السيد المسيح رسول السلام يلوح بالأفق - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السيد المسيح رسول السلام يلوح بالأفق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-07-25, 17:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبوعبد الرزاق
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي السيد المسيح رسول السلام يلوح بالأفق


السيد المسيح رسول السلام يلوح بالأفق للعودة



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على خيـر مبعوثٍ للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الوعد الأمين.


لقد أضحينا في آخر الزمن، عمَّ الجهلُ وتغلَّب الهوى، واستعصت الشهواتُ في النفوس ، استُحلَّ الحرامُ وحُرِّم الحلالُ، وفتحَ الناس باب الإباحية.


ظلامٌ دامسٌ وليلٌ أعتم القلوبَ والنفوس. ضبابُ الحضارة الكثيف أسملَ البصائر، ففرَّ الناس من الواقع، وغاصوا في غياهبِ الخمور والفجور، كما أغرق الضياء والنعيم، وحجبَ نور الحقِّ المقيم، قلق واضطرابٌ، ورعبٌ لا يفارقُ الصدور، من ظلم بني الإنسان للإنسان، ألمٌ عاصفٌ يجتاحُ الحنايا، يستنـزف الدمعَ من مآقٍ غاضَ ماؤها لقسوة أهل الحضارةِ وعمَائِها.



كابوسٌ رهيبٌ ترزحُ القلوبُ تحت وطأته، ذلٌّ تخطى القيم لنفوس أبت إلاَّ الذلّ من أجل لقمة عيش كريهة، عسفٌ أذهلَ الكائنات لمن يدَّعون بالحضارةِ والإنسانية والمكرمات، مهرجانٌ عظيمٌ ولكن من الأنَّاتِ إذ بطشَ القويُّ بالضعيفِ، والرجالُ بالنساء والأطفال، والأغنياءُ بالفقراء، صرخات التوجعِ والآهات تترى والعذاب سِجال.



اغْتِيلت الفضيلةُ، وأمسكت الرذيلةُ بصولجان الإمارة، فحلَّت بواديهم مآسي الخزي والخسارة، دُفنت القيم، واستعلى الطاغوتُ، فقُتلت النفوس وافْتقدت السعادة، طُلِّق الحياءُ فأصبحت سوق الشيطان رائجةً، عندها حلَّ البلاء وانعدم الرضى وأضحت الحياةُ جحيماً لا يطاق.



اندثرت الحقيقة إذ هجرَ الناس القرآن، كما هجر من قبله الإنجيل والتوراة، وتكالبوا على العلم، الإۤله المزيَّف(علم المخلوق الضعيف لا علم الخالق العظيم)، وأشاحوا عن الديّان مبدع الكمال ورب النعيم والسرور العميم، فانقطعت سبل السعادة، وغرق الناس في بحر الضنك والمرارة.

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا..} سورة طـه(124).



انكبّوا على ألوان الخمور والمخدرات يعبّون منها، وينشدون بها الفرار فترات، ليعودَ الأمر أشدُّ وأدهى وأكثرُ شراسةً وأطغى، حتى دفع اليأس والقنوط وخيبة الأمل من الدنيا الكثير الكثير في أمِّ الحضارات الخدّاعة الغرّارة إلى الانتحار وهجْر ما هفوا إليه من دنيا دنيّة.



آن الأوان ودار الزمان دورته، وملّت النفوس من الإعراض، إذ أترعت بالأمراض، حتى زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، فتعالت النداءات أن عودوا إلى الحق، فالعوْد أحمد، والرجوع إلى الحق خيرٌ وأحب إلى الله من التمادي في الباطل، لقد أبى الرحمن الرحيم إلاَّ أن ينقذ بني الإنسان من هذا الهوان، فبعد أن ذاقوا مرارة الإعراض من طغيانهم وبغيهم وفسادهم، عندما تخلوا عن الإۤله مبدع الأكوان والأرض والسموات، فحلَّ فيهم الشقاء والبؤس والبأساء، طلبوا الخلاص من رب الخلاص: فاستجاب لهم ربهم أني: {..أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..} سورة البقرة (186)، سأبدّل شقاءكم نعيماً، وغمّكم وهمكم بهجة وحبوراً، وسأجعل أرضكم جنَّات وغبطة أبديّة، سأعيد إليكم رسولاً عظيماً كريماً، يطيِّب عيشكم في ظلال روح وريحان، ورضى وبهجة وأمان، بظهور سيّد الأكوان (في عصره) سيدنا (عيسى المسيح عليه السلام) إلى يوم تلقوني وأنا عنكم راض. فمن نعيم إلى نعيم أكبر، ومن سعادة إلى سعادة أعظم.



