سورية* ليست* ليبيا*..*
بعد باب عمرو وحمص هاهي إدلب والمجموعات المقاتلة من الجيش السوري الحر حيث ينقل تلفزيون الجزيرة صورا لجنود يتدثرون من برد قارس في ريف إدلب.. والشعب في درعا وريف دمشق وبعض المدن السورية لا يتوقف عن التظاهر معلنا ضرورة التغيير وأن لا تراجع عن نيل الحريات السياسية* .. هذا* في* الحين* الذي* يصر* فيه* النظام* على* أنه* لا* يمكن* التفاهم* مع* من* حمل* السلاح* ضد* الدولة*.. ويستمر* في* الزج* بالمئات* في* السجون* ويتعامل* بقسوة* مع* الأطفال* المتظاهرين* ..
أعرف أن كثيرين يتلذذون برؤية الدماء الحمراء تسيل في شوارع أمتنا بمازوشية فائقة ولا يروق لهم أن نتحدث بصوت متزن متيقظ لمخارج الحروف ولمآلات الكلام وكأن القتل في ذاته غاية وكأن الجيش السوري جيش إسرائيل ويذهب الغضب بالبعض إلى مواقف ليست من الحكمة ولا المصلحة*..
من الضروري الإشارة إلى أن سورية ليست كمصر وليست كليبيا وليست كاليمن وأن كل بلد من البلدان الثلاثة يميز بنمط معين اختلفت تبعا له كيفية المعالجة .. فنموذج مصر الذي انطلق فيه ملايين المصريين بكل مؤسسات المجتمع المدني من نقابة المحامين ومؤسسة القضاء والطلبة والعمال والصحفيين وغيرها.. فكان الانقلاب الكلي من المجتمع كله ضد النظام.. وفي ليبيا حيث استقال الجيش والوزراء والسلك الدبلوماسي فكان الانهيار واسعا وثارت على إثره ليبيا كلها قبل أن يتدخل الغربيون ويحسمون المعركة.. وفي اليمن كرس اليمنيون طريقة التظاهر والتجمع* السلمي* ورفضوا* دخول* الجيش* على* خط* المعارضة* وكانت* هذه* الطريقة* مثلى* في* تجنيب* البلد* الصراعات* المناطقية* والقبلية*..* فجاء* العلاج* بطريقة* توافق* على* كيفية* انسحاب* الرئيس* كان* لا* بديل* عنها*.
في سورية الأمر مختلف تماما.. فهناك عدة آلاف من المسلحين سواء الذين انشقوا عن الجيش السوري أو الذين التحقوا بهم من المدنيين ولكن هذا محصور في مناطق معينة في حمص إدلب ودرعا.. والمواجهات عنيفة وحادة واستمرارها يقود إلى مزيد من العنف والاستنزاف ولازالت الدولة* السورية* متماسكة* وأجهزتها* مستنفرة* ولا* يهم* هنا* الحديث* عن* آليات* الضبط*..* في* سورية* يقف* تشابك* الوضع* الاجتماعي* والاقتصادي* وتعقيدات* التركيب* السكاني* حائلا* دون* نجاح* حرب* العصابات* أو* القتال* الاستنزافي*..
وفي* قطر* والسعودية* يكون* الحكام* قد* أدركوا* أن* طريقتهم* غير* ناجعة* في* تغيير* النظام* او* تفكيك* سورية*.. وأن* تصريحات* الأمريكان* الأخيرة* تفيد* المعنى* نفسه* وكذلك* اتجهت* التصريحات* البريطانية*..
من هنا أصبح البحث عن حل سياسي عربي وأممي وروسي أكثر وجاهة وجدوى.. صحيح أن النظام يرفض الجلوس مع المقاتلين وأن الجيش الحر يرفض الجلوس مع النظام، إلا أنهما سيجلسان في نهاية المطاف بأي شكل من الأشكال للتفاهم وإيقاف الحرب.
إن* الأزمة* السورية* ستحل* ولكن* حتما* ليس* بالطريقة* الليبية*.. وأن* أي* حل* لابد* أن* يمكن* الشعب* وبقوة* بحقه* في* الحريات* السياسية* كما* يحافظ* على* تماسك* الدولة* السورية*.
في العمق
الكاتب:
صالح عوض
2012/03/12