تعريف الموشحات :
الموشحات جمع مُوشَّح , وقد عرَّفَه ابن سناء الملك بقوله : " الموشَّح كلام مَنْظُوم على وزن مخصوص بقوافٍ مختلِفة " , وجاء في أحد المعاجم الأدبية الحديثة أن الموشح : " شكل خارجي تتَّخذه القصيدة العربية يتكون من أجزاء معينة , لا يتحكم فيه وزن واحد أو قافية معينة , ويختلف باختلاف الشعراء "
والموشح مأخوذ من التوشيح وهو التنميق والتجميل , ولعلهم شبهوه بوشَاح المرأة وهو خَيْطَان من لؤلؤ وجوهر منظومان , يُخالف بينهما ويُعطف أحدهما على الأخر , ليكوِّنا عِقْداً تتوشح به المرأة , والجامع بينهما هو التشابه في التجميل , فالوشاح يُجَمَّل بما يُرَصَّع عليه من الجواهر , والوشح يُجَمَّل بالتنويع بين أقفاله وأدواره في الوزن والقافية .
نشأة الموشحات :
نشأت الموشحات في الأندلس , في أواخر القرن الثالث الهجري , على يد مُقَدَّم بن مُعَافَى القَبْرِي أحد شعراء عبد الله بن محمد بن الحكم (حكمَ من 257 إلى 300 هـ ) , وسلكتْ بعد ذلك سبيل التطور على يد يوسف بن هارونَ الرمادي الشاعر القرطبي ( المتوفى سنة 403 هـ ) , ثم جاء بعده عُبَادَة بن ماءِ السَّماء ( المتوفى سنة 419 هـ ) وعلى يديه اكتملت صورة الموشحات , وصارت فنًّا قائماً على أصوله , ومستكملاً لبنائه ونظامه , حيث ألَّف كتابًا سمَّاه : ( دار الطِّرَاز في عَمَلِ الموشحات ) .
والموشحات اختراع أندلسي خالص , ولا صحَّةَ لما يُقَال من أن ابن المعتز العباسي هو مخترعها , وإنما ذلك محاولة لسَلْبِ الأندلسيين هذا الاختراع الذي أكد المؤرخون سَبْقَهم إليه , حتى لقد قال ابن سناء الملك : " وبعدُ فإن الموشحاتِ مما ترك الأولُ للآخرِ , وسبق بها المتأخرُ المتقدِّمَ . . . "
ويُعدُّ يحي بن بقي وابن عبادة القزَّاز وأبو بكر بن زُهْر أبرز شعراء الموشحات .
أجزاء الموشح :
تتعدد أجزاء الموشح التي يتركَّب منها , ولكلِّ جزء من الأجزاء اسم يميزه عن غيره , وهذه الأجزاء هي :
1- المَـطْلَع : وهو ما يُفْتَتَحُ به الموشح , ويتألَّف من قسمين غالباً , أو أربعة أحيانًا ش2(1) .
2- الــدَّور : وهو الجزء الذي يأتي بعد المطلع وقبل القفل , يتألف من ثلاثة أقسام فأكثر , ويجب في كلِّ دور أن يكون مُتَّفقًا مع بقية الأدوار في الوزن وعدد الأقسام دون القافية .
3- القـُـفْــل : وهو الجزء الذي يأتي بعد الدور , ويَلْزَم أن يَتَّفِق كل قفل مع المطلع , ومع بقية الأقفال , ومع الخرجة في الوزن والقافية وعدد الأقسام .
4- الخَـرْجَــة : وهي آخر قفل في الموشح .
5- البـَيْت: وهو في الموشح غيره في القصيدة التقليدية , فالبيت في القصيدة يتركَّبُ من جزأين ( شطرين) : صدر البيت وعجزه , أما في الموشح فيتركَّب من جزأين وهما : الدور والقفل الذي يليه , فكل دور مع القفل الذي يليه يطلق عليهما اسم (بيت) , وهكذا إلى آخر الموشح .
6- الغُــصـْن : وهو اسم اصطلاحي لكل قسم من أقسام المطلع , أو الأقفال , أو الخرجة , ويجب أن تتساوى جميع هذه الأجزاء الثلاثة في عدد الأغصان .
7- الســِّمـْط : هو اسم اصطلاحي لكل قسم من أقسام الدور , ويجب أن تتساوى جميع الأدوار في عدد الأسماط .
أوزان الـمـوشـحـات :
كانت الموشحات ثورة على الأوزان التقليدية للشعر العربي, وعلى قوافيه , وقد لاحظ ابن سناء الملك أن الموشحات تنقسم قسمين :
1- ما جاء على أوزان أشعار العرب .
2- ما جاء على غير أوزانهم المألوفة .
وقد لجأ الوشّاحون إلى التنويع في أوزان الموشحة الواحدة , مع مراعاة أنَّ الأوزان التي يختارونها غالباً ما تكون من البحور الرشيقة الخفيفة , كالموشحتين السابقتين , وقلَّ أن يستخدموا بحور الطويل والكامل والوافر وغيرها من البحور الشائعة , التي تعتمد على طول النَّفَسِ وكَثْرَةِ التفعيلات .