هذا العظيم الذي جاء للدنيا لهداية قومه، وجبر عثراتهم وإيقاظهم من رقادهم، ونقلهم من السعادة الموهومة الكاذبة إلى الحقيقة المنيرة المشرقة والكسب العظيم، وهم للمنطق ما استجابوا، وللعمى أرادوا، بذَل الكثير في نصحهم، وشقي لإسعادهم، لكن حب الدنيا هو رأس كل خطيئة، وما حلَّ في قلبٍ إلا أهمَّهُ ونغَّصه وأضناه، وفي الرذيلة والقسوة أرداه، فشهوتهم مستيقظة، وفكرهم في رقاد.



أحيا لهم الميّت، وأبرأ الأكمهَ والأبرصَ، ورأوا معجزاته كلها، وشاهدوا كمالاته ولطفه لمساً وحسّاً، ولكن قلبهم الأعمى بحب الدنيا جحد به ونكره، فاتهموه بالسحر، ناسين بغمرتهم المنحطة كمالاته الرفيعة التي لم يدانه فيها مخلوق، ولم يروا بمنظارهم المنحرف منطقه العالي الذي هو من الله مباشرةً، بل لم يشاهدوا لطفه وكماله، ورحمته وحنانه، فلم يعلموا لجهلهم على من يردُّون، فنكروا الوحي وأصمُّوا أسماعهم عن نداء ربهم الرحيم، فكان هُبوطُهم من سمائهم مُحْتماً، وفقدانهم لمنزلتهم التكليفية مبرماً، وقالوا كلمة الكفر ويا لهول ما قالوا، ظناً لا تحقيقاً بقولهم إنه المسيح الدجال، ثم الغضّ من أمّه الصدّيقة، التي هي أطهرُ نساء العالمين: {...يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ} سورة آل عمران (42)، فكانوا كمن يهوي من السماء فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق، هذا عن اليهود، أما النصارى فكان قولهم لا واقع ولا منطق فيه، إذ نسبوا له ولأمه الألوهية وهو عليه السلام براء من الشرك، فالشرك شيء عظيم ولم ولن يخطر له على بال، لأنه لا يرى إلا الله مستغرقٌ بالله تعالى، فانٍ وباقٍ بالله، لأنه مُشاهد مُبصر، فما نسبوه إليه لا أصل ولا وجود له في نفسه، وهو مستسلم بروحه وكلِّيته وجسمه إلى الله، فمن أين جاؤوا بهذا القول وخرقوه وهو عليه السلام منه براء.



بل سبق عليه السلام وحذَّرهم من الشرك بقوله: {..إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ..} سورة المائدة (72).





فهل حقاً سيظهر السيد المسيح ثانية، ومن سيناصر: اليهود، أم المسيحيين، أم المسلمين؟.




وهل سيأتي بإنجيل ثاني غير الإنجيل السابق؟ أم على القرآن سيبنى الحق؟




ـ اليهود يؤمنون ويقولون بأن السيد المسيح الحقيقي سوف يظهر حتماً فيفلسطين (أرض الميعاد)، لذا فهم استقتلوا وبذلوا ما بذلوا حتى ملكوا أرضالميعاد انتظاراً لظهور السيد المسيح الملك العالمي. حيث سيرفعهم إلىالأوج فوق العالمين في الدنيا الآن، وما عليهم إلاَّ أن يؤمِّنوا له قطعةأرضٍ في فلسطين لظهوره ثانية بينهم وينصرهم على العالمين. حيث أنهم يزعمونأن سيدنا عيسى الذي ظهر سابقاً قبل (2000) عام لم يكن هو المسيح الحق،ولكن المسيح الحق سيظهر عاجلاً الآن في فلسطين.

ولا تظن أن الأمر نظري أو بالأمر الهيِّن عند اليهود، فإنَّ (70%) من بنيإسرائيل الآن في فلسطين مجتمعون على أساس ديني وعلى أسس أرض الميعاد بظهورالسيد المسيح بينهم.

ـ أما المسيحيين، فإنهم يؤمنون بأن السيد المسيح سيظهر ثانية، ولكنليس بجسده الشريف، وإنما بروحانيته العظمى التي ترفرف على العالم فيحلُّالأمن والسلام ولا تبقى حروب أو شدائد حتى يوم القيامة.

والسؤال الآن:

أين السيد المسيح، أفي أرض؟ أم في سماء؟ وهل سيعود ثانيةً حقّاً، وما هو الدليل؟

وبالآية الكريمة (55) في سورة آل عمران: {يَاعِيسَى إِنِّيمُتَوَفِّيكَ..} فهل يعني ذلك أنه سيعيده للحياة بعد الوفاة ويحييه مرةثانية ويظهره؟ ولماذا يظهره ثانية؟



وما الدليل القرآني أو المنطقي على مجيئه يحمله ملكان يطوفان به فوق مدينة دمشق ثم يضعانه على مئذنة بالجامع الأموي (مئذنة عيسى)؟

مع أي فئة سيكون، هل مع المسلمين؟ أم مع المسيحيين؟ أم مع اليهود؟

هل سيأتي بإنجيل ثاني غير الإنجيل السابق؟ أم على القرآن سيُبنى الحق؟

وأخيراً، هل سيظهر السيد المسيح عليه السلام ثانية لوحده أم يعود هو وأمه السيدة مريم العذراء عليها السلام؟


الجواب:

ـ قبل قيام الساعة التي أشار إليها القرآن الكريم أو أي بلاء آخر فإن اللهيرسل إلى الناس إنذارات وتحذيرات لعلهم ينتبهون من غفلتهم ويصحون منسكرتهم ثم يتداركون أمرهم قبل أن يحل بساحتهم العذاب وقبل أو يقولوا ربناأرجعنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل.

ـ ولا تقتصر تلك التحذيرات على الرسل فحسب بل التنظيم الكوني الصارم بدقتهوالهادف في غايته يحذرنا من الاطمئنان لهذه الدنيا، فالمراحل التي يمر بهاالإنسان أو الحيوان من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى ضعف وشيْبه، والنبات يخرجغضاً ثم يستوي ويستغلظ ثم يصبح هشيماً تذروه الرياح إن هي إلا آيات محذراتمبينات للإنسان بأن لا يطمئن ويركن إلى الحياة الدنيا بل تطلب إليه بماتقدمه من المواعظ أن يشمر عن ساعد الجد ويسعى لما هو مخلوق له لأن الأمرجد وما هو بالهزل.

تحذيرات:

ـ وما أشراط الساعة التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام وظهرت الآن إلاآيات مبينات لأولي الألباب الذين يبحثون عن لب الأمور أي عن ربهم موجدالوجود ويذرون القشور والخيال المنطبع على شبكية العين فيرون الحقيقةببصائرهم بنور ربهم، لا بنور الشمس والكهرباء.. الخ.

ـ ففي أشراط الساعة آيات مبينات بأن هذه الحضارة التي بنوها وارتضوا بها سوفيأتي الله على بنيانها من القواعد فيخر عليهم السقف من فوقهم ذلك بأن اللهلا يأخذ القرى بظلم وأهلها غافلون، أما إذا أخذها وهي ظالمة فإن أخذه أليمشديد، فلو كانت الحياة طيبة في ظل هذه الحضارة لما شاهدنا التبرم والضجروالألم وحوادث الانتحار في البلدان الراقية من هذا النهج الذي ارتضتهالبشرية لنفسها.


ـ أما إذا انحرفنا عن تلك الغاية السامية من وجودنا التي هي الحياة الطيبة بأسمى معانيها فإن الهلاك يصبحمحققاً وذلك لكي لا تزداد شرورنا ويزداد ألمنا وحسرتنا يوم الدين.

