نشر الغسيل الاستخباراتي الفرنسي في إفريقيا - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نشر الغسيل الاستخباراتي الفرنسي في إفريقيا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2024-12-04, 12:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










B10 نشر الغسيل الاستخباراتي الفرنسي في إفريقيا

نشر الغسيل الاستخباراتي الفرنسي في إفريقيا

بقلم: البروفيسور نسيم بلهول

قد يبدو وجود الجنود والجواسيس في الدول الإفريقية بمثابة مسألة تعود إلى أيام الحرب الباردة، إلا أنه كثيرا ما أصبحت الظاهرة المرتبطة بمداخل الفساد والتآمر والمناورات القذرة أمرا مألوفا للغاية في عصرنا هذا. في ذلك، تمتلك فرنسا أقدم التقاليد الاستخباراتية القذرة في القارة المستباحة، إذ تتمتع المصالح السرية الفرنسية، وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الخارجي، بحضور قوي في أدغال القارة، التي فقدت في الآونة الأخيرة قبضتها بسبب المنافسة المتزايدة والشديدة من جانب وكالات استخباراتية أجنبية أخرى.


من السيطرة إلى التأثير
تاريخ تواجد الشبكات الاستخباراتية في إفريقيا يعود إلى الفترة التي انهارت فيها حقبتها الاستعمارية، إذ تعدّ من تركات “جاك فوكارت”، الذي كان، بين سنتي 1960م و1974م، سكرتيرا عاما لقصر الرئاسة الفرنسي “الإليزي” للشؤون الإفريقية والمالطية. وكان معروفا باسم “السيد إفريقيا”. وهو الذي كان مسؤولا عن شبكات الاستخبارات في فرنسا الحرة أثناء الحرب العالمية الثانية، مستغلا تلك الخبرة لبناء شبكات من العملاء من خلال أجهزة المخابرات الفرنسية عبر مختلف البلدان الإفريقية المستقلة.
في المراحل الأولى من فترة ما بعد الاستعمار، كان الموظفون العموميون الفرنسيون السابقون في المستعمرات الفرنسية مفتاحا وورقة قوية للحفاظ على نفوذ فرنسا، إذ شجع فوكار اختراقهم وتولي العديد من المناصب في الحكومات الإفريقية الجديدة، على غرار حكومة فيليكس هوفوي بوانيي في كوت ديفوار. إلى جانب ذلك، كان هناك عنصر آخر مثار للدهشة من القوة الفرنسية في إفريقيا وهو الآلاف من المعلمين الفرنسيين الذين استمروا في التدريس في المدارس الثانوية والجامعات. كان العديد منهم يقدّمون تقاريرهم إلى جهاز المصالح السرية الفرنسية sdece، الذي أصبح فيما بعد يسمى dgse وقد أطلق على شبكات الاستخبارات تلك اسم “شبكات فوكار”. وكانت تلك الأجهزة معنية ومسؤولة عن مهمة جمع المعلومات الإستراتيجية عن تلك البلدان من “مراسلين” هم في حقيقة الأمر إما رجال أعمال أو أشخاص ينتمون إلى تلك الدول الإفريقية المستهدفة ويقومون بتقديم التقارير إليهم. كما تضمن نفس الشبكات تمويلا سريا للأحزاب والسياسيين في تلك البلدان التي تبدي استعدادا لدعم المصالح الفرنسية.

كانت شبكات الجواسيس تلك تضمن للحكومة الفرنسية قدرا كبيرا من المعلومات التي ساهمت في تثبيت أجندتها في إفريقيا، أحيانا بوسائل عسكرية. على سبيل المثال، ساعد فوكار في بناء إدارة الرئيس الغابوني السابق ليون مبا عام 1961م. لكن بمجرد أن علم فوكار من خلال شبكاته أن مبا من شأنه أن يشكّل تهديدا بالنسبة للشركات الفرنسية في الغابون، خطّط من أجل الانقلاب عليه وقام بدعم الحكومة الجديدة لنائب مبا السابق عمر بونغو. وهو نفس الأمر الذي قام به فوكار في غينيا، والكونغو حين دعم موبوتو، وفي نيجيريا، بمناسبة دعمه لاستقلال منطقة بيافرا الناطقة بالفرنسية.


كان الدعم مضمونا بشكل رئيسي من خلال مرتزقة متمرسين في الجغرافيا الإفريقية، على غرار روبرت دينار، ليصبح بعد ذلك بعض العملاء شخصيات سياسية مهمة في بعض البلدان الإفريقية، مثل جان كلود مانتيون، الذي يعدّ الرجل الثاني الحقيقي في جمهورية إفريقيا الوسطى الجديدة، أو بول فونتبون في تشاد. وكانت تلك الشبكات الاستخباراتية الفرنسية حاسمة في مسألة التدخلات العسكرية الفرنسية في كل من كوت ديفوار وليبيا ومنطقة الساحل.


كان الدعم مضمونا بشكل رئيسي من خلال مرتزقة متمرسين في الجغرافيا الإفريقية، على غرار روبرت دينار، ليصبح بعد ذلك بعض العملاء شخصيات سياسية مهمة في بعض البلدان الإفريقية، مثل جان كلود مانتيون، الذي يعدّ الرجل الثاني الحقيقي في جمهورية إفريقيا الوسطى الجديدة، أو بول فونتبون في تشاد. على أيّ حال، كانت تلك الشبكات الاستخباراتية الفرنسية حاسمة في مسألة التدخلات العسكرية الفرنسية في كل من كوت ديفوار وليبيا ومنطقة الساحل.

المصالح السياسية والاقتصادية الفرنسية
في الواقع، هناك سببان سياسيان رئيسيان وراء قيام فرنسا بإنشاء شبكات إيديولوجية في المنطقة: الأول، كان مواجهة ومحاصرة الشيوعية أثناء الحرب الباردة مع الحفاظ على مكانة فرنسا كقوة عظمى من خلال ترسيخ مستعمراتها السابقة كمنطقة نفوذ لها. من خلال القيام بذلك، توقعت فرنسا الحفاظ على المكانة التي فقدتها بعد إنهاء المرحلة الاستعمارية. في ذلك، كانت الشيوعية تشكّل تهديدا لهذه الخطة، إذ توقعت تحوّل الجمهوريات الإفريقية الجديدة إلى التحالف مع الاتحاد السوفييتي. كما حرصت فرنسا، من خلال تأطير وجودها في القارة باعتباره تموضعا شرسا ضد الشيوعية، على ألا يكون من المتاح أمريكيا إنشاء شبكاتها الخاصة ولو لفترة من الوقت.

أما السبب الثاني، فكان تحت مزاعم العمل كمنفذ رئيسي لقيم الأمم المتحدة. غير أن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي غيّر من ذلك وبدأ في عملية تأطير الوجود الفرنسي في إفريقيا باعتباره معركة من أجل حقوق الإنسان والحفاظ على قيم الأمم المتحدة في المنطقة. ومن خلال حضورها أرادت فرنسا ضمان دعم أممي، من شأنه أن يسهّل على هذه الأخيرة مأموريتها وعملها في القارة من خلال المساعدة الفرنسية وشبكاتها الاستخباراتية. كما حاولت فرنسا أيضا أن تكون أقل تورطا مع الحكومات التي جرى الحفاظ عليها من خلال انتخابات مشكوك فيها، على غرار: انتخاب جوزيف كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية أو إدريس ديبي في تشاد.


من الجوانب الأخرى التي يجب ذكرها، في هذا المقام، هي سيطرة فرنسا على عملات أربعة عشر دولة مستقلة من خلال عملتين: الفرنك الإفريقي الغربي والفرنك الإفريقي الأوسط، إذ يستخدم قرابة 160 مليون شخص هذه العملة التي تخضع لنظامي كل من الخزانة الفرنسية والبنك المركزي الأوروبي.


من جهة أخرى، لا بد من الإشارة إلى تلك العلاقة القوية التي تربط النفوذ الفرنسي بالمصالح الاقتصادية لشركاتها المختصة باستخراج الطاقة والموارد؛ إذ أن هناك علاقة مهمة بين مهندسي شبكات الاستخبارات الفرنسية وقادة الصناعات الإستراتيجية في أغلب دول القارة. مثلا، بيير غيومات وهو أحد أقرب المقربين لجاك فوكارت، هذا إلى جانب كونه زعيما سياسيا مهما داخل الحركة الديغولية، والأهم من ذلك كله، أنه منذ سنة 1966م كان الرئيس التنفيذي لشركة “إلف أكيتاين”، ليندمج بعد ذلك مع شركات أخرى لتشكيل شركة “توتال”، التي أصبحت بحلول سنة 2020م أكبر شركة نفطية فرنسية. حدث ذلك التحوّل نظرا لكون أحد الأهداف الأولى للحكومة الفرنسية عند إنشاء شبكات الاستخبارات كان ضمان قدرة الشركات الفرنسية على استخراج الموارد من البلدان الإفريقية، إذ ساهمت الحكومة الفرنسية بدعم تلك الشركات من خلال تزويدها بالمعلومات الاستخباراتية المتعلقة بتلك البلدان.
من الجوانب الأخرى التي يجب ذكرها، في هذا المقام، هي سيطرة فرنسا على عملات أربعة عشر دولة مستقلة من خلال عملتين: الفرنك الإفريقي الغربي والفرنك الإفريقي الأوسط، إذ يستخدم قرابة 160 مليون شخص هذه العملة التي تخضع لنظامي كل من الخزانة الفرنسية والبنك المركزي الأوروبي.

تراجع النفوذ الفرنسي
على الرغم من التاريخ الاستخباراتي الفرنسي القذر في إفريقيا، إلا أن نفوذ شبكات الإيليزي عرفت في الآونة الأخيرة تراجعا تدريجيا في المنطقة. وعلى الرغم من كون مصالح فوكارت السرية لا تزال موجودة في إفريقيا المعاصرة، إلا أن ظهور منافسين جدد سرّع وتيرة تبديد أحلام استمرارية السطوة الفرنسية على ما كانت تسميه “حدائقها الخلفية” أو ما كانت تزعم أنه “أراضيها الواقعة ما وراء البحار”، إذ ضاعفت -على سبيل المثال- الصين من حضورها في إفريقيا من أجل الوصول إلى المواد الخام وكذا الحصول على استثمارات لشركات البناء التابعة لها، كما أنشأت لنفس الغرض شبكات استخباراتية لجمع المعلومات التي يمكن استخدامها واستغلالها إستراتيجيا. حدث ذلك في بلدان تقع ضمن نطاق النفوذ الفرنسي، وهو ما اعتبره الإليزي تهديدا محتملا لنفوذه في المنطقة.

فرنسا التي كانت قادرة في عهد فوكارت على تعيين وتغيير القادة وبشكل حرفي في الدول الإفريقية، يبدو الأمر الآن أكثر صعوبة، خاصة مع دخول تشاد مؤخرا، والتي كانت تعد استثناء إفريقيّا في صف الدول المتمردة على الإيليزي. فرنسا التي كان يتجّه إليها الأفارقة بالأمس طلبا للأمن أو المعلومات، أصبحت اليوم خلف اهتمامات القادة الأفارقة خاصة عندما يتعلق الأمر بالمساعدات الاقتصادية، لقد بات بمقدورهم اليوم أن يوجّهوا أنظارهم إلى الصين أو حتى الولايات المتحدة، وذلك على غرار ما فعله رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة.

إن وجود العديد من الأجهزة الاستخباراتية من شأنه أن يسهّل على القادة الأفارقة الحفاظ على سلطتهم، إذ أصبح بإمكانهم دائما اللجوء إلى شبكات المعلومات التابعة لدول أخرى، خاصة إذا تخلّى عنهم حلفاؤهم الأصليون، مثل فرنسا. وإلى جانب عملاء الاستخبارات الفرنسية والصينية، وردت تقارير أيضا عن تواجد عناصر روسية، وأمريكية، وبريطانية، وإسرائيلية، وتركية، ولبنانية، وإيطالية، وإيرانية، وهندية، وباكستانية وأخرى تابعة لدول عربية في بعض الدول الإفريقية.

الصراع وتخبّط الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية
إن السبب الآخر وراء خسارة فرنسا لنفوذها في القارة السمراء هو الصراع القائم إلى حد الآن بين مختلف أجهزتها الاستخباراتية (المديرية العامة للأمن الخارجي، والمديرية العامة للأمن الداخلي، ومديرية الاستخبارات العسكرية). وبوجود ما يقارب 6500 عميل وميزانية سنوية تبلغ قرابة 700 مليون يورو، تبقى المديرية العامة للأمن الخارجي هي أقوى الأجهزة الفرنسية. وقد بدأت “الحروب الفرنسية الفرنسية” بين تلك الأجهزة تتحوّل إلى مشكلة حقيقية منذ دخول جاك شيراك قصر الإيليزي. إذ تقتضي العديد من العمليات في إفريقيا تنسيقا وتعاونا مستمرا بين تلك الأجهزة الثلاثة. إلا أنه وفي الكثير من الأحيان، يحدث صراع بينها، ما يؤدي إلى احتفاظ كل منها ببعض الأسرار العملياتية وحجبها عن الأجهزة الأخرى. وهو ما يعقّد الأمور، خاصة وأن المديرية العامة للأمن الداخلي تملك الكثير من الشبكات الخاصة التي تعمل وبشكل مباشر مع الجيش الفرنسي وذلك على حساب الحكومة الفرنسية.


ضاعفت الصين من حضورها في إفريقيا من أجل الوصول إلى المواد الخام وكذا الحصول على استثمارات لشركات البناء التابعة لها، كما أنشأت لنفس الغرض شبكات استخباراتية لجمع المعلومات التي يمكن استخدامها واستغلالها إستراتيجيا. حدث ذلك في بلدان تقع ضمن نطاق النفوذ الفرنسي، وهو ما اعتبره الإليزي تهديدا محتملا لنفوذه في المنطقة.


وبعيدا عن التنسيق الصعب بين تلك الأجهزة، فإن كل وكالة من تلك الوكالات الاستخباراتية تتمتع بقدر مدهش من الاستقلالية، من دون علم كامل من الإليزي أو وزارة الخارجية، ومن دون أدنى رقابة من الجمعية الوطنية. في النهاية، يؤدي ذلك إلى بناء كيانات مستقلة وقوية للغاية، مساهمة وبقدر مهم في هندسة التوحّش الفرنسي في إفريقيا.
هناك إلى جانب كل ذلك نوع من “خصخصة الاستخبارات” التي تحدث الآن في إفريقيا كنوع من التحوّلات التي تعرفها هذا النوع من المؤسسات الأمنية الحرجة منذ تسعينيات القرن العشرين؛ فخلال عهد فوكارت، كانت الحكومة الفرنسية القوة الأجنبية الوحيدة الضامنة لأمن واستخبارات أغلب الدول الإفريقية، هذا إلى جانب الشركات الفرنسية لتي تأسّست في المنطقة. على الرغم من ذلك، ومع مرور الوقت، توقف بعض العملاء عن العمل لصالح الوكالات الاستخباراتية الفرنسية ليتحولوا إلى مستشارين خاصين ليس فقط لصالح الشركات الأوروبية في إفريقيا ولكن أيضا لمصلحة الحكومات الإفريقية وذلك عبر الشركات الأمنية. ومن الأمثلة الجيّدة على ذلك: السياسي ميشيل روسين، رئيس الأركان السابق ورئيس المديرية العامة للأمن الخارجي، الذي عمل لاحقا في وزارة الدفاع لينتقل أخيرا إلى القطاع الخاص للعمل لدى بيلوري، وهي إحدى الشركات العاملة في إفريقيا. كما تقوم شركات فرنسية أخرى، على غرار “توتال” بتعيين عملاء سابقين في الاستخبارات لأجل عملياتها في إفريقيا. ووفقا لبعض المصادر، فإن الاتحاد الأوروبي يقف وراء العديد من الشركات الأمنية تلك ضمانا لأمن الشركات الأوروبية من دون عودة إلى الحكومة الفرنسية.


المصدر: الشروق








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc