الوهّابيّة ليست مذهبا - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الوهّابيّة ليست مذهبا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-12-29, 10:25   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعيد هرماس
كاتب و باحث
 
الصورة الرمزية سعيد هرماس
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي الوهّابيّة ليست مذهبا

الوهّابيّة ليست مذهبا

الحمد لله العزيز العليم غافر الذّنب و قابل التّوب شديد العقاب ذي الطّول لا إله إلّا هو إليه المصير، و الصّلاة و السّلام على نبيّنا و سيّدنا و قائدنا و حبيبنا و شفيعنا مُحمّدٍ، و على آله و أزواجه و ذرّيته و صحابته و من تبعه بإحسان إلى يوم الدّين. ثمّ أمّا بعد:

فالوهّابيّة نسبة ــ على رأي من يقول بذلك ــ إلى الإمام المُجدّد شيخ الإسلام في وقته الفقيه الأُصوليّ المُفسِّر المُحدِّث المُتكلِّم المُفكّر قامع البدعة و مُحيي السُّنّة صاحب العقيدة السّلفيّة السّليمة المبنيّة على الكتاب و السُّنّة بفهم سلف الأمّة و مُبطل التّآويل و كاشف الشّبهات و هادم العقائد الضّالة و الفاسدة مُحمّد بن عبد الوّهّاب بن سليمان بن أحمد بن راشد بن يزيد التّميمي النّجدي السُّعودي (1115 هـ / 1703 هـ ــ 1206 هـ / 1792 م) (1)؛ و هي نسبة خاطئة كاذبة
(2)، نسبتها عُصبةٌ من المُرجفين و المارقين و المُزيّفين و القُبوريين، و من أهل الزّيغ و الأهواء و البدع، إلى هذا الإمام المُصلح المُسمّى مُحمّد بن عبد الوهّاب، و نسبتها الصّحيحة ــ على طريقتهم ــ هي المُحمّديّة.

و ما قام به هذا العالم الجهبذ هو تجديدٌ
(3) و إصلاحٌ و نهضة، على غرار ما قام به قبله من أهل العلم و الفضل ؛ كالأئمّة الأربعة، و ابن جرير الطّبريّ (ت 310 هـ / 923 م)، و ابن رُشد الحفيد (ت 595 هـ / 1198 م)، و الفخر الرّازيّ (ت 606 هـ / 1210 م)، و سُلطان العُلماء في وقته العزّ بن عبد السّلام (ت 660 هـ / 1262 م)، و شيخ الإسلام أحمد بن تيميّة (ت 728 هـ / 1328 م)، و تلميذه ابن قيّم الجوزيّة (ت 751 هـ / 1350 م)، و أبو إسحاق الشّاطبي (ت 790 هـ / 1388 م)، و عبد الرّحمان بن خلدون (ت 808 هـ / 1406 م)، و ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ / 1449 م)، و شاه وليّ الله الدّهلوي (ت 1176 هـ / 1762 م)، و الأمير الكحلاني الصّنعائي (ت 1182 هـ / 1768 م)..... و غيرهم. و بعده ؛ كالإمام المُجتهد مُحمّد بن عليّ الشّوكاني (1250 هـ / 1834 م)، و محمود بن عبد الله الآلوسي (الكبير) (ت 1270 هـ / 1854 م)، و مُحمّد بن عليّ السَّنوسي (ت 1276 هـ / 1859 م)، و صدّيق حسن خان (ت 1307 هـ / 1890 م)، و خير الدّين باشا التُّونسي (ت 1308 هـ / 1890 م)، و جمال الدّين الأفغاني (ت 1315 هـ / 1897 م)، و عبد الرّحمان الكواكبي (ت 1320 هـ / 1902 م)، و مُحمّد نذير حسين الدِّهْلَوي (ت 1320 هـ / 1902 م)، و مُحمّد عبده (ت 1323 هـ / 1905 م)، و جمال الدّين القاسمي (ت 1332 هـ / 1914 م)، و محمود حسن الدّيوبندي (ت 1339 هـ / 1920 م)، و أمير عليّ الهندي (ت 1347 هـ / 1928 م)، و مُحمّد رشيد رضا (ت 1354 هـ / 1935 م)، و عبد الحميد بن باديس (ت 1359 هـ / 1940 م)، و عبد العزيز الثّعالبي (ت 1363 هـ / 1944 م)، و مُحمّد بن عبد الكريم الخطّابي (ت 1382 هـ / 1963 م)، و مُحمّد بن العربي العلوي (1384 هـ / 1964 م)، و مُحمّد الطّاهر بن عاشور (ت 1393 هـ / 1973 م)، و مُحمّد أبي زهرة (ت 1394 هـ / 1974 م)، و عبد العزيز بن عبد الله بن باز (ت 1420 هـ / 1999 م)، و مُحمّد ناصر الدّين الألبانيّ (ت 1420 هـ / 1999 م)،..... و غيرهم. كُلّ في مجاله و ميدانه، و في ما هو مُبرّزٌ فيه، في العقائد الإسلاميّة و فلسفة الإيمان و الإسلام، و في الحديث (أُصولا و دواوين) رواية و دراية و رعاية، و في التّفسير و قواعده و مواضيعه و أنواعه، و في الفقه و أُصوله و قواعده و مذاهبه و مقاصده و نوازله، و ما يتعلّق به من أحكام و فتاوى، و في باقي العُلوم العقليّة و النّقليّة، و في الأقضية و المُعاملات و الأموال و البُنوك، و في السّياسة الشّرعيّة و قيادة الأمّة الإسلاميّة، و في الدّعوة و التّربية و السُّلوك و الأخلاق و الآداب، و في الجهاد و الملاحم و الفتن، و في الفكر و الحوار و الحجاج و الجدال، و في عمارة الأرض و عُمرانها و فلحها، و في غيرها ممّا يعتري النّاس و يغشاهم و يتناولونه، في معاشهم و أحوالهم على وجه هذه البسيطة.


