السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تؤكد الوقائع يوماً بعد يوم، أن مايجري في المنطقة العربية من أحداث واضطرابات ليس وليد الصدفة ولاحتى نتيجة حالة تراكمية من الأخطاء كما يشاع، بل هي عملية محضرة منذ سنوات خارجياً تسعى الهيمنة عبر أيديها الخفية لضرب استقرار العديد من الدول العربية وخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وفقدان الأمن الذي كان سمة تنعم بها هذه المنطقة.
وهكذا تسعى هذه القوى الاستعمارية في الخفاء إلى استعادة دورها وتجديد نشاطها عبر خلق الشرارة التي تشعل هذه الاضطرابات حيث تجند لهذه الأحداث المحطات الإعلامية الكاذبة ويجيش لها العدد الكبير من الإعلاميين والمحللين وشهود العيان(شهود الزور) بهدف خلق حالة من الصدمة لدى الشعوب تقود فيما بعد نحو جو من الفوضى وفقدان الأمن وانتشار القتل (الفوضى الخلاقة) وكل ذلك وفق خطة معدة قبل عدة سنوات وممولة بسخاء لأن الهدف كبير ويستحق كل ذلك التخطيط والكرم والإنفاق.
ومعروف أن الولايات المتحدة وخلفها الاتحاد الأوروبي لايوفرون فرصة لزيادة تلك الفوضى عبر التحريض وتحول حركات المعارضة المرهونة للغرب والتي تدعي الوطنية والغيرة على مصالح البلاد بهدف الوصول إلى مصالحها في السيطرة والاستعمار الجديد.
والكثير من بلدان العالم لم تعرف الاستقلال الحقيقي والفعلي عن الاستعمار بل بقيت تابعة له وإن بدا الاستقلال سياسياً وعسكرياً، لكن الواقع غير ذلك فالسياسات الاقتصادية التي تتبعها الدول الغربية والمنظمات العالمية الوهمية التي تجمع العديد من الدول ، والتي يفترض بها أنها ذات فائدة لكل الدول المنضوية تحتها هي منظمات كاذبة ذات أبعاد استعمارية مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية. حيث لاتعود الفائدة فيها إلا للدول العظمى بينما دول العالم الثالث تكبل باتفاقيات وتغرق بقروض تنهك اقتصاداتها الفتية، لتبقى تحت تبعية اقتصادية مدى الحياة، وهذا ماشهدته الـ 20 سنة الأخيرة حيث السمة الأساسية كانت انتشار العولمة والليبرالية الجديدة(أي هيمنة غربية أكبر) وهذا لم يخفه(Disraeli) رجل الاقتصاد البريطاني عندما قال بأن المستعمرات القديمة لازالت مستعمرات وإن أعلنت استقلالها لأن هناك نوعاً من السيطرة غير المباشرة للدول الغربية والتي يبدو أنها تحفر لاقتسام جديد للكعكة عبر اشعالها لنار الصراعات وفتحها باب الاقتتال الأهلي والطائفي تحت (اسم ثورات الحرية).
الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي يبدو نسخة طبق الأصل عن سابقه جورج بوش لازال يحرض حلفاء واشنطن ليل نهار على ليبيا لإحداث مزيد من القتل بين الليبيين ولتدمير مايمكن تدميره من قدرات الشعب واقتصاده.. إنها الحروب الإمبريالية التي سبق وصرح بها جورج بوش.. لاحباً بالليبيين ولا إنقاذاً لأرواحهم بل للسيطرة على شمال افريقيا والتحضير لحفل التقسيم الجديد الذي سيجري في ذكرى مئوية سايكس بيكو.
هذا هو حال قادة الغرب.. فكما تورط توني بلير في العراق، هاهو ديفيد كاميرون يبدي حماساً كبيراً إزاء العملية العسكرية الأطلسية في ليبيا ،ويدخل شريكاً في هذه المهمة القذرة ووفق مجلة (فوكس) الألمانية، فقد بدأت بريطانيا هذا الدور قبل تفويض الأمم المتحدة(شرعنة القتل) حيث كان يتواجد في ليبيا فرق من الكوماندوس البريطانيين.
هكذا يرون دول العالم وشعوبه.. برابرة متخلفين لايعرفون كيف يديرون شؤونهم وثرواتهم، ولذلك لابد لأحد ما أن يساعدهم بذلك فكانت هذه الوصفة السحرية أي الاستعمار.. لكن عن أي استعمار يتحدثون؟
وعن أي إدارة يتحدثون؟ بأي إنسانية وحقوق إنسان يتبجحون ويكذبون؟
الولايات المتحدة لم تترك بقعة على الأرض إلا ودنستها بأقدام جنودها الهمجية وأفعالهم، ففي أفغانستان لاتزال بحجة ملاحقة القاعدة وأسامة بن لادن تقتل الأبرياء ولننظر بعد ادعائها بقتله.. هل ستخرج من أفغانستان ؟! أم ستخرج علينا بقصص وأفلام جديدة وأن أسامة بن لادن حي يرزق؟! لتستمر في بقائها وسيطرتها على البلاد التي تقوم فوق بحر من الثروات والغاز والنفط والمعادن.
في ليبيا بقيت القوى الغربية تقصف لأكثر من شهر مختلف الأهداف حتى أن الدمار الحاصل يحتاج لأكثر من 20 عاماً لإعادة الإعمار، وعندما بدأ الأمر ينكشف بأن هذا التحالف الشيطاني لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى القذافي جاء خبر الهجوم وقتل أحد أبناء القذافي وثلاثة من أحفاده ليكسب هذه العملية، وهذا الهجوم البربري غير المبرر أخلاقياً مزيداً من الوقت وبالتالي المزيد من الأرواح والتدمير.
إسبانيا تحالفت أيضاً مع الولايات المتحدة وكذلك إيطاليا وفرنسا والعديد من الدول الغربية الأخرى وغير الغربية.. وهكذا تتكالب القوى على المنطقة العربية التي يبدو أن قدرها أن تكون دوماً مستهدفة بما حباها الله من المزايا والثروات.. إنها عملية اقتسام للكعكة من جديد حيث لابد من حضور كل الشركاء لينال كل واحد حصته.. لكن وبالتأكيد لن تعود ليبيا لإيطاليا فهذه المرة ستكون القوى مختلفة عن قبل 100عام فإسرائيل التي تحرك خيوطها وأعوانها في المنطقة ترسم على هدف خفي تسعى له ويساعدها الغرب في ذلك من الفرات إلى النيل...
عنMondialisa Tion
ترجمة :محمود لحام