أطلق اسم المخابرات على المستطلعين أو الجنود المستكشفين ، أو قناصة الاستطلاع ، الذين تقتصر مهمتهم على جمع الأخبار أو المعلومات عن جيش الاعداء وأسلحته ، وأماكن تجمعه وتحركاته ، وتكنولوجياته ، ويعتبر جهاز المخابرات من أهم الاجهزة الأمنية على مستوى العالم ، ولذلك تعمل معظم الدول على تقويتها ، ويتوفر جميع الأفراد الملتحقين بجهاز المخابرات على مهارات ، حيث يتم انتقائهم بعناية فائقة ، وتعتمد مهاراتهم في وقت الحرب أو السلم على جمع المعلومات الهامة لأي دولة معادية ، كما تعتمد على بث المعلومات الزائفة في اطارالحرب النفسية ، أو الحرب الباردة لزعزعة امن الخصم . فالمخابرات أو الاستخبارات هي جهاز أمني للدولة ، تقوم بجمع المعلومات وتحليلها. كما يعتنى هذا الجهاز بجمع المعلومات عن البلدان والمؤسسات الأجنبية وتقويمها، و تحليلها ، و استخلاص النتائج الضرورية منها ، و التعامل معها بهدف حماية أمن الدولة من العدو الخارجي، و الدافاع عنها ضد التجسس، والأعمال التي تستهدف تخريب أو إضعاف البلاد من قبل العدو الخارجي . يتمثل ذلك في وكالة مكافحة المخابرات ، أو وكالة مكافحة التجسس. وتقوم وكالات مكافحة المخابرات بعمليات سرية ، أي أنها تتولى بشكل سري أنشطة سياسية مصممة للتأثير في مجرى بلدان أجنبية. وهي تحتاج لقدرات فائقة ، وعالية من الذكاء لحماية البلاد من أي تهديد خارجي ، و الاستباق إلى معرفة قوة الخصم وقدراته العسكرية ، و الأمنية و التكنولوجية . لكن هل ينطبق تعريف ( المخابربات )، على ما يسمى بالمخابرات المغربية ، وهل هم أصلا يستحقون نعتهم بإسم ( المخابرات )، هل يستحق المغاربة مستوى هذه التسمية و الوظيفة حقا ، أم أنهم مجرد عبيد للملك المفترس ؟
فإذا كانت المخابرات بالدول الديمقراطية المتقدمة لا تتجاوز حدود عملها ، و هي تخشى القانون ، وتعمل وفق ما حددته قوانين وظيفتها لحماية أمن البلاد من العدو الخارجي ، ومن الإرهاب و الإرهابيين ، و حتى في حالة تعقبها لشخص ما له ارتباطات خارجية كاتجاره في المخذرات أو الأسلحة أو البشر ، فهي لا تعتقله بل تخبر جهاز الأمن العادي و المتخصص من أجل القيام بإعتقاله ، و عرضه على القضاء في وقت وجيز ،داخل المدة القانونية المعمول بها ، مرفوقا بكل الحجج و الأدلة التي تدينه ، بعيدا عن أي شكل من أشكال الإهانة أو التعذيب الجسدي أو النفسي ، وإلا انقلب السحر عن الساحر، إذ لا يحق لأحد من رجال السلطة كيف ما كان تخصصه ووظيفته ، ورتبته تجاوز القانون أو إختصاصه في تعامله مع أية قضية و مع أي مواطن. كما أن للمخابرات في الدول الديمقراطية مقرا للعمل يعرفه الجميع ، بل لها مواقع على شبكة الإنترنيت يمكن لأي مواطن زيارتها ، و التأكد حتى من بعض القضايا و الملفات.
فإن ما يسمى بالمخابرات بالمغرب لا يهمها بذلك لا أمن البلاد و لآ أمن الشعب ، فهي لا تعمل سوى على تشتيت وحدة المغاربة ، و تمزيق الأسر ، و خلق التفرقة فيما بين مكونات المجتمع ، و بلقنة العمل الحزبي ، و النقابي ، و الجمعوي للتحكم في التوجهات السياسية و الفكرية للمغاربة، و فرض الدساتير المفروضة على الشعب من قبل الطاغية ، وتزوير الإنتخابات لمحاربة النزهاء ، وتزكية اللصوص و الأنتهازيون ، و خلق منابر إعلامية موالية و عميلة ، دورها الوحيد انها مجرد أبواق رسمية لما يسمى بالمخابرات ، و العمل على إثارة الفوضى و الجرائم ، ونشر كل اشكال الفساد ، و الزبونية ، و المحسوبية ، و الرشوة ، و إرهاب الفرد و الجماعة حتى لا يثق البعض في الأخر ، ثم استئسادها و بسط آلتها القمعية كمؤسسة معروفة بعلوِ كعبها في مجال الإنتهاكات الإنسانية ، والحقوقية ، وانتزاعها للاعترافات تحت التعذيب الوحشي الذي يصل إلى درجة إغتصاب المعتقلين بوضع القنينات في ذبورهم ، وهندسة السيناريوهات الهيتش ك و ك ي ة. وذلك بإلباس التهم الكيدية و تحريرالمحاضر لكل المعارضين و الجمهوريين ، ولكل من أو يوجه النقد للملك الديكتاتور بالمغرب ، أو حتى لمن انتقد السياسات العمومية وفضح الفساد المالي ، والإداري وهلم جرا .. إنه جهاز قمعي متوغل و متغول ، سادي يحتضن أعتى الشخصيات المريضة نفسيا ، و المدمنة على استهلاك كميات كبيرة من الكحول ، و مختلف أنواع المخذرات ، كي لا تنتبه إلى أفعالها الإجرامية الشنيعة ، وهو ما يفقدها الإحساس والشعور الإنساني ، و الحقوقي، ويجعلها تمارٍس جميع انواع الشرور في حق الإنسان المغربي ، عوض أن تهتم بالشأن العام و مصلحة البلاد كنظيرتها بالدول المتقدمة.
ففي الوقت الذي تُحشٌد فيه الجهود داخل كل مؤسسات الدول الديمقراطية من أجل بسط الأمن وإقامة العدل و احترام حقوق الإنسان ، يعاني الشعب المغربي من بطش و تسلط المخابرات، وخرقها حتى لمقتضيات القانون الذي تم وضعه من قبل الملك الطاغية و أزلامه من العملاء ، ظنا منها ان تلك هي الوسيلة الناجعة للتأديب الأفراد و الجماعات باستعمالها لجميع انواع المناورات ، والقمع ، و الإختطاف ، و الإعتقال والتعذيب ، و الإغتيال باستغلال السلطة ، وإقحام المقاربة الأمنية والزجرية ، و التدرع بحفظ الاستقرار ، وفرض هيبة الدولة كوسيلة لإحكام القبضة على حريات وحقوق الشعب المقموع ، و المحاصر داخل ضيعة ملكية إسمها المغرب ، و هي بذلك في واقع الأمر لا تعمل سوى على حماية الملك الديكتاتور المفترس وحاشيته و أسرته ، من انتفاضة الشعب المغربي ، فالمواطن المغربي لا يخاف من
الملك المفترس بقدر ما يخاف من ظلم مخابراته ، التي تقوم بكل الاشكال القذرة في التعذيب ، و التنكيل بالإنسان ، حيث يتم اغتصابه ، و الخدش في حيائه ، و المس بكرامته ، وبممتلكاته ، و بأهله و بأسرته. فذاكرة المغاربة مليئة و مثقلة بالعديد من الأحداث والروايات التي توثق إجرام الملكية الذي تعرض له أبناء الشعب المغربي على يد مايسمى بالمخابرات ، وما مارسته و تمارسه من تجاوزات ، وخروقاتها بمقراتها السرية و بمخافر الشرطة وأروقة المحاكم ، حبث يتكالب ، و يتحالف المخبر ، والشرطي ، و وكيل الملك ، و القاضي ضد أحرار الشعب بأمر من الملك الطاغية و عملائه ، و في ظل هذه الفوضى والغطرسة و النفوذ ، والصلاحيات الغير خاضعة لأي قونون أو مراقبة ، عكفت هذه المخابرات على التجسس حتى على الحياة الخاصة للمعارضين و الجمهوريين ، ومحاربي الفساد ، وصولا حتى إلى غرف نومهم ، من أجل الإطاحة بهم والتشهير بسمعتهم عبراستعمال و توجيه الصحافة المأجورة ذات الخطوط التحريرية الحقيرة التي لا تحترم لا مبادئ ، و لا قيم ، و لا أخلاق ، و لا أدبيات السلطة الرابعة .
في هذا الإطار تم القيام بفبركة ، و تركيب ، و تصوير أشرطة فيديو ، وأخذ صور من قبل ما يسمى بالمخابرات المغربية للتشهير ببعض أبناء الشعب المغربي مثل الملاكم " زكريا مومني " ، والضابطة المتمردة على جهاز الشرطة " وهيبة خرشيش " و المحامي ووزير حقوق الإنسان السابق " محمد زيان " و المعتقل السياسي الصحافي " توفيق بوعشرين " و تلفيق التهم كالممارسة الجنسية مع شاذ للصحافي "سليمان الريسوني " و إقامة علاقة غير شرعية خارج ما يسمى بالقانون للصحافية " هاجرالريسوني " وصولا حتى إلى رفوف و أروقة محكمة إيطالية حيث نشر في موقع " برلمان كم " التابع للمخابرات المغربية خبرا مفاده : " أن المحكمة الابتدائية بمدينة سافونا الإيطاية قضت يوم 11 - 05 - 2021 بالحبس بالسجن لمدة 16 شهرًا في حق الجمهوري بلقزيز تاشفين بتهمة العنف والاغتصاب في إطار الدعوى التي رفعتها ضده زوجته مونيا فهيم وتتهمه زوجته وفق ما ذكره مصدر مطلع لبرلمان.كوم بالعنف والاغتصاب والاحتجاز القسري، حيث قدمت ضده للقضاء 5 شكاوى ، وأمرت ذات المحكمة بإخضاع المتهم بلقزيز لفحص طبي، وذلك بسبب عدم استقرار حالته العقلية، يضيف ذات المصدر . وسيمثل المتهم أيضا أمام المحكمة خلال يونيو القادم، بسبب شكاية أخرى مقدمة من مونيا فهيم المذكورة أعلاه ورئيسها في العمل تتهمه فيها بالاعتداء الجسدي وتخريب المطعم الذي تعمل فيه " ويبقى السؤال المطروح ، والمحير هنا هو : كيف حصلت المخابرات على هذا الخبر عبر منبرها " برلمان. كم " و ما هو " مصدرها المطلع " و من له المصلحة لفضح ما راج داخل اروقة المحكمة ، خاصة إذا كانت القضايا الأسرية تعرض أمام القاضي بعيدا عن حضور العموم ، حيث لا يحضر سوى
الشريكين ، أي الزوج و الزوجة ، ومن يؤازرهما من المحامين للدفاع القانوني و المسطري ، و بعض الشهود في حالة الضرورة ؟
نعم إن ما يسمى بالمخابرات المغربية تستعمل أسوء ، و أرذل ، و أحقر الوسائل ، و الطرق ، و السبل للوصول إلى خبر أو معلومة غير مجدية ، وعملها ووظيفتها ليست من أجل الدفاع عن المغرب و خدمة مصالح الشعب كما يتوجب عليها القيام بذلك ، بل من أجل الإساءة للأحرار، و المعارضين ، و محاربي الفساد السياسي ، و المالي ، والتجاري ، كما أن سياسة الملك المفترس و توجهاته الاستراتيجية هي تجويع الشعب المغربي ، وتفقيره ، وتجهيله ، واستعباده ، واستبداده ، واستغلاله حتى لا يتمكن في يوم من الأيام بالقيام بالثورة ضد الملك الديكتاتور و عملائه ، ومن هنا تستغل المخابرات ضعف الشعب المغربي فتجند بذلك كل حثالات المجتمع من الوصوليين و الانتهازيين ، ومنعدمي الضمير من أجل الوصول إلى خبر أو معلومة تخص معارض ما أو جمهوري أو محارب للفساد ، ذنبهم الوحيد في ذلك أنهم لا يريديون سوى مصلحة الشعب ومصلحة البلاد ، و الرغبة في تحرير الإنسان من قيود العبودية و الاستبداد الذي فرضه الملك المفترس على الشعب عبر اجهزته القمعية. فمن هي الحثالة التي أخبرت المخابرات المغربية المجرمة حول الشأن الداخلي ، و العائلي للجمهوري الثائر تاشفين بلقزيز ياترى؟ وما هي النتائج الإجابية التي حصدتها المخابرات المجرمة من وراء ذلك لصالح المغرب و المغاربة؟
من هنا يتوجب على المعارضين الجمهوريين إناثا وذكورا أن يأخذوا الدروس والعبر من قيم ، وأخلاق ، ومباديء ، وإنسانية المناضل الحر نيلسون مانديلا و أن يعتبروه قدوة في الصبر ، و التحمل ،و العطاء ، و المواجهة ، والنفس الطويل لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال النضال النزيه ، وكيفية التعامل مع ضربات مخابرات العدو ، و مؤامراته المحبوكة بغية إطفاء شعلة أي مناضل جدي و حر، فالكل يعلم أن المناضل نيلسون مانديلا لم يسلم من كل أنواع المؤامرات حتى من داخل غرفة نومه ، حيث افترق مع زوجته ، لكن ذلك تم بسلم وسلام ، دون محاكم أو صراع ، أو مواجهة علانية يتغذى منها الأعداء ، و عدم فتح الباب على مصراعية كي يدخل منه المخبرين الأعداء بكل سهولة. فالخلاف و الإختلاف قد يحدث بين الإخوة و الأخوات ، أو بين الأباء و الأبناء ، فما بالك بين الزوج و الزوجة وما تفرضه عليهما العشرة الزوجية ، و العش الأسري ، و تربية الأطفال ، وظروف الحياة من ضغط لا مثيل له ، لا يستطيع تخطيه و تجاوزه سوى من يستطيع إدارة الخلاف ، و الإختلاف بكل اعقلانية ، و حكمة ، و إنسانية ، و صبر وبروح أخلاقية و نضالية ، فقد يمتحن الزوج و الزوجة ، أو الصديق و الصديقة في بنائهما لعلاقة الحب ،والوفاء ، و الاحترام ، والأسرة و
الأطفال ، و بإمكان تلك العلاقة أن تستمر و تنجح ، كما أنه بإمكانها أن تفشل ، وعلى الطرفين القبول بالنتائج خارج أي صراع أو مواجهة ، لأنه مهما كانت الإدعائات من قبل طرف ما لتحميل المسؤولية للطرف الأخر، فإن كلا الطرفين مسؤولان عن فشل أو نجاح تلك العلاقة ، و بالتالي فإذا كان استمرار تلك العلاقة يعبر عن نُضج كلا الطرفين ، فإن الإنفصال و الطلاق بإحترام ، و بأخوة ، وبهدوء ، وسلم وسلام دون منطق الرابح و الخاسر ، أي دون الإساءة لأي طرف كما تفعل الأسر بالدول المتقدمة هو عين العقل و الحكمة ، خاصة و أن مصلحة ومستقبل الأبناء فوق كل اعتبار .
نيلسون مانديلا السياسي المناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ، والثوري ، الذي تصدى للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة ، وتعزيز المصالحة العرقية. وهو القومي الأفريقي والديمقراطي الاشتراكي،، انخرط في السياسة المناهضة للاستعمار، و عمل كمحام ، وألقي القبض عليه مراراً وتكراراً لأنشطته ، التي اعتبرها خصمه بالمثيرة للفتنة ، وحوكم مع قيادة حزب المؤتمر في محاكمة الخيانة 1956-1961 وبرئ فيما بعد. ، بالتعاون مع الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا شارك في تأسيس منظمة رمح الأمة المتشددة في عام 1961، ألقي القبض عليه واتهم بالاعتداء على أهداف حكومية. وفي عام 1962 أدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم، وحكمت عليه محكمة ريفونيا بالسجن مدى الحياة ، مكث 27 عاماً في السجن. وبالموازاة مع فترة السجن، انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه ، الأمر الذي تحقق في عام 1990 . أسس دستوراً جديداً ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي. ، وعرضت إدارته تدابير لتشجيع الإصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية. . . أثارت فترات حياته الكثير من الجدل، شجبه اليمينيون وانتقدوا تعاطفه مع الإرهاب والشيوعية. كما تلقى الكثير من الإشادات الدولية لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، حيث تلقى أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 وميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية ووسام لينين من الاتحاد السوفييتي. يتمتع مانديلا بالاحترام العميق في العالم . ناهيك على أن رفيقة الدرب و زوجة مانديلا كانت بدورها سياسية كذلك ،، إلتقت في شبابها بالمحامي مانديلا المناضل ضد التمييز العنصري سنة 1957. وتزوجا في السنة الموالية (1958) ولهما ببنتين ، فرق السجن بينهما ، ورغم الحبس والأقاويل التي راجت حول زوجته " ويني " حول أعمال وحشية ، إلا أن مانديلا بقي إلى جانبها. الزواج لم يستمر بسبب الخلافات ، وانتهى باعلان الطلاق في مارس سنة 1996 ، دون فتح المجال للأشرار للعمل على نشر غسيلهما ، و نهش لحمهما .
لقد أثرت إسم هذا المناضل الجنوب إفريقي لأن الشعب المغربي لا يزال يعاني من سياسة الأبرتايد التي تنهجها القبيلة العلوية الحاكمة بالمغرب ضد فئات من الشعب المغربي ، ذنبها الوحيد أنها رفضت أن تظل في وضعية العبيد.
بقلم: علي الهروشي معارض مغربي مُقيم بهولندا