و قد عرف السّواد الأعظم من الأمّة الإسلاميّة، بداية من القرن الثّاني، و إلى نهاية القرن الرّابع للهجرة، و هو القرن استقرّت فيه جُلّ مبادئ فُنون العربيّة و الشّريعة الإسلاميّة، و أُصولها و مُصطلحاتها و مباحثها، أئمّة كبارا، حازوا في كلّ العُلوم نصيبا وافرا، و بلغوا رُتبة الاجتهاد المُطلق، و صارت لهم مذاهب(4) في الأحكام الفقهيّة مُعتبرة، تقلّدها المُسلمون في الأقطار عبر العُصور، و رضوا بها، جيلا بعد جيل، و بعضها اندثر و زال. و الّذي بقي منها ساريا متبوعا، خمسة مذاهب، هي :
01) ـ الحنفيّة (الأحناف) نسبة إلى أبي حنيفة النّعمان بن ثابت الكُوفيّ (80 هـ / 699 م ـ 150 هـ / 767 م) .
02) ـ المالكيّة (الموالك) نسبة إلى مالك بن أنس الأصبحي (93 هـ / 712 م ـ 179 هـ / 795 م).
03) ـ الشّافعيّة (الشّوافع) نسبة إلى مُحمّد بن إدريس الشّافعيّ (150 هـ / 767 م ـ 204 هـ / 820 م).
04) ـ الحنبليّة (الحنابلة) نسبة إلى أحمد بن مُحمّد بن حنبل (164 هـ / 780 م ـ 241 هـ / 855 م).
05) ـ الظّاهريّة (الظّواهر) نسبة إلى داود (داوود) بن عليّ الظّاهريّ (201 هـ / 816 م ـ 270 هـ / 884 م).

