بل خلافُكم مع محمدٍ خاتم النبيِّين (صلى الله عليه وسلم)!
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحقُّ المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الهادي الأمين، صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعدُ: فإنَّ المبادئ والقيم ونظم الحكم والسياسة وبناء الفرد والأسرة والمجتمع في العالم الغربي هي نتاج الفكر الغربي الوثني المادي، الذي لا يعرفُ لهذه الحياة هدفًا ولا معنًى سوى التكالب على الدنيا، والاستزادة من متعها وملذَّاتها. وقد لخَّص ذلك الأستاذ محمد أسد (1900-1992م) ـ النمساوي اليهودي الذي أسلم، وكان كاتبًا وصحفيًّا ومفكرًا وناقدًا وخبيرًا بالفكر والحضارة الغربية ـ لخَّص ذلك في عبارة موجزة فقال:
(إنَّ الأوروبي العادي، سواء عليه أكان ديمقراطيًّا أم فاشيًّا، رأسماليًّا أم بلشفيًّا، صانعًا أم مفكرًا؛ يعرف دينًا إيجابيًّا واحدًا هو: التعبُّد للرقي الماديِّ، أي: الاعتقاد بأنه ليس في الحياة هدف آخر سوى جعل هذه الحياة نفسها أيسر فأيسر، أو كما يقول المثل الدارج: طليقة من ظلم الطبيعة!... أما على الجانب الثقافي فنتيجة ذلك تكوين نوع بشري تنحصر فلسفته الأخلاقية في مسائل الفائدة العملية، ويكون أسمى فارق لديه بين الخير والشر إنما هو التقدم المادي) [الإسلام على مفترق الطرق: ص 47].
لقد حرص الغربُ في مختلف مراحل غزوه العسكري والحضاري والثقافي والإعلامي للعالم الإسلامي على فَرْضِ مبادئه وقيمه ونظامه الاجتماعي والسياسي، وعقيدته في تفسير حقائق الحياة، فوَقَفَ أهلُ العلم والإيمان والتديُّن والاحتساب في وجه أعاصيره المادية والإلحادية، بينما فتن به صنفان من أبناء المسلمين:
الأول: انسلخ من دينه ورضي بالفكر الغربي عقيدةً ومنهجَ حياةٍ.
والثاني: بقي مؤمنًا بدينه، متمسكًا بقيمه في الجملة؛ لكنَّه فُتن بالفكر والحضارة الغربية أيُّما فتنة، خاصة فيما يتعلق بنظام الحكم والسياسة والاجتماع، فبدأ يعيد النظر في كثيرٍ من الثوابت الإسلامية، يحكمه في ذلك عُقدة النقص والضعف، وقلة العلم والتقوى.
لقد جنَّد الصنفُ الأول نفسَه لخدمة الغرب وأهدافه ومشاريعه، فأسَّس الأحزاب وقاد الثورات وحكم دولاً إسلامية فارضًا عليها نظمًا علمانيّةً، وقوانينَ وضعيةً، وجاهر بمحاربة الدِّين والفضيلة، ولم يرتضِ بالصنف الثاني، بل رآه (حجَرَ عثرةٍ) في طريق غلوِّه العلمانيِّ، لهذا نشب الصراعُ بين الصنفين، فتترَّس الصنفُ الثاني بشعار: (تحكيم الشريعة) حتَّى بدا كما لو أنَّه يمثِّل حقيقةَ الإسلام وجوهرَه، ويرفضُ المنهجَ الغربيَّ ويعاديه.
وجاء ما سُمِّي بالربيع العربي، وأُزيحَ الصنفُ الأول عن السلطة والحكم في بعض الدول، فقفز الصنفُ الثاني مكانَه وقد تخلَّص من عُقدة الصراع معه، ليتخلَّص تبعًا لذلك من شعار: (تحكيم الشريعة)، ويجاهر بالدعوة إلى الحرية والتعددية والديمقراطية والتحاكم إلى الدستور وصناديق الانتخاب، إلى غير ذلك من أصول وقواعد النظام الغربي، ممَّا كان يصفه هذا الصنف ـ من قَبلُ ـ في صراعه مع الصنف الأول: بالشرك والطاغوت والجاهلية! وانطلقت ألسنة شيوخه ودعاته في تسويغ هذا الانحراف الصريح، وإلباسه لباس الدين، وجعله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصار مألوفًا أن تجد من يقال عنه (شيخ وداعية) لا يُشغل باله، ولا يَلهجُ لسانُه إلا بالحرية والديمقراطية والتعددية والعقد الاجتماعي وسيادة الأمة!
لقد كان أهلُ العلم والإيمان، والتوحيد والسنة، والتديُّن والاحتساب؛ هم السدَّ المنيعَ في مواجهة الفكر الغربي وصولته على العالم الإسلامي، وفي مواجهة أذنابهم وعملائهم من العلمانيين والثوريين، وكذلك هم اليومَ في مواجهة الإسلاميين الحركيين المفتونين بدين الغرب ومدنيَّته وماديَّته، فيحقُّ لنا أن نردِّدَ خطبة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لكتابه (الرد على الجهمية):
(الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم. ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علمٍ، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهَّال الناس بما يشبِّهونَ عليهم، فنعوذ بالله من فِتَن المضلِّين).
هذا حال الطائفتين: طائفة أهل العلم والإيمان، وطائفة الإسلاميين الحركيين، فلا عجب أن يرى هؤلاء بأنَّ علماءَ الأمة (حجرُ عثرةٍ) في طريق ما يسعون إليه من تغيير قيم الأمة ومبادئها وثوابتها، لهذا لجؤُوا إلى الحرب الإعلامية ضدَّهم بالتسفيه والتشويه والكذب والتدليس، ووصفهم بأقبح الأوصاف تنفيرًا للعامة عنهم، فهم (غلاة الطاعة)، و(جماعة اسمع وأطع)، و(الجبرية المستسلمون للقدر)، و(دعاة الخنوع والخضوع وتضييع الحقوق)، و(عملاء السلطان)، و(الجامية).. إلى غير ذلك من التهم والأوصاف التي يريدون بها التعيير والتنفير، فليعدُّوا لذلك جوابًا بين يدي الله عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
لقد استطاعوا بسلاطة ألسنتهم، وقوة إعلامهم، أن يصوِّروا الأمر كما لو أنَّه صراع بينهم ـ وهم دعاة الصحوة والتجديد ونهضة المسلمين وفقه الواقع ومقارعة الظلمة والمستبدين! ـ وبين علماء الكهنوت، وعملاء السلطان! والحقيقة: أن مخالفتهم وانحرافهم وضلالهم ليس عن علماء الأمة الربانيين فقط ـ وليته كان كذلك ـ وإنما هو عن منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وسنته ودينه القويم! وهل العلماءُ إلا مبلِّغون عن الله عزَّ وجلَّ وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؟!
فيا أيها الإسلاميون الحركيون! لا تُشغلونا بشَغَبكم على علماء الأمة ودعاة السنة، بل اجهروا لنا باعتقادكم ـ من غير تقيَّةٍ ـ، وصرِّحوا لنا بموقفكم من غير مراوغةٍ ولا تلبيس ممَّن أصلُ خلافكم ومخالفتكم ومشكلتكم معه، أعني: رسولَ الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه بالنقل الصحيح القطعي ما يصرِّح به أولئك العلماء فتبادرون إلى وصف كلامهم بتلك الأوصاف القبيحة!
وإليكم نماذج يسيرة من كلامه صلى الله عليه وسلم:
أولاً: عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّكم سترون بعدِي أثرةً وأمورًا تنكرونها»، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «تؤدُّون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم». أخرجه البخاريُّ (3603) و(7052)، ومسلم (1846).
قلت: وهذا في ميزان فكركم الذي تقررونه وتدعون إليه هو: محض الاستسلام للقدر، ودعوة إلى الخضوع والخنوع، ورضا بالواقع المرير، وترسيخ للظلم والاستبداد، وإطلاق ليد الحكام أن يتلاعبوا بحقوق الناس وثرواتهم كما يشاؤون!
ثانيًا: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة، في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثَرةٍ عليك»، أخرجه مسلم (1838).
قلتُ: وهذا الحديث ـ في ميزانكم ـ بمعنى الحديث الأول في الدعوة إلى الذُّل والخضوع!
ثالثًا: عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سَلَمةُ بن يزيد الجُعفيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيَّ الله! أرأيتَ إن قامت علينا أمراءُ يسألونا حقَّهم! ويمنعونا حقَّنا! فما تأمُرُنا؟! فأعرض عنه، ثم سأله؟ فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، فإنَّما عليهم ما حُمِّلُوا، وعليكم ما حُمِّلْتُم»، أخرجه مسلم (1848).
قلتُ: فعلى فهمكم الفاسد: هل في الاستسلام للقدر في معاملة الحكم أبلغ من هذا؟!
رابعًا: عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثَرةٍ علينا، وأن لا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه، قال: «إلا أَنْ تروا كُفرًا بواحًا عندكم من الله فيه بُرهانٌ». أخرجه البخاري (1842) و(7199)، ومسلم (1842).
قلتُ: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حصر أمر الثورة على الحكَّام في حقِّ الله تعالى فقط، وهو (الكفر البواح)، فأين حقوق العباد من الاستئثار بالأموال والظلم وغير ذلك من مفاسد الحكام؟! أفلا يعتبر معتبر وينزجر عاقل عن متابعة الحركيين المعرضين عن السنة!
خامسًا: عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أُعطيتُ بها كذا وكذا! فصدَّقه رجلٌ» ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77]. أخرجه البخاري (2358) و(2672) و(7212)، ومسلم (110).
قلتُ: وهذا صريح في جعل العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة دينية، يجب بها السمع والطاعة والوفاء لله عزَّ وجلَّ، فمن جعلها للمال والدنيا فقد أنزل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليه ذلك الوعيد الشديد في آية آل عمران. فأين هذا من قولكم: بأن الحاكم أجير عند الأمة ووكيل عنها، فإن لم يحقِّق ما تريده الأمة منه من المطالب الدنيوية المادية؛ فلا سمع ولا طاعة، بل المظاهرات والاعتصامات والثورات؟!
فيا شيوخ الديمقراطية ودعاة الحرية وتلاميذ جان جاك روسو! هذه أحاديث قطعيَّة في دلالاتها، قطعيَّة في ثبوتها، فهي من أحاديث «الصحيحين» التي تلقَّتها الأمةُ بالقبول، ولم ينازِعْ أحدٌ من العلماء في صحَّتها، فأفادت العلمَ اليقينيَّ بمفرداتها، وهي متواترة في جملة دلالتها على السمع والطاعة والصبر وترك الخروج، بخلاف تلك اللفظة التي تتشبَّثون بإنكارها وتضعيفها: «وإن جلد ظهر، أو أخذ مالك»! فماذا أنتم قائلون في حقِّها؟!
- إن كذَّبتموها لزم من تكذيبكم لها إسقاط الثقة في السنة النبوية كلها، فتلحقون بهذا بالقرآنيين والرافضة والمستشرقين الذين يطعنون في الأصل الثاني للإسلام، ويزعم أكثرهم أن الأحاديث اختلقها المحدثون بتوجيه من الخلفاء وابتغاء لمرضاتهم!
- وإن أقررتُم بثبوتها؛ فليس لكم إلا أن تتخلوا عن أفكاركم الغربية، ومناهجكم المادية النفعية، ودعواتكم الثورية الانقلابية؟! وهذا ما نتمناه لكم، ونسأل الله تعالى أن يهديكم إليه، لا أن تكون حالكم الثانية: وهي أن تصرُّوا على أصل خلافكم لرسول ربِّ العالمين صلى الله عليه وسلم، فتصرِّحُوا بمخالفته وردِّ حكمه وأمره، فتهلكوا هلاكًا مبينًا: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، نعوذ بالله من ذلك.
وإن أشكل عليكم فهم تلك الأحاديث، وإدراك فقهها ومقاصدها، فالواجب عليكم الطاعة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، ثمَّ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}؛ يخبرونكم عمَّا فيه من الحكم البالغة، والمقاصد الرفيعة، فليس فيه شيء من تلك المعاني الفاسدة واللوازم الباطلة التي تبادرت إلى أذهانكم المفتونة بالفكر الغربي ونظرياته، بل أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم كلُّه حقٌّ وعدلٌ وخيرٌ ورحمةٌ، ففيه ـ في هذا المقام ـ: الحفاظ على دين الأمة ورسالتها، وكيانها ووحدتها، وحماية لها من الفتن والتقلبات، وصيانة للدماء والأعراض والأموال، وتخفيف لأسباب التكالب على الدنيا، والصراع على حطامها الزائل، وتكليف بالمقدور عليه من النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير وقوع فيما هو أكبر وأخطر من المفاسد والأضرار.
وبالجملة: فقد أرشد صلى الله عليه وسلم أمَّته في معاملة حكَّامهم إلى ما فيه صلاح أمر الدين والدنيا، وهو رؤوف رحيم بأمته، ومثَلُه في ذلك ـ كما أخبر هو عن نفسه المقدَّسة ـ: «مَثَلي ومَثَلُكم: كمثَلِ رجلٍ أوقد نارًا، فجعَلَ الجَنَادِبُ والفَراشُ يقَعْنَ فيها، وهو يذُبُّهُنَّ عنها، وأنا آخِذٌ بحُجَزِكُم عن النَّار، وأنتم تفلَّتُونَ مَن يَدَي». أخرجه مسلم (2285).
أسأل الله تعالى أن يعيذنا من النَّار ومن الأسباب المؤدية إليها، وأن يهدينا إلى الحقِّ ويثبِّتنا عليه، بمنِّه وكرمه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه:
عبد الحق التركماني
ربيع الأول: 1434هـ