ما إن تنفس الجزائريون الصعداء بانتهاء أزمة معاناتهم في الطريق الوطني رقم 5 عبر منعرجات الأخضرية من خلال فتح شطر بوزڤزة من الطريق السّيار، حتى أُعلن مجددا عن غلق الطريق بسبب الشروع قريبا في إعادة تهيئة شطر البويرة الأخضرية على طول مسافة33 كلم، ما يعني أن المعاناة ستتواصل مجدادا طيلة 15 شهرا القادمة آجال الانتهاء من المشروع الذي كلف مجمع "حداد" لأشغال الطرقات والبناء والري بمهمة إنجازه.
التحضير النفسي لمستعملي الطريق وتهيئتهم لتحمل المعاناة
يلاحظ مستعملو الطريق السّيار في شطره بين الأخضرية والبويرة وضع لوحات إشهارية باللون الأصفر تعود لمجمع "حداد" لأشغال الطرقات والبناء والري على طول حافتي الشطر، بعضها تحمل عبارات باللغة الفرنسية "أو تي آر آش بي حداد تعمل لأجلكم"، وأخرى دُوّن عليها عبارة إعادة تهيئة 33 كلم من شطر الطريق السيار..كما تحمل مدة 15 شهرا وهي آجال الإنجاز، دون أن يوضع تاريخ انطلاق الأشغال..ما فتح تساؤلات عدة وسط مستعملي الطريق حول مصيرهم عند انطلاق الأشغال؟..ما يعني أن أصحاب اللوحات الإشهارية نجحوا إلى حد بعيد في تحضير مستعملي الطريق نفسيا لتحمل المعاناة!.
البويرة الأخضرية ... المقصلة والحنين إلى منعرجات الريش
الشطر الرابط بين مدينة البويرة والقادرية على مسافة 18 كلم كلف خزينة الدولة غلافا ماليا يقدر بـ 400 مليار سنتيم و59 مليون أورو بالعملة الصعبة، في مدة إنجاز قدرت بـ 133 شهر، والذي أسندت مهمة إنجاز المنشأت الفنية فيه إلى المجمع المشترك الجزائري الإيطالي، فيما أنجز الطريق من طرف مجمع كوسيدار.
من بين أهداف المشروع، الذي تباهت به الوكالة الوطنية للطرق السريعة يوم 27 جويلية 2008 خلال عرضه أمام رئيس الجمهورية الذي قام بزيارة ميدانية للمشروع آنذاك، ضمان الرفاهية وأمن مستعملي الطريق وتخفيض حوادث المرور، إلا أنه وبالعودة إلى حصيلة الحماية المدنية منذ 2008 تاريخ تدشين الشطر من طرف الرئيس بوتفليقة، لوجدنا عشرات القتلى ومئات الجرحى إن لم نقل الآلاف، والسبب ليس سرعة مستعملي الطريق فقط، كما يروّج له المسؤولون، وإنما بكل بساطة بسبب رداءة نوعية الإنجاز والوضعية الكارثية للطريق، وتقارير مصالح الدرك الوطني تؤكد ذلك، بفعل محاولة السائقين تجنب بعض الحفر المتواجدة به، مما يخرجهم عن الاتجاه الذي يسيرون فيه إلى الاتجاه المعاكس بكل ما يترتب عن ذلك من حوادث خطيرة، ناهيك عن الحوادث الأخرى التي تنجم عن الفرملة المفاجئة لأصحاب المركبات، خاصة أولئك الذين يجهلون تضاريس هذا الطريق، والذي بالرغم من الرقم الخيالي للأموال التي التهمها "الأجانب" برفقة "الوطنيين"، إلا أن حالته لم تعمّر طويلا كأن شيئا يأكل منه، حيث في كل صبيحة تجد جزءا من الطريق قد انهار، ما جعل الطريق أشبه من أن يكون مقصلة لمستعمليه من أن يكون طريقا آمنا لهم، ونفس الشيء ينطبق على شطر الأخضرية ـ البويرة الذي تمت عملية تزفيته دون مراعاة المعايير الدولية، وكان وزير الأشغال عمار غول قد هدّد بمقاضاة الشركة المنجزة وطلب تعويضات عن سوء الإنجاز.
الجسر العملاق وطبقات الزفت
تعتبر هذه المنشأة الفنية من أكبر الجسور في إفريقيا بطول 744 متر وبعلو يقدر بـ 140 متر، المنجز من طرف كوسيدار وكاربوني الإيطالية في مدة تزيد عن 11 سنة بشهر واحد بتكلفة مالية قدرت بـ 1.3 مليار دينار بالعملة الوطنية و34 مليون أورو بالعملة الصعبة.... بالرغم من إنجازه وفقا للمعايير الدولية، وتوفره على مرافق متطورة لضمان أمنه وحمايته من التأثيرات الطبيعية، على غرار نظام تكنولوجي لمقاومة الزلازل وحواجز جانبية مضادة للصدمات، إلا أن اهتراء طبقات الزفت التي تغطيه وظهور حفر عميقة جدا على مستوى نقاط عديدة منه جعل المسؤولين يدرجونه في عملية إعادة التهيئة.