و ممّن اندثرت مذاهبهم ؛ الأوزاعي و اللّيث و الثّوريّ و ابن عُيينة و ابن أبي ليلى و ابن مهدي و ابن المُبارك و ابن شُبرمة و ابن أبي ذئب و ابن راهويه و أبو ثور و أبو عُبيد و ابن أبي شيبة و ابن خُزيمة و العنبري و ابن المُنذر و الطّبري. و هؤلاء الأئمّة كانوا أصحاب عقيدة واحدة و منهج واحد، و اختلافهم كان في الأحكام ؛ لأسباب عديدة، ليس هذا موطن بسطها.

و الشّيخ مُحمّد بن عبد الوهّاب نشأ في بيئة سُنّيّة، تتمذهب بالمذهب الحنبليّ (عقيدة و منهجا و سُلوكا)، و لم يخرج قطّ في دعوته المُباركة على أُصول أهل السُّنّة و الجماعة، و لا على أُصول و فُروع مذهب بيئته (الحنبلي)، إنّما كان حنبليّا إصلاحيّا مُجدّدا، دعا إلى الرُّجوع إلى العمل بالكتاب و السُّنّة، و إلى آثار الصّحابة و التّابعين و تابعي التّابعين، من القُرون المُفضّلة، في العقائد و المناهج و العبادات و المُعاملات، و لم يدع أبدا إلى إلغاء المذاهب المُعتبرة، و لا إلى إنشاء مذهب جديد (6)، و قد جنح في كثير من المسائل الفرعيّة في العقائد و في الأحكام، كالتّوسّل بالنّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم) بعد وفاته، و مسألة التّبرك، و مسألة الأولياء و الكرامات، و قراءة القرآن على الأموات، إلى آراء أهل الحديث فيها ؛ باعتبار أنّ جُلّ الحنابلة هُم مُحدّثون فُقهاء. و كان شديدا ـ و الحقّ معه ـ في مسألة بناء القِباب و المساجد على أضرحة الصّالحين و الأولياء، و دعوى ثُبوت الأجر و المنفعة لمن زار قبور الصّالحين، و قوله فيها هو قول الأئمّة الأربعة فيها باتّفاق.
و دُعاء الرّسول (صلّى الله عليه و سلّم) و طلب الحوائج منه بعد موته لم يفعله الصّحابة و لا الأئمّة المُجتهدون الّذين قلّدتهم الأمّة، و منهم الإمام مالك (رضي الله عنه). و أمّا التّوسّل بالصّالحين و الأولياء الأموات فممّا لم يثبت عن السّلف الصّالح شيء منه، بل لم يُشرع أصلاً، و قد فتّشنا و نقّبنا و بحثنا في كُتب الحديث المُعتمدة، مثل المُوطّأ و البُخاري و مُسلم، و لم نجد ما يدلّ على ذلك. و لم يثبت في خير القُرون أنّهم قصدوا قبر النّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم) طالبين منه شيئًا. و قد جاء في صحيح البُخاري أنّ عمر (رضي الله عنه) لمّا استسقى بالنّاس قال : اللّهم إنّا كُنّا إذا أجدبنا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا، و إنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا. و هذا دُعاءٌ أقرّه جميع الصّحابة و السّلف.
و كانت دعوة الشّيخ مُحمّد بن عبد الوهّاب، الّتي خرج فيها على الخلافة العُثمانيّة ـ و حُقّ له ـ تُعنى كثيرا بالتّوحيد الخالص، في الرُّبوبيّة و الأُلوهيّة و الأسماء و الصّفات، و إحياء السُّنن، و دحض الشّركيات و البدعيات و المُحدثات، و إزالة ما علق بالإسلام من خُرافات و تُرّهات و هنات و أوهام و أباطيل، و الرُّجوع إلى ما كان عليه السّلف الصّالح، و منهم الأئمة الأربعة الأعلام. و لا يُبغض هذا الإمام إلّا الرّوافض و الخوارج و غُلاة المُتصوّفة و الدّجلة و الخُرافيون و مُتعنّتو المُتكلّمين، أو ممّن اجتالتهم الفرق الكلاميّة الضّالّة، و من نحا نحوهم، من الّذين ضلّت بهم السُّبل. قال الله تعالى : (أفمن يمشي مُكبّا على وجهه أهدى أمن يمشي سويّا على صراط مُستقيم) المُلك / 22.
و ليس كما نسمعه من أشباه شُيوخ العلم و أنصاف المُتعلّمين ــ و ما أكثرهم في هذا الزّمن ــ و من على شاكلتهم، الّذين صدّعوا رُؤوسنا، بحفظ المرجعيّة الدّينيّة الوطنيّة، و كذا غيرها، و بحفظ مذهبنا ــ كذبا و زُورا منهم ــ و رموا كُلّ مُخالف لهم بنُعوت و جهالات، و إلصاق التُّهم بدعوة ابن عبد الوهّاب السُّنّيّة المُباركة، بدون تبيّن أو تحقيق أو أثارة علم، و جعلها دعوة نشاز خارجة عن أهل السُّنّة و الجماعة، و قد وقع نفس الأمر ــ بالأمس ــ على جمعيّة العُلماء المُسلمين الجزائريين السّلفيّة الإصلاحيّة، و على شُيوخها الأشاوس، من طرف مُخالفيها منهجا و سُلوكا، و هُم أيضا أشباه شُيوخ و أشباه عُلماء ؛ فقد مارسوا عليها ظُلما و تغييبا و طمسا و نُكرانا، في تاريخها الحافل، في نشر التّوحيد و مُحاربة الشّرك و إحياء السُّنن و آثار السّلف، و في نشر العلم الصّحيح، و الثّقافة المُفيدة، و في مُجابهة الاستعمار، بالقلم و اللّسان، و رموها بكُلّ نقيصة و معرّة.
أو ممّا تنعق به اليوم، حول هذه الدّعوة الوهّابيّة ـ على مُصطلحهم ـ، مُعظم الصّحافة، المكتوبة منها أو المسموعة أو المرئيّة، الّتي بعض مُنتسبوها واقعٌ بين كُسير و عُوير و من ليس له فُضيل، جهلةٌ بالتّاريخ الإسلامي، و بالفرق و الطّوائف الإسلاميّة، و بحقيقة الأشياء و ماهيتها و بـ، و بـ، و بـ... و لأدلّ على ذلك لُغتهم. (و لتعرفنّهم في لحن القول) مُحمّد / 30... رواه البُهيقي بدل البيهقي، و حمّاد الرِّواية بدل حمّاد الرّاوية(7) ... الخ، أو ممّا يهذي به دُعاة العلمنة و التّغريب و التّحضّر و التّقدّم بزعمهم، و هُم كاذبون خاطئون في تصوّرهم للمذاهب الإسلاميّة و فكرها و دعوتها، أو ممّا يُجعجع به من يُسمّون نُخبة، و هُم وخمةٌ، في كثير من القضايا و المسائل المُرتبطة بالإسلام و أركانه و قواعده و تشريعاته، الّتي لا يُقيمها إلّا المُجتهدون المأمونون. و لا حول و لا قُوّة إلّا بالله. هذا جُزءٌ من حقّ الشّيخ الإمام المُجدّد المُجتهد مُحمّد بن عبد الوهّاب السُّنّي الحنبليّ علينا أدّيناه، و هو حقيقٌ و قمينٌ بذلك.

وفّقنا الله إلى ما فيه الخير و ختم بالصّالحات أعمالنا. آمين. و صلّى الله و سلّم على سيّدنا مُحمّد و على آله و صحبه أجمع.


هوامش

1 ـ ولد سنة 1115 هـ / 1703 م،بمدينة العُيينة، ببلاد نجد (الحجاز). خرج في طلب العلم مرّتين، أو أكثر، إلىالمدينة المُنوّرة، أين تلقّى تعليمه العربي و الشّرعيّ ؛ فحفظ بعد القٌرآن الكريم، كثيرا من المُتون و المُقرّرات العلميّة، المُتداولة في وقته، بتلك الجهة، و بعضامن دواوين الحديث الرّائجة، و حضر مجالس كثيرة، و سمع على لفيف من العُلماء، وأفاد عنهم، و حصّل عليهم، وقد أظهر في هذه المرحلةنُبوغا مُبكّرا و ذكاء و قّادا. ثمّ خرج إلى الشّام و بقي بها زمنا، و توجّه بعدها إلى البصرة بالعراق، حيث أُوذي هُناك. عاد لموطنه و شرع في مشروعه الإصلاحه على منهج السّلف الصّالح، منالقُرون المُفضّلة، و جهر به سنة 1143 هـ / 1730 م، بعدما اكتسب لياقة و حكمة وعبقريّة علميّة مُؤهّلة، و لقي عنتا و مُعارضة شديدة، و نصره أقوامٌ و خذله آخرون.....و قصد الدّرعيّة بنجد، أين احتفى به و أسعفه أميرها ــ آنذاك ــ مُحمّد بن سُعود، و آزره من بعده نجله عبد العزيز، و حفيد سُعود بن عبد العزيز. و قاتل معه جمعٌ غفيرٌ، و انتصر في دعوته على مُعارضيه بالعدل، و تمكّن، و دانت له أكثر بلادالحجاز، و ملك مكّة و المدينة، و أعلن خُروجه على العُثمانيين، و كان شرعيّا فيذلك، على أصول و قواعد أهل السُّنّة و الجماعة، و حنبليّا في الأحكام و الجُزئيات،و لم يدع إلى إلغاء المذاهب المُعتبرة، و لا إلى تأسيس مذهب جديد، و لا إلى غيرهاممّا اُتّهم به حسدا و هوى ؛ إنّما إلى الإصلاح، و العودة إلى التّوحيد الخالص، ومُحاربة البدع الّتي لصقت بالعقيدة و بالمنهج و بالفكر و بالفقه و بغيرها، و فتح باب الاجتهاد وفق شرائطه ودواعيه. و قد كتب الله لهالقبول و الانتشار في الأرض، مُنذ ذلك الحين و إلى يوم النّاس هذا، و تأثّر به وبدعوته مُصلحون عربا و عجما كُثرٌ. و إنّا ــ إن شاء الله ــ لفي طريقهالإصلاحي لسائرون و ناصرون. تُوفّي و قد علا سنّه (91 عاما) سنة 1206 هـ / 1792 م. كان رحمه اللهعالما عاملا صالحا زاهدا تقيّا ورعا ذا شهامة و شجاعة و كرم و سخاء، و قد أعقبتآليف جيادا، منها: كتاب التّوحيد، و كشف الشُّبهات، و أُصول الإيمان، و تفسيرسُورة الفاتحة، و تفسير شهادة أن لا إله إلّا الله، و المسائل الّتي خالف فيها رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) أهل الجاهليّة ؛ و هي مئة مسألة، و الأمربالمعروف و النّهيّ عن المُنكر، و كتاب الكبائر، و مُفيد المُستفيد، و معرفة العبدربّه و دينه و نبيّه، و فضل الإسلام، و معنى الكلمة الطّيّبة، و نصيحة المُسلمين، ومجموعة خُطب، و رسالة في أنّ التّقليدجائزٌ لا واجبٌ، و غيرها. و مُعظم هذه الآثار مطبوعٌ. و الله أعلى و أعلم.
2 ـ قال المُؤرّخ المُترجم خير الدّين الزّركلي (ت 1396هـ / 1976 م): (... و سمّاهم خُصومهم بالوهّابين ( نسبة إليه)، و شاعت التّسميةالأخيرة عند الأُوربّيين، فدخلت مُعجماتهم الحديثة، و أخطأ بعضهم فجعلها "مذهبا " جديدا في الإسلام، تبعا لما افتراه خُصومه، و لاسيما دُعاة من كانوايتلقّبون بالخُلفاء من التّرك " العُثمانيين ". ) اهـ. الأعلام، ص (06 /257).
3 ـ جاء في الحديث عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أنه قال: ( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا.) رواهأبو داود و غيره و صحّحه الحاكمفي المُستدرك و البيهقي في المدخل و العراقي و ابن حجر و السّخاوي في المقاصد الحسنة و السّيوطي في مرقاة الصّعود والألباني في الصّحيحة. قال أهل العلم: إنّكلمة (مَن) ههنا إسم موصول يُفيد الإطلاق، فيحتمل أن يكون المُجدّد فردا، و يحتملأن يكون طائفة من النّاس. و قال الإمام الكبير الحافظ الذّهبيّ (رحمه الله): (الّذي أعتقده من الحديث أنّ لفظ (مَن يُجَدِّدُ) للجمع لا للمُفرد.) اهـ. و قال آخرون: (الصّحيحأنّ الحديث يشمل كُلّ فرد من آحاد العُلماء من هذه الأعصار ممّن يقوم بفرض الكفايةفي أداء العلم عمّن أدرك من السّلف إلى من يُدركه من الخلف.) اهـ. و قال بعضهم: (...و كذلك لا يلزم لانطباق وصف التّجديد على شخص مُعيّن أن ينتصر الإسلام في زمانه، وأن تكون الدّائرة للدّولة الإسلاميّة، فقد يكون المُجدّد في مجال العلم و ليس فيمجال القيادة و السّياسة، بل قد يكون التّجديد في جوانب دعويّة أو تربويّة و نحوذلك، فهذا هو مفهوم إطلاق قوله (صلّى الله عليه و سلّم) : (يُجَدِّدُ لَهَادِينَهَا). و قال الحافظ: (لا يلزم أن يكون في رأس كُلّ مئة سنة واحد فقط، بل يكونالأمر فيه كما ذكر في الطّائفة (يعني قد تكون جماعة) و هو مُتّجه، فإنَّ اجتماع الصّفات المُحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، و لا يلزم أن جميعخصال الخير كُلّها في شخص واحد، إلّا أن يُدَّعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنّهكان القائم بالأمر على رأس المئة الأولى باتّصافه بجميع صفات الخير و تقدّمه فيها،و من ثمّ أَطلَقَ أحمد أنّهم كانوا يحملون الحديث عليه، و أمّا من جاء بعده فالشّافعي ـ و إن كان مُتّصفا بالصّفات الجميلة ـ إلّا أنّه لم يكن القائم بأمرالجهاد و الحُكم بالعدل، فعلى هذا كُلّ من كان مُتّصفا بشيء من ذلك عند رأس المئة هو المُراد، سواء تعدّد أم لا.) اهـ. وجاء عن اللّجنة الدّائمة لهيئة كبار العُلماء بالمملكة العربيّة السُّعوديّة: (معنىقوله (صلّى الله عليه و سلّم): ( يُجدّد لها دينها) أنّه كُلّما انحرف الكثير منالنّاس عن جادة الدّين الّذي أكمله الله لعباده و أتمّ عليهم نعمته و رضيه لهم دينًا بعث إليهم عُلماء أو عالمًا بصيرًابالإسلام، و داعيةً رشيدًا، يُبصّر النّاس بكتاب الله و سُنّة رسوله الثّابتة، و يُجنّبهمالبدع، و يُحذّرهم محدثات الأمور، و يرّدهم عن انحرافهم إلى الصّراط المُستقيم كتاب الله و سُنّة رسوله (صلّى الله عليه و سلّم)، فسمّى ذلك: تجديدًا بالنّسبة للأمّة، لا بالنّسبة للدّين الّذي شرعه الله و أكمله، فإنّ التّغيّر و الضّعف و الانحرافإنّما يطرأ مرّة بعد مرّة على الأمّة، أمّا الإسلام نفسه فمحفوظ بحفظ كتاب اللهتعالى و سُنّة رسوله (صلّى الله عليه و سلّم) المُبيّنة له، قال الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).) اهـ. و يُؤيّدمعنى هذا الحديث ما رواه التّرمذي و حسنه عن عمرو بن عوف (رضي الله عنه) أنّ رسولالله (صلّى الله عليه و سلّم) قال: ( إنّ الدّين بدأ غريبًا و يرجع غريبًا ؛ فطُوبى للغُرباء الّذين يصلحون ما أفسد النّاس من بعدي من سُنّتي)، و أيضا ما رواهابن وضّاح عن عُمر بن الخطاب (رضي الله عنه): أنّه قال: الحمد لله الّذي امتنّ علىالعباد بأن جعل في كُلّ زمان فترة من الرُّسل بقايا من أهل العلم ؛ يدعون من ضلّإلى الهُدى، و يصبرون منهم على الأذى، و يُحيون بكتاب الله أهل العمى..... الخ. وهؤلاء العُلماء يُحيون ما اندرس من العمل بالكتاب و السّنّة و بمُقتضاهما ؛ فالمُجدّد يُبيّن السُّنّة من البدعة، فينصر أهل السُّنّة و يُذلّ أهل البدعة. و الله أعلى و أعلم.

4 ـ عند نهاية القرن الرّابع و بداية القرن الخامسالهجريين، استقرّ مُصطلح مذهب على الاتّجاه الفقهيّ، و مُصطلح فرقة على الاتّجاهالعقديّ. و الله أعلى و أعلم.
5 ـ و بعضهم يقول: نسبة إلى عليّ بن أحمد بن حزم (384 هـ/ 994 م ـ 456 هـ / 1064 م)، و هذا غير صحيح تماما، إنّما تُنسب إليه الحزميّة. والله أعلى و أعلم.
6 ـ إذا اختلف السّلف في مسألة ما إلى مذهبين أو ثلاثة،فلا يجوز إحداث مذهب ثالث أو رابع ؛ لأنّ في ذلك خُروجًا عليهم و اتّهامهم بعدمالفهم و المعرفة، و حاشاهم من ذلك، ففُهومهم مُقدّرة و مُقدّمة على فُهوم غيرهم،قال الله تعالى: (و من يُشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهُدى و يتّبع غير سبيلالمُؤمنين نُولّه ما تولّى و نُصله جهنم و ساءت مصيرًا) النِّساء / 115، و عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم): (خيرالنّاس قرني، ثمّ الّذين يلُونهم ثمّ الّذين يلُونهم، ثمّ يجيء أقوامٌ تسبق شهادةأحدهم يمينَه و يمينُه شهادتَه).
7 ـ هُنالك: حمّاد الرّاوية (ت 155 هـ / 772 م)،و هُو إخباريٌّ راويةٌ حافظةٌ لأشعار العرب و لُغاتهم و أنسابهم. و حمّاد عجرد(ت 161 هـ / 778 م)، و هُو شاعرٌ قمينٌ. و حمّاد بن سلمة (ت 167 هـ / 784 م)،و هُو أحد رجال الحديث النّبويّ. ثقةٌ مأمونٌ، نحويٌّ لُغويٌّ. و حمّاد بن زيد (ت 179 هـ / 795 م)، و هُو مُحدّثٌ حافظٌ جهبذٌ. و حمّاد الكُوفيّ (ت 201هـ / 817 م)، و هُو مُحدّثٌ إخباريٌّ، ثقةٌ ثبتٌ. و حمّاد بن إسحاق (ت 267هـ / 880 م)، و هُو فقيهٌ مالكيٌّ. و حمّاد بن بُلكين (ت 419 هـ / 1029 م)، و هُو قائدٌ سياسيٌّ. و حمّاد الحرّاني(ت 598 هـ / 1202 م)، و هُو مُحدّثٌ مُؤرّخٌ شاعرٌ.


و كتب أبو مُحمّد سعيد هرماس
الجلفة في 29 ربيع الأنوار 1438 هـ
المُوافق 28 ديسمبر 2016 م








 


رد مع اقتباس
قديم 2017-01-02, 12:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
faresinfo2008
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-02, 12:16   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
faresinfo2008
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-05, 12:26   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
nouri.tg
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2017-01-07, 14:08   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
امين التلمساني
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
محمد بن عبد الوهاب, الوهابية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:56

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc