السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى ما طُرح مطلب التغيير، إلاّ والقادة العرب يجدون أنفسهم غير مرتاحين لأي مبادرةٍ وخصوصًا الإصلاحات السياسية، أو لِنقول أنهم يرفضون التغيير. و"حجتهم": أن هذا الأخير قد يأتي "مفروضًا" من الخارج.
ومنهم من أوعز إلى المؤسسة الدينية للإفتاء (بأن التغيير على الطريقة الديمقراطية لا يجوز، لأن هذه الأخيرة " كفر ").
ومنهم كذلك من راح يخيف الرعية على أن "التغيير ينطوي على أخطار قد تزعزع الاستقرار الحالي".
وذهب بعضهم إلى تخويف نظرائه ويحذرهم من" خروج الرعيّة إلى الشارع على طريقة الربيع العربي" حتى يعطيهم مبررات إضافية للبقاء في السلطة الى حين من الدهر.
وفي جميع الحالات يؤكد قادة الدول العربية أنه لا يجب فهمهم خطأ بأنهم" لا يريدون التغيير"، بل هم مع "التغيير" لكن الذي لا يناقش مسألة بقائهم في السلطة و من ورائهم أولادهم وإخوانهم؛ وحتى حاشيتهم .. ودواليك.
و يُفهم من هذا أن قادة الأنظمة غير الشرعية في العالم العربي ــــ فلا يوجد نظام في الوطن العربي له من الشرعية بمكان ـــــ لم يهضموا الدرس العراقي، ولا الدرس التونسي، ولا حتى الدرس اليمني جيدًا، و ما زال منهم مَن همّه الوحيد هو التصميم على التشبث بالسلطة، و كذلك الأنظمة السياسية التي صنعوها وفرضوها على الرعية.
ومع ذلك أن تلك الأنظمة هي غير قادرة على تأمين الاستقرار الوطني، ناهيك عن التقدم، الى غاية قدوم الديمقراطية على ظهور الدبابات و صواريخ الطائرات الحربية، أو على طريقة " داعش " أو " الخلافة الإسلامية ". أو يفرض على الرعية عسكري جديد كما فُرض على الشعب المصري ذلك " الفرعون" / السيسي ..
صحيح أن التغيير الحقيقي لابد أن يأتي من الداخل، والذين يتبنونه: نخبة لمؤسسات سياسية، ومدنية، هم الذين يضمنون له النجاح.
ولكن ماذا يفعل هذا الداخل في ظل استماتة الأنظمة العربية الحالية في احتكار السلطة و حبس مجتمعاتها في جمودٍ مبرمجٍ، و كلما جرى الحديث عن التغيير، يزايدون على بعضهم بالقول:
"نحن تقدمنا خطوات".
ثم يأتي من يقول:
"حذار! بلداننا متعبة، ومجتمعاتنا متخلفة و غير قادرة على فهم التغيير و تحمله"
ثم جاء وتر " التخويف من خطر الإسلاميين المتطرفين".
حين راح بعض "بلاعمة السلطان " ينتقدون بعض الحركات المحسوبة على الإسلام.
فصار " الإسلام " يحارب " الإسلام ".
وما هي سوى عوامل تستعملها " ولاة الأمر " لتخلد في السلطة.
مثلما كانت تفعل بعض الانظمة " الوطنية والقومية " مع قضية فلسطين، فسخرت "مثقفين" ولاسيما المأجورين منهم لشتم الكيان الصهيوني و خدمة " القضية الأم".
لكن لا هي خدمت القضية ،ولا هي طورت الديمقراطية في بلدانها ولا هم يحزنون! بل أبقت على مجتمعات مهلهلة و ممزقة من دون مقاومة، وغير قادرة على التطور ديمقراطيا، مثلما حصل في أمريكا اللاتينية و أوروبا الشرقية التي صارت تصنع الحدث.
والحال أن حكام بني يعرب؛ وما قولهم:
"إن التغيير لم يحن وقته بعد"،أي ليس في عهدهم. لأن التغيير يعني رحيلهم.
فهم لا يؤمنون بالتداول على السلطة، و يحبذون أحزابًا و جمعيات تحسن فقط مساندة القادة الحاليين للبقاء في السلطة. وهم بذلك يحبسون شعوبهم و يفوّتون عليها فرص التغيير.
وربما يفضلون تنازلات خطيرة لصالح قوى أجنبية مقابل قيامهم "بإصلاحات" تهريجية ومفبركة.
وللشعوب والأوطان رب يحميها.
إن كان " التغيير " هكذا، فلا ضير في ذلك.