كيف يُمكن قراءة حادثة اِعصار فلوريدا (ميلتون) المُدمّر من حيث التّوقيت والطّبيعة والآثار السّياسية الّتي سيخلِّفها؟

[الزمزوم]

كيف يُمكن قراءة حادثة اِعصار فلوريدا (ميلتون) المُدمّر من حيث التّوقيت والطّبيعة والآثار السّياسية الّتي سيخلِّفُها؟


إرباك أم اِنهاء حظُوظ الجمهوريين في الاِنتخابات الرّئاسية الأمريكية المُقبلة؟ هل هذا ما سيفرزه اِعصار ميلتون المُدمّر؟


بدايةً، يجب أن نتفق أنّ أمريكا تمتلك تقنية الاِستمطار بتقنيات عالية وواسعة وكبيرة فهي إمبراطورية عظمى ولا شك.


وأنّ أمريكا تمتلك سلاح هارب للتحكُم في المناخ والطقس (غاز الكيميتريل).


وأنّ أمريكا تمتلك القنابل الزّلزالية .. كلّ هذه التّقنيات وفرتها أمريكا بواسطة التّقنية الّتي أساسها العلم والموارد الهائلة الّتي تحوز عليها إلى جانب العقُول البشرية الّتي تمتلكها وتُهاجر إليها من كلّ أصقاع العالم طوال الوقت.


كما أنّ الجميع لا يُنكر حدَّة الصّراع بين الحزبين الجمهوري والدّيمقراطي وبين المُرشحين للرّئاسة الأمريكية أفاق 2025 للفوز بالرئاسة وتنصيب الرئيس ألــ 47 لأمريكا سواء كان ترامب أو هاريس.


الكلُّ يعلم أنّ هذه الانتخابات مصيرية بالنِّسبة للحزبين الأمريكيين الجمهوريون لتوطيد الجنس الأبيض للاِستمرار في حُكم أمريكا ومنع ما يسمى الاِستبدال الكبير وخطفها من المهاجرين الملونين.


والدّيمقراطيون فلمواصلة سياسة العولمة الليبرالية وأجندة المناخ وتعميم المثلية والاِعتراف بمجتمع الميم وترسيخه كتقاليد اِجتماعية لا محيد عنها في أمريكا والغرب وتعميمها بعد ذلك في العالم بأسره في خطة لإنقاص المواليد وبالتّالي تقليل سُكان الأرض بهدف تدارك اِختلال الموازين في العالم الّتي ستضرُّ في حالة مواصلتها على الوتيرة الحالية بنسبة نمُو سُكاني أعلى في الجنوب ونسبة سكان أبطأ في الشّمال بالنّسبة للمليار الذّهبي ورفاهيته وسيطرته على مُقدرات العالم المتنوعة بدءا بالموارد الطبيعية وليس اِنتهاء بالتقنية والأسلحة الفتاكة التقليدية وما تعلق بتقنيات الحديثة والذّكاء الاِصطناعي وثورة الاِتصالات الكبرى الّتي يعرفها عصرنا.


يجب التّذكير ههنا أنّ الجمهوريين من البيض يقودون معركتهم للفوز بحُكم أمريكا في إطار خطاب شعبوي يحاول اِستمالة البيض والمسيحيين منهم في إطار بروباغندا التّخويف من الهجرة وكذلك الدّعوة للعودة إلى القيم الدّينية والتقاليد الاِجتماعية القديمة.


كما أنّ الدّيمقراطيين من البيض يقودُون معركتهم في سعيهم للبقاء في حُكم أمريكا على الملونين القادمين بواسطة الهجرة نحو أمريكا من العرب والمسلمين والآسياويين واللاتين وحتّى الأوروبيين الّذين يزداد عددهم يوماً بعد يوم وبالتّالي يكبُر الوعاء الاِنتخابي للدّيمقراطيين ويتوزع أكثر فأكثر في جميع الولايات الأمريكية وبخاصة الولايات المتأرجحة الّتي داومت على صنع المفاجأة والفارق بين المتنافسين من الحزبين والّتي هي رقم صعب ومُهم في الاِنتخابات الأمريكية الرّئاسية والنّيابية على الكونغرس ومجلس الشّيوخ، فالدّيمقراطيون على رأس الحزب الدّيمقراطي من البيض هُم الآخرين يقودون حملتهم تلك بخطاب شعبوي عُنوانه التنوُّع الإثني والعرقي والثّقافي الّذي تُوفره الهجرة ويفتح أبواب الحزب للفوز بالرّئاسة أو بمقعد النّواب لهؤلاء المُهاجرين بغضِّ النّظر عن دينهم أو عرقهم أو موطنهم الأصلي القادمين منه ما داموا أصبحوا أمريكيين.


في الفترة القليلة الماضية ضرب اِعصار هائل ثالث أكبر ولاية في الولايات المتحدة من حيث الأهمية هي فلوريدا الّتي تقع جنوب شرق أمريكا سُمّي الاِعصار باعصار ميلتون كان الأقوى في تاريخ أمريكا على الأقل منذ 100 عام مضت، أتى على كلّ شيء جعل من فلوريدا مدينة منكوبة وهجّر الملايين قبل اِنطلاقه وأدى إلى مقتل 200 أمريكي.


فلوريدا هي مدينة كبيرة يقطُنها 20 مليون نسمة 78 بالمئة منهم من البيض والبقية من عرقيات أخرى.


فلوريدا تقع ضمن الولايات المُتأرجحة.


الصِّراع مصيري بين الحزبين الدّيمقراطي والجُمهوري ومن الوارد جداً اِستخدام كلّ الأسلحة المُتاحة لكلّ طرفٍ من هذين الطّرفين للاِنتصار على الآخر، وبخاصة من يحُوز على السُّلطة حالياً وهو الحزب الدّيمقراطي وقد رأينا كيف اِستخدم بايدن وفريقه ووظف القضاء لقطع الطريق على منافسه والقضاء على حظوظه الاِنتخابية، ورأينا كيف تتم تسييس القضاء في أمريكا من خلال تفعيل وإثارة قضية دفع ترامب لرشاوي لإسكات سيدة أفلام اباحية زُعم أنّه كان على علاقة بها.


حدوث الاِعصار صحيح حصل في فصل الخريف (فصله الطبيعي) ّولكن توقيته وحجم الدمار الّذي خلفه يشي بأشياء لا يُحب الدّيمقراطيون التّطرق إليها أو مجرد التلميح لها.

20 مليون نسمة هُم سُكان فلوريد ونحن على بعد ثلاثة أسابيع من الاِنتخابات الرِّئاسية الأمريكية الّتي ستنطلق مُجرياتها يوم 5 نوفمبر 2024 القادم ليس لهم بيُوت للعودة إليها وقد تحولت إلى حطام وركام أو أصبحت أثر بعد عين وهم اليوم في حالة إرباك وفوضى ومشتتون على بقية الولايات والعودة والإعمار يحتاج لجهود مضنية لإعادة ترتيب الأمور في هذه الولاية الأمريكية الكبيرة والحاسمة في الاِنتخابات .. على الأقل هُناك كُتلة ناخبة قد تربُو على 10 مليون ناخب من هذه الولاية سيتأثرون ولا شك بمخلفات اِعصار فلوريدا (اِعصار ميلتون) وبالتّالي سيُشكل ذلك اِرباكا كبيراً في العملية الاِنتخابية سواء بواسطة البريد أو التّصويت بشكل مُباشر، وسيؤثر ذلك ولا شك على حظُوظ أحد الحزبين وأحد المُرشحين للاِنتخابات الأمريكية!!


أعتقد أنّ اِعصار فلوريدا سواءٌ كان ظاهرة طبيعة أو مُصنّعة بفعل آلية الاِستمطار ونحوه فهو يُقرأ على أنّه سيضرّ طرف وينفع طرف آخر، فهل يُمكن أن نقرأه على أنّه هدية من السّماء للحزب الدِّيمقراطي الّذي وقف طوال سنة كاملة على إبادة الكيان الصُّهيوني لسُكان غزّة أكثر من 50 ألف شهيد أغلبهم أطفال ونساء ( هُناك اِحصائيات تقُول 150 ألف بين شهيد وجريح) قُتلوا بالسّلاح الأمريكي الّذي زود به بايدن جيش نتنياهو وعشرة آلاف مفقود وتدمير كلّي للبنية التحتية من مرافق صحية ومُستشفيات ومدارس وملاجيء وأماكن إيواء ودور عبادة ومساجد وتجويع وحصار مُطبق ومنع الدّواء وقنص للأطفال وإلقاء جُثث القتلى من أعلى ما تبقى من بنايات مهدمة وقتل 2000 مدني لبناني وقصف على مدار الوقت لليمن.


نحن في عالم متطور جداً .. وعالم متوحش جداً.. تغوّل فيه الغرب.. وإمتلك عناصر القوّة الاِقتصاد والقوّة العسكرية الغاشمة والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة والمال والإعلام والسّيطرة على المنظمات والمؤسسات الدّولية وبالتّالي كلّ شيء مُمكن في توقيت حصُول اعصار فلوريد مع اِقتراب الاِنتخابات الرّئاسية الأمريكية إلى جانب قوّة وشدّة الاِعصار وطبيعة المدينة الّتي ضربها من حيث تِعداد سُكانها وقيمتها السّياسية الاِنتخابية في ظلِّ قتال الجبابرة بين الحزب الجمهوري والحزب الدّيمقراطي وبين المُرشح الدّيمقراطي والمُرشح الجمهوري للفوز بالرّئاسة الأمريكية القادمة.


بقلم: الزمزوم –أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق

[الزمزوم]

هذا الموضوع كتب ونشر على منصتي على مواقع التواصل الاجتماعي بعيد انتهاء اعصار فلوريدا

[الزمزوم]

دونالد ترامب يعلن فوزه من فلوريدا.