز وجل ونتوب إليه ونطلب منه الشفاء لأنه هو الشافي تجدنا نضجر ونغضب وربما نسب وتجدنا أيضا نربط الشفاء بطبيب معين وحتى لو انتبهنا لذنوبنا سرعان ما نعود لحالنا الأول بعد الشفاء.
حينما نحزن ويصيبنا الغم في عوض أن نلجأ لله عز وجل تجدنا تائهين لا نبصر طريقا وسرعان ما يترجم الحزن في معصية.
حينما يتركنا الناس ويديرون لنا ظهورهم ونصبح وحيدين في عوض أن نتذكر وحدة القبر ونتذكر خالقنا ونلجأ إليه وننتبه تجدنا نبحث عن أشخاص آخرين نعتاض بهم عن الأشخاص الذين تركونا ولربما أصبحنا بعدها ممن يؤلب البعض على الآخر.
حينما نريد رزقا أو حاجة معينة في عوض أن نلجأ للرزاق العليم تجدنا نتزلف للمسؤولين ونتودد لهم ونتخذ الأسباب من أجل التقرب منهم.
حينما نريد زوجا في عوض أن نعمل على إصلاح أنفسنا ونتذكر خالقنا بأنه هو الرزاق ونقول عسى إن أصلحت نفسي يرزقني الله زوجا صالحا تجدنا نغلب عقولنا ونتبع أهواءنا ونضع الأعذار لاختياراتنا وتهوراتنا.
حينما نفقد شخصا عزيزا ففي عوض أن نتذكر ونرجع لله وندعوا لمن مات بالرحمة والمغفرة تجدنا نغضب ونجهل ونفعل أمورا لا تمت للعقل بصلة.
حينما نرى منكرا في عوض أن نتذكر الحق فننكر المنكر ونطلب العون من الله تجدنا نتودد لصاحب المنكر عسانا نحتاجه يوما.
حينما تفوتنا الحافلة أو يفوتنا القطار أو يفوتنا أمر ما في عوض أن نتذكر القدر ونتذكر الله تعالى ونقول الحمد لله تجدنا نغضب ونصيح.
حينما يشتري لنا أباؤنا ألبسة جديدة في عوض أن نتذكر المنعم الأصلي لها تجدنا نلبسها لنتباهى بها أمام غيرنا.
حينما نأتي لنأكل أو نشرب في عوض أن نتذكر المنعم نستحضر فقط التمتع والاستمتاع ولربما حتى المباهاة حتى أن الكثير منا ليرمي العلب وما شابه في غير المكان المخصص لها.
حينما نقود سياراتنا ويحفظنا الله في لحظة معينة في عوض أن نشكر الله تعالى ننسب السلامة من الحوادث لمهاراتنا وقدراتنا في القيادة.
حينما نقوم بمعصية معينة ويسترنا الله تعالى ففي عوض أن نستر أنفسنا ونتوب إلى الله ونعود إليه تجدنا نتفاخر بها.
حينما نأتي لننام من الليل في عوض أن ندرك بأن روحنا إما ستعود إلينا أو لا تعود بعد النوم فنتذكر الله فندعوه ونستغفره تجدنا نفعل الأفاعيل.
حينما نصبح في عوض أن نحمد الله على بقائنا أحياء تجدنا نحضر أنفسنا للقاء البشر ولقاء يوم جديد من دون تذكر للخالق.
حينما تطول بنا السنون في عوض أن نتذكر الله عز وجل ونحمده ونستغفره ونتذكر ما فات من حياتنا ونتدارك آخرتنا تجدنا نمني أنفسنا بمزيد من العمر.
وتتعدد الأمثلة عن أحوالنا التي من المفروض أن تؤدي بنا إلى الحق.
فلماذا نضل الطريق؟؟؟؟ لماذا لا نبصر؟؟؟؟ أين هو المشكل؟؟؟