هل ينبغي تناول ملف الذاكرة من منطلق المبادئ أم منطلق المصالح؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل ينبغي تناول ملف الذاكرة من منطلق المبادئ أم منطلق المصالح؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2024-10-21, 10:18   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










B2 هل ينبغي تناول ملف الذاكرة من منطلق المبادئ أم منطلق المصالح؟

هل ينبغي تناول ملف الذاكرة من منطلق المبادئ أم منطلق المصالح؟


لا أحد ينكر حجم الجرائم والإبادة التي إرتكبها الاستعمار الفرنسي في حق البلاد وفي حق شعبها والإبادة الجماعية التي مارسها طوال قرن و32 سنة من احتلاله لها.


في فترة الزعامات التحررية لم تتوقف البلاد على النظر لفرنسا كجلاد قذر قام بقتل الملايين من سكان البلاد بفعل الاستعمار ونهب موارد وخيرات البلاد وتدمير النسيج الاجتماعي لها وضرب عناصر هويتها اللغوية والدينية والتاريخية.
حصل ذلك في عصر الشعوب المناضلة والزعماء العقديين.


اليوم انقلبت الصورة وتحول ملف الذاكرة من قضية ذات بعد مبدئي إلى صفقة ذات بعد تجاري مصلحي.


والسبب في حصول هذا الأمر هو غياب أصحاب القضية الحقيقين الذين عايشوا فترة الإستدمار وقاومها بفعل رحيلهم أو كبر سنهم وانكفائهم إلى الوراء في انتظار الرحيل.


لقد استغلت فرنسا هذا المعطى لتصفية قضية الذاكرة بينها وبين البلاد بما يخدم مصلحتها واستغلت الطبقة السياسية الجديدة الحاكمة التي تنشط كموالاة و معارضة لإقناعها بضرورة السّير فيها بما يخدم فرنسا على حساب حقوق البلاد والمتضررين من الاستعمار الفرنسي من شعب البلاد.


النُّخبة السّياسية الجديدة الحاكمة في البلاد لم تكن طرفاً في الحرب التي دارت بين البلد وفرنسا بمعنى أنها لم تشارك في الثورة ولم تعايش ويلات الاستعمار لذلك وجدت القابلية للاقتناع بما تسعى فرنسا لفرضه في قضية الذاكرة.


لقد استطاعت فرنسا أن تقنع النُّخب السّياسية الحاكمة الحالية في البلاد من جيل الاستقلال والأجيال الجديدة بأن قضية الذاكرة يمكن أن تتحول إلى صفقة تجارية تعود بالنفع على الطَّرفين، مُتجاهلة هي ومن اِقتنع برأيها ممن هو في البلاد وخُططها حقوق ضحايا تلك الفترة من 1832 إلى 1962.

فرنسا تنظُر لقضية الذاكرة بمنظور اِقتصادي تجاري ومن اِقتنع بكلامها في البلاد يُريد أن يُقيم صفقة بحيث يغلب فيها الجانب التجاري على حساب المبادئ.


لا يُمكن بأي حال من الأحوال مُصالحة فرنسا أبداً بسبب حجم المآسي الّتي خلفها اِستعمارها للبلاد والّذي ما زالت البلاد تدفع ثمنه على كلّ الصُّعد.


لا يكفى اِعتذار فرنسا عن حقبة اِستعمارها للبلاد وتقديم التعويض للضحايا حتّى تُطوى هذه القضية.


ولا ينبغي النّظر إلى التصالح الّذي حدث بين دول اِستعمارية أشعلت الحرب فيما بينها في الحرب العالمية الثانية في أوروبا بسبب التنافس على اِحتلال البلدان (ألمانيا النازية وتصالحها مع دول أوروبا مثلاً) هو نفسه يمكن اِسقاطه على العلاقة بين البلد وفرنسا في قضية اِستعمارها للبلد لأنّ فرنسا هي المُعتدية ولأنّ حجم الفظائع المهولة والإبادة الجماعية وتدمير وطن على كلّ الصُّعد دون أن يكون له (الوطن) يد فيما حصل، لذلك القضيتين مُنفصلتين تماماً.


يجب أن تُؤخذ قضية الذّاكرة بمنظور الشُّهداء والمُجاهدين الّذين غابوا بفعل الموت والرّحيل ويجب التعامل معها وفق المبادئ لا وفق المصلحة.


إنّ التعامل مع قضية الذّاكرة بشكل براغماتي مصلحي يُفرغ نضال الشّعب الجزائري وتضحياته طوال قرن ونيف من قيمته التاريخية والأخلاقية والدّينية وسيضيّع حقّ المقاومين وشعب البلاد في فترة الاِحتلال الّذين يُريدون حقّهم من فرنسا نتيجة ظُلمها لهم لا تحويل مأساتهم إلى صفقة تجارية تخدم مصلحة فرنسا أكثر مما تخدم مصلحة البلد وتقضي على سمعتها الطّيبة كعنوان كبير وبارز في تاريخ حركات التّحرر العالمية الّتي انطلقت في خمسينيات القرن الماضي.


يجب إبعاد "البزناسة" والليبراليين والآداتيين والبراغماتيين وكلّ الّذين لم يكونوا جزء من تلك الفترة أو على الأقل يقفون مع حقّ شعب البلاد نتيجة اِقتناعهم بقضيتهم وأنّهم عاشوها من خلال كتب التاريخ واِحتكاكهم بمن قاسى تلك الفترة عن التحكم بملف الذّاكرة وبدل ذلك وضعها في يد وطنيين يعرفون كيف يَدفعُون فرنسا لدفع الثّمن عما اِقترفته من جرائم لا تزول بالتقادم في حقّ الشّعب إبان فترة استعمارها للبلد.


فقضية الذّاكرة لا يصلُح أن تكُون صفقة تجارية .. فهي قضية عادلة ومهما كانت رغبة البعض من البلاد ودوافعهم في رغبتهم الملحة في تصفية الأجواء بين البلد وفرنسا في ظلّ التغييرات الفكرية والاِجتماعية عالمياً فلا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تكون على حساب المبادئ وعلى حساب الحقّ وعلى حساب التضحيات الجسام الّتي قدمها الآباء والأجداد من أبناء وطننا في سبيل نيل الاستقلال والحرية، والتخلي عن المطالبة بحقّهم من فرنسا بشكل خارج إطار المبادئ سيكون خيانة، والمطالب من فرنسا هي أمانة الشُّهداء وكلّ ضحايا الاِستعمار الفرنسي في البلاد لا يجب التهاون فيها أو التنازل عنها والمُطالبة بحقّ هؤلاء والإلحاح على فرنسا واجب لا ينبغي أن يتوقف أبداً حتى تحقيق العدالة في هذه القضية .


إنّ السّير بقضية الذّاكرة على أساس مصلحي وبراغماتي في إطار صفقة تجارية يُشرعن اليوم للدُّول العربية والإسلامية المُطبعة مع الكيان الصهيوني ما تقوم به بتحويلها قضية فلسطين من مُنطلق المبادئ إلى منطلق مصلحة وصفقة تجارية بذرائع واهية كما يُراد لمسألة تصفية الذاكرة بين البلد وفرنسا حسب منطق الاِقتصاد والتجارة والصفقات بل ينبغي لها أن تكون على أساس المبادئ مهما كان حجم التحديات المطروحة على البلد والمنطقة في المستقبل لأن المبادئ تبقى وتخلد والمصالح والصفقات تزول بمرور الوقت ناهيك على أن الأولى ذات بعد أخلاقي بينما الثانية بعيدة عن كل بعد أخلاقي وهي نوع من السقوط والانحدار القيمي الذي سينعكس على البلد والمنطقة بالسلب مهما طال الزمن.


لذلك كله يجب بعث مشروع تجريم الإستعمار من جديد لأن العدل يقول أنّه في الوقت الّذي نبعث فيه قضية الذّاكرة من منطلق المبادئ واِحقاقاً للحقِّ واِبعاد أي شُبهة تجارية أو صفقة ما أن يتزامن ذلك الأمر مع تبني مشروع تجريم الاستعمار عبر نواب الشّعب غير ذلك الشّيء فإنّ شرعية النّظام تبقى على المحك ونية السُّلطة الجديدة وخطابها الرّسمي الّذي تُسوقه يبقى مشوب بالشُّكوك حتى يظهر العكس.


فمشروع تجريم الاستعمار وإعادة بعثه من جديد وتمريره عبر نواب الشّعب وتبنيه يبقى اختبار حقيقي عن نية السلطة الجديدة وعن طبيعتها ومسارها وتوجهاتها في المستقبل أي كلام آخر غير هذا سيكون عبارة عن عبث وديماغوجية ستؤدي لتضييع مزيد من الوقت والفرص على البلد سواء فيما يتعلق بإعادة بناء الشرعية أو بالنُّهوض المأمول بالبلد من جديد.


بقلم: الزمزوم -أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc