العولمة مقابل التعددية القطبية

[الزمزوم]

العولمة مقابل التعددية القطبية


بقلم ألكسندر دوغين ونيكولاس روني


ألكسندر دوغين
11 سبتمبر 2024


يشرح ألكسندر دوغين لماذا العولمة عنصرية ولماذا التعددية القطبية هي خلاص البشرية.


هذا مقتطف من كتاب نيكولاس روني "التحدث إلى الذئب: مقابلات ألكسندر دوغين" (أركتوس، 2023).


نيكولاس روني: إذن، التعددية القطبية بالنسبة لك هي مجرد استراتيجية جيوسياسية لتمكين روسيا من البقاء وإضعاف سيطرة الغرب على النظام الدولي، هل هذا ما تقوله؟


ألكسندر دوغين: التعددية القطبية تعترف ببعض نقاط القرار القائمة على العقلانية المستقلة ذات الجذور في حضارة خاصة هذه هي نسخة هنتنغتون إلى حد ما، ولكنها ليست بالضرورة "صراع الحضارات". إن صراع الحضارات مفهوم بشكل خاطئ؛ إن هذا ليس دعوة إلى الصدام... لقد حاول هنتنغتون، على حد فهمي، التأكيد على الاختلافات على المستوى الأساسي، وليس الاختلافات في مناطق الاهتمام.


لذا فإن الصدام بين الحضارات ممكن في التقليد الواقعي عندما تكون هناك سيادة، وعندما تكون هناك حرية، وعندما تكون هناك فوضى في العلاقات الدولية. كل هذه المفاهيم مستمدة من النظرية الواقعية في العلاقات الدولية. والفرق الوحيد بين الواقعية الكلاسيكية والنهج الحضاري هو على وجه التحديد أننا لا نتعامل مع دول قومية (كما في الواقعية الكلاسيكية) ولكن مع حضارات.


إن الحضارات ممثلة هنا كأشكال جديدة من الوحدة السياسية. لذا فإن التكامل ضروري؛ التكامل الأوراسي بالمعنى الذي نعنيه، والتكامل الإسلامي في حالة المجتمع الإسلامي، أو التكامل الأوروبي، أو التكامل الأفريقي. نحن نتعامل مع مساحات كبيرة، والتي تسمى "الحضارات". لذا فإن الحرية أو موضوع السيادة لم يعد في الدولة القومية ولكن في الحضارة. ولكن فيما يتصل بالصراعات، هناك احتمالات للحرب، ولكن هذا مبدأ أساسي من مبادئ الواقعية في العلاقات الدولية بصرف النظر عن نوع النظام.


والجانب الجديد في هذه التعددية القطبية هو أن عدد الأقطاب أصبح أقل كثيراً؛ أي أن الأقطاب ليست كثيرة بقدر عدد الدول القومية التي لدينا الآن. إن الدول القومية المعترف بها بموجب القانون الدولي كثيرة، ولكن عدداً قليلاً منها فقط يمكنه أن يطمح إلى السيادة في الوضع الحالي من أجل خلق نوع من القطب المستقل والسيادي.


إنها بحاجة إلى التوحد في نوع من الوحدة فوق الوطنية القائمة على القاسم المشترك للحضارة. ولهذا السبب تم إنشاء الاتحاد الأوروبي وما يقوم عليه، ولهذا السبب، على سبيل المثال، لا يتم قبول تركيا داخله، على الرغم من كل الحديث عن التوحيد الاقتصادي وربما السياسي والقانوني. من المؤكد أن تركيا تنتمي إلى حضارة مختلفة، وهي الحضارة الأوراسية. وأعتقد أن التعددية القطبية بالمعنى العام هي نوع من التعددية الدلالية. إن الحضارات المختلفة لديها فهمها الخاص لما هو الإنسان أو ما هو الزمن، وما هو الفضاء، وما هو الكون، وما هو الخير، وما هو الانفتاح، وما هو الانغلاق، وما هو الإنسان، وما هو الجنس، وما هو التقليد وما هي الحداثة. ومن أجل إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب، نحتاج إلى الاستماع إلى الجميع، كل ممثل لكل الحضارات، ولكن ليس أي بلد. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك حوار بين الشعوب والتقاليد داخل كل حضارة.


لذا، فإن هذا هو نوع من ملخص التعددية والتنوع في النظام العالمي المتعدد الأقطاب الثقافي. من الصعب إثبات ذلك. من الأسهل بكثير فرض أو إسقاط نظام القيم لحضارة أكثر تقدمًا على الحضارات الأخرى. لكن هذا هو العنصرية وهذا هو بالضبط أضعف نقطة في العولمة الحديثة. إنها ليست العولمة بالمعنى الحقيقي: إنها إسقاط جزء من الإنسانية على البشرية بأكملها. يؤكد الجزء الغربي نفسه كنوع من القدر ويسقط قيمه الخاصة (الخير أو الشر) على الكرة الأرضية، على الكوكب. إن التعددية القطبية تحارب ذلك من أجل الدفاع عن حق الحضارات الأخرى في أن يكون لها فهمها الخاص للجوانب الأساسية لكل شيء؛ على سبيل المثال، فيما يتعلق بالإرهاب، والحرب، والقداسة، والتاريخ، ومن كان مخطئًا ومن كان على حق، على سبيل المثال، في لحظة تاريخية معينة.