ـ فالله أعلم بمن خلق وأعلم بما يسعد نفوسهم، أو ليس الذي أبدع السمواتوالأرض وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة بقادر أن يضع لنا سنناً تكفل لناسعادة الدارين؟

بعث الرسول:

ـ بلى ولكن خروج الناس عما أنزل من الشرائع الكفيلة بسعادتها ورقيّها هوالذي سبب لها النكبات وسبب لها الألم والشقاء ومن أجل ذلك يبعث الله تعالىإليهم رسولاً من أنفسهم ويتلو عليهم آياته وشرائعه ويأمرهم أن يطيعوا اللهورسوله بتطبيق تلك الشرائع ويحذرهم ويعظهم من الهلاك إذا انحرفوا عنهاواستبدلوها بشرائع من وحي أهوائهم.

قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِيأُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِيالْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} سورة القصص (59).

ـ والمسيح عليه السلام هو رسول هذا العصر وهو الذي أرجأه الله تعالى لهذهالساعة هلاك القرى وجعله علماً لها من أعظم أشراطها: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌلِلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌمُسْتَقِيمٌ} سورة الزخرف (61).

رجل الساعة:

ـ نقول المنارة علماً للبر أي برؤية المنارة نعلم بوجود البر إن كنا تائهينبسفن بالبحار. فالمسيح عليه السلام علماً للساعة وأما الأدلة القرآنيةالتي تنبئ عن مجيئه فإليك هي:

الدليل الأول:

قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَوَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُالَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِالْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَاكُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} سورة آل عمران (55).

ـ لقد جاء عيسى بن مريم عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل فاصطدم بعلمائهممن (الفرِّيسيين) بعد أن رأوا مخالفته لأقوالهم ولما جاء به أجدادهم منالتفسيرات التي لم ينزل الله بها من سلطان، ولما رأوا أمرهم سينكشف للناسراحوا يقاوموه بشتى الوسائل حتى تمكنوا من صد الناس عنه، وما صدوا إلاالذين هم على شاكلتهم، ولم ينتهوا عند الكفر به والصد عن سبيل الله بلراحوا يمكرون به قال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُالْكُفْرَ..}: بكفرهم ومكرهم. {..قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ..}: أي منيبايعني على النصر أو الموت. {..قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُاللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ، رَبَّنَاآمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَالشَّاهِدِينَ}: ذلك أن المسألة خرجت عن نطاق المناقشات الكلامية وتطورتإلى الاحتكام إلى شبه الأسنة.




ـ مكرت بنوا إسرائيل واستعد السيد المسيحوالذين آمنوا معه وهم أحد عشر رجلاً ولكن الله جلّت قدرته رأى الحواريينأقلة فدبَّر لأمرٍ فيه الخير لهؤلاء وهؤلاء. {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُوَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّيمُتَوَفِّيكَ..}: تألم على نفسه وأخذ الحزن منه كل مأخذ وظن أن الله جل وعلالم يقدِّر على يديه هداية قومه لوفاته ونتيجة إعراضهم وكفرهم لأنهبهدايتهم سعادتهم وسعادته يوم القيامة وبالتالي رفعته، عندئذ طمأنه تعالى،إذ قال تعالى: {..وَرَافِعُكَ إِلَيَّ..}: أي بأعمالك العالية لإنقاذ البشرية.{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} سورة فاطر (10).

ـ والوفاة لا تعني الموت فحسب بل النوم يسمى وفاة أيضاً، قال تعالى: {وَهُوَالَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْبِالنَّهَارِ..} سورة الأنعام (60).

{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا..} سورة الزمر (42).

فالنوم وفاة إذاً، أما وفاة الموت فتكون على يد ملك الموت الموكل بوضع الروح حين الولادة إذ هو أيضاً الذي يقبضها عند الموت.

قال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} سورة السجدة (11).

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ..} سورة النساء (97).

معنى الوفاة:

ـ فمعنى الوفاة هنا أخذ الإرادة والاختيار من سيدنا عيسى عليه السلامبإنامته، فالله يتوفى الأنفس التي أخذ منها إرادتها واختيارها، لذافالأعمال التي تصدر من النائم لا يؤاخذ عليها إن اتخذ الحيطة لنفسه قبلنومه.




الرفعة:

ـ وإذاً فليس المراد من كلمة: {..وَرَافِعُكَ إِلَيَّ..}ما يتبادر إلى الأذهان، أذهان بعض الناس من أنه رُفِعَ إلى السماء. فإن الآية جاءت صريحة بقوله تعالى: {..وَرَافِعُكَ إِلَيَّ..} ولم تقل ورافعك إلى السماء، والله تعالى هذا الخالق العظيم، الذي لا نهاية له، مُنزَّهٌ عن أن يُحيط به زمان ومكان، فهو خالق الزمان والمكان.



ثم إنَّ السماء والأرض عند الله تعالى سيَّان في المنزلة والشأن، وكلاهما مخلوق، وليس يرفع من شأن الإنسان رفعهُ إلى السماء، إنَّما الذي يرفع الإنسان إلى خالقه ويدنيه من جنابه الكريم، عمله العالي، وجهاده في سبيل الله، ودعوته الناس إلى طريق الحق، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم. وإذاً فالذي جاءت به الآية الكريمة ليس رفعاً جسمياً، إنَّما هو رفع المنزلة والشأن نقول: رفع الأمير فلاناً إليه، أي أدناه منه منزلة ومكانة، لا جسمياً ومكاناً.

قال تعالى: {..وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ..} سورة فاطر (10).

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا،وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (56ــ57) سورة مريم. {..يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ..} سورة المجادلة (11).

ـ فالله سبحانه طمأَنَ المسيح عليه السلام بأنه رافعه إليه بهذه النيةالعالية إلا أن الرفعة لن تكون الآن إذ أن قومك أبوا أن يؤمنوا لك وأصرواعلى كفرهم فما استحقوا إنعامي عليهم لذلك فإني مُلقٍ عليك سُنّةً من النومالآن ورافعك بعد هذا النوم الذي يمتد قروناً بالأعمال الكبرى التي سأرزقك بها وبها إسلام العالم كله على يديك وذلك بنيتك العالية.

أقول: والذي ينفي أيضاً رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء قوله تعالى في سورة المؤمنون (50): {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}: والربوة: هي المكان المرتفع من الأرض. والقرار: هو الجبل الراسخ المستقر. والمعين: الماء الجاري الذي لا ينقطع.




عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {..وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}. «قال أتدرون أين هي؟. قالوا الله ورسوله أعلم. قال: هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة، في مدينة يقال لها دمشق هي خير مدن الشام». أخرجه ابن عساكر، وهذا ما رواه البيضاوي في تفسيره، والمؤرخ ابن جبير في كتابه "تذكرة الأخبار عن اتفاقات الأسفار" أنَّ هذا الإيواء إِنَّما كان إلى ربوة دمشق، وجاء في بعض الآثار، أن ظهور سيدنا عيسى عليه السلام في آخر الزمان، سيكون في دمشق.



زوال الكفر:

قال تعالى: {..وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا..}: عندها سأزيل دولالكفر ولن تقوم لهم قائمة أبداً إلى يوم القيامة. {وَجَاعِلُ الَّذِينَاتَّبَعُوكَ..}: وسوف أجعل الذين يتبعوك عندها: {..فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}: عندها تكون في هذه الأمة وجيهاً في الدنياوالآخرة وبهذه الآية يبين أن ساعة القيامة تقوم على خيار الخلق والساعةالتي تقع بزمن السيد المسيح عليه السلام تقوم على شرار الخلق.
وفي الحديث الشريف:«..لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس» الجامع الصغير، للسيوطي.



الدليل الثاني: البينة



بسم الله الرحمن الرحيم



{لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَمُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِيَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، وَمَا تَفَرَّقَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُالْبَيِّنَةُ} سورة البينة (1 ـ 5).

ـ أي أن الذين كفروا من أهل الكتاب وهم اليهود، والمشركين وهم النصارى لمينفكوا عما هم فيه من كفرهم وإشراكهم، كما لن ينفكوا عن اختلافهم من تكذيباليهود للمسيح صلى الله عليه وسلم واختلاف النصارى في طبيعته حتى تأتيهمهذه البينة، وهذه البينة وصفها الله تعالى بأنها: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِيَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواالْكِتَابَ}: (اليهود) إلى يهود ونصارى. {إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَاجَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}: سيدنا عيسى عليه السلام. {وَمَا أُمِرُوا..}:هؤلاء وهؤلاء. {..إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.

ـ لقد كان المسيح عليه السلام بينة في ولادته من غير أب، ثم حمْله ووضعه فيفترة وجيزة بينة وأية بينة، وتكليم الناس في المهد وخلقه من طين كهيئةالطير فينفخ فيه فيصبح بإذن الله طيراً، ثم إحياء الموتى بإذن الله وإبراءالأكمهْ والأبرص، كلها تعتبر آيات بينات لمن شاء أن يؤمن.




ـ كذلك فإن مجيئهبعد عشرين قرناً ليكلم الناس يعتبر بيِّنة على أنه رسول الله،، إذن حياة هذاالرسول العظيم كلها بينة ولا عجب بعد هذا أن يدعوه الله تعالى بالبينة.


ـ لا جزية بعد ظهور السيد المسيح عليه السلام:

فلم يكن اليهود والنصارى منفكين عن كفرهم حتى يأتيهم رسولهم المسيح عليهالسلام، فلذلك فإن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام لم يحلَّ الخلاف بيناليهود والنصارى إلا بالتي هي أحسن فحينما كان يحارب عبَّاد الصنم والناريشترط الحرب أو الإسلام.



ـ وإن كانوا أهل كتاب فكانت الشروط ثلاثة: (الإسلام، أو الجزية، أو الحرب)فإن أسلموا فتلك الغاية وإن أبوا فدفع الجزية وإلا الحرب حتى يسلموا أويدفعوا الجزية التي بحقيقتها رمز لعلهم يسلمون فإذا أسلموا للحق ارتفعتعنهم وأعيد لهم عزهم وأصبح لهم ما للمسلمين. فهم لهم إخواناً سواء، لهم مالهم من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات معزوزين مكرمين فلا تمايز عنصريولا طائفي كيف لا فقد اهتدوا.

الدليل الثالث:



وجاهة السيد المسيح عليه السلام:



{إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِبِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِيالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِيالْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} سورة آل عمران (45-46).

فالآية تبين أن السيد المسيح سيكون وجيهاً في الدنيا وفي الآخــرة، فـإذاكــانت وجـاهـة الآخرة لا ريب فيها فوجاهة الدنيا لم تحصل له بعد، ففيفترة قدومه الأولى لم يكن الذين معه يتجاوزون الأحد عشر، لذا فتلك الوجاهةهي التي ستكون له عند عودته ثانية، فيؤمن به كل من بقي حيّاً تقريباًفيصبح الملك العالمي للناس قاطبة: «يأتي على سحابة من المجد» ويغدو للعالمين إماماً إذ يؤمُّ إليه رجال الزمن وإلى أمه عليه السلام النساء جميعهن.

ـ كلام الكهل ليس بمعجزة إلاَّ:

والآية الثانية بقضية تكليمه بالمهد فكلامه يعتبر بحق معجزة، أمــا أنيــكلم الناس كهلاً فليس بمعجزة، إلاَّ إذا غاب حيناً من الدهر يتجاوزأضعافاً مضاعفة من عمر الإنسان الوسطي، ثم يعود ليكلِّم الناس بنفس العمركهلاً:




مجيئه بعد عشرين قرناً تقريباً معجزة عظمى، وهو بنفس السن الذي توفاه الله به.

أما وقد تكلمنا عن مجيئه فعلينا حتى يكمل البحث أن نشرح الغاية التي يأتي من أجلها.

ـ إن القرآن جاء بأعلى مستوى وأكمله من التشريع والتنظيم والبرهان، وفيالحدود التي ارتضاها رب العالمين للبشرية، وهذه الحدود تبقى في المجالالذي لا ينصرف به الإنسان كلياً إلى الدنيا، وتمتص كل طاقاته الفكريةوالنفسية والجسمية. فأرضية المجتمع الديني، والمناخ الذي يجب أن يعيش فيهالإنسان ويتلاءم مع معتقداته، هو مجتمع لا يتجاوز مستواه الحضاري مستوىالتعقيد وامتصاص طاقات الإنسان لدنياه فقط، لأن التجاوز عن هذا المستوىيولد الشقاء والألم والظلم والتفرقة، تماماً كما نلحظه في هذا العصر، وكلزيادة على هذا المستوى، يعتبر فساداً وإفساداً، واطمئناناً إلى الدنيا،وانصرافاً عن الغاية التي جاء من أجلها الإنسان.

ـ لذلك فالسيد المسيح عليه السلام عند مجيئه، لن يحمل معه إنجيلاً يستوعبحضارة هذا القرن، ولن يصحِّح القرآن، لأنه كتاب لا يدخل عليه الباطل، بليأتي ليمحو الصدأ الذي حجب الناس عن القرآن من تلك التفاسير الضحلة، ومنكثرة التفاسير المضلِّلة، التي فرَّقت الناس إلى أحزاب وشيع، كل حزب بما لديهمفرحون، هذه الدعوة نفسها عندما أراد عليه السلام من قبل أن يجلو الصدأالذي تراكم على التوراة، نتيجة التفاسير الباطلة، والتحريف المقصود منعلماء بني إسرائيل، ولكن عند مجيئه الثاني مهما يلاقِ هذا الرسول الكريممن التحدي من قبل بعض علماء الأديان الثلاثة، أو من الذين يتبعونهم بغيرعلم، فالله سينصره هو والذين آمنوا معه، وسيجعل عداءهم له حسرةً في قلوبهمإلى يوم يلقونه، وعندئذ سيحكم تعالى بينهم وهو خير الحاكمين.





انتهاء جولات الباطل:

{وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَمَوْتِهِ..} سورة النساء (159).




ـ إن الدين بدأ غريباً. فقـد بــدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوته لقومٍ قد مزقت الخلافات وحدتهم، وأبعدت القبليةتضامنهم، وكانوا عبارةً عن قبائل متفرقةٍ، ودويلاتٍ تستخدمها دول أجنبيةكبرى، وبين أظهرهم أمة تعالت عليهم بما لهم (أبناؤها) من ماضٍ مجيد،ويستفتحون عليهم بما يعتقدون بأنَّ رسولاً اسمه أحمد أي: (أحمد الخلقاسماهم وأعلاهم) قد قارب زمانه، وبمجيئه سينتصرون على العرب، ويأخذونديارهم وأملاكهم، ويصبحون أسيادهم. هذا الوضع قبل أربعة عشر قرناً، (يشبهضمناً وضعنا الحالي).



ـ فالأمة العربية خاصة، والإسلامية عامة، قد مزّقتهاالخلافات إلى شيعٍ ودويلات متناحرة، تسيِّر قسماً منها دول استعماريةكبرى، وبين أظْهُرِها أمةٌ يتعالون علينا الآن بحاضرهم، وهم الآن كماكانوا بالأمس ينتظرون ظهور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهم الآنينتظرون قدوم السيد المسيح في أرض الميعاد فلسطين، ليكون الملك العالمي.



فالدين أصبح غريباً، إذ ما من أحدٍ تقريباً يأمل أن تقوم للدين بعد اليوم قائمة، لأن عصر الأديان باعتقادهم قد ولّى منذ زمن بعيد، وإلى غير رجعة .

ألا إن الزمان قد دار دورته، وعاد الوضع كما بدأ. في هذا الزمان الذي كفرتالناس بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر سيظهر الدين غريباً كما بدأ قبلأربعة عشر قرناً{..وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} سورة التوبة (32).

فطوبى للمؤمنين الغرباء بقدوم الرسول السيد المسيح عليه السلام، فقد آنأوان ظهوره حقاً وصدقاً، لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد. عندها: «طوبى لمولود ذلك الزمان».




هل سيظهر السيد المسيح عليه السلام ثانية لوحده أم يعود هو وأمه السيدة مريم العذراء عليها السلام؟


سيظهر سيدنا عيسى عليه السلام قائداً وملِكاً عالمياً يقود البشرية للنور والسعادة, هذا بالنسبة للرجال أما النساء فما حالهن ومن يقودهن؟!..




في زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, نساؤه الطاهرات استلمن وظيفة الإرشاد للنساء وإنقاذهن. أما في زمن عيسى عليه السلام فالسيدة مريم عليها السلام هي التي ستستلم تلك الوظيفة العظيمة بدليل الآية (42) من سورة آل عمران قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ}: فهناك في الآية (اصطفاءين) اصطفاك واصطفاك فما هما هذين الاصطفاءين و كيف تمّا؟!.



1ـ الاصطفاء الأول: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاك..}: أي اصطفاك بالأزل. عندما أقبلت على الله في عالم الأزل إقبالاً استحقت به أن يصطفيها الله من بين النساء, وكذلك بصدقها أقبلت على الله وطهرت نفسها بالدنيا فصارت أهلاً للاصطفاء. {..وَطَهَّرَكِ..}: بذلك الإقبال على الله. وكذلك لا تطهر النفس إلا بالله.



2ـ الاصطفاء الثاني: {..وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين}: مرشدة لنساء العالمين تبيِّن لهن و تدلّهن على الله.



فهذه وظيفتها فهي التي سماها الله "مريم" أي: مرآة الحق, كل من نظر إليها يرى جلال الله. فهي دائمة الوجهة إلى الله لم تنقطع عنه سبحانه وتعالى فشهد تعالى بها وجمعها مع (القانتين) أي الدائمي الوجهة إلى الله, الذين لم ينقطعوا عنه طرفة عين "الأنبياء" أي اشتركت معهم بهذه الصفة: (القنوت لله وعدم الانقطاع عنه) فقال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} سورة التحريم (12).



إذن فالاصطفاء الثاني: "بالإرشاد للنساء" لمَّا يحدث بعد إذ لم يؤمن مع سيدنا عيسى عليه السلام عند مجيئه الأول سوى عدد بسيط من الرجال ومن ثم توفَّاه الله "وفاة النوم" بعد أن آواه هو وأمه إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعين فلم يتسنّ للسيدة مريم عليها السلام أن تقوم بتلك الوظيفة في الإرشاد التي تأهَّلت لها بصدقها مع الله, ولم يتم ذلك الاصطفاء الثاني الذي تحدّثنا عنه. وهذا دليل على أنها ستعود مع ابنها السيد المسيح عليه السلام ثانية لإتمام وظيفتها التي أعدها الله لها.



هذا وكما أن الإيواء كان لسيدنا عيسى وأمه عليهما السلام قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} سورة المؤمنون (50).



وبما أنهما اختفيا سويّة فسيعودان سوية وستكون السيدة مريم عليها السلام مرشدة تهدي النساء إلى الله. أما وقد جعلها تعالى مع ابنها آية للعالمين فالآية يجب أن يراها الناس ثانية. فلا بد من ظهورها ثانيةً مرشدة لنساء العالمين, وهي آية بظهورها بعد عشرين قرناً مع ابنها صلى الله عليه وسلم.



قال تعالى في سورة الأنبياء (91): {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا..}: أي رحمت نفسها من كل سوء {..فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا..}: لما طهرت نفسها أعطيناها هذا العطاء. {..وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}.



بعد الحديث عن السيدة مريم وابنها عليهما السلام قال تعالى في سورة الأنبياء (92): {..إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..}: قال الله أمتكم فمتى سيكون هذا؟!.



لا بدّ أنه في زمن السيد المسيح المنتظر عندما سيأتي للمرة الثانية إذ كل البشر سيؤمون للسيدة مريم وابنها حين ظهورهما. عندها سنكون أمة واحدة.


والحمد لله رب العالمين

هذا ما بينه فضيلة العلامة محمد أمين شيخو في كتاب السيد المسيح يلوح بالأفق


www.rchss.com









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-07-31, 19:44   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
رقية 24
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية رقية 24
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا

اللهم ثبتنا على دينك










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-31, 20:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
مريم قسنطينة
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية مريم قسنطينة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك ، أنا ما اعرفه أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي جعله الله لعامة الناس حتى يوم البعث .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المسجد, الشيخ, رسول


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:51

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc