بعد أن ساد التفاءل في أوساط الأفارقة سواء في مصر والسودان وفي اثيوبيا، من أن المساعي الجزائرية ولا نقول الوساطة التي قادها وزير الخارجية الدبلوماسي المتمرس في الشؤون الافريقية رمطان لعمامرة في زياراته الم****ة الى عواصم الدول الثلاث، من أن أزمة سد النهظة ستعرف طريقها الى الحل.
تلك المساعي أو الوساطة واكباها في الجزائر صخب اعلامي ملأ الدنيا تطبيلا وتزميرا سواءا من الاعلام الحكومي أو الخاص، مفاده
العودة القوية للدبلوماسية الجزائرية على المستوى الافريقي والدولي واسترجاع الجزائر لمكانتها في افريقيا والعالم.
إلا أنه بعد مرور أشهر على زيارة العواصم الثلاث انقطع الكلام عن تلك الوساطة من القنوات الاعلامية والرسمية، وتلاشت أثار الزيارة الم****ة، كان الأحرى بالسلطات الرسمية المتمثلة في وزارة الشؤوت الخاجية، أن تنير الرأي العام المحلي والجهوي والإفريقي، بأن الجولة التي قادت لعمامرة الى العواصم الثلاث والغرض منها، هو الإجتماع الى قيادات البلدان الثلاث والإستماع اليها وجس نبظها، فيما يخص قيام الجزائر بمساعي حميدة لتقريب وجهات النظر هذه البلدان.
والى حد هذه الساعة فكل المساعي لحل أزمة سد النهضة فشلت، سواءا المساعي التي قادها الاتحاد الافريقي، أو مساعي أمريكا عبر مجلس الأمن الدولي، لتباعد وجهات نظر الفرقاء، كل متمسك بموقفه.
فالبنسبة لأثيوبيا، فسد النهضة باعتباره من أصخم سدود العالم، هو مشروع حيوي ومستقبلي لاثيوبيا الغد، وأن استكمال بناءه وملأه بالمياه هو ما يصبو اليه الشعب الاثيوبي وقيادته، والمعول عليه في توليد الطاقة الكهربائية وفي سقي الأراضي الزراعية، وتردد أثيوبيا من أن بلدان المنبع مثل غيرها من بلدان المصب لها الحق أيضا في مياه النيل.
فالبنسبة لمصر، فهي غير موافقة على عملية الملأ المتسارعة لاثيوبيا لسد النهضة، ولا تريد التفريط في حقها التاريخي من مياه النيل، ومن حصتها التي تعتبر الاكبر.
فالبنسبة للسودان، فموقفه من سد النهضة، فمتقارب لموقف مصر بل متطابق.
ضف الى عدم حيادية من يقود المساعي، فالبنسبة لمساعي للاتحاد الافريقي، فمصر والسودان تأخذان عليه انحيازه لوجهة نظر اثيوبيا، أما بالبنسبة لمساعي أمريكا عبر مجلس الأمن الدولي، فاثيوبيا تأخذ عليها انحيازها الى جانب مصر، خاصة أن اثيوبيا أدانت تصريحات دونالد ترامب رئيس أمريكا السابق التي مفادها أن لمصر الحق في تفجير سد النهضة وأنها ربما ستقوم بذلك.
إن الجزائر الغائبة عن الساحة الافريقية منذ مرض رئيسها الراحل عبد العزيز بوتفليقة بما يقارب أكثر من عشرية من الزمن، فمن الصعب بمكان القيام بهكذا مساعي، لكن المهمة التي ليست بالمستحيلة بالنسبة لدبلوماسي محنك مثل لعمامرة، إذا خلصت النية لدى أديس أبابا والقاهرة.
الأستاذ/ محند